عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 07:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأخبر تبارك وتعالى ذكره عن حال رجل جاء من أقصى المدينة، سمع من المرسلين وفهم عن الله فجاء يسعى على قدميه وسمع قولهم، فلما فهمه روي أنه تعقب أمرهم وسبره بأن قال لهم: أتطلبون أجرا على دعوتكم هذه؟ قالوا: لا، فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم والإيمان بهم إذ هو الحق.
ثم احتج عليهم بقوله: {اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون}، أي: وهم على هدى من الله. وهذه الآية حاكمة بنقص من يأخذ أجرة على شيء من أفعال الشرع التي هي لازمة كالصلاة ونحوها، فإنها كالتبليغ لمن بعث، بخلاف ما لا يلزمه كالإمارة والقضاء، وقد ارتزق أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وروي عن أبي مجلز، وكعب الأحبار، وابن عباس أن اسم هذا الرجل حبيب، وكان نجارا، وكان - فيما قال وهب بن منبه - قد تجذم، وقيل: كان في غار يعبد ربه، وقال ابن أبي ليلى: "سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون"، وذكر الناس من أسماء الرسل: صادق وصدوق وشلوم، وغير هذا، والصحة معدومة فاختصرت). [المحرر الوجيز: 7/ 241-242]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون * أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون * إني إذا لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون * قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}
قرأ الجمهور: "وما لي" بفتح الياء، وقرأ الأعمش، وحمزة بسكون الياء، وقد تقدم مثل هذا.
وقوله تعالى: "وما لي" تقرير لهم - على جهة التوبيخ - في هذا الأمر الذي يشهد العقل بصحته، إن من فطر واخترع وأخرج من العدم إلى الوجود هو الذي يستحق أن يعبد، ثم أخبرهم بأنهم يحشرون إليه يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 7/ 242]

تفسير قوله تعالى: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم أيضا - على جهة التوبيخ - على اتخاذ الآلهة من دون الله، وهي لا ترد عنهم المقادير التي يريدها الله بهم، لا بقوة منها ولا بشفاعة. وقرأ طلحة السمان، وعيسى الهمداني: "يردني" بياء مفتوحة،، ورويت عن عاصم، ونافع، وأبي عمرو). [المحرر الوجيز: 7/ 242-243]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) }

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم صدع بإيمانه وأعلن فقال: إني آمنت بربكم فاسمعون، واختلف المفسرون، فقال ابن عباس رضي الله عنهما، وكعب، ووهب: خاطب بها قومه على جهة المبالغة والتنبيه، وقيل: خاطب بها الرسل على جهة الإشهاد بهم، والاستحفاظ للأمر عندهم. وقرأ الجمهور بكسر النون على نية الياء بعدها، وروى أبو بكر عن عاصم فتحها، قال أبو حاتم: هذا خطأ لا يجوز; لأنه أمر، فإما حذف النون أو كسرها على نية الياء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهنا محذوف تواترت به الأحاديث والروايات، وهو أنهم قتلوه، واختلف، كيف؟ فقال قتادة وغيره: رجموه بالحجارة، وقال ابن مسعود: مشوا عليه بأقدامهم حتى خرج قصبه من دبره، فقيل له عند موته: ادخل الجنة وذلك - والله أعلم - بأن عرض عليه مقعده منها، وتحقق أنه من سكانها برؤيته ما أقر عينه، فلما تحصل له ذلك تمنى أن يعلم قومه بذلك، فقيل: أراد بذلك الإشفاق والنصح لهم، أي: لو علموا بذلك لآمنوا بالله، وقيل: أراد أن يندموا على فعلهم به ويحزنهم ذلك، وهذا موجود في جبلة البشر، إذا نال خيرا في أرض غربة ود أن يعلم ذلك جيرانه وأترابه الذين نشأ فيهم; ولا سيما في الكرامات، ونحو من ذلك قول الشاعر:
والعز مطلوب وملتمس ... وأحبه ما نيل في الوطن
والتأويل الأول أشبه بهذا العبد الصالح، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نصح قومه حيا وميتا"، وقال قتادة بن دعامة: نصحهم على حالة الغضب والرضى، وكذلك المؤمن لا تجده إلا ناصحا للناس). [المحرر الوجيز: 7/ 243]

تفسير قوله تعالى: {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"ما" في قوله تعالى: {بما غفر} يجوز أن تكون مصدرية، أي: بغفران ربي لي، ويجوز أن تكون بمعنى الذي، وفي "غفر" ضمير عائد، قال الزهري: ويجوز أن تكون استفهاما، ثم ضعفه). [المحرر الوجيز: 7/ 243-244]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون * يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون * ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون * وإن كل لما جميع لدينا محضرون}
هذه مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم فيها توعد لقريش، إذ هذا هو المروع لهم من المثال أن ينزل بهم من عذاب الله ما نزل بقوم حبيب النجار، فنفى عز وجل، أي أنه ما أنزل على قوم هذا الرجل جندا من السماء، قال مجاهد: أراد أنه لم يرسل رسولا ولا استعتبهم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جند الله كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك بل كانت صيحة واحدة; لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك، قال قتادة: والله ما عاتب الله قومه بعد قتله حتى أهلكهم.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: {وما كنا منزلين}، فقالت فرقة: "ما" نافية، وهذا يجري مع التأويل الثاني في قوله سبحانه: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند}. وقالت فرقة: "ما" عطف على "جند"، أي: "من جند ومن الذي كنا منزلين على الأمم مثلهم قبل ذلك"). [المحرر الوجيز: 7/ 244]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(وقرأ الجمهور: "إلا صيحة" بالنصب على خبر (كان)، أي: ما كان عذابهم إلا صيحة واحدة، وقرأ أبو جعفر، ومعاذ بن الحارث: "إلا صيحة واحدة" بالرفع، وضعفها أبو حاتم، والوجه فيها أنها ليست (كان) التي تطلب الاسم والخبر، وإنما التقدير: ما وقعت أو حدثت إلا صيحة واحدة. وقرأ ابن مسعود، وعبد الرحمن بن الأسود: "إلا زقية واحدة" وهي الصيحة من الديك ونحوه من الطير.
و"خامدون": ساكتون موتى لاطون بالأرض، شبهوا بالرماد الذي خمدت ناره وطفئت). [المحرر الوجيز: 7/ 245-246]

رد مع اقتباس