عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 04:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولمن خاف مقام ربّه جنّتان (46) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (47) ذواتا أفنانٍ (48) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (49) فيهما عينان تجريان (50) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (51) فيهما من كلّ فاكهةٍ زوجان (52) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (53)}.
قال ابن شوذب، وعطاءٌ الخراسانيّ: نزلت هذه الآية: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} في أبي بكرٍ الصّدّيق.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن مصفّى، حدّثنا بقيّة، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطيّة بن قيسٍ في قوله: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}: نزلت في الّذي قال: أحرقوني بالنّار، لعلّي أضلّ اللّه، قال: تاب يومًا وليلةً بعد أن تكلّم بهذا، فقبل اللّه منه وأدخله الجنّة.
والصّحيح أنّ هذه الآية عامّةٌ كما قاله ابن عبّاسٍ وغيره، يقول تعالى: ولمن خاف مقامه بين يدي اللّه، عزّ وجلّ، يوم القيامة، {ونهى النّفس عن الهوى} [النّازعات:40]، ولم يطغ، ولا آثر الدّنيا، وعلم أنّ الآخرة خيرٌ وأبقى، فأدّى فرائض اللّه، واجتنب محارمه، فله يوم القيامة عند ربّه جنّتان، كما قال البخاريّ، رحمه اللّه.
حدّثنا عبد اللّه بن أبي الأسود، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصّمد العمّي، حدّثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد اللّه بن قيسٍ، عن أبيه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "جنّتان من فضّةٍ، آنيتهما وما فيهما، وجنّتان من ذهبٍ آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم عزّ وجلّ إلّا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عدنٍ".
وأخرجه بقيّة الجماعة إلّا أبا داود، من حديث عبد العزيز، به.
وقال حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه -قال حمّادٌ: ولا أعلمه إلّا قد رفعه-في قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}، وفي قوله: {ومن دونهما جنّتان} [قال]: جنّتان من ذهبٍ للمقرّبين، وجنّتان من ورق لأصحاب اليمين.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا زكريّا بن يحيى بن أبانٍ المصريّ، حدّثنا ابن أبي مريم، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، عن محمّدٍ بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار، أخبرني أبو الدّرداء؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ يومًا هذه الآية: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}، فقلت: وإن زنى أو سرق؟ فقال: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}. فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ فقال: "وإن رغم أنف أبي الدّرداء".
ورواه النّسائيّ من حديث محمّد بن أبي حرملة، به ورواه النّسائيّ أيضًا عن مؤمّل بن هشامٍ، عن إسماعيل، عن الجريري، عن موسى، عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاصٍ، عن أبي الدّرداء، به. وقد روي موقوفًا على أبي الدّرداء. وروي عنه أنّه قال: إنّ من خاف مقام ربّه لم يزن ولم يسرق.
وهذه الآية عامّةٌ في الإنس والجنّ، فهي من أدلّ دليلٍ على أنّ الجنّ يدخلون الجنّة إذا آمنوا واتّقوا؛ ولهذا امتنّ اللّه تعالى على الثّقلين بهذا الجزاء فقال: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان. فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}). [تفسير ابن كثير: 7/ 500-502]

تفسير قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ نعت هاتين الجنّتين فقال: {ذواتا أفنانٍ} أي: أغصانٍ نضرة حسنةٍ، تحمل من كلّ ثمرةٍ نضيجةٍ فائقةٍ، {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}. هكذا قال عطاءٌ الخراسانيّ وجماعةٌ: إنّ الأفنان أغصان الشجر يمسّ بعضها بعضًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا مسلم بن قتيبة، حدّثنا عبد اللّه بن النّعمان، سمعت عكرمة يقول: {ذواتا أفنانٍ}، يقول: ظل الأغصان على الحيطان، ألم تسمع قول الشّاعر حيث يقول:
ما هاج شوقك من هديل حمامةٍ = تدعو على فنن الغصون حماما...
تدعو أبا فرخين صادف طاويًا = ذا مخلبين من الصّقور قطاما
وحكى البغويّ، عن مجاهدٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والكلبيّ: أنّه الغصن المستقيم [طوالًا].
قال: وحدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، حدّثنا عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ذواتا أفنانٍ}: ذواتا ألوانٍ.
قال: و [قد] روي عن سعيد بن جبيرٍ، والحسن، والسّدّيّ، وخصيف، والنّضر بن عربيٍّ، وأبي سنان مثل ذلك. ومعنى هذا القول أنّ فيهما فنونًا من الملاذّ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال عطاءٌ: كلّ غصنٍ يجمع فنونًا من الفاكهة، وقال الرّبيع بن أنسٍ: {ذواتا أفنانٍ}: واسعتا الفناء.
وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، ولا منافاة بينها، واللّه أعلم. وقال قتادة: {ذواتا أفنانٍ} ينبئ بسعتها وفضلها ومزيّتها على ما سواها.
وقال محمّد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير، عن أبيه، عن أسماء قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -وذكر سدرة المنتهى- فقال: "يسير في ظلّ الفنن منها الرّاكب مائة سنةٍ-أو قال: يستظلّ في ظلّ الفنن منها مائة راكبٍ-فيها فراش الذّهب، كأنّ ثمرها القلال".
رواه التّرمذيّ من حديث يونس بن بكيرٍ، به). [تفسير ابن كثير: 7/ 502-503]

تفسير قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فيهما عينان تجريان} أي: تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان، {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان} قال الحسن البصريّ: إحداهما يقال لها: "تسنيمٌ"، والأخرى "السّلسبيل".
وقال عطيّة: إحداهما من ماءٍ غير آسنٍ، والأخرى من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين.
ولهذا قال بعد هذا: {فيهما من كلّ فاكهةٍ زوجان} أي: من جميع أنواع الثّمار ممّا يعلمون وخيرٍ ممّا يعلمون، وممّا لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}.
قال إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: ما في الدّنيا ثمرةٌ حلوةٌ ولا مرّةٌ إلّا وهي في الجنّة حتّى الحنظلة.
وقال ابن عبّاسٍ: ليس في الدّنيا ممّا في الآخرة إلّا الأسماء، يعني: أنّ بين ذلك بونًا عظيمًا، وفرقًا بيّنًا في التّفاضل). [تفسير ابن كثير: 7/ 503]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({متّكئين على فرشٍ بطائنها من إستبرقٍ وجنى الجنّتين دانٍ (54) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (55) فيهنّ قاصرات الطّرف لم يطمثهنّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌّ (56) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (57) كأنّهنّ الياقوت والمرجان (58) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (59) هل جزاء الإحسان إلا الإحسان (60) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (61)}.
يقول تعالى: {متّكئين} يعني: أهل الجنّة. والمراد بالاتّكاء هاهنا: الاضطجاع. ويقال: الجلوس على صفة التّربّع. {على فرشٍ بطائنها من إستبرقٍ} وهو: ما غلظ من الدّيباج. قاله عكرمة، والضّحّاك وقتادة.
وقال أبو عمران الجوني: هو الدّيباج المغرّي بالذّهب. فنبّه على شرف الظّهارة بشرف البطانة. وهذا من التّنبيه بالأدنى على الأعلى.
قال أبو إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظّواهر؟
وقال مالك بن دينارٍ: بطائنها من إستبرقٍ، وظواهرها من نور.
وقال سفيان الثّوريّ -أو شريكٌ-: بطائنها من إستبرقٍ وظواهرها من نورٍ جامدٍ.
وقال القاسم بن محمّدٍ: بطائنها من إستبرقٍ، وظواهرها من الرّحمة.
وقال ابن شوذب، عن أبي عبد اللّه الشّاميّ: ذكر اللّه البطائن ولم يذكر الظّواهر، وعلى الظّواهر المحابس، ولا يعلم ما تحت المحابس إلّا اللّه. ذكر ذلك كلّه الإمام ابن أبي حاتمٍ.
{وجنى الجنّتين دانٍ} أي: ثمرها قريبٌ إليهم، متى شاءوا تناولوه على أيّ صفةٍ كانوا، كما قال: {قطوفها دانيةٌ} [الحاقّة:23]، وقال: {ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا} [الإنسان:14] أي: لا تمنع ممّن تناولها، بل تنحطّ إليه من أغصانها، {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}). [تفسير ابن كثير: 7/ 503-504]

تفسير قوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ولـمّا ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك: {فيهنّ} أي: في الفرش {قاصرات الطّرف} أي غضيضاتٌ عن غير أزواجهنّ، فلا يرين شيئًا أحسن في الجنّة من أزواجهنّ. قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ، وابن زيدٍ.
وقد ورد أنّ الواحدة منهنّ تقول لبعلها: واللّه ما أرى في الجنّة شيئًا أحسن منك، ولا في الجنة شيئ أحبّ إليّ منك، فالحمد للّه الّذي جعلك لي وجعلني لك.
{لم يطمثهنّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌّ} أي: بل هنّ أبكارٌ عربٌ أترابٌ، لم يطأهنّ أحدٌ قبل أزواجهنّ من الإنس والجنّ. وهذه أيضًا من الأدلّة على دخول مؤمني الجنّ الجنّة.
قال أرطاة بن المنذر: سئل ضمرة بن حبيبٍ: هل يدخل الجنّ الجنّة؟ قال: نعم، وينكحون، للجنّ جنّيّاتٌ، وللإنس إنسيّاتٌ. وذلك قوله: {لم يطمثهنّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌّ. فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}.
ثمّ قال ينعتهنّ للخطّاب: {كأنّهنّ الياقوت والمرجان}، قال مجاهدٌ، والحسن، [والسّدّيّ]، وابن زيدٍ، وغيرهم: في صفاء الياقوت وبياض المرجان، فجعلوا المرجان هاهنا اللّؤلؤ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن حاتمٍ، حدّثنا عبيدة بن حميد، عن عطاء بن السّائب، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ المرأة من نساء أهل الجنّة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلّةً من الحرير، حتّى يرى مخّها، وذلك أنّ اللّه تعالى يقول: {كأنّهنّ الياقوت والمرجان}، فأمّا الياقوت فإنّه حجرٌ لو أدخلت فيه سلكًا ثمّ استصفيته لرأيته من ورائه".
وهكذا رواه التّرمذيّ من حديث عبيدة بن حميدٍ وأبي الأحوص، عن عطاء بن السّائب، به. ورواه موقوفا، ثم قال: وهو أصح.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا يونس، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "للرّجل من أهل الجنّة زوجتان من الحور العين، على كلّ واحدةٍ سبعون حلّةً، يرى مخّ ساقها من وراء الثّياب".
تفرّد به الإمام أحمد من هذا الوجه. وقد رواه مسلمٌ من حديث إسماعيل بن عليّة، عن أيّوب، عن محمّد بن سيرين قال: إمّا تفاخروا وإمّا تذكّروا، الرّجال أكثر في الجنّة أم النّساء؟ فقال أبو هريرة: أو لم يقل أبو القاسم صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أوّل زمرةٍ تدخل الجنّة على صورة القمر ليلة البدر، والّتي تليها على أضوأ كوكبٍ درّي في السّماء، لكلّ امرئٍ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخّ سوقهما من وراء اللّحم، وما في الجنّة أعزب".
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصّحيحين، من حديث همّام بن منبّه وأبي زرعة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو النّضر، حدّثنا محمّد بن طلحة، عن حميدٍ عن أنسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لغدوةٌ في سبيل اللّه أو روحةٌ خيرٌ من الدّنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم -أو موضع قيده -يعني: سوطه- من الجنّة خيرٌ من الدّنيا وما فيها، ولو اطّلعت امرأةٌ من نساء أهل الجنّة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا، ولطاب ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدّنيا وما فيها".
ورواه البخاريّ من حديث أبي إسحاق، عن حميدٍ، عن أنسٍ بنحوه). [تفسير ابن كثير: 7/ 504-505]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) }

تفسير قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} أي: ما لمن أحسن في الدّنيا العمل إلّا الإحسان إليه في الدّار الآخرة. كما قال تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} [يونس:26].
وقال البغويّ: أخبرنا أبو سعيدٍ الشّريحي، حدّثنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني ابن فنجويه، حدثنا ابن شيبة، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام، حدّثنا الحجّاج بن يوسف المكتب، حدّثنا بشر بن الحسين، عن الزّبير بن عديّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، قال: "هل تدرون ما قال ربّكم؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "يقول هل جزاء ما أنعمت عليه بالتّوحيد إلّا الجنّة".
ولـمّا كان في الّذي ذكر نعمٌ عظيمةٌ لا يقاومها عملٌ، بل مجرّد تفضّلٍ وامتنانٍ، قال بعد ذلك كلّه: {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}.
وممّا يتعلّق بقوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}، ما رواه التّرمذيّ والبغويّ، من حديث أبي النّضر هاشم بن القاسم، عن أبى عقيلٍ الثّقفيّ، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرّهاوي، عن بكير ابن فيروز، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنّ سلعة اللّه غاليةٌ، ألا إنّ سلعة اللّه الجنّة".
ثمّ قال التّرمذيّ: غريبٌ، لا نعرفه إلّا من حديث أبي النّضر.
وروى البغويّ من حديث عليّ بن حجر، عن إسماعيل بن جعفرٍ، عن محمد بن أبي حرملة -مولى حويطب بن عبد العزّى-عن عطاء بن يسار، عن أبي الدّرداء؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقصّ على المنبر وهو يقول: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}، قلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}. فقلت الثّانية: وإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ فقال [رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم] {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}. فقلت الثّالثة: وإن زنى وإن سرق يا رسول اللّه؟ فقال: "وإن، رغم أنف أبي الدّرداء"). [تفسير ابن كثير: 7/ 505-506]

رد مع اقتباس