عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 08:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا (11) وإذ يقول المنافقون والّذين في قلوبهم مرضٌ ما وعدنا اللّه ورسوله إلّا غرورًا (12) وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريقٌ منهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلّا فرارًا (13)}
يقول تعالى مخبرًا عن ذلك الحال، حين نزلت الأحزاب حول المدينة، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضّيق، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرهم: أنّهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالًا شديدًا، فحينئذٍ ظهر النّفاق، وتكلّم الّذين في قلوبهم مرضٌ بما في أنفسهم.
{وإذ يقول المنافقون والّذين في قلوبهم مرضٌ ما وعدنا اللّه ورسوله إلا غرورًا} أمّا المنافق، فنجم نفاقه، والّذي في قلبه شبهةٌ أو حسيكة، ضعف حاله فتنفّس بما يجده من الوسواس في نفسه؛ لضعف إيمانه، وشدّة ما هو فيه من ضيق الحال.
وقومٌ آخرون قالوا كما قال اللّه: {وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب} يعني: المدينة، كما جاء في الصّحيح: "أريت [في المنام] دار هجرتكم، أرضٌ بين حرّتين فذهب وهلي أنّها هجر، فإذا هي يثرب"،ش وفي لفظٍ: "المدينة".
فأمّا الحديث الّذي رواه الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ، حدّثنا صالح بن عمر، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن البراء، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من سمّى المدينة يثرب، فليستغفر اللّه، هي طابةٌ، هي طابةٌ".
تفرّد به الإمام أحمد، وفي إسناده ضعفٌ، واللّه أعلم.
ويقال: إنّما كان أصل تسميتها "يثرب" برجلٍ نزلها من العماليق، يقال له: يثرب بن عبيل بن مهلابيل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوحٍ. قاله السّهيليّ، قال: وروي عن بعضهم أنّه قال: إنّ لها [في التّوراة] أحد عشر اسمًا: المدينة، وطابة، وطيّبة، المسكينة، والجابرة، والمحبّة، والمحبوبة، والقاصمة، والمجبورة، والعذراء، والمرحومة.
وعن كعب الأحبار قال: إنّا نجد في التّوراة يقول اللّه للمدينة: يا طيبة، ويا طابة، ويا مسكينة [لا تقلي الكنوز، أرفع أحاجرك على أحاجر القرى].
وقوله: {لا مقام لكم} أي: هاهنا، يعنون عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في مقام المرابطة، {فارجعوا} أي: إلى بيوتكم ومنازلكم. {ويستأذن فريقٌ منهم النّبيّ}: قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هم بنو حارثة قالوا: بيوتنا نخاف عليها السّرق. وكذا قال غير واحدٍ.
وذكر ابن إسحاق: أنّ القائل لذلك هو أوس بن قيظيّ، يعني: اعتذروا في الرّجوع إلى منازلهم بأنّها عورة، أي: ليس دونها ما يحجبها عن العدوّ، فهم يخشون عليها منهم. قال اللّه تعالى: {وما هي بعورةٍ} أي: ليست كما يزعمون، {إن يريدون إلا فرارًا} أي: هربًا من الزّحف). [تفسير ابن كثير: 6/ 388-389]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو دخلت عليهم من أقطارها ثمّ سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبّثوا بها إلّا يسيرًا (14) ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولّون الأدبار وكان عهد اللّه مسئولًا (15) قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذًا لا تمتّعون إلّا قليلًا (16) قل من ذا الّذي يعصمكم من اللّه إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمةً ولا يجدون لهم من دون اللّه وليًّا ولا نصيرًا (17) }
يخبر تعالى عن هؤلاء الّذين {يقولون إنّ بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلا فرارًا}: أنّهم لو دخل عليهم الأعداء من كلّ جانبٍ من جوانب المدينة، وقطر من أقطارها، ثمّ سئلوا الفتنة، وهي الدّخول في الكفر، لكفروا سريعًا، وهم لا يحافظون على الإيمان، ولا يستمسكون به مع أدنى خوفٍ وفزعٍ.
هكذا فسّرها قتادة، وعبد الرّحمن بن زيدٍ، وابن جريرٍ، وهذا ذمٌّ لهم في غاية الذّمّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 389-390]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى يذكّرهم بما كانوا عاهدوا اللّه من قبل هذا الخوف، ألّا يولّوا الأدبار ولا يفرّوا من الزّحف، {وكان عهد اللّه مسئولا} أي: وإنّ اللّه تعالى سيسألهم عن ذلك العهد، لا بدّ من ذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 390]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبرهم أنّ فرارهم ذلك لا يؤخّر آجالهم، ولا يطوّل أعمارهم، بل ربّما كان ذلك سببًا في تعجيل أخذهم غرّةً؛ ولهذا قال: {وإذًا لا تمتّعون إلا قليلا} أي: بعد هربكم وفراركم، {قل متاع الدّنيا قليلٌ والآخرة خيرٌ لمن اتّقى} [النّساء: 77]). [تفسير ابن كثير: 6/ 390]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {قل من ذا الّذي يعصمكم من اللّه} أي: يمنعكم، {إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمةً ولا يجدون لهم من دون اللّه وليًّا ولا نصيرًا} أي: ليس لهم ولا لغيرهم من دون اللّه مجيرٌ ولا مغيثٌ).[تفسير ابن كثير: 6/ 390]

رد مع اقتباس