عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:08 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ كذلك كذّب الّذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا}.
يقول جلّ ثناؤه: {سيقول الّذين أشركوا} وهم العادلون باللّه الأوثان والأصنام من مشركي قريشٍ: {لو شاء اللّه ما أشركنا} يقول: قالوا احتجازًا من الإذعان للحقّ بالباطل من الحجّة لمّا تبيّن لهم الحقّ، وعلموا باطل ما كانوا عليه مقيمين من شركهم وتحريمهم ما كانوا يحرّمون من الحروث والأنعام، على ما قد بيّن تعالى ذكره في الآيات الماضية قبل ذلك: {وجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا} وما بعد ذلك: لو أراد اللّه منّا الإيمان به وإفراده بالعبادة دون الأوثان والآلهة وتحليل ما حرّم من البحائر والسّوائب وغير ذلك من أموالنا، ما جعلنا للّه شريكًا، ولا جعل ذلك له آباؤنا من قبلنا، ولا حرّمنا ما نحرّمه من هذه الأشياء الّتي نحن على تحريمها مقيمون، لأنّه قادرٌ على أن يحول بيننا وبين ذلك، حتّى لا يكون لنا إلى فعل شيءٍ من ذلك سبيلٌ، إمّا بأن يضطرّنا إلى الإيمان وترك الشّرك به وإلى القول بتحليل ما حرّمنا، وإمّا بأن يلطف بنا بتوفيقه فنصير إلى الإقرار بوحدانيّته وترك عبادة ما دونه من الأنداد والأصنام، وإلى تحليل ما حرّمنا، ولكنّه رضي منّا ما نحن عليه من عبادة الأوثان والأصنام، واتّخاذ الشّريك له في العبادة والأنداد، وأراد ما نحرّم من الحروث والأنعام، فلم يحل بيننا وبين ما نحن عليه من ذلك.
قال اللّه مكذّبًا لهم في قيلهم: إنّ اللّه رضي منّا ما نحن عليه من الشّرك وتحريم ما نحرّم، ورّادًا عليهم باطل ما احتجّوا به من حجّتهم في ذلك: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم} يقول: كما كذّب هؤلاء المشركون يا محمّد ما جئتهم به من الحقّ والبيان، كذّب من قبلهم من فسقة الأمم الّذين طغوا على ربّهم ما جاءتهم به أنبياؤهم من آيات اللّه وواضح حججه، وردّوا عليهم نصائحهم. {حتّى ذاقوا بأسنا} يقول: حتّى أسخطونا فغضبنا عليهم، فأحللنا بهم بأسنا فذاقوه، فعطبوا بذوقهم إيّاه، فخابوا وخسروا الدّنيا والآخرة، يقول: وهؤلاء الآخرون مسلوكٌ بهم سبيلهم إن هم لم ينيبوا فيؤمنوا ويصدّقوا بما جئتهم به من عند ربّهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا}، وقال: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم}، ثمّ قال: {ولو شاء اللّه ما أشركوا}، فإنّهم قالوا: عبادتنا الآلهة تقرّبنا إلى اللّه زلفى، فأخبرهم اللّه أنّها لا تقرّبهم، وقوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول اللّه سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا حرّمنا من شيءٍ} قال: قول قريشٍ، يعني: أنّ اللّه حرّم هذه البحيرة والسّائبة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا حرّمنا من شيءٍ} قول قريشٍ بغير يقينٍ: إنّ اللّه حرّم هذه البحيرة والسّائبة.
فإن قال قائلٌ: وما برهانك على أنّ اللّه تعالى إنّما كذّب من قيل هؤلاء المشركين قولهم: رضي اللّه منّا عبادة الأوثان، وأراد منّا تحريم ما حرّمنا من الحروث والأنعام، دون أن يكون تكذيبه إيّاهم كان على قولهم: {لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ}، وعلى وصفهم إيّاه بأنّه قد شاء شركهم وشرك آبائهم، وتحريمهم ما كانوا يحرّمون؟
قيل له: الدّلالة على ذلك. قوله: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم}، فأخبر جلّ ثناؤه عنهم أنّهم سلكوا في تكذيبهم نبيّهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فيما آتاهم به من عند اللّه من النّهي عن عبادة شيءٍ غير اللّه تعالى، وتحريم غير ما حرّم اللّه في كتابه وعلى لسان رسوله، مسلك أسلافهم من الأمم الخالية المكذّبة اللّه ورسوله. والتّكذيب منهم إنّما كان لمكذّبٌ، ولو كان ذلك خبرًا من اللّه عن كذبهم في قيلهم: {لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا} لقال: (كذلك كذب الّذين من قبلهم) بتخفيف الذّال، وكان ينسبهم في قيلهم ذلك إلى الكذب على اللّه لا إلى التّكذيب، مع عللٍ كثيرةٍ يطول بذكرها الكتاب، وفيما ذكرنا كفايةٌ لمن وفّق لفهمه). [جامع البيان: 9/ 649-651]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلاّ الظّنّ وإن أنتم إلاّ تخرصون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء العادلين بربّهم الأوثان والأصنام المحرّمين ما هم له محرّمون من الحروث والأنعام، القائلين: {لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ}، ولكن رضي منّا ما نحن عليه من الشّرك وتحريم ما نحرّم: هل عندكم بدعواكم ما تدّعون على اللّه من رضاه بإشراككم في عبادته ما تشركون وتحريمكم من أموالكم ما تحرّمون، علمٌ يقينٌ من خبر من يقطع خبره العذر، أو حجّةٍ توجب لنا اليقين من العلم، فتخرجوه لنا؟ يقول: فتظهروا ذلك لنا وتبيّنوه، كما بيّنّا لكم مواضع خطأ قولكم وفعلكم، وتناقض ذلك واستحالته في المعقول والمسموع. {إن تتّبعون إلاّ الظّنّ} يقول له: قل لهم: إن تقولون ما تقولون أيّها المشركون، وتعبدون من الأوثان والأصنام ما تعبدون، وتحرّمون من الحروث والأنعام ما تحرّمون إلاّ ظنًّا وحسبانًا أنّه حقٌّ، وأنّكم على حقٍّ وهو باطلٌ، وأنتم على باطلٍ. {وإن أنتم إلاّ تخرصون} يقول: وإن أنتم: وما أنتم في ذلك كلّه إلاّ تخرصون، يقول: إلاّ تتقوّلون الباطل على اللّه ظنًّا بغير يقينٍ علمٍ ولا برهانٍ واضحٍ). [جامع البيان: 9/ 652]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ كذلك كذّب الّذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلّا الظّنّ وإن أنتم إلّا تخرصون (148)}
قوله تعالى: {سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا}
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: لو شاء اللّه ما أشركنا يقول اللّه تبارك وتعالى: لو شئت لجمعتكم على الهدى أجمعين.
قوله: {ولا حرّمنا من شيءٍ}
- حدّثنا حجّاجٌ ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قوله: ولا حرّمنا من شيءٍ- قول قريشٍ: إنّ اللّه حرّم هذا: البحيرة والسّائبة.
قوله: {كذلك كذّب الّذين من قبلهم} إلى آخر الآية.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنا عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن ابن طاوسٍ عن أبيه أنّ رجلاً قال لابن عبّاسٍ: إنّ ناسًا يقولون: ليس الشّرّ بقدرٍ. فقال ابن عبّاسٍ: فبيننا وبين أهل القدر هذه الآية: سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ، كذلك كذّب الّذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا، قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا؟ إن تتّبعون إلا الظّنّ وإن أنتم إلا تخرصون.
إلى قوله: فلو شاء لهداكم أجمعين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1412-1413]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أي نجيح عن مجاهد سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء قال هذا قول قريش لقولهم إن الله حرم هذا يعنون البحيرة والسائبة والوصيلة والحام).[تفسير مجاهد: 227]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن عبد اللّه بن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه سمع رجلًا يقول: الشّرّ ليس بقدرٍ. فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: " بيننا وبين أهل القدر {سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا، ولا آباؤنا}حتّى بلغ {فلو شاء لهداكم أجمعين} ، قال ابن عبّاسٍ: والعجز والكيس من القدر «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله} الآية، قال: هذا قول قريش: إن الله حرم هذا يعنون البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس، أنه قيل له: إن ناسا يقولون: إن الشر ليس بقدر، فقال ابن عباس: بيننا وبين أهل القدر هذه الآية {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا} إلى قوله: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} قال ابن عباس: والعجز والكيس من القدر). [الدر المنثور: 6/ 249]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل فللّه الحجّة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء العادلين بربّهم الأوثان والأصنام، القائلين على ربّهم الكذب في تحريمهم ما حرّموا من الحروث والأنعام، إن عجزوا عن إقامة الحجّة عند قيلك لهم: هل عندكم من علمٍ بما تدّعون على ربّكم فتخرجوه لنا، وعن إخراج علم ذلك لك وإظهاره، وهم لا شكّ عن ذلك عجزةٌ، وعن إظهاره مقصّرون، لأنّه باطلٌ لا حقيقة له. {فللّه} الّذي حرّم عليكم أن تشركوا به شيئًا، وأن تتّبعوا خطوات الشّيطان في أموالكم من الحروث والأنعام {الحجّة البالغة} دونكم أيّها المشركون. ويعني بالبالغة: أنّها تبلغ مراده في ثبوتها على من احتجّ بها عليه من خلقه، وقطع عذره إذا انتهت إليه فيما جعلت حجّةً فيه.
{فلو شاء لهداكم أجمعين} يقول: فلو شاء ربّكم لوفّقكم أجمعين للإجماع على إفراده بالعبادة والبراءة من الأنداد والآلهة والدّينونة، بتحريم ما حرّم اللّه وتحليل ما حلّله اللّه، وترك اتّباع خطوات الشّيطان، وغير ذلك من طاعاته. ولكنّه لم يشأ ذلك، فخالف بين خلقه فيما شاء منهم، فمنهم كافرٌ ومنهم مؤمنٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: لا حجّة لأحدٍ عصى اللّه، ولكن للّه الحجّة البالغة على عباده. وقال: {فلو شاء لهداكم أجمعين} قال: {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون}). [جامع البيان: 9/ 652-653]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل فللّه الحجّة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين (149)}
قوله: {قل فللّه الحجّة البالغة}
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع قال: لا حجّة لأحدٍ عصى اللّه، ولكن للّه الحجّة البالغة على عباده.
قوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين}.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قول اللّه تبارك وتعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1413]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن عبد اللّه بن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه سمع رجلًا يقول: الشّرّ ليس بقدرٍ. فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: " بيننا وبين أهل القدر {سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا} حتّى بلغ {فلو شاء لهداكم أجمعين} قال ابن عبّاسٍ: والعجز والكيس من القدر «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 347] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس، أنه قيل له: إن ناسا يقولون: إن الشر ليس بقدر، فقال ابن عباس: بيننا وبين أهل القدر هذه الآية: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا} إلى قوله: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}، قال ابن عباس: والعجز والكيس من القدر
- وأخرج أبو الشيخ عن علي بن زيد قال: انقطعت حجة القدرية عند هذه الآية: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}.
- وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة {قل فلله الحجة البالغة} قال: السلطان). [الدر المنثور: 6/ 249-250]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)}

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {هلمّ شهداءكم}" لغة أهل الحجاز: هلمّ للواحد والاثنين والجميع "). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله قل هلمّ شهداءكم)
لغة أهل الحجاز هلمّ للواحد والاثنين والجمع هو كلام أبي عبيدة بزيادةٍ والذّكر والأنثى سواءٌ وأهل نجدٍ يقولون للواحد هلمّ وللمرأة هلمّي وللاثنين هلمّا وللقوم هلمّوا وللنّساء هلممن يجعلونها من هلممت وعلى الأوّل فهو اسم فعلٍ معناه طلب الإحضار وشهداءكم مفعولٌ به والميم في هلمّ مبنيّةٌ على الفتح في اللّغة الأولى واختلف هل هي بسيطةٌ أو مركّبةٌ ولبسط ذلك موضعٌ غير هذا). [فتح الباري: 8/ 297]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (10 - (بابٌ: {هلم شهداءكم} لغة أهل الحجاز هلمّ للواحد والاثنين والجميع)
أشار به إلى قوله تعالى: {قل هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أن الله حرم هذا} الآية. أي: قل يا محمّد: أحضروا شهداءكم الّذين يشهدون أن الله حرم هذا أي: هذا الّذي حرمتموه وكذبتم واقتربتم على الله فيه قوله هلمّ، في محل الرّفع على الابتداء بتقدير لفظ هلمّ وقوله لغة أهل الحجاز، خبره قوله: (هلمّ للواحد) ، يعني لفظ هلمّ يصلح للواحد وللاثنين وللجماعة، هذا عند أهل الحجاز، وأهل نجد يقولون للواحد: هلمّ، وللمرأة هلمّي، وللاثنين: هلما وللجماعة الذّكور: هلموا، وللنساء هلممن. وعلى اللّغة الأولى يكون أسما للفعل وبني لوقوعه موقع الأمر المبنيّ، وعلى اللّغة الثّانية يكون فعلا). [عمدة القاري: 18/ 229]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (9 - باب قوله: {هلمّ شهداءكم} لغة أهل الحجاز هلمّ للواحد والاثنين والجميع
(باب قوله) تعالى ({هلم شهداءكم}) (لغة أهل الحجاز هلم للواحد والاثنين والجمع) وأهل نجد يقولون للاثنين هلما، وللجمع هلموا، وللمرأة هلمي، وللنساء هلممن، والمعنى هاتوا شهداءكم وأحضروهم وسقط قوله: باب قوله لغير أبي ذر). [إرشاد الساري: 7/ 122-123]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا والّذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربّهم يعدلون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المفترين على ربّهم من عبدة الأوثان، الزّاعمين أنّ اللّه حرّم عليهم ما هم محرّموه من حروثهم وأنعامهم: {هلمّ شهداءكم} يقول: هاتوا شهداءكم الّذين يشهدون على اللّه أنّه حرّم عليكم ما تزعمون أنّه حرّمه عليكم.
وأهل العالية من تهامة توحّد (هلمّ) في الواحد والاثنين والجمع، وتذكّر في المؤنّث والمذكّر، فتقول للواحد: هلمّ يا فلان، وللاثنين والجمع كذلك، وللأنثى مثله، ومنه قول الأعشى:
وكان دعا قومه دعوةً ....... هلمّ إلى أمركم قد صرم
ينشد (هلمّ) و(هلمّوا). وأمّا أهل السّافلة من نجدٍ فإنّهم يوحّدون للواحد ويثنّون للاثنين ويجمعون للجميع، فيقال للواحد من الرّجال: هلمّ، وللواحدة من النّساء: هلمّي، وللاثنين: هلمّا، وللجماعة من الرّجال: هلمّوا، وللنّساء: هلممن.
قال اللّه لنبيّه: {فإن شهدوا} يقول: يا محمّد، فإن جاءوك بشهداء يشهدون أنّ اللّه حرّم ما يزعمون أنّ اللّه حرّمه عليهم. {فلا تشهد معهم}، فإنّهم كذبةٌ وشهود زورٍ في شهادتهم بما شهدوا به من ذلك على اللّه. وخاطب بذلك جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد به أصحابه والمؤمنون به. {ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا} يقول: ولا تتابعهم على ما هم عليه من التّكذيب بوحي اللّه وتنزيله في تحريم ما حرّم وتحليل ما أحلّ لهم، ولكن اتّبع ما أوحي إليك من كتاب ربّك الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. {والّذين لا يؤمنون بالآخرة} يقول: ولا تتّبع أهواء الّذين لا يؤمنون بالآخرة، فتكذّب بما هم به مكذّبون من إحياء اللّه خلقه بعد مماتهم، ونشره إيّاهم بعد فنائهم. {وهم بربّهم يعدلون} يقول: وهم مع تكذيبهم بالبعث بعد الممات، وجحودهم قيام السّاعة باللّه، يعدلون الأوثان والأصنام، فيجعلونها له عدلاً، ويتّخذونها له ندًّا يعبدونها من دونه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا} يقول: قل أروني الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا ممّا حرّمت العرب، وقالوا: أمرنا اللّه به. قال اللّه لرسوله: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا} قال: البحائر والسّيّب). [جامع البيان: 9/ 654-655]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا والّذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربّهم يعدلون (150) }
قوله: {قل هلمّ شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: {قل هلمّ شهداءكم}، قال: أروني شهداءكم.
قوله: {الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا}.
- حدّثنا الحسين بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ أنا حجّاج بن محمّدٍ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ
: الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا: البحائر والسّيب.
- أخبرنا أحمد بن عثمان الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا فيما حرّمت العرب، وقالوا: أمرنا اللّه به.
قوله: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم}.
- وبه عن السّدّيّ قال: حرّمت العرب، وقالوا: أمرنا اللّه به. قال اللّه لرسوله: فإن شهدوا فلا تشهّد معهم.
قوله: {ولا تتّبع أهواء الّذين كذّبوا بآياتنا ... الآية}.
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1413-1414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {قل هلم شهداءكم} قال: أروني شهداءكم.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {الذين يشهدون أن الله حرم هذا} قال: البحائر والسوائب). [الدر المنثور: 6/ 250]


رد مع اقتباس