عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هل ينظرون إلا السّاعة أن تأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون (66) الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلا المتّقين (67) يا عباد لا خوفٌ عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون (68) الّذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين (69) ادخلوا الجنّة أنتم وأزواجكم تحبرون (70) يطاف عليهم بصحافٍ من ذهبٍ وأكوابٍ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وأنتم فيها خالدون (71) وتلك الجنّة الّتي أورثتموها بما كنتم تعملون (72) لكم فيها فاكهةٌ كثيرةٌ منها تأكلون (73)}.
يقول تعالى: هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذّبون للرّسل {إلا السّاعة أن تأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون}؟ أي: فإنّها كائنةٌ لا محالة وواقعةٌ، وهؤلاء غافلون عنها غير مستعدّين [لها] فإذا جاءت إنّما تجيء وهم لا يشعرون بها، فحينئذٍ يندمون كلّ النّدم، حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 237]

تفسير قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلا المتّقين} أي: كلّ صداقةٍ وصحابةٍ لغير اللّه فإنّها تنقلب يوم القيامة عداوةً إلّا ما كان للّه، عزّ وجلّ، فإنّه دائمٌ بدوامه. وهذا كما قال إبراهيم، عليه السّلام، لقومه: {إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت:25].
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ، رضي الله عنه: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلا المتّقين} قال: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، فتوفّي أحد المؤمنين وبشّر بالجنّة فذكر خليله، فقال: اللّهمّ، إن فلانًا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشّرّ، وينبئني أنّي ملاقيك، اللّهمّ فلا تضلّه بعدي حتّى تريه مثل ما أريتني، وترضى عنه كما رضيت عنّي. فيقال له: اذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرًا وبكيت قليلًا. قال: ثمّ يموت الآخر، فتجتمع أرواحهما، فيقال: ليثن أحدكما على صاحبه، فيقول كلّ واحدٍ منهما لصاحبه: نعم الأخ، ونعم الصّاحب، ونعم الخليل. وإذا مات أحد الكافرين، وبشّر بالنّار ذكر خليله فيقول: اللّهمّ إنّ خليلي فلانًا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشّرّ وينهاني عن الخير، ويخبرني أنّي غير ملاقيك، اللّهمّ فلا تهده بعدي حتّى تريه مثل ما أريتني، وتسخط عليه كما سخطت عليّ. قال: فيموت الكافر الآخر، فيجمع بين أرواحهما فيقال: ليثن كلّ واحدٍ منكما على صاحبه. فيقول كلّ واحدٍ منهما لصاحبه: بئس الأخ، وبئس الصّاحب، وبئس الخليل. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة: صارت كلّ خلّةٍ عداوةً يوم القيامة إلّا المتّقين.
وروى الحافظ ابن عساكر -في ترجمة هشام بن أحمد-عن هشام بن عبد اللّه بن كثيرٍ: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن الخضر بالرّقّة، عن معافًى: حدّثنا حكيم بن نافعٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو أنّ رجلين تحابّا في اللّه، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، لجمع اللّه بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الّذي أحببته فيّ"). [تفسير ابن كثير: 7/ 237-238]

تفسير قوله تعالى: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يا عباد لا خوفٌ عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} ثمّ بشّرهم فقال: {الّذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين} أي: آمنت قلوبهم وبواطنهم، وانقادت لشرع اللّه جوارحهم وظواهرهم.
قال المعتمر بن سليمان، عن أبيه: إذا كان يوم القيامة فإنّ النّاس حين يبعثون لا يبقى أحدٌ منهم إلا فزع، فينادي مناد: {يا عباد لا خوفٌ عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} فيرجوها النّاس كلّهم، قال: فيتبعها: {الّذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين}، قال: فييأس النّاس منها غير المؤمنين). [تفسير ابن كثير: 7/ 238]

تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ادخلوا الجنّة} أي: يقال لهم: ادخلوا الجنّة {أنتم وأزواجكم} أي: نظراؤكم {تحبرون} أي: تنعمون وتسعدون، وقد تقدّم تفسيرها في سورة الرّوم). [تفسير ابن كثير: 7/ 238]

تفسير قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({يطاف عليهم بصحافٍ من ذهبٍ} أي: زباديّ آنية الطّعام، {وأكوابٍ} وهي: آنية الشّراب، أي: من ذهبٍ لا خراطيم لها ولا عرى، {وفيها ما تشهي الأنفس} -وقرأ بعضهم: "تشتهيه الأنفس"- {وتلذّ الأعين} أي: طيب الطّعم والرّيح وحسن المنظر.
قال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، أخبرني إسماعيل بن أبي سعيدٍ، عن عكرمة -مولى ابن عبّاسٍ-أخبره أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً وأسفلهم درجةً لرجلٌ لا يدخل الجنّة بعده أحدٌ، يفسح له في بصره مسيرة مائة عامٍ في قصورٍ من ذهبٍ، وخيامٍ من لؤلؤٍ، ليس فيها موضع شبرٍ إلّا معمورٌ يغدّى عليه ويراح بسبعين ألف صحفةٍ من ذهبٍ، ليس فيها صحفةٌ إلّا فيها لونٌ ليس في الأخرى، مثله شهوته في آخرها كشهوته في أوّلها، لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم ممّا أعطي، لا ينقص ذلك ممّا أوتي شيئًا".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، حدّثنا عمرو بن سوادٍ السّرحيّ، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، عن ابن لهيعة، عن عقيل بن خالدٍ، عن الحسن، عن أبي هريرة: أنّ أبا أمامة، رضي اللّه عنه، حدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثهم -وذكر الجنّة-فقال: "والّذي نفس محمّدٍ بيده، ليأخذنّ أحدكم اللّقمة فيجعلها في فيه، ثمّ يخطر على باله طعامٌ آخر، فيتحوّل الطّعام الّذي في فيه على الّذي اشتهى" ثمّ قرأ: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وأنتم فيها خالدون}.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ -هو ابن موسى-حدّثنا سكين بن عبد العزيز، حدّثنا الأشعث الضّرير، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً إنّ له لسبع درجاتٍ، وهو على السّادسة وفوقه السّابعة، وإنّ له ثلثمائة خادم، ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلثمائة صحفةٍ -ولا أعلمه إلّا قال: من ذهبٍ-في كلّ صحفةٍ لونٌ ليس في الأخرى، وإنّه ليلذّ أوّله كما يلذّ آخره، ومن الأشربة ثلاثمائة إناءٍ، في كلّ إناءٍ لونٌ ليس في الآخر، وإنّه ليلذّ أوّله كما يلذّ آخره، وإنّه يقول: يا ربّ، لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنّة وسقيتهم، لم ينقص ممّا عندي شيءٌ، وإنّ له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجةً، سوى أزواجه من الدّنيا، وإنّ الواحدة منهنّ ليأخذ مقعدها قدر ميلٍ من الأرض".
{وأنتم فيها} أي: في الجنّة {خالدون} أي: لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولًا).[تفسير ابن كثير: 7/ 238-239]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قيل لهم على وجه التّفضّل والامتنان: {وتلك الجنّة الّتي أورثتموها بما كنتم تعملون} أي: أعمالكم الصّالحة كانت سببًا لشمول رحمة اللّه إيّاكم، فإنّه لا يدخل أحدًا عمله الجنّة، ولكن بفضلٍ من الله ورحمته.
وإنّما الدّرجات تفاوتها بحسب عمل الصّالحات.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الفضل بن شاذان المقرئ، حدّثنا يوسف بن يعقوب -يعني الصّفّار-حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كلّ أهل النّار يرى منزله من الجنّة حسرةً، فيقول: {لو أنّ اللّه هداني لكنت من المتّقين} [الزّمر: 57] وكلّ أهل الجنّة يرى منزله من النّار فيقول: {وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه} [الأعراف: 43]، ليكون له شكرًا". قال: وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من أحدٍ إلّا وله منزلٌ في الجنّة ومنزلٌ في النّار، فالكافر يرث المؤمن منزله من النّار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنّة" وذلك قوله تعالى: {وتلك الجنّة الّتي أورثتموها بما كنتم تعملون}). [تفسير ابن كثير: 7/ 239-240]

تفسير قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لكم فيها فاكهةٌ كثيرةٌ منها تأكلون} أي: من جميع الأنواع، {منها تأكلون} أي: مهما اخترتم وأردتم. ولـمّا ذكر [اللّه تعالى] الطّعام والشّراب، ذكر بعده الفاكهة لتتم [هذه] النعمة والغبطة). [تفسير ابن كثير: 7/ 240]

رد مع اقتباس