الموضوع: الواحد - الأحد
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24 شعبان 1438هـ/20-05-2017م, 09:33 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ):
(الواحد

الواحد على ضروب، الواحد: الفرد الذي لا ثاني له من العدد كقولك إذا قصدت العدد الواحد والثاني والثالث والرابع وما أشبه ذلك. فالله عز وجل الواحد الأول الأحد الذي لا ثاني له ولا شريك ولا مثل ولا نظير لم يسبقه في أوليته شيء عز وجل عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، ولذلك يقول أصحاب العدد: إن الواحد ليس بعدد لأن العدد إنما هو تركب من أعداد أضيف بعضها إلى بعض فالواحد لم يتركب من ضم شيء إلى شيء فيكون عددًا فكأنه عندهم مادة العدد. قالوا: ألا ترى أن معنى الوحدة موجود في كل عدد قل أو كثر كالخمسة والستة والألف وما بعد ذلك إلى ما لا نهاية له لابد من أيكون معنى الوحدة فيه موجودًا، وكذلك الكسور نحو النصف والربع والعشر وعشر العشر وما دون ذلك لا بد من أن يكون معنى الوحدة موجودًا فيه وليس في قولنا «واحد» معنى عن شيء من ذلك موجودًا، ولذلك قيل لمن ادعى معبودًا غير الله وقال باثنين أو ثلاثة: إنكم قد ثبتم الواحد بتثبيتكم ما بعده لأنه لا سبيل إلى تثبيت إثنين ووجودهما إلا بعد الإقرار بالواحد الذي هو الأول. وكذلك ما بعد الاثنين، فالواحد مضطر إلى الإقرار به، وما بعده محتاج إلى الدليل على صحته ولا فرق بين من تخطى الواحد إلى ما بعد ذلك بأيسر عدد وبين من تخطاه إلى ما بعده إلى أكثر العدد. فالواحد الأول الذي لا بد من إثباته والإقرار به قبل الإثنين والثلاثة وما بعد ذلك.
والواحد أيضًا: الذي لا نظير له ولا مثل كقولهم: فلان واحد قومه في الشرف أو الكرم أو الشجاعة وما أشبه ذلك، أي لا نظير له في ذلك ولا مساجل. ويقول القائل: من واحد بني تميم اليوم يا فلان؟
فيقال له: واحدهم اليوم فلان أي هو رئيسهم وعمدتهم. فالله عز وجل الواحد الذي لا نظير له، والله عز وجل الواحد الذي يعتمده عباده ويقصدونه ولا يتكلون إلا عليه عز وجل. ويقال رجل وحد للمنفرد قال النابغة:
كأن رحلي وقد زال النهار بنا = بذي الجليل على مستأنس وحد
ويقال في العدد: واحد، واثنان، وثلاثة لا يستعمل أحد مكان واحد لا يقال أحد وثلاثة، وأربعة، لا يستعمل أحد في معنى واحد إلا فيما بعد العشرة فإنه يقال للمذكر أحد عشر رجلاً والمؤنث إحدى عشرة امرأة. فأحد فعل بمنزلة جبل وصنم في الوزن، وإحدى بمنزلة ذكرى في الوزن ولا يستعمل في هذا الموضع الواحد لا يقال واحد عشر رجلاً، لم يستعمل ذلك لأنه بني من الواحد اسم على فعل فقيل وحد ثم أبدلت الواو همزة بدلاً لازمًا في هذا الموضع فقيل أحد ثم جمع هو والعشرة فجعلا اسمًا واحدًا فقيل: أحد عشر فإذا جزت العشرين إلى ما بعد التسعين كان لك في أحد لغتان، إن شئت قلت أحد وعشرون رجلاً وإحدى وعشرون امرأة فتركت أحدًا على اللفظ الذي بنيته مع أحد عشر لأنه بعد العقد، وإن شئت رددته إلى الأصل فقلت: واحد وعشرون، ولا يجوز تغيير إحدى عن لفظها لا يجوز أن تقول واحدة وعشرون لا لأنه خطأ ولكنه غير مستعمل ترك اللفظ على ما كان بعد العشرة. ولو قاله قائل لم يكن مخطئًا ولكن استعمال العرب على ما أخبرتك به إلا إن يرد في شيء فوجهه جيد كما ذكرت لك.
وكذلك تقول فيما بعد ذلك: أحد وثلاثون رجلاً وواحدٌ وثلاثون رجلاً وإحدى وثلاثون امرأة كذلك إلى إحدى وتسعين وواحد وتسعين.
فأما قول العرب: السادس والسابع والعاشر والحادي عشر والحادية عشرة فإن الحادي ليس من لفظ واحد ولا أحد لأن أحدًا وواحدًا صحيحًا العين واللام لأن عينهما حاء ولامهما دال، والفاء واو مبدلة همزة في حال ومصححة في حال، والحادي بمنزلة الغازي والقاضي وما أشبه ذلك مما صحت فاؤه وعينه واعتلت لامه من نحو قضى وغزا وما أشبه ذلك فهو اسم الفاعل من حدا يحدو حادٍ بمنزلة غزا يغزو فهو غاز وليس هذا من الواحد في العدد في شيء.
وللفراء في ذلك قولان، ولا أعرف لأصحابنا فيه شيئًا، قال الفراء: جائز أن يكون مقلوبًا قلبت فاؤه إلى موضع لامه فقيل: وحد وحدًا ثم قالوا: الحادي عشر حين أرادوا أن يبينوا اسمًا على فاعل بعد العشرة ليجعلوه معهما اسمًا واحدًا فقالوا: الحادي عشر. والمقلوب في كلامهم كثير كقولهم: شاكي السلاح وإنما هو شائك السلاح لأنه من الشوكة، وقالوا: «هار» والأصل «هائر»، وكما قال العجاج:
لاثٍ به الأشياء والعبري =
وإنما هو لائث.
قال: وجائز أن يكون لما كان بعد العقد متقدمًا لما بعده إلى العقد الثاني صار كالحادي عشر والحادية عشرة لأن الحادي أبدًا متقدم ما يحدوه ويسوقه فقيل: الحادي عشر.
والوحدة والوحدانية من التوحد، يقال: توحد الرجل إذا انفرد فهو متوحد، ولا يكاد يستعمل منه فعل مثل وحد فأما وحده فإنه يستعمل في كلام العرب منصوبًا أبدًا موحدًا بلفظ واحد للواحد وللاثنين والجمع والمذكر والمؤنث. ويلحق التأنيث والتثنية والجمع ما يجيء بعده مما يضاف إليه كقولك: «جاءني زيد وحده» و«مررت بزيد وحده» و«جاءني القوم وحدهم» و«مررت بالهندات وحدهن» و«وبهند وحدها» وكذلك ما أشبهه.
قال الخليل: هو منصوب على المصدر الذي لم ينطق بفعله على لفظه كأنه بمنزلة قولك: أوحدته إيحادًا فوضع مكانه ولذلك لم يثن ولم يجمع.
وكان عيسى بن عمر يذهب أنه منصوب نصب الظروف لا نصب المصادر، فإذا قال: «مررت بزيد وحده» فكأنه قال: «مررت به على حياله». وسيبويه وجميع البصريين يختارون مذهب الخليل). [اشتقاق أسماء الله: 90-93]

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الأحد
قد ذكرنا اشتقاقه وتصريفه في باب شرح اشتقاق «الواحد»). [اشتقاق أسماء الله: ؟؟]


رد مع اقتباس