الموضوع: غير مصنف
عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 07:20 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

وقوله: اللهم ما صليت من صلاة

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ)
: ([62] وقوله: «اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت [من لعنة] فعلى من لعنت». [و] الوجه أن ترفع التاء من «صليت» ومن «لعنت» في الأول وأن تنصبها منهما في الآخر، والمعنى كأنه يقول: اللهم اصرف صلاتي ودعائي إلى من أحققته لصلاتك، ورحمتك، واجعل لعني على من استحق اللعن عندك، واستوجب الطرد والإيعاد في حكمك، ولا تؤاخذني بالخطأ مني في وضعهما غير موضعهما، وإحلالهما في غير ملحهما. وهو إنما يصح على هذا التأويل إذا كان قد سبقت منه صلاة، أو بدر منه لعن الغير المستحقين، وقد يحتمل أن يكون إنما دعا بالتوفيق واشترط في مسألته العصمة؛ لأن لا يجري على لسانه ثناء إلا لمن يستحق الثناء من أوليائه، ولا ذم إلا لم يستحقه من أعدائه، كأنه يقول: اللهم احفظني حتى لا أوالي إلا أولياءك، ولا أعادي إلا أعداءك. فالوجه الأول إنما ينصرف إلى الماضي، و[الوجه] الآخر إلى المستقبل. والله أعلم.
[63] وقوله: «اللهم إني أسألك الرضى بعد [نزول] القضاء، وبرد العين بعد الموت» إنما سأل الرضى بعد نزول القضاء به لأن الرضى قبل ذلك دعوى من العبد، وإنما يتحقق ذلك عند وقوع القضاء به، وورود كراهته عليه، سأل الله [تعالى] التثبيت له، وتوطين النفس عليه. وبرد العيش: خفضه، ونعمته. وأصل البرد في الكلام: السهولة. ومنه:
[64] قول النبي صلى الله عليه وسلم: [«الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة» أي: السهلة. وقال بعضهم: إنما قيل له: الغنيمة الباردة؛ لأنه لم يشهد فيه حر قتال. وقيل: لأن حرة العطش لا تنال الصائم فيه. قال الشاعر:
قليلة لحم الناظرين يزينها
شباب ومخفوض من العيش بارد
أي: ناعم سهل.
[65] وقوله عند سماع الأذان: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته».
[66] قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرًا».
قال الشيخ أبو سليمان: إنما وصف هذه الدعوة بالتمام لأنها ذكر الله تعالى يدعا بها إلى طاعة الله، وعبادته، وهذه الأمور هي التي تستحق صفة الكمال، والتمام وما سواها من أمور الدنيا فإنها بعرض النقض والفساد، وكانت دعواتهم في الجاهلية إنما هي دعوى القبائل، كقولهم: يا لبكر ويا آل خندف، أو دعوة نعي [وندبة]، كقولهم عند موت الرجل الشريف منهم: يا نعاء فلانا، ويا فلاناه، أو دعوة إلى طعام ونحوه.
وكل هذه الأمور لا تخلو من آفة أو نقص يدخلها، ودعوة الأذان إنما شرعت في الإسلام لإقامة ذكر الله جل وعز فوصفها بالتمام تحريضًا عليها، وترغيبًا فيها، وصرفًا للوجوه إليها. والله أعلم.
ونظير هذا
[67] قوله صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ» فوصفها بالتمام؛ إذ لا يجوز [أن يكون] في شيء من كلامه عيب، أو نقص، كما يكون ذلك في كلام الآدميين. وقيل فيه وجه آخر، وهو أن كل كلمة كانت على حرفين؛ فإنها عندهم ناقصة، والتامة منها ما كان أقله على ثلاثة أحرف، وقد أخبر الله سبحانه أنه إذا أراد أمرًا قال له: {كن فيكون} [يس: 82]، وكلمة (كن) ناقصة في الهجاء. فنفى صلى الله عليه وسلم النقص عن كلمات الله قطعًا للأوهام.
نسخة الشيخ: قال أبو سليمان أحمد بن إبراهيم الخطابي رحمه الله:
واعلم أن حكم كلامه.
[خلاف حكم كلام بني آدم، وإن نقص الهجاء [في الكتابة] لا يسلبه صفة الكمال والتمام، وقيل: إن معنى التمام فيها أنها تنفع المتعوذ بها، وتشفيه، وتحفظه [من الآفات]، وتكفيه. وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يستدل به على أن القرآن غير مخلوق، قال: وذلك لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص.
وأما الوسيلة: فقد
[68] روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عنها فقال: «هي درجة في الجنة لا ينالها عبد غيري».
وقيل في «المقام المحمود»: إنه الشفاعة.
وأما قوله
[66 مكرر] صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا» فإن هذه فضيلة عظيمة، ومرتبة في الاختصاص والاصطفاء جليلة، وهو مشبه في عرف أهل الدنيا وعاداتهم بالرجل يكون له الحميم والصديق، قد غاب عنه، فيذكره بعض من يحضره بالجميل من القول فيرد عليه صاحبه جميلاً، ويضاعف الثناء عليه مجازاة له ونيابة في الشكر عنه]).[شأن الدعاء: 131-139]


رد مع اقتباس