عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:08 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ولو أرادوا الخروج الآية، حجة على المنافقين، أي ولو أرادوا الخروج بنياتهم لنظروا في ذلك واستعدوا له قبل كونه، و «العدة» ما يعد للأمر ويروى له من الأشياء، وقرأ جمهور الناس «عدة» بضم العين وتاء تأنيث، وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه معاوية بن محمد «عده» بضم العين وهاء إضمار يريد «عدته» فحذفت تاء التأنيث لما أضاف، كما قال «وأقام الصلاة» يريد وإقامة الصلاة، هذا قول الفراء، وضعفه أبو الفتح وقال إنما حدف تاء التأنيث وجعل هاء الضمير عوضا منها، وقال أبو حاتم: هو جمع عدة على عد، كبرة وكبر ودرة ودر، والوجه فيه عدد ولكن لا يوافق خط المصحف، وقرأ عاصم فيما روى عنه أبان وزر بن حبيش «عده» بكسر العين وهاء إضمار وهو عندي اسم لما يعد كالريح والقتل لأن العدو سمي قتلا إذ حقه أن يقتل هذا في معتقد العرب حين سمته، وانبعاثهم نفوذهم لهذه الغزوة، و «التثبيط» التكسيل وكسر العزم، وقوله وقيل، يحتمل أن يكون حكاية عن الله تعالى أي قال الله في سابق قضائه اقعدوا مع القاعدين، ويحتمل أن يكون حكاية عنهم أي كانت هذه مقالة بعضهم لبعض إما لفظا وإما معنى، فحكي في هذه الألفاظ التي تقتضي لهم مذمة إذ القاعدون النساء والأطفال، ويحتمل أن يكون عبارة عن إذن محمد صلى الله عليه وسلم، لهم في القعود، أي لما كره الله خروجهم يسر أن قلت لهم اقعدوا مع القاعدين، والقعود هنا عبارة عن التخلف والتراخي كما هو في قول الشاعر:
... ... ... ... = واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
وليس للهيئة في هذا كله مدخل، وكراهية الله انبعاثهم رفق بالمؤمنين). [المحرر الوجيز: 4/ 324-326]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لو خرجوا فيكم الآية، خبر بأنهم لو خرجوا لكان خروجهم مضرة، وقوله إلّا خبالًا استثناء من غير الأول، وهذا قول من قدر أنه لم يكن في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبال، فيزيد المنافقون فيه، فكأن المعنى ما زادوكم قوة ولا شدة لكن خبالا، ويحتمل أن يكون الاستثناء غير منقطع وذلك أن عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك كان فيه منافقون كثير ولهم لا محالة خبال، فلو خرج هؤلاء لا لتأموا مع الخارجين فزاد الخبال، والخبال الفساد في الأشياء المؤتلفة الملتحمة كالمودات وبعض الأجرام، ومنه قول الشاعر: [الكامل]
يا بني لبينى لستما بيد = إلّا يدا مخبولة العضد
وقرأ ابن أبي عبلة «ما زادكم» بغير واو، وقرأ جمهور الناس لأوضعوا ومعناه لأسرعوا السير، وخلالكم معناه فيما بينكم من هنا إلى هنا يسد الموضع الخلة بين الرجلين، والإيضاع سرعة السير، وقال الزجّاج خلالكم معناه فيما يخل بكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، وماذا يقول في قوله: فجاسوا خلال الدّيار [الإسراء: 5] وقرأ مجاهد فيما حكى النقاش عنه، «ولأوفضوا» وهو أيضا بمعنى الإسراع ومنه قوله تعالى: إلى نصبٍ يوفضون [المعارج: 43]، وحكي عن الزبير أنه قرأ «ولأرفضوا» قال أبو الفتح: هذه من رفض البعير إذا أسرع في مشية رقصا ورقصانا، ومنه قول حسان بن ثابت: [الكامل] رقص القلوص براكب مستعجل ووقعت «ولا أوضعوا» بألف بعد «لا» في المصحف، وكذلك وقعت في قوله أو لأذبحنّه [النمل: 21]، قيل وذلك لخشونة هجاء الأولين قال الزجّاج: وإنما وقعوا في ذلك لأن الفتحة في العبرانية وكثير من الألسنة تكتب ألفا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويحتمل أن تمطل حركة اللام فيحدث بين اللام والهمزة التي من أوضع، وقوله: يبغونكم الفتنة أي يطلبون لكم الفتنة، وقوله وفيكم سمّاعون، قال سفيان بن عيينة والحسن ومجاهد وابن زيد معناه جواسيس يستمعون الأخبار وينقلونها إليهم، ورجحه الطبري، قال النقاش: بناء المبالغة يضعف هذا القول، وقال جمهور المفسرين معناه وفيكم مطيعون سامعون لهم، وقوله: واللّه عليمٌ بالظّالمين توعد لهم ولمن كان من المؤمنين على هذا الصفة).[المحرر الوجيز: 4/ 326-327]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور حتّى جاء الحقّ وظهر أمر اللّه وهم كارهون (48) ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين (49) إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون (50) قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (51)
في هذه الآية تحقير شأنهم، وذلك أنه أخبر أنهم قد لما سعوا على الإسلام فأبطل الله سعيهم، ومعنى قوله: من قبل ما كان من حالهم من وقت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوعهم عنه في أحد وغيرها، ومعنى وقلّبوا لك الأمور دبروها ظهرا لبطن ونظروا في نواحيها وأقسامها وسعوا بكل حيلة، وقرأ مسلمة بن محارب «وقلبوا لك» بالتخفيف في اللام، وأمر اللّه الإسلام ودعوته). [المحرر الوجيز: 4/ 328]


رد مع اقتباس