عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 01:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"ثمود" قبيلة صالح عليه السلام، وهم أهل الحجر). [المحرر الوجيز: 8/ 147]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "أبشرا منا واحدا"، ونصبه بإضمار فعل يدل عليه نتبعه، و"واحدا" نعت لـ "بشرا"، وقرأ أبو السمال: "أبشر منا واحدا نتبعه"، ورفعه إما على إضمار فعل مبني للمفعول، التقدير: أينبأ بشر؟ وإما على الابتداء، والخبر في قوله تعالى: "نتبعه"، و"واحدا" على هذه القراءة حال، إما من الضمير في "نتبعه" وإما عن المقدر مع "منا"، كأنهم يقولون: أبشر كائن منا واحدا؟ وفي هذا نظر، وحكى أبو عمرو الداني أن قراءة أبي السمال: "أبشر منا واحد" بالرفع فيهما، وهذه المقالة من ثمود حسد منهم لصالح عليه السلام، واستبعاد أن يكون نوع البشر يفضل بعضه بعضا هذا الفضل، فقالوا: أنكون جميعا ونتبع واحدا، ولم يعلموا أن الفضل بيد الله تعالى يؤتيه من يشاء، ويفيض نور الهدى من رضيه.
وقولهم: "في ضلال" معناه: في أمر متلف مهلك بالإتلاف، و"سعر" معناه: في احتراق أنفس واستعارها حنقا وهما باتباعه، وقيل في "السعر": العناء، وقيل الجنون، ومنه قيل: ناقة مسعورة مسعورة، إذا كانت تفرط في سيرها،
ثم زادوا بالتوقيف بقولهم: {أألقي الذكر عليه من بيننا}؟ و"ألقي" بمعنى "أنزل"، وكأنه يتضمن عجلة في الفعل، والعرب تستعمل هذا الفعل، ومنه قوله تعالى: {وألقيت عليك محبة مني} ومنه قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}، و"الذكر" هنا: الرسالة وما يمكن أن يكون جاءهم به من الحكمة والموعظة.
ثم قالوا: بل هو كذاب أشر أي: ليس الأمر كما يزعم، و"الأشر" البطر المرح، فكأنهم رموه بأنه أشر فأراد العلو عليهم وأن يقتادهم ويتملك طاعتهم،
فقال الله تعالى لصالح عليه السلام: {سيعلمون غدا من الكذاب الأشر}، وهذه بالياء من تحت قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجمهور الناس، وقرأ ابن عامر، وحمزة، وعاصم وابن وثاب، وطلحة، والأعمش: "ستعلمون" بالتاء على معنى: قل لهم يا صالح، وقوله تعالى: "غدا" تقريب يريد به الزمان المستقبل لا يوما بعينه، ونحو المثل "مع اليوم غد"، وقرأ جمهور الناس: "الأشر" بكسر الشين كحذر بكسر الذال، وقرأ مجاهد -فيما ذكر عنه- "الأشر" بضم الشين كحذر بضم الذال، وهما بناءان من اسم الفاعل، وقرأ أبو حيوة: "الأشر" بفتح الشين كأنه وصف بالمصدر، وقرأ أبو قلابة: "الأشر" بفتح الشين وشد الراء، وهو الأفعل، ولا يستعمل إلا بالألف واللام، وهو كان الأصيل لكنه رفض تخفيفا وكثرة استعمال). [المحرر الوجيز: 8/ 147-149]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر * كذبت قوم لوط بالنذر * إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر * نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر}
هذه الناقة التي اقترحوها أن تخرج لهم من صخرة صماء من الجبل، وقد تقدم قصصها، فأخبر الله تعالى صالحا عليه السلام -على وجهة التأنيس- أنه يخرج لهم الناقة ابتلاء واختبارا، ثم أمره تعالى بارتقاب الفرج وبالصبر، و"اصطبر" أصله: اصتبر "افتعل"، أبدلت التاء طاء لتناسب الصاد،
ثم أمره تعالى أن يخبر ثمود بأن الماء قسمة بينهم، وهو ماء البئر الذي كان لهم.
واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم: قسمة بينهم، يتساوون في اليوم الذي لا ترده الناقة فيه، وذلك -فيما روي- أن الناقة كانت ترد البئر غبا، وتحتاج جميع مائه يومها، فنهاهم الله تعالى عن أن يستأثر أهل اليوم الذي لا ترد الناقة فيه بيومهم، وأمرهم بالتساوي مع الذين ترد الناقة في يومهم. وقال آخرون: معناه: الماء بين جميعهم وبين الناقة قسمة. "محتضر" معناه: محضور مشهود متواسى فيه، وقال مجاهد: المعنى: "كل شرب"، أي: من الماء يوما ومن لبن الناقة يوما "محتضر" لهم، فكأنه أنبأهم بنعمة الله تعالى عليهم في ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 149]

تفسير قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"صاحبهم" هو قدار بن سالف، وبسببه سمي الجزار القدار لشبه في الفعل، قال الشاعر:
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ضرب القدار نقيعة القدام
وقد تقدم شرح أمر قدار بن سالف.
و"تعاطى" هو مطاوع "عاطى"، فكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وأعطاها بعضهم بعضا، فتعاطاها هو وتناول العقر بيده، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، ويقال للرجل الذي يدخل نفسه في تحمل الأمور الثقال: متعاط على الوجه الذي ذكرناه، والأصل "عطا يعطو" إذا تناول، ثم يقال: عاطى غيره، ثم يقال: تعاطى، وهذا كما يقال: جرى وجارى وتجارى، وهذا كثير.
ويروى أنه كان مع شرب -وهم التسعة رهط- فاحتاجوا ماء فلم يجدوه بسبب ورد الناقة، فحمله أصحابه على عقرها، ويروى أن ملأ القبيل اجتمع على عقرها، ورويت أسباب غير هذين، وقد تقدم ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 149-150]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الصيحة" يروى أن جبريل عليه السلام صاحها في طرف من منازلهم فتفتتوا وهمدوا وكانوا كهشيم المحتظر، و"الهشيم" ما تهشم وتفتت من الأشياء، وقرأ جمهور الناس: "كهشيم المحتظر" بكسر الظاء، ومعناه الذي يصنع حظيرة من الرعاء ونحوهم، قاله ابن إسحاق السبيعي والضحاك، وابن زيد، وهي مأخوذة من الحظر وهو المنع، والعرب وأهل البوادي يصنعونها للمواشي والسكنى أيضا من الأغصان والشجر المورق والقصب ونحوه، ولهذا كله هشيم يتفتت، إما في أول الصنعة وإما عند بلي الحظيرة وتساقط أجزائها، وحكى الطبري عن ابن عباس، وقتادة أن "المحتظر" معناه: المحترق، قال قتادة: كهشيم محرق. وقرأ الحسن بن أبي الحسن، وأبو رجاء: "المحتظر" بفتح الظاء، ومعناه: الموضع الذي احتظر، فهو مفتعل من الحظر، أو الشيء الذي احتظر به، وقد روي عن سعيد بن جبير أنه فسر "كهشيم المحتظر" بأن قال: هو التراب الذي يسقط من الحائط البالي، وهذا متوجه، لأن الحائط حظيرة، والساقط هشيم، وقال أيضا هو وغيره: المحتظر معناه: المحرق بالنار، أي: كأنه ما في الموضع المحتظر بالنار، وما ذكرناه عن ابن عباس وقتادة هو على قراءة كسر الظاء، وفي هذا التأويل بعض البعد، وقال قوم: "المحتظر" بالفتح-: الهشيم نفسه، وهو مفتعل، وهو كمسجد الجامع وشبهه). [المحرر الوجيز: 8/ 150-151]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32) }

رد مع اقتباس