عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 09:06 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {سيجعل لهم الرحمن ودا}. ذهب أكثر المفسرين إلى أن هذا هو القبول الذي يضعه الله لمن يحبه من عباده حسب ما في الحديث المأثور، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إنها بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أسر سريرة ألبسه الله رداءها، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد إلا وله في السماء صيت، فإن كان حسنا وضع في الأرض حسنا، وإن سيئا وضع كذلك.
وقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: إن الآية نزلت فيه، وذلك أنه لما هاجر من مكة استوحش بالمدينة، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية في ذلك، أي: ستستقر نفوس المؤمنين ويودون حالهم ومنزلتهم، وذكر النقاش أنها نزلت في علي بن
[المحرر الوجيز: 6/74]
أبي طالب رضي الله عنه، قال ابن الحنفية: لا يوجد مؤمن إلا وهو يحب علي بن أبي طالب وأهل بيته رضي الله عنهم.
وقرأ الجمهور: "ودا" بضم الواو، وقرأ أبو الحارث الحنفي بفتح الواو.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتحتمل الآية أن تكون متصلة بما قبلها في المعنى، أي إن الله تبارك وتعالى لما أخبر عن إتيان كل من في السماوات والأرض في حالة العبودية والانفراد، آنس المؤمنين بأنه سيجعل لهم في ذلك اليوم ودا وهو ما يظهر عليهم من كرامته؛ لأن محبة الله للعبد هي ما يظهر عليه من نعمه وأمارات غفرانه له). [المحرر الوجيز: 6/75]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا}
الضمير في "يسرنا" للقرآن، وهذا كقوله تعالى: {حتى توارت بالحجاب}؛ لأن المعنى يقتضي المراد وإن لم يتقدم ذكره، ووقع التيسير في كونه بلسان محمد صلى الله عليه وسلم، وبلغته المفهومة المبينة. وبشارة المتقين هي الجنة والنعيم الدائم والعز في الدنيا. و"القوم اللد" هم قريش، ومعناه: مجادلين مخاصمين بباطل، والألد: المخاصم المبالغ في ذلك. وقال مجاهد: "لدا" معناه: فجارا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا عندي فجور الخصومة، ولا يلد إلا المبطل. وفي الحديث: أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم.
ثم لما وصفهم الله تعالى بأنهم لد - وهي صفة سوء بحكم الشرع والحق - وجب أن يقسو عليهم بالوعيد والتمثيل بإهلاك من كان أشد منهم وألد وأعظم قدرا ما كان يسرهم
[المحرر الوجيز: 6/75]
في أنفسهم من الوصف بـ "لد"، فإن العرب لجهالتها وعتوها وكفرها كانت تتمدح باللدد، وتراه إدراكا وشهامة، فمن ذلك قول الشاعر:
إن تحت الأحجار عزما وحزما وخصيما ألد ذا مغلاق
فمثل لهم بإهلاك من قبلهم ليحتقروا أنفسهم ويتبين صغر شأنهم، وعبر المفسرون عن "اللد" بالفجرة وبالظلمة، وتلخيص معناها ما ذكرناه). [المحرر الوجيز: 6/76]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "القرن": الأمة، و"الركز": الصوت الخفي دون نطق بحروف ولا فم، وإنما هو صوت الحركات وخشفها، ومنه قول لبيد:
وتوجست ركز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيس سقامها
فكأنه قال: أوتسمع من أخبارهم قليلا أو كثيرا، أو طرفا خفيا ضعيفا، وهذا يراد به من تقدم أمره من الأمم ودرس خبره، وقد يحتمل أن يريد: هل بقي لأحد منهم كلام أو تصويب بوجه من الوجوه؟ فيدخل في هذا من عرف هلاكه من الأمم). [المحرر الوجيز: 6/76]

رد مع اقتباس