عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 6 ربيع الثاني 1438هـ/4-01-2017م, 01:52 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

(6) الفرق بين الحسد والغبطة
أهل العلم فرقوا بين الحسد والغبطة في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها)). متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
فهذا الحسد هو الغبطة وهو أن يتمنّى مثل النعمة التي أعطيها أخوه المسلم من غير أن يتمنى زوالها عنه.
قال ابن هبيرة في الإفصاح: (الفرق بين الحسد والغبطة أن الحسد تمني زوال النعمة عن المحسود والغبطة تمني مثلها مع بقائها على صاحبها).
وبوّب البخاري في صحيحه : (باب لا تقوم الساعة حتى يُغبط أصحاب القبور) وروى فيه حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه).
وذلك من أجل شدّة البلاء في آخر الزمان، وهذا الحديث من باب الإخبار الذي لا يقتضي مدح صاحبه، والأول من باب الإرشاد ليدفع صاحبه إلى منافسة أهل الإحسان والحكمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (التحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان:
أحدهما: كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم، وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه؛ فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه…
والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا…
فإن قيل: إذاً لم سمي حسدا وإنما أحب أن ينعم الله عليه؟
قيل: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهته أن يفضل عليه، ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك؛ فلما كان مبدأ ذلك كراهته أن يفضل عليه الغير كان حسدا لأنه كراهة تتبعها محبة، وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس؛ فهذا ليس عنده من الحسد شيء، ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني، وقد يسمى المنافسة؛ فيتنافس الاثنان في الأمر المحبوب المطلوب، كلاهما يطلب أن يأخذه، وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر، كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر، والتنافس ليس مذموما مطلقا بل هو محمود في الخير).


التوقيع :

رد مع اقتباس