عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:22 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بكرٌ، واللّيث، عن أبي قبيلٍ، عن شفيٍّ، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «هذا كتابٌ كتبه ربّ العالمين، فيه تسمية أهل الجنّة وتسمية آبائهم، ثمّ أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص، وهذا كتابٌ كتبه ربّ العالمين، فيه تسمية أهل النّار وتسمية آبائهم، ثمّ أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص»، قالوا: ففيم العمل يا رسول الله؟، قال: " إنّ عامل الجنّة يختم له بعمل الجنّة، وإن عمل أيّ عملٍ، وإنّ عامل النّار يختم له بعمل النّار، وإنّ عمل أيّ عملٍ، فرغ الله من خلقه، قال: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير} [الشورى: 7]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/248]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًّا لتنذر أمّ القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير}.
يقول تعالى ذكره: وهكذا {أوحينا إليك} يا محمّد {قرآنًا عربيًّا} بلسان العرب، لأنّ الّذين أرسلتك إليهم قومٌ عربٌ، فأوحينا إليك هذا القرآن بألسنتهم، ليفهموا ما فيه من حجج اللّه وذكره، لأنّا لا نرسل رسولاً إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم {لتنذر أمّ القرى} وهي مكّة، {ومن حولها} يقول: ومن حول أمّ القرى من سائر النّاس.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {لتنذر أمّ القرى} قال: مكّة.
وقوله: {وتنذر يوم الجمع} يقول عزّ وجلّ: وتنذر عقاب اللّه في يوم جمع عباده لموقف الحساب والعرض وقيل: وتنذر يوم الجمع، والمعنى: وتنذرهم يوم الجمع، كما قيل: يخوّف أولياءه، والمعنى: يخوّفكم أولياءه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وتنذر يوم الجمع} قال: يوم القيامة.
وقوله: {لا ريب فيه} يقول: لا شكّ فيه.
وقوله: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير} يقول: منهم فريقٌ في الجنّة، وهم الّذين آمنوا باللّه واتّبعوا ما جاءهم به رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم {وفريقٌ في السّعير} يقول: ومنهم فريقٌ في الموقدة من نار اللّه المسعورة على أهلها، وهم الّذين كفروا باللّه، وخالفوا ما جاءهم به رسوله.
- وقد حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي قبيلٍ المعافريّ، عن شفيٍّ الأصبحيّ، عن رجلٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفي يده كتابان، فقال: هل تدرون ما هذا؟ فقلنا: لا، إلاّ أن تخبرنا يا رسول اللّه قال: هذا كتابٌ من ربّ العالمين، فيه أسماء أهل الجنّة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمّ أجمل، على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدًا، وهذا كتاب أهل النّار بأسمائهم وأسماء آبائهم، ثمّ أجمل على آخرهم، فلا يزاد ولا ينقص منهم أبدًا قال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ففيم إذن نعمل إن كان هذا أمرًا قد فرغ منه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: بل سدّدوا وقاربوا، فإنّ صاحب الجنّة يختم له بعمل الجنّة وإن عمل أيّ عملٍ، وصاحب النّار يختم له بعمل النّار وإن عمل أيّ عملٍ، فرغ ربّكم من العباد ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيديه فنبذهما: فرغ ربّكم من الخلق، فريقٌ في الجنّة، وفريقٌ في السّعير قالوا: سبحان اللّه، فلم نعمل وننصب؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: العمل إلى خواتمه.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني عمرو بن الحارث، وحيوة بن شريحٍ، عن يحيى بن أبي أسيدٍ، أنّ أبا فراسٍ حدّثه أنّه، سمع عبد اللّه بن عمرٍو، يقول: إنّ اللّه تعالى ذكره لمّا خلق آدم نفضه نفض المزود، فأخرج منه كلّ ذرّيّةٍ، فخرج أمثال النّغف، فقبضهم قبضتين، ثمّ قال: شقيّ وسعيدٌ، ثمّ ألقاهما، ثمّ قبضهما فقال: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير}.
- قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي سويدٍ، حدّثه عن ابن حجيرة، أنّه بلغه أنّ موسى، قال: يا ربّ خلقك الّذين خلقتهم، جعلت منهم فريقًا في الجنّة، وفريقًا في السّعير، لوما أدخلتهم كلّهم الجنّة قال: يا موسى ارفع زرعك، فرفع قال: قد رفعت قال: ارفع، فرفع، فلم يترك شيئًا قال: يا ربّ قد رفعت قال: ارفع قال: قد رفعت إلاّ ما لا خير فيه قال: كذلك أدخل خلقي كلّهم الجنّة إلاّ ما لا خير فيه.
وقيل: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير} فرفع وقد تقدّم الكلام قبل ذلك بقوله: {لتنذر أمّ القرى ومن حولها} بالنّصب، لأنّه أريد به الابتداء، كما يقال: رأيت العسكر مقتولٌ أو منهزمٌ، بمعنى: منهم مقتولٌ، ومنهم منهزمٌ). [جامع البيان: 20/469-472]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وتنذر يوم الجمع} قال: يوم القيامة، قوله تعالى: {فريق في الجنة وفريق في السعير} ). [الدر المنثور: 13/132]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال: أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال: للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ثم قال للذي في شماله هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان قد فرغ منه فقال: سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيديه فنبذهما ثم قال: فرغ ربكم من العباد {فريق في الجنة وفريق في السعير} ). [الدر المنثور: 13/132-133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده كتاب ينظر فيه قال: انظروا إليه كيف وهو أمي لا يقرأ قال: فعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم وقال: {فريق في الجنة وفريق في السعير} فرغ ربكم من أعمال العباد). [الدر المنثور: 13/133]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شاء اللّه لجعلهم أمّةً واحدةً ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظّالمون ما لهم مّن وليٍّ ولا نصيرٍ}.
يقول تعالى ذكره: ولو أراد اللّه أن يجمع خلقه على هدًى، ويجعلهم على ملّةٍ واحدةٍ لفعل، و{لجعلهم أمّةً واحدةً} يقول: أهل ملّةٍ واحدةٍ، وجماعةً مجتمعةً على دينٍ واحدٍ {ولكن يدخل من يشاء في رحمته} يقول: لم يفعل ذلك فيجعلهم أمّةً واحدةً، ولكن يدخل من يشاء، من عباده في رحمته، يعني أنّه يدخله في رحمته بتوفيقه إيّاه للدّخول في دينه، الّذي ابتعث به نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {والظّالمون ما لهم من وليٍّ ولا نصيرٍ}. يقول تعالى ذكره: ولو أراد اللّه أن يجمع خلقه على هدًى، ويجعلهم على ملّةٍ واحدةٍ لفعل، و{لجعلهم أمّةً واحدةً} يقول: أهل ملّةٍ واحدةٍ، وجماعةً مجتمعةً على دينٍ واحدٍ {ولكن يدخل من يشاء في رحمته} يقول: لم يفعل ذلك فيجعلهم أمّةً واحدةً، ولكن يدخل من يشاء من عباده في رحمته، يعني أنّه يدخله في رحمته بتوفيقه إيّاه للدّخول في دينه، الّذي ابتعث به نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {والظّالمون ما لهم من وليٍّ ولا نصيرٍ} يقول: والكافرون باللّه ما لهم من وليٍّ يتولاّهم يوم القيامة، ولا نصيرٌ ينصرهم من عقاب اللّه حين يعاقبهم، فينقذهم من عذابه، ويقتصّ لهم ممّن عاقبهم، وإنّما قيل هذا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تسليةً له عمّا كان يناله من الهمّ بتولية قومه عنه، وأمرًا له بترك إدخال المكروه على نفسه من أجل إدبار من أدبر عنه منهم، فلم يستجب لما دعاه إليه من الحقّ، وإعلامًا له أنّ أمور عباده بيده، وأنّه الهادي إلى الحقّ من شاء، والمضلّ من أراد دونه، ودون كلّ أحدٍ سواه). [جامع البيان: 20/472]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الصّمد بن عبد الوارث، ثنا همّامٌ، عن قتادة، ثنا عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «كان بين آدم، ونوحٍ عشرة قرونٍ كلّهم على شريعةٍ من الحقّ، فلمّا اختلفوا بعث اللّه النّبيّين والمرسلين وأنزل كتابه فكانوا أمّةً واحدةً» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط البخاريّ ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/480]

تفسير قوله تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم اتّخذوا من دونه أولياء فاللّه هو الوليّ وهو يحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ (9) وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى اللّه ذلكم اللّه ربّي عليه توكّلت وإليه أنيب}.
يقول تعالى ذكره: اتّخذ هؤلاء المشركون باللّه أولياء من دون اللّه يتولّونهم {فاللّه هو الوليّ} يقول: فاللّه هو وليّ أوليائه، وإيّاه فليتّخذوا وليًّا لا الآلهة والأوثان، ولا ما لا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا {وهو يحيي الموتى} يقول: واللّه يحيي الموتى من بعد مماتهم، فيحشرهم يوم القيامة {وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} يقول: واللّه القادر على إحياء خلقه من بعد مماتهم وعلى غير ذلك، إنّه ذو قدرةٍ على كلّ شيءٍ). [جامع البيان: 20/473]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى اللّه} يقول تعالى ذكره: وما اختلفتم أيّها النّاس فيه من شيءٍ فتنازعتم بينكم، فحكمه إلى اللّه يقول: فإنّ اللّه هو الّذي يقضي بينكم ويفصل فيه الحكم.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى اللّه} قال ابن عمرٍو في حديثه: فهو يحكم فيه، وقال الحارث: فاللّه يحكم فيه.
وقوله: {ذلكم اللّه ربّي عليه توكّلت} يقول لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المشركين باللّه: هذا الّذي هذه الصّفات صفاته ربّي، لا هذه الآلهة الّتي تدعون من دونه، الّتي لا تقدر على شيءٍ، {عليه توكّلت} في أموري، وإليه فوّضت أسبابي، وبه وثقت، {وإليه أنيب} يقول: وإليه أرجع في أموري وأتوب من ذنوبي). [جامع البيان: 20/473]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله يقول يحكم فيه). [تفسير مجاهد: 573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 10 - 11
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} قال: فهو يحكم فيه). [الدر المنثور: 13/133]

تفسير قوله تعالى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يذرؤكم فيه قال يعيشكم فيه). [تفسير عبد الرزاق: 2/190]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {يذرؤكم فيه} [الشورى: 11] : «نسلٌ بعد نسلٍ»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ يذرؤكم فيه نسلٌ بعد نسلٍ وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ في قوله يذرؤكم فيه قال نسلًا بعد نسلٍ من النّاس والأنعام وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ في قوله يذرؤكم قال يخلقكم). [فتح الباري: 8/563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 11 الشورى {يذرؤكم فيه} نسل بعد نسل من النّاس والأنعام). [تغليق التعليق: 4/304] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ يذرؤكم فيه نسلٌ بعد نسلٍ
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {ومن الأنعام أزواجًا يذرؤكم فيه} (الشورى: 11) أن معنى: يذرؤكم نسلًا بعد نسل من النّاس والأنعام، أي: يخلقكم وكذا فسره السّديّ، يقال: ذرأ الله الخلق يذرأ هم ذرأ إذا خلقهم وكأنّه مختصّ بخلق الذّرّيّة بخلاف برأ لأنّه أعم. قوله: (يذرؤكم فيه) قال القتبي: أي في الرّوح، وخطأ من قال: في الرّحم، لأنّها مؤنّثة ولم تذكر). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({يذرؤكم فيه}) [الشورى: 11] بالذال المعجمة (نسل بعد نسل) أي يخلقكم في الرحمن وقال القتبي أي في الروح وخطأ من قال في الرحم لأنها مؤنثة). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاطر السّموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجًا ومن الأنعام أزواجًا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيءٌ وهو السّميع البصير}
يقول تعالى ذكره: {فاطر السّموات والأرض} خالق السّماوات السّبع والأرض.
- كما حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {فاطر السّموات والأرض} قال: خالق.
وقوله: {جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} يقول تعالى ذكره: زوّجكم ربّكم من أنفسكم أزواجًا وإنّما قال جلّ ثناؤه: {من أنفسكم} لأنّه خلق حوّاء من ضلع آدم، فهنّ من الرّجال {ومن الأنعام أزواجًا} يقول جلّ ثناؤه: وجعل لكم من الأنعام أزواجًا من الضّأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ذكورًا وإناثًا، ومن كلّ جنسٍ من ذلك {يذرؤكم فيه} يقول: يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم، ويعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {يذرؤكم فيه} في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى ذلك: يخلقكم فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يذرؤكم فيه} قال: نسلٌ بعد نسلٍ من النّاس والأنعام.
- حدّثنا محمّد، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {يذرؤكم} قال: يخلقكم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {يذرؤكم فيه} قال: نسلاً بعد نسلٍ من النّاس والأنعام.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، أنّه قال في هذه الآية: {يذرؤكم فيه} قال: يخلقكم.
وقال آخرون: بل معناه: يعيشكم فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {جعل لكم من أنفسكم أزواجًا ومن الأنعام أزواجًا يذرؤكم فيه} يقول: يجعل لكم فيه معيشةً تعيشون بها.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {يذرؤكم فيه} قال: يعيشكم فيه.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يذرؤكم فيه} قال: عيشٌ من اللّه يعيشكم فيه.
وهذان القولان وإن اختلفا في اللّفظ من قائليهما فقد يحتمل توجيههما إلى معنًى واحدٍ، وهو أن يكون القائل في معناه يعيشكم فيه، أراد بقوله ذلك: يحييكم بعيشكم به كما يحيي من لم يخلق بتكوينه إيّاه، ونفخه الرّوح فيه حتّى يعيش حيًّا.
وقد بيّنت معنى ذرء اللّه الخلق فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته.
وقوله: {ليس كمثله شيءٌ} فيه وجهان: أحدهما أن يكون معناه: ليس كهو شيءٌ، وأدخل المثل في الكلام توكيدًا للكلام إذا اختلف اللّفظ به وبالكاف، وهما بمعنًى واحدٍ، كما قيل:
ما إن نديت بشيءٍ أنت تكرهه
فأدخل على (ما) وهي حرف جحدٍ (إن) وهي أيضًا حرف جحدٍ، لاختلاف اللّفظ بهما، وإن اتّفق معنياهما توكيدًا للكلام، وكما قال أوس بن حجرٍ:
وقتلى كمثل جذوع النّخيل = تغشّاهم مسبلٌ منهمر
ومعنى ذلك: كجذوع النّخيل، وكما قال الآخر:
سعد بن زيدٍ إذا أبصرت فضلهم = ما إن كمثلهم في النّاس من أحد
والآخر: أن يكون معناه: ليس مثل شيءٍ، وتكون الكاف هي المدخلة في الكلام، كقول الرّاجز:
وصاليات ككما يؤثفين
فأدخل على الكاف كافًا؛ توكيدًا للتّشبيه، وكما قال الآخر:
تنفي الغياديق على الطّريق = قلّص عن كبيضةٍ في نيق
فأدخل الكاف مع (عن).
وقد بيّنّا هذا في موضعٍ غير هذا المكان بشرحٍ هو أبلغ من هذا الشّرح، فلذلك تجوّزنا في البيان عنه في هذا الموضع.
وقوله: {وهو السّميع البصير} يقول جلّ ثناؤه واصفًا نفسه بما هو به، وهو يعني نفسه: السّميع لما ينطق به خلقه من قولٍ، البصير لأعمالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ، ولا يعزب عنه علم شيءٍ منه، وهو محيطٌ بجميعه، محصٍ صغيره وكبيره؛ {لتجزى كلّ نفسٍ بما كسبت} من خيرٍ أو شرٍّ). [جامع البيان: 20/474-478]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يذرؤكم فيه يعني نسلا بعد نسل). [تفسير مجاهد: 573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه} قال: عيش من الله يعيشكم الله فيه). [الدر المنثور: 13/133-134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يذرؤكم فيه} قال: نسلا من بعد نسل من الناس والأنعام). [الدر المنثور: 13/134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يذرؤكم} قال: يخلقكم). [الدر المنثور: 13/134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي وائل رضي الله عنه قال: بينما عبد الله رضي الله عنه يمدح ربه إذ قال مصعد: نعم الرب يذكر، فقال عبد الله: إني لأجله عن ذلك {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ). [الدر المنثور: 13/134]

تفسير قوله تعالى: (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جعفر بن حيان، عن الحسن، في قوله: {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}، قال: يخير له). [الزهد لابن المبارك: 2/371]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى مقاليد السموات قال مفاتيح السماوات). [تفسير عبد الرزاق: 2/190]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {له مقاليد السّموات والأرض يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر إنّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {له مقاليد السّموات والأرض} له مفاتيح خزائن السّماوات والأرض وبيده مغاليق الخير والشّرّ ومفاتيحها، فما يفتح من رحمةٍ فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {له مقاليد السّموات والأرض} قال: مفاتيح بالفارسيّة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {له مقاليد السّموات والأرض} قال: مفاتيح السّماوات والأرض. وعن الحسن بمثل ذلك.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {له مقاليد السّموات والأرض} قال: خزائن السّماوات والأرض.
وقوله: {يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} يقول: يوسّع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه، ويبسط له، ويكثر ماله ويغنيه ويقدر: يقول: ويقتّر على من يشاء منهم فيضيّقه ويفقره {إنّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يقول: إنّ اللّه تبارك وتعالى بكلّ ما يفعل من توسيعه على من يوسّع، وتقتيره على من يقتّر، ومن الّذي يصلحه البسط عليه في الرّزق، ويفسده من خلقه، والّذي يصلحه التّقتير عليه ويفسده، وغير ذلك من الأمور، ذو علمٍ لا يخفى عليه موضع البسط والتّقتير وغيره، من صلاح تدبيرٍ خلقه.
يقول تعالى ذكره: فإلى من له مقاليد السّماوات والأرض الّذي صفته ما وصفت لكم في هذه الآيات أيّها النّاس فارغبوا، وإيّاه فاعبدوا مخلصين له الدّين لا الأوثان والآلهة والأصنام، الّتي لا تملك لكم ضرًّا ولا نفعًا). [جامع البيان: 20/478-479]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله له مقاليد السموات والأرض مفاتيح السموات والأرض وهي بالفارسية). [تفسير مجاهد: 573]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور السموات من نور وجهه إن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة فيعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار واليوم فينظر فيه ثلاث ساعات فيطلع منها على ما يكره فيغضبه ذلك وأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش وسرادقات العرش والملائكة المقربون وسائر الملائكة وينفخ جبريل في القرن فلا يبقى شيء إلا سمعه إلا الثقلين: الجن والإنس فيسبحونه ثلاث ساعات حتى يمتلئ الرحمن رحمة فتلك ست ساعات ثم يؤتى بما في الأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) (آل عمران 6) (يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) (الشورى 49) حتى بلغ (عليم) فتلك تسع ساعات ثم ينظر في أرزاق الخلق كله ثلاث ساعات (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم) (الرعد 26) فتلك اثنتا عشرة ساعة ثم قال: (كل يوم هو في شأن) (الرحمن 29) فهذا شأن ربكم كل يوم). [الدر المنثور: 13/134-135]


رد مع اقتباس