عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى لرسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه: {وما أرسلناك إلا مبشّرًا ونذيرًا} أي: بشيرًا للمؤمنين ونذيرًا للكافرين، مبشّرًا بالجنّة لمن أطاع اللّه، ونذيرًا بين يدي عذابٍ شديدٍ لمن خالف أمر اللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 118]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل ما أسألكم عليه من أجرٍ} أي: على هذا البلاغ وهذا الإنذار من أجرةٍ أطلبها من أموالكم، وإنّما أفعل ذلك ابتغاء وجه اللّه، {لمن شاء منكم أن يستقيم} [التّكوير: 28] {إلا من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا} أي: طريقًا ومسلكًا ومنهجًا يقتدى فيها بما جئت به). [تفسير ابن كثير: 6/ 118]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وتوكّل على الحيّ الّذي لا يموت} أي: في أمورك كلّها كن متوكّلًا على اللّه الحيّ الّذي لا يموت أبدًا، الّذي هو {الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ} [الحديد: 3] الدّائم الباقي السّرمديّ الأبديّ، الحيّ القيّوم ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، اجعله ذخرك وملجأك، وهو الّذي يتوكل عليه ويفزع إليه، فإنّه كافيك وناصرك ومؤيّدك ومظفّرك، كما قال تعالى: {يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من النّاس} [المائدة: 67].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن نفيل قال: قرأت على معقل -يعني ابن عبيد اللّه -عن عبد اللّه بن أبي حسينٍ، عن شهر بن حوشب قال: لقي سلمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في بعض فجاج المدينة، فسجد له، فقال: "لا تسجد لي يا سلمان، واسجد للحيّ الّذي لا يموت" وهذا مرسلٌ حسنٌ.
[وقوله تعالى: {وسبّح بحمده}، أي: اقرن بين حمده وتسبيحه] ؛ ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "سبحانك اللّهمّ ربّنا وبحمدك" أي: أخلص له العبادة والتّوكّل، كما قال تعالى: {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} [المزّمّل: 9].
وقال: {فاعبده وتوكّل عليه} [هودٍ: 123] {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} [الملك: 29].
وقوله: {وكفى به بذنوب عباده خبيرًا} أي: لعلمه التّامّ الّذي لا يخفى عليه خافيةٌ، ولا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 118-119]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {الّذي خلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ} أي: هو الحيّ الّذي لا يموت، وهو خالق كلّ شيءٍ وربّه ومليكه، الّذي خلق بقدرته وسلطانه السموات السّبع في ارتفاعها واتّساعها، والأرضين السّبع في سفولها وكثافتها، {في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش [الرّحمن]}، أي: يدبّر الأمر، ويقضي الحقّ، وهو خير الفاصلين.
وقوله: {ثمّ استوى على العرش الرّحمن فاسأل به خبيرًا} أي: استعلم عنه من هو خبيرٌ به عالمٌ به فاتّبعه واقتد به، وقد علم أنّه لا أحد أعلم باللّه ولا أخبر به من عبده ورسوله محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه، على سيّد ولد آدم على الإطلاق، في الدّنيا والآخرة، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلّا وحيٌ يوحى -فما قاله فهو حقٌّ، وما أخبر به فهو صدقٌ، وهو الإمام المحكّم الّذي إذا تنازع النّاس في شيءٍ، وجب ردّ نزاعهم إليه، فما يوافق أقواله، وأفعاله فهو الحقّ، وما يخالفها فهو مردودٌ على قائله وفاعله، كائنًا من كان، قال اللّه تعالى: {فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللّه والرّسول} [النّساء: 59].
وقال: {وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى اللّه} [الشّورى: 10]، وقال تعالى: {وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلا} [الأنعام: 115] أي: صدقًا في الإخبار وعدلًا في الأوامر والنّواهي؛ ولهذا قال: {فاسأل به خبيرًا} قال مجاهدٌ في قوله: {فاسأل به خبيرًا} قال: ما أخبرتك من شيءٍ فهو كما أخبرتك. وكذا قال ابن جريجٍ.
وقال شمر بن عطيّة في قوله: {فاسأل به خبيرًا} قال: هذا القرآن خبيرٌ به). [تفسير ابن كثير: 6/ 119-120]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى منكرًا على المشركين الّذين يسجدون لغير اللّه من الأصنام والأنداد: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرّحمن قالوا وما الرّحمن}؟ أي: لا نعرف الرّحمن. وكانوا ينكرون أن يسمّى اللّه باسمه الرّحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للكاتب: "اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم" فقالوا: لا نعرف الرّحمن ولا الرّحيم، ولكن اكتب كما كنت تكتب: باسمك اللّهمّ؛ ولهذا أنزل اللّه: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110] أي: هو اللّه وهو الرّحمن. وقال في هذه الآية: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرّحمن قالوا وما الرّحمن}؟ أي: لا نعرفه ولا نقر به؟ {أنسجد لما تأمرنا} أي: لمجرّد قولك؟ {وزادهم نفورًا}، أمّا المؤمنون فإنّهم يعبدون اللّه الّذي هو الرّحمن الرّحيم، ويفردونه بالإلهيّة ويسجدون له. وقد اتّفق العلماء -رحمهم اللّه -على أنّ هذه السّجدة الّتي في الفرقان مشروعٌ السجود عندها لقارئها ومستمعها، كما هو مقرّرٌ في موضعه، واللّه أعلم).[تفسير ابن كثير: 6/ 120]

رد مع اقتباس