عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 02:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 31 إلى 43]

(يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) )

تفسير قوله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وقوله: {خذوا زينتكم عند كلّ مسجدٍ وكلوا واشربوا} كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة بالنهار، والنساء منهم بالليل إلّا الحمس - وهم قريش ومن دان بدينهم - ولا يأكلون من الطعام إلّا اليسير إعظاما لحجّهم. فأنزل اللّه هذه الآية). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين (31)
هذا أمر بالاستتار في الصلوات، وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة.
ويقولون: لا نطوف حول البيت في ثياب قد أذنبنا فيها، وكانت المرأة تطوف عريانة أيضا إلا أنها كانت تشدّ في حقويها أشياء من سيور مقطعة، تسمّي العرب ذلك الرهط، قالت امرأة تطوف وعليها رهط:

اليوم يبدو بعضه أوكلّه..=. فما بدا منه فلا أحلّه
تعني الفرج، لأن السيور لا تستر سترا تامّا.
فأمر الله بعد ذكره عقوبة آدم وحواء في أن بدت لهما سوءاتهما.
بالاستتار في وقت كل صلاة، بعد أن أعلم أن التعرّي وظهور السوءة مكروه من لدن آدم، وقوله بعقب الاستتار:
(وكلوا واشربوا).
لأنهم ادّعوا أنّ اللّه جلّ ثناؤه قد حرم عليهم شيئا مما في بطون الأنعام، وحرم عليهم البحيرة والسائبة، وكانوا يزعمون فيما يأتون من الفحشاء كالتعري وما أشبهه - أن الله جل ثناؤه - أمرهم بذلك فأمرهم اللّه بالاستتار، وأن يأكلوا - ما زعموا أن الله عزّ وجلّ حرّمه مما لم يحرمه، وأن يشربوا مما
زعموا أن اللّه - جلّ وعزّ - حرم عليهم شربه، لأن ألبان البحيرة والسائبة كانت عندهم حراما.
وقوله: - جلّ وعزّ -: (ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين).
والإسراف أن يأكل ما لا يحل أكله مما حرم اللّه تعالى أن يؤكل شيء منه، أو تأكل مما أحل لك فوق القصد ومقدار الحاجة، فأعلم اللّه عزّ وجل أنه لا يحب من أسرف، ومن لم يحببه اللّه عزّ وجلّ فهو في النار ثم قررهم ووبخهم فقال:
(قل من حرّم زينة اللّه الّتي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصّل الآيات لقوم يعلمون (32) ). [معاني القرآن: 2/332-333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [آية: 31]
قال عطاء وطاووس والضحاك يعني اللباس لأن قوما من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة وهو مذهب مجاهد
وروى شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت مسلم البطين يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فنزلت: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}
قال الزهري كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس قريشا وأحلافها فقال الله جل وعز: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} ). [معاني القرآن: 3/26-27]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصةً يوم القيامة...}
نصبت خالصة على القطع وجعلت الخبر في اللام التي في الذين، والخالصة ليست بقطع من اللام، ولكنها قطع من لام أخرى مضمرة. والمعنى - والله أعلم -: قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا؛ يقول: مشتركة، وهي لهم في الآخرة خالصة. ولو رفعتها كان صوابا، تردّها على موضع الصفة التي رفعت لأن تلك في موضع رفع. ومثله في الكلام قوله: إنا بخير كثير صيدنا. ومثله قول الله عز وجل: {إن الإنسان خلق هلوعا. إذا مسّه الشرّ جزوعا. وإذا مسّه الخير منوعا}. المعنى: خلق هلوعا، ثم فسر حال الهلوع بلا نصب؛ لأنه نصب في أوّل الكلام. ولو رفع لجاز؛ إلا أن رفعه على الاستئناف لأنه ليس معه صفة ترفعه. وإنما نزلت هذه الآية أن قبائل من العرب في الجاهلية كانوا لا يأكلون أيام حجهم إلا القوت، ولا يأكلون اللحم والدسم، فكانوا يطوفون بالبيت عراةً، الرجال نهارا والنساء ليلا، وكانت المرأة تلبس شيئا شبيها بالحوف ليواريها بعض المواراة؛ ولذلك قالت العامرية:
اليوم يبدو بعضه أو كله = وما بدا منه فلا أحله
قال المسلمون: يا رسول الله، نحن أحق بالاجتهاد لربنا، فأرادوا أن يفعلوا كفعل أهل الجاهلية، فأنزل الله تبارك وتعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجدٍ} يعني اللباس. {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} حتى يبلغ بكم ذلكم تحريم ما أحللت لكم، والإسراف ها هنا الغلوّ في الدين). [معاني القرآن: 1/3778-378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومثله قوله سبحانه: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].
أي هي للذين آمنوا- يعني في الدنيا- مشتركة، وفي الآخرة خالصة). [تأويل مشكل القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ((قل من حرّم زينة اللّه الّتي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصّل الآيات لقوم يعلمون (32)
أي من حرم أن تلبسوا في طوافكم ما يستركم.
(والطّيّبات من الرّزق).
أي ومن حرم الطيبات مما رزق اللّه، أي من حرم هذه الأشياء التي ذكرتم أنها حرام.
ثم قال عزّ وجلّ: (قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصة يوم القيامة).
وتقرأ (خالصة) و (خالصة) يوم القيامة.
المعنى أنها حلال للمؤمنين، وقد يشركهم فيها الكافرون.
أعلم عزّ وجلّ أن الطّيبات تخلص للمؤمنين في الآخرة ولا يشركهم فيها كافر.
فأما إعراب " خالصة " فهو أنه. خبر بعد خبر، كما تقول: زيد عاقل لبيب. فالمعنى قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة.
ومن قرأ (خالصة) جعل خالصة منصوبا على الحال، على أن العامل في قولك في الحياة الدنيا في تأويل الحال. كأنك قلت: هي ثابتة للمؤمنين مستقرة في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة). [معاني القرآن: 2/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز موبخا لهم: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} [آية: 32] هو عام
وقيل أي من حرم لبس الثياب في الطواف ومن حرم ما حرموا من البحيرة وغيرها
قال الفراء إن قبائل من العرب كانوا لا يأكلون اللحم أيام حجهم ويطوفون عراة فأنزل الله جل وعز هذا
ثم قال جل وعز: {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} [آية: 32]
قال الضحاك يشترك فيها المسلمون والمشركون في الدنيا وتخلص للمسلمين يوم القيامة
وقيل في الحياة الدنيا في الصلة أي آمنوا في ذا الوقت خالصة من الغم والتنغيص). [معاني القرآن: 3/27-28]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم...}
(والإثم) ما دون الحدّ (والبغي) الاستطالة على الناس). [معاني القرآن: 1/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لم ينزّل به سلطاناً}: أي حجّة). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ وأن تشركوا باللّه ما لم ينزّل به سلطانا وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون (33)
(وأن تشركوا باللّه ما لم ينزّل به سلطانا)
موضع (أن) نصب: المعنى حرم اللّه الفواحش تحريم الشرك.
ومعنى (لم ينزّل به سلطانا) أي لم ينزل به حجة). [معاني القرآن: 2/334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [آية: 33]
روى روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال {ما ظهر منها} نكاح الأمهات في
الجاهلية {وما بطن} الزنا
وقال قتادة سرها وعلانيتها
ثم قال جل وعز: {والإثم} [آية: 33]
وقال في موضع آخر يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير فدل بهاتين الآيتين على أن الخمر والميسر حرام). [معاني القرآن: 3/28-29]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} أي حجة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]

تفسير قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ (ولكلّ أمّة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (34)
أي وقت مؤقت.
(فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
المعنى: ولا يستقدمون ساعة، ولا أقل من ساعة، ولكن ذكرت الساعة لأنها أقل أسماء الأوقات). [معاني القرآن: 2/334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولكل أمة أجل} [آية: 34] أي وقت مؤقت
فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة
المعنى لا يستأخرون ساعة ولا أقل من ساعة إلا أن الساعة خصت بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات). [معاني القرآن: 3/29-30]

تفسير قوله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسلٌ مّنكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}
وقال: {يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسلٌ مّنكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم} كان كأنّه قال فأطيعوهم). [معاني القرآن: 2/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (35)
آدم لا ينصرف لأنه على قدر أفعل وهو معرفة، وهو مشتق من أدمة الأرض، وهو وجهها، فسمي بما خلق منه،، اللّه عزّ وجلّ أعلم.
وقوله: (إمّا يأتينّكم رسل منكم).
هذه " إن " التي للجزاء، ضمّت إليها ما.
والأصل في اللفظ " إن ما " مفصولة، ولكنها مدغمة، وكتبت على الإدغام، فإذا ضمّت إن إلى ما، لزم الفعل النون الثقيلة أو الخفيفة، وجواب الجزاء في الفاء أي" في قوله: (فمن اتقى وأصلح).
فإنما تلزم " ما " النون لأن ما تدخل مؤكدة فتلزمها النون كما تلزم اللام النون في القسم إذا قلت: واللّه لتفعلنّ، فما توكيد، كما أن اللام توكيد.
فلزمت النون كما لزمت لام القسم). [معاني القرآن: 2/334]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) )

تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أولئك ينالهم نصيبهم مّن الكتاب...}
يقال: ينالهم ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه وزرقة الأعين. وهو قوله: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} ويقال هو ما ينالهم في الدنيا من العذاب دون عذاب الآخرة، فيكون من قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} ). [معاني القرآن: 1/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} أي حظهم مما كتب عليهم من العقوبة). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا أو كذّب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين (37)
أيّ ظلم أشنع من الكذب على الله؟؟!!!
وقوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب).
أي ما أخبر الله جلّ ثناؤه عن جزائهم نحو قوله: (فأنذرتكم نارا
تلظّى (14).
ونحو قوله: (يسلكه عذابا صعدا)
ونحو قوله: (إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار).
ونحو: (إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون (71) في الحميم)، فهذه أنصبتهم من الكتاب على قدر ذنوبهم في كفرهم.
(حتّى إذا جاءتهم رسلنا).
زعم سيبويه - والخليل - أن " حتّى " و " إمّا " و " إلّا " لا تجوز فيهن الإمالة. لا يجيز: (حتى إذا جاءتهم) ولا يجيز " أمّا "، ولا " لا إله إلّا اللّه "، هذا لحن كله، وزعم أن هذه ألفات الفتح لأنّها أواخر حروف جاءت لمعنى، ففصل بينها وبين أواخر الأسماء التي فيها الألف نحو حبلى وهدى، إلا أن حتى كتبت بالياء، لأنها على أربعة أحرف، فأشبهت سكرى.
و " إمّا " التي للتخيير شبهت بأن التي ضمت إليها " ما " مثل قوله: (إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا).
كتبت بالألف لما وصفنا، و " إلا " أيضا كتبت بالألف أنها لو كتبت بالياء لأشبهت إلى.
وقوله: (حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم).
فيه - واللّه أعلم - وجهان:
يكون: حتى إذا جاءتهم ملائكة الموت يتوفونهم سألوهم عند المعاينة.
فيعرفون عند موتهم أنهم كانوا كافرين، لأنهم (قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا).
أي بطلوا وذهبوا.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون: - حتى إذا جاءتهم رسلنا ملائكة العذاب يتوفونهم، فيكون (يتوفونهم) في هذا الموضع على ضربين:
أحدهما يتوفونهم عذابا، وهذا كما تقول: قد قتلت فلانا بالعذاب وإن لم يمت.
ودليل هذا القول قوله عز وجلّ: (ويأتيه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت).
وجائز وهو أضعف الوجهين أنهم يتوفون عدّتهم واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/334-336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته} [آية: 37]
المعنى أي ظلم أشنع من الافتراء على الله والتكذيب بآياته
ثم قال جل وعز: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} [آية: 37]
روى جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال ما قدر لهم من خير وشر
وروى شريك عن سالم عن سعيد بن جبير أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب قال من الشقوة والسعادة
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال ما وعدوا فيه من خير وشر
ومعنى هذا القول أنهم ينالهم نصيبهم من العذاب على قدر
كفرهم نحو قوله إن الله لا يغفر أن يشرك به
و إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار
وقال جل وعز: {يسلكه عذابا صعدا}
وكذلك قال الضحاك معناه ينالهم نصيبهم من العذاب
ثم قال جل وعز: {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم} [آية: 37]
قيل أعوان ملك الموت لما جاءوهم أقروا أنهم كانوا كافرين
وقيل ملائكة العذاب
ومعنى يتوفونهم على هذا يتوفونهم عذابا كما تقول قتلته بالعذاب
ويجوز أن يكون من استيفاء العدد). [معاني القرآن: 3/30-32]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ} أي حظهم مما كتب الله عليهم من العقوبة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كلّما دخلت أمّةٌ لّعنت أختها...}
يقول: التي سبقتها، وهي أختها في دينها لا في النسب. وما كان من قوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} فليس بأخيهم في دينهم ولكنه منهم). [معاني القرآن: 1/379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعاً) (37) أي اجتمعوا فيها، ويقال تدارك لي عليه شئ أي اجتمع لي عنده شئ، وهو مدغم التاء في الدال فثقّلت الدال.
(عذاباً ضعفاً) (37) أي عذابين مضعف فصار شيئين). [مجاز القرآن: 1/214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حتى إذا اداركوا}: اجتمعوا يقال تدارك لي عليه شيء إذا اجتمع). [غريب القرآن وتفسيره: 145]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم} أي ادخلوا مع أمم.
{حتّى إذا ادّاركوا فيها} تداركوا. أدغمت التاء في الدال. وأدخلت الألف ليسلم السكون لما بعدها. يريد: تتابعوا فيها واجتمعوا). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: 65، 66].
أصل ادّارك: تدارك، فأدغمت التاء في الدال، وأدخلت ألف الوصل ليسلم للدّال الأولى السكون، ومثله: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا} [الأعراف: 38] و{اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38]، و{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ} [النمل: 47]، إنما هو: تداركوا، وتثاقلتم، وتطيّرنا.
ومعنى تدارك: تتابع، وعلمهم: حكمهم على الآخرة، وحدسهم الظّنون.
وأراد وما يشعرون متى يبعثون إلّا بتتابع الظّنون في علم الآخرة، فهم يقولون تارة: إنها تكون، وتارة: إنها لا تكون، وإلى كذا تكون، وما يعلم غيب ذلك إلّا الله تعالى.
ثم قال: بل هم في شكٍّ منها بل هم من علمها عمون.
وكان ابن عباس يقرؤها بلى أدارك علمهم.
[تأويل مشكل القرآن: 354]
وهذه القراءة أشدّ إيضاحا للمعنى، لأنه قال: وما يشعرون متى يبعثون، ثم قال: بل تداركت ظنونهم في علم الآخرة، فهم يحدسون ولا يدرون). [تأويل مشكل القرآن:354- 355] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجنّ والإنس في النّار كلّما دخلت أمّة لعنت أختها حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذابا ضعفا من النّار قال لكلّ ضعف ولكن لا تعلمون (38)
(كلّما دخلت أمّة لعنت أختها).
لأنهم ضل بعضهم باتباع بعض.
(حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعا).
أي تداركوا، وأدغمت التاء في الدال، فإذا وقفت على قوله " حتى إذا " لم تبتدئ حتى تأتي بألف الوصل، فتقول: ادّاركوا فتأتي بألف الوصل لسكون الدال فيها.
ومعنى تداركوا اجتمعوا.
وقوله " (جميعا) منصوب على الحال، المعنى حتى إذا تداركوا فيها مجتمعين.
(قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا).
أي قالت أخراهم: دعتهم أولاهم فاتبع الآخر - الأول. فأعلم التابعون أن المتبوعين أضلّوهم بأن دعوهم إلى الضلال، والمعنى قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا، لأولاهم، تعني أولاهم.
وقوله: (فآتهم عذابا ضعفا من النّار).
أي عذابا مضاعفا لأن الضعف في كلام العرب على ضربين أحدهما المثل، والآخر أن يكون في معنى تضعيف الشيء.
(قال لكلّ ضعف).
أي للتابع والمتبوع لأنهم قد دخلوا في الكفر جميعا، أي لكل عذاب مضاعف، فمن قرأ: (ولكن لا تعلمون) بالتاء.
أي ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب.
ومن قرأ (ولكن لا يعلمون) - بالياء، أي ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر.
ويجوز - واللّه أعلم - ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ذلك). [معاني القرآن: 2/336-337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم} [آية: 38]
قيل معنى في معنى مع وهذا لا يمتنع لأن قولك زيد في القوم معناه مع القوم وتجوز أن تكون في على بابها
وقال الأصمعي في قول امرئ القيس:
هل ينعمن من كان آخر عهده = ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
معنى في معنى مع
وقوله جل وعز: {حتى إذا اداركوا فيها} [آية: 38]
[معاني القرآن: 3/32]
أي تتابعوا واجتمعوا
{قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا}
المعنى قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا لأولاهم أي يعني أولاهم
وقوله جل وعز: {قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون} [آية: 38]
يجوز أن يكون المعنى ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ما هم فيه من العذاب
ويجوز أن يكون المعنى لا تعلمون أيها المخاطبون
ومن قرأ ولكن لا يعلمون فمعناه عنده ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أي مع الأمم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ادَّارَكُوا}: اجتمعوا). [العمدة في غريب القرآن: 134]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} [آية: 39]
قال مجاهد أي من تخفيف العذاب
وقال السدي قد ضللتم كما ضللنا
وقوله جل وعز: {لا تفتح لهم أبواب السماء} [آية: 40]
قيل يعني أبواب الجنة لأن الجنة في السماء
وأحسن ما قيل في هذا ما رواه سفيان عن منصور عن مجاهد قال لا تفتح أبواب السماء لكلامهم ولا لعملهم ويدل على صحة هذا القول قوله جل وعز: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}
وفي هذا حديث مسند رواه المنهال عن زاذان عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم إن العبد الكافر أو المنافق إذا خرجت نفسه أخذتها الملائكة حتى تنتهي إلى سماء الدنيا يفوح منها كأنتن ريح جيفة كانت على وجه الأرض فيستفتح له فلا يفتح ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول الله اجعلوا كتابه في سجين
وأعيدوه إلى الأرض فتطرح طرحا ثم قرأ عليه السلام ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء). [معاني القرآن: 3/34-35]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تفتّح لهم...}
ولا يفتّح وتفتّح. وإنما يجوز التذكير والتأنيث في الجمع لأنه يقع عليه التأنيث فيجوز فيه الوجهان؛ كما قال: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم} و"يشهد" فمن ذكّر قال: واحد الألسنة ذكر فأبني على الواحد إذ كان الفعل يتوحد إذا تقدّم الأسماء المجموعة، كما تقول ذهب القوم.
وربما آثرت القراء أحد الوجهين، أو يأتي ذلك في الكتاب بوجه فيرى من لا يعلم أنه لا يجوز غيره وهو جائز. ومما آثروا من التأنيث قوله: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} فآثروا التأنيث. ومما آثروا فيه التذكير قوله: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} والذي أتى في الكتاب بأحد الوجهين قوله: {فتحت أبوابها} ولو أتى بالتذكير كان صوابا.
ومعنى قوله: {لا تفتّح لهم أبواب السّماء}: لا تصعد أعمالهم. ويقال: إن أعمال الفجار لا تصعد ولكنها مكتوبة في صخرة تحت الأرض، وهي التي قال الله تبارك وتعالى: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين}.
وقوله: {حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط} الجمل هو زوج الناقة. وقد ذكر عن ابن عباس الجمّل يعني الحبال المجموعة. ويقال الخياط والمخيط ويراد الإبرة. وفي قراءة عبد الله (المخيط) ومثله يأتي على هذين المثالين يقال: إزار ومئزر، ولحاف وملحف، وقناع ومقنع، وقرام ومقرم). [معاني القرآن: 1/379-380]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (في سمّ الخياط) (39) أي في ثقب الإبرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سمّ والجميع سموم.
(لهم من جهنّم مهادٌ) أي فراش وبساط ولا تنصرف جهنم لأنه اسم مؤنثة على أربعة أحرف.
(ومن فوقهم غواشٍ) واحدتها غاشية وهي ما غشاهم فغطاهم من فوقهم). [مجاز القرآن: 1/214]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتّح لهم أبواب السّماء ولا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط وكذلك نجزي المجرمين}
وقال: {حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط} من"ولج" "يلج" "ولوجاً"). [معاني القرآن: 2/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حتى يلج الجمل في سم الخياط}: يدخل في ثقب
الإبرة والثقوب كلها سموم: المنخران والقبل والدبر. وقرؤوا {الجمل} وهي قلوس البحر. وهو القلس الغليظ). [غريب القرآن وتفسيره: 145-146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا تفتّح لهم أبواب السّماء} [أي ليس لهم عمل صالح تفتح لهم به أبواب السماء] ويقال: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا.
{حتّى يلج الجمل} أي يدخل البعير. {في سمّ الخياط} أي في
ثقب الإبرة. وهذا كما يقال: لا يكون ذاك حتى يشيب الغراب. وحتى يبيضّ القار). [تفسير غريب القرآن: 167-168]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتّح لهم أبواب السّماء ولا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط وكذلك نجزي المجرمين (40)
أي كذبوا بحججنا وأعلامنا التي تدل على نبوة الأنبياء وتوحيد اللّه.
(لا تفتّح لهم أبواب السّماء).
أي لا تصعد أرواحهم ولا أعمالهم، لأن أعمال المؤمنين وأرواحهم تصعد إلى السماء، قال اللّه عزّ وجلّ: (إليه يصعد الكلم الطّيّب).
ويجوز لا تفتح ولا تفتّح بالتخفيف والتشديد، وبالياء والتاء.
وقال بعضهم: لا تفتح لهم أبواب السماء، أي أبواب الجنة، لأن الجنة في السماء، والدليل على ذلك قوله: (ولا يدخلون الجنّة).
فكأنه لا تفتح لهم أبواب الجنة ولا يدخلونها (حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط).
فالخياط الإبرة، وسمها ثقبها.
المعنى لا يدخلون الجنة أبدا.
وسئل ابن مسعود عن الجمل فقال هو زوج الناقة. كأنه استجهل من سأله عن الجمل.
وقرأ بعضهم الجمل، وفسّروه فقالوا قلس السفينة.
وقوله عزّ وجلّ (وكذلك نجزي المجرمين)
أي ومثل ذلك الذي وصفنا نجزي المجرمين.
والمجرمون - واللّه أعلم - ههنا الكافرون، لأن الذي ذكر من قصتهم التكذيب بآيات اللّه، والاستكبار عنها). [معاني القرآن: 2/337-338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} [آية: 40]
والمعنى لا يدخلون الجنة ألبتة والعرب تستعمل أمثال هذا كثيرا
وسئل عبد الله بن مسعود عن الجمل فقال هو زوج الناقة
كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعا
ويروى عن ابن عباس أنه قرأ حتى يلج الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وقال هو القلس من حبال السفن
[معاني القرآن: 3/35]
وقال أحمد بن يحيى هي الحبال المجموعة جمع جملة
وروي عن سعيد بن جبير أنه قرأ (حتى يلج الجمل) بضم الجيم وتخفيف الميم
قيل هو القلس أيضا
والسم والسم ثقب الإبرة وقرا ابن سيرين بضم السين
والخياط والمخيط الإبرة ونظيره قناع ومقنع
ثم قال جل وعز: {وكذلك نجزي المجرمين} [آية: 40]
يعني الكافرين لأنه قد تقدم ذكرهم). [معاني القرآن: 3/36]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} أي ليس لهم عمل صالح يفتح لهم أبواب السماء، وقيل: لأرواحهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَلِجَ} يدخل
{سَمِّ الْخِيَاطِ}: ثقب الإبرة). [العمدة في غريب القرآن: 134]

تفسير قوله تعالى: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لهم مّن جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ وكذلك نجزي الظّالمين}
وقال: {لهم مّن جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ} فإنما انكسر قوله (غواشٍ) لأن هذه الشين في موضع عين "فواعل" فهي مكسورة. وأما موضع اللام منه فالياء، والياء والواو إذا كانت بعد كسرة وهما في موضع تحرك برفع أو جرّ صارتا ياء ساكنة في الرفع وانجرّ ونصبا في النصب. فلما صارتا ياء ساكنة وأدخلت عليها التنوين وهو ساكن ذهبت الياء لاجتماع الساكنين). [معاني القرآن: 2/5-6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهاد}: بساط.
{غواش}: ما غشوا به من فوق). [غريب القرآن وتفسيره: 146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لهم من جهنّم مهادٌ} أي فراش {ومن فوقهم غواشٍ} أي ما يغشاهم من النار). [تفسير غريب القرآن: 168]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (لهم من جهنّم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظّالمين (41)
أي فراش من نار.
(ومن فوقهم غواش).
أي غاشية فوق غاشية من النار.
وقوله: (وكذلك نجزي الظّالمين).
والظالمون ههنا الكافرون.
وقوله " غواش) زعم سيبويه والخليل جميعا أن النون هنا عوض من الياء لأن غواشي لا تنصرف، والأصل فيها غواشي، بإسكان الياء.
فإذا ذهبت الضمة أدخلت التنوين عوضا منها، كذلك فسر أصحاب سيبويه، وكان سيبويه يذهب إلى أن التنوين عوض من ذهاب حركة الياء، والياء سقطت لسكونها وسكون التنوين. فإذا وقفت فالاختيار أن تقف بغير ياء، فتقول
غواش، لتدل أن الياء كانت تحذف في الوصل.
وبعض العرب إذا وقف قال غواشي، بإثبات الياء.
ولا أرى ذلك في القرآن لأن الياء محذوفة في المصحف، والكتاب على الوقف). [معاني القرآن: 2/338-339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لهم من جهنم مهاد} [آية: 41]
أي فراش
ومن فوقهم غواش أي غاشية فوق غاشية من العذاب
وكذلك نجزي الظالمين قيل يعني الكفار والله أعلم). [معاني القرآن: 3/36-37]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِهَادٌ}: فراش
{غوَاشٍ}: أغطية). [العمدة في غريب القرآن: 134-135]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لا نكلّف نفساً إلاّ وسعها) (41): طاقتها، يقال لا أسع ذلك). [مجاز القرآن: 1/215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لا نكلّف نفسا إلّا وسعها أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (42)
أي عملوا الصالحات بقدر طاقتهم، لأن معنى الوسع ما يقدر عليه.
وقوله: (أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون).
أولئك رفع بالابتداء، وأصحاب خبر، وهم والجملة خبر الذين، ويرجع على الذين أسماء الإشارة، أعني أولئك). [معاني القرآن: 2/339]

تفسير قوله تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ونزعنا ما في صدورهم مّن غلٍّ تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ ونودوا أن تلكم الجنّة أورثتموها بما كنتم تعملون ونادى أصحاب الجنّة أصحاب النّار أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّاً فهل وجدتّم مّا وعد ربّكم حقّاً قالوا نعم فأذّن مؤذّنٌ بينهم أن لّعنة اللّه على الظّالمين}
وقال: {ونزعنا ما في صدورهم مّن غلٍّ} وهو ما يكون في الصدور، وأما الذي يغلّ به الموثق فهو "الغلّ".
وقال: {الحمد للّه الّذي هدانا لهذا} كما قال: {اللّه يهدي للحقّ} وتقول العرب: "هو لا يهتدي لهذا" أي: لا يعرفه. وتقول: "هديت العروس إلى بعلها". وتقول أيضاً: أهديتها إليه" و"هديت له" وتقول: "أهديت له هديّةً". وبنو تميم يقولون "هديت العروس إلى زوجها" جعلوه في معنى "دللتها" وقيس تقول: "أهديتها" جعلوها بمنزلة الهدية.
وقال: {ونودوا أن تلكم الجنّة} و{أن لّعنة اللّه على الظّالمين} وقال في موضع آخر {أن الحمد للّه} و{أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّاً} فهذه "أنّ" الثقيلة خفّفت وأضمر فيها [و] ولا يستقيم أن تجعلها الخفيفة لأن بعدها اسما. والخفيفة لا يليها الأسماء. وقال الشاعر:
في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا = أن هالكٌ كلّ من يخفى وينتعل
وقال الشاعر:
أكاشره واعلم أن كلانا = على ما ساء صاحبه حريص
فمعناه: أنه كلانا. وتكون {أن قد وجدنا} في معنى: "أي"). [معاني القرآن: 2/6-7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (الغلّ)، الحسد والعداوة). [تفسير غريب القرآن: 168]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («اللام» مكان «إلى»
قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، أي أوحى إليها.
قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43]، أي إلى هذا.
يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] وقوله: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 121]). [تأويل مشكل القرآن: 572]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: (ونزعنا ما في صدورهم من غلّ تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ ونودوا أن تلكم الجنّة أورثتموها بما كنتم تعملون (43)
قال بعضهم: ذهبت الأحقاد التي كانت في قلوبهم، وحقيقته – والله أعلم - أنه لا يحسد بعض أهل الجنّة بعضا في علو الرتبة، لأن الحسد غل.
وقوله تعالى: (تجري من تحتهم الأنهار).
في معنى الحال، المعنى ونزعنا ما في صدورهم من غل في هذه الحال، ويجوز أن يكون " تجري " إخبارا عن صفة حالهم، فيكون تجري مستأنفا.
ومعنى (هدانا لهذا).
أي هدانا لما صيرنا إلى هذا، يقال: هديت الرجل هداية وهدى وهديا.
وأهديت الهدية فهي مهداة، وأهديت العروس إلى زوجها وهديتها.
وقوله جلّ وعز: (ونودوا أن تلكم الجنّة).
في موضع نصب، وههنا الهاء مضمرة، وهي مخففة من الثقيلة.
والمعنى نودوا بأنه تلكم الجنّة.
والأجود - عندي - أن تكون أن في موضع تفسير النداء، كان المعنى، ونودوا أن تلكم الجنة، أي قيل لهم،: تلكم الجنة، وإنما قال: تلكم، لأنهم وعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل: هذه تلكم التي وعدتم بها.
وجائز أن يكون عاينوها فقيل لهم من قبل دخولها إشارة إلى ما يرونه: تلكم الجنة، كما تقول لما تراه: ذلك الرجل أخوك. ولو قلت: هذا الرجل لأنه يراك جاز، لأن هذا وهؤلاء لما قرب منك، وذاك وتلك لما بعد عنك.
رأيته أو لم تره). [معاني القرآن: 2/339-340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} [آية: 43]
الغل في اللغة الحقد المعنى إن بعضهم لا يحقد على بعض بما كان بينه وبينه في الدنيا
ويجوز أن يكون المعنى أنه لا يحسد بعضهم على علو المرتبة
ويدل على أن القول هو الأول أنه روي عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله فيهم {ونزعنا ما في صدورهم من غل}
وقوله جل وعز: {وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا} [آية: 43]
أي لما صيرنا إلى هذا
وقوله جل وعز: {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} [آية: 43]
ويجوز أن يكون المعنى بأنه تلكم الجنة
ويجوز أن تكون أن مفسرة للنداء
والبصريون يعتبرونها بأي والكوفيون يعتبرونها بالقول والمعنى واحد كأنه ونودوا قيل لهم تلكم الجنة أي هذه تلكم الجنة التي وعدتموها في الدنيا
ويجوز أن يكون لما رأوها قيل لهم قبل أن يدخلوها تلكم الجنة
والقول في معنى أن قد وجدنا وأن لعنة الله على الظالمين على ما قلنا في أن تلكم الجنة). [معاني القرآن: 3/37-38]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (من غل) أي: من حقد). [ياقوتة الصراط: 229]


رد مع اقتباس