عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 02:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 18]

{المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)}

تفسير قوله تعالى: {المص (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({المص}
قلت: أرأيت ما يأتي بعد حروف الهجاء مرفوعا؛ مثل قوله: {المص كتابٌ أنزل إليك} ومثل قوله: {الم تنزيل الكتاب}، وقوله: {الر كتابٌ أحكمت آياته} وأشباه ذلك بم رفعت الكتاب في هؤلاء الأحرف؟
قلت: رفعته بحروف الهجاء إلى قبله؛ كأنك قلت: الألف واللام والميم والصاد من حروف المقطّع كتابٌ أنزل إليك مجموعا. فإن قلت: كأنك قد جعلت الألف واللام والميم والصاد يؤدّين عن جميع حروف المعجم، وهو ثلاثة أحرف أو أربعة؟ قلت: نعم، كما أنك تقول: ا ب ت ث ثمانية وعشرون حرفا، فتكتفي بأربعة أحرف من ثمانية وعشرين. فإن قلت: إن ألف ب ت ث قد صارت كالاسم لحروف الهجاء؛ كما تقول: قرأت الحمد، فصارت اسما لفاتحة الكتاب. قلت: إن الذي تقول ليقع في الوهم، ولكنك قد تقول: ابني في ا ب ت ث، ولو قلت في حاط لجاز ولعلمت بأنه يريد: ابني في الحروف المقطّعة. فلما اكتفى بغير أوّلها علمنا أن أوّلها ليس لها باسم وإن كن أوّلها آثر في الذكر من سائرها. فإن قلت: فكيف جاءت حروف (المص)، (كهيعص) مختلفة ثم أنزلا منزل باتاثا وهنّ متواليات؟ قلت: إذا ذكرن متواليات دللن على أ ب ت ث
بعينها مقطّعة، وإذا لم يأتين متواليات دللن على الكلام المتصل لا على المقطّع. أنشدني الحارثيّ:


تعلمت باجاد وآل مرامرٍ = وسوّدت أثوابي ولست بكاتب
وأنشدني بعض بني أسد:

لّما رأيت أمرها في حطّي = وفنكت في كذب ولط
أخذت منها بقرونٍ شمط = ولم يزل ضربي لها ومعطي
* حتى على الرأس دم يغطي * =
فاكتفى بحطى من أبي جاد، ولو قال قائل: الصبي في هوّز أو كلمن، لكفى ذلك من أبى جاد.
وقد قال الكسائي: رفعت {كتابٌ أنزل إليك} وأشباهه من المرفوع بعد الهجاء بإضمار (هذا) أو (ذلك) وهو وجه. وكأنه إذا أضمر (هذا) أو (ذلك) أضمر لحروف الهجاء ما يرفعها قبلها؛ لأنها لا تكون إلا ولها موضع.
قال: أفرأيت ما جاء منها ليس بعده ما يرافعه؛ مثل قوله: حم. عسق، ويس، وق، وص، مما يقلّ أو يكثر، ما موضعه إذ لم يكن بعده مرافع؟ قلت:
قبله ضمير يرفعه، بمنزلة قول الله تبارك وتعالى: {براءة من اللّه ورسوله} المعنى والله أعلم: هذه براءة من الله. وكذلك {سورة أنزلناها} وكذلك كل حرف مرفوع مع القول ما ترى معه ما يرفعه فقبله اسم مضمر يرفعه؛ مثل قوله: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا} المعنى والله أعلم: لا تقولوا هم ثلاثة، يعني الآلهة. وكذلك قوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم} المعنى والله أعلم: سيقولون هم ثلاثة.
وقد قيل في {كهيعص}: إنه مفسّر لأسماء الله. فقيل: الكاف من كريم، والهاء من هاد، والعين والياء من عليم، والصاد من صدوق. فإن يك كذلك (فالذكر) مرفوع بضمير لا بـ (كهيعص). وقد قيل في {طه} إنه: يا رجل، فإن يك كذلك فليس يحتاج إلى مرافع؛ لأن المنادى يرفع بالنداء؛ وكذلك {يس} جاء فيها يا إنسان، وبعضهم: يا رجل، والتفسير فيها كالتفسير في طه). [معاني القرآن: 1/369-371]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({آلمص}: ساكن لأنه جرى مجرى سائر فواتح السور اللواتي جرين مجرى حروف التّهجّي، وموضعه ومعناه على تفسير سائر ابتداء السور). [مجاز القرآن: 1/210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {المص}
قد فسرنا هذه الحروف في أول سورة البقرة، إلا أنا أعدنا ههنا شيئا من تفسيرها لشي في إعرابها، والذي اخترنا في تفسيرها قول ابن عباس أن (المص) معناه: أنا اللّه أعلم وأفصّل. وقال بعض النحويين موضع هذه الحروف رفع بما بعدها، قال: {المص * كتاب..}، كتاب مرتفع بـ(المص)، وكأن معناه المص حروف كتاب أنزل إليك، وهذا لو كان كما وصف لكان بعد هذه الحروف أبدا ذكر الكتاب؛ فقوله: {الم اللّه لا إله إلا هو} يدل على أن (الم) لا مرافع لها على قوله، وكذلك: {يس * والقرآن الحكيم}، وكذلك: {حم عسق * كذلك يوحى إليك}، وقوله: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه}.. فهذه الأشياء تدل على أن الأمر على غير ما ذكر، ولو كان كذلك أيضا لما كان (الم) مكررا، ولا (حم) مكررا.
وقد أجمع النحويون على أن قوله عزّ وجلّ {كتاب أنزل إليك} مرفوع بغير هذه الحروف، المعنى هذا كتاب أنزل إليك، وهو مجمع معهم على أن ما قالوه جائز فيجب اتباعهم من قوله وقولهم، ويجب على قائل هذا القول التثبيت على مخالفتهم، ولو كان كما يصف لكان مضمرا اسمين فكان المعنى (الم) بعض حروف كتاب أنزل إليك، فيكون قد أضمر المضاف وما أضيف إليه، وهذا ليس بجائز.
فإن قال قائل قد يقول ألف. با. تا. ثا. ثمانية وعشرون حرفا، وإنما ذكرت أربعة فمن أين جاز ذلك، قيل قد صار اسم هذه ألف. با. تا. ثا، كما أنك تقول: الحمد سبع آيات فالحمد اسم لجملة السورة، وليس اسم الكتاب (الم)، ولا اسم القرآن (طسم). وهذا فرق بين.
وهذه الحروف كما وصفنا حروف هجاء مبنية على الوقف، وهي في موضع جمل، والجملة إذا كانت ابتداء وخبرا فقط لا موضع لها. فإذا كان معنى كهيعص، معنى الكاف كاف، ومعنى الهاء هاد، ومعنى الياء والعين من عليم ومعنى الصاد من صدوق، وكان معنى " الم " أنا أعلم، فإنما موضعها كموضع الشيء الذي هو تأويل لها. ولا موضع في الإعراب لقولك: أنا اللّه أعلم، ولا لقولك؛ هو هاد، وهو كاف، إنما يرتفع بعض هذا ببعض.
والجملة لا موضع لها). [معاني القرآن: 2/313-314]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قوله جل وعز: {المص}
قال أبو جعفر قد بين معنى فواتح السور في أول سورة البقرة فمن قال معنى آلم أنا الله أعلم قال معنى آلمص أنا الله أفصل
وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن تفسير {المص} أنا الله الملك الصادق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 83]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({المص}: أنا الله أعلم وأفصل). [العمدة في غريب القرآن: 133]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا يكن في صدرك حرجٌ مّنه...}
يقول: لا يضيق صدرك بالقرآن بأن يكذبوك، وكما قال الله تبارك وتعالى: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا}. وقد قيل: {فلا يكن في صدرك حرج}: شك.
{لتنذر به} مؤخر، ومعناه: المص كتاب أنزل إليك لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه.
{وذكرى للمؤمنين} في موضع نصب ورفع. إن شئت رفعتها على الردّ على الكتاب؛ كأنك قلت: كتاب حقّ وذكرى للمؤمنين؛ والنصب يراد به: لتنذر وتذّكر به المؤمنين). [معاني القرآن: 1/371]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كتابٌ أنزل إليك} رفع من موضعين؛ أحدهما: أنزل إليك كتاب، والآخر: على الاستئناف.
{فلا يكن} ساكن لأنه نهىٌ.
{في صدرك حرجٌ منه} أي ضيق.
{بياتاً}: أي ليلا؛ بيّتهم بياتاً وهم نيام). [مجاز القرآن: 1/210]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {كتابٌ أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرجٌ مّنه لتنذر به وذكرى للمؤمنين}
[قال] {كتابٌ أنزل إليك} على الابتداء.
وقال: {فلا يكن في صدرك حرجٌ مّنه} على النهي كما قال: {ولا تعد عيناك عنهم} أي: "الحرج فلا يكن في صدرك"، و"عيناك فلا تعدوا عنهم"). [معاني القرآن: 2/1]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فلا يكن في صدرك حرجٌ منه} أي شك. وأصل الحرج: الضيق، والشاك في الأمر يضيق صدرا، لأنه لا يعلم حقيقته. فسمي الشك حرجا). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الحرج: أصله الضيق. ومن الضيق: الشك، كقول الله تعالى: {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ}، أي شك، لأنّ الشّاكّ في الشيء يضيق صدرا به). [تأويل مشكل القرآن: 484]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين}
فمعنى الحرج الضيق. وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون لا يضق صدرك بالإبلاغ ولا تخافن، لأنه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: رب إني أخاف أن يثلغوا رأسي فيجعلوه كالخبزة، فأعلم الله عزّ وجلّ أنّه في أمان منهم، فقال: {واللّه يعصمك من النّاس}، وقال: {فلا يكن في صدرك حرج منه}.
أي فلا - يضيقن صدرك من تأدية ما أرسلت به.
وقيل أيضا: فلا تشكن فيه.
وكلا التفسيرين له وجه، فأما تأويل فلا تشكنّ، وتأويل {فلا تكونن من الممترين}، وتأويل: (فإن كنت في شكّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك) فإن ما خوطب به - صلى الله عليه وسلم - فهو خطاب لأمته، فكأنه بمنزله " فلا تشكوا ولا ترتابوا ".
وقوله: {لتنذر به} معناه التقديم، والمعنى واللّه أعلم - كتاب أنزل إليك لتنذر به وذكرى للمؤمنين، فلا يكن في صدرك حرج منه.
{وذكرى} يصلح أن يكون في موضع رفع ونصب وجرّ فأمّا النصب فعلى قولك: أنزل لتنذر به وذكرى للمؤمنين، أي ولتذكر به ذكرى، لأن في الإنذار معنى التذكير.
ويجوز أن يكون وهو ذكرى للمؤمنين كقولك وهو ذكر للمؤمنين.
فأما الجر فعلى معنى لتنذر، لأن معنى {لتنذر} لأن تنذر فهو في موضع جر. المعنى للإنذار والذكرى. فأما ذكرى فمصدر فيه ألف التأنيث، بمنزلة دعوت دعوى، وبمنزلة رجعته رجعى. واتقيت تقوى، إلا أنه اسم في موضع المصدر). [معاني القرآن: 2/ 315-316]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {كتاب أنزل إليك}
المعنى هذا كتاب أنزل إليك). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فلا يكن في صدرك حرج منه}
قال مجاهد وقتادة: "الحرج": الشك. والمعنى على هذا القول: فلا تشكوا فيه لأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته.
والحرج في اللغة: الضيق،
- فيجوز أن يكون سمي ضيق لأن الشاك لا يعرف حقيقة الشيء فصدره يضيق به،
- ويجوز أن يكون المعنى فلا يكن في صدرك ضيق من أن تبلغه لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إني أخاف أن يثلغوا رأسي"،
وفي الكلام تقديم وتأخير المعنى كتاب أنزل إليك لتنذر به وذكرى للمؤمنين فلا يكن في صدرك حرج منه). [معاني القرآن: 3/7-8]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} أي شك، وأصله الضيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 83]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {اتّبعوا ما أنزل إليكم...}
وإنما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم وحده لأن ما أنذر به فقد أنذرت به أمته؛ كما قال: {يأيها النبي إذا طلقتم النساء} فخاطبه، ثم جعل الفعل للجميع، وأنت قد تقول للرجل: ويحك أما تتقون الله، تذهب إليه وإلى أهل بيته أو عشيرته. وقد يكون قوله: (اتبعوا) محكيا من قوله (لتنذر به) لأن الإنذار قول، فكأنه قيل له: لتقول لهم اتبعوا؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظّ الأنثيين} لأن الوصية قول.
ومثله: {يأيها النبي لم تحرّم ما أحلّ الله لك}. ثم قال: {قد فرض الله لكم} فجمع). [معاني القرآن: 1/372]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أوهم قائلون}: أي نهاراً إذا قالوا). [مجاز القرآن: 1/210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكّرون}
أي اتبعوا القرآن، وما أتي به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مما أنزل عليه لقوله جلّ وعزّ: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
{ولا تتبعوا من دونه أولياء}
أي لا تتولّوا من عدل عن دين الحق، ومن ارتضى مذهبا من المذاهب، فالمؤمن وليّ المؤمن {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}.
وقوله عزّ وجلّ: {قليلا ما تذكرون}
ما زائدة مؤكدة، المعنى قليلا تذكرون، وفي تذكرون وجهان في القراءة: قليلا ما تذّكرون - بالتشديد - في الذال، والمعنى: قليلا ما تتذكرون، إلا أن التاء تدغم في الذال لقرب مكان هذه من مكان هذه.
ومن قرأ (تذكّرون) فالأصل - أيضا - تتذكرون، إلّا أنّه حذف إحدى التاءين، وهي التاء الثانية لأنهما زائدتان، إلا أن الأولى تدل على معنى الاستقبال فلا يجوز حذفها، والثانية إنما دخلت على معنى فعلت الشيء على تمهّل، نحو تفهّمت وتعلّمت، أي أحدثت الشيء على مهل، وتدخل على معنى إظهار الشيء والحقيقة غيره، كقولك تقيّست أي أظهرت أني قيسيّ.
فإنما المحذوف من تتفعلون الثانية، لأن الباقي في الكلمة من تشديد العين من تفعل يدل على معنى الكلمة، ولو حذفت تاء " استقبال " لبطل معنى الاستقبال). [معاني القرآن: 2/316-317]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم}
قيل هو القرآن والسنة لقوله جل وعز: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
ثم قال جل وعز: {ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون}
أي لا تتخذوا من عدل عن دين الحق وليا وكل من رضي مذهبا فأهل ذلك المذهب أولياؤه.
وروي عن مالك بن دينار رحمه الله أنه قرأ (ولا تبتغوا من دونه أولياء) أي لا تطلبوا). [معاني القرآن: 3/8-9]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وكم مّن قريةٍ أهلكناها فجاءها...}
يقال: إنما أتاها البأس من قبل الإهلاك، فكيف تقدم الهلاك؟ قلت: لأن الهلاك والبأس يقعان معا؛ كما تقول: أعطيتني فأحسنت، فلم يكن الإحسان بعد الإعطاء ولا قبله: إنما وقعا معا، فاستجيز ذلك. وإن شئت كان المعنى: وكم من قرية أهلكناها فكان مجيء البأس قبل الإهلاك، فأضمرت كان. وإنما جاز ذلك على شبيه بهذا المعنى، ولا يكون في الشروط التي خلفتها بمقدّم معروف أن يقدم المؤخر أو يؤخر المقدم؛ مثل قولك: ضربته فبكى، وأعطيته فاستغنى، إلا أن تدع الحروف في مواضعها.
وقوله: {أهلكناها فجاءها} قد يكونان خبرا بالواو: أهلكناها وجاءها البأس بياتا). [معاني القرآن: 1/372-373]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أو هم قائلون...}
ردّ الفعل إلى أهل القرية وقد قال في أولها {أهلكناها} ولم يقل: أهلكناهم فجاءهم، ولو قيل، كان صوابا. ولم يقل: قائلة، ولو قيل لكان صوابا.
وقوله: {أو هم قائلون} واو مضمرة. المعنى أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو وهم قائلون، فاستثقلوا نسقا على نسق، ولو قيل لكان جائزا؛ كما تقول في الكلام: أتيتني واليا، أو وأنا معزول، وإن قلت: أو أنا معزول، فأنت مضمر للواو). [معاني القرآن: 1/373]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أوهم قائلون}: من القائلة). [غريب القرآن وتفسيره: 144]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فجاءها بأسنا} يعني العذاب. {بياتاً} ليلا. {أو هم قائلون} من القائلة نصف النهار). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون}
المعنى وكم من أهل قرية أهلكناهم، إلا أن أهل حذف لأن في الكلام دليلا عليه.
وقوله: {فجاءها بأسنا بياتا} محمول على لفظ القرية، ولو قيل فجاءهم لكان صوابا.
وقوله: {أو هم قائلون}
قال بعض النحويين: المعنى: وهم قائلون، والواو فيما ذكر محذوفة وهذا لا يحتاج إلى ضمير الواو، ولو قلت: جاءني زيد راجلا أو وهو فارس، أو جاءني زيد هو فارس لم تحتج إلى واو، لأن الذكر قد عاد إلى الأول.
ومعنى {بياتا}: ليلا، يقال بات بياتا حسنا، وبيتة حسنة، والمصدر في الإصابات بيتا. والبيت بيت الشعر وكذلك بيت المدر، وإنما أصل تسميته من أنه يصلح للمبيت، ويقال لفلان بيتة وليلة وبيت ليلة، أي ما يكفيه من القوت في ليلة.
ومعنى {أو هم قائلون}
أي أو جاءهم بأسنا نهارا في وقت القائلة، يقال قلت من القائلة، فالمعنى: إنهم جاءهم بأسنا غفلة، وهم غير متوقعين له، إما ليلا وهم نائمون.
أو نهارا وهم قائلون كأنهم غافلون.
و{أو} ههنا دخلت على جهة تصرف الشيء ووقوعه، إما مرة كذا، وإما مرة كذا، فهي في الخبر ههنا بمنزلة أو في الإباحة، تقول جالس زيدا أو عمرا، أي كل واحد منهما أهل أن يجالس، واو ههنا أحسن من الواو، لأن الواو تتضمن اجتماع الشيئين، لو قلت: ضربت القوم قياما وقعودا، لأوجبت الواو أنك ضريتهم وهم على هاتين الحالتين، وإذا قلت: ضربتهم قياما أو ضربتهم قعودا، ولم تكن شاكا، فإنما المعنى أنك ضربتهم مرة على هذه الحال، ومرة على هذه الحال.
وموضع "كم" رفع بالابتداء وخبرها أهلكناها، وهو أحسن من أن تكون في موضع نصب، لأن قولك زيد ضربته أجود من زيدا ضربته. -
والنصب جيد عربي أيضا مثله قوله جلّ وعزّ: {إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر}). [معاني القرآن: 2/317-318]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون}
المعنى: فجاءهم العذاب على غفلة بالليل وهم نائمون أو نصف النهار وهم قائلون
ومعنى {أو} ههنا التصرف مرة كذا ومرة كذا وهي بمنزلة أو التي تكون للإباحة في الأمر). [معاني القرآن: 3/9]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (قوله عز وجل: {بَيَاتاً} أي: ليلاً.
{أو هم قائلون} أي: نصف النهار، وقت النوم). [ياقوتة الصراط: 227]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قَائِلُونَ}: من القائلة). [العمدة في غريب القرآن: 133]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فما كان دعواهم...}
"الدعوى" في موضع نصب لكان. ومرفوع كان قوله: {إلاّ أن قالوا} فأن في موضع رفع. وهو الوجه في أكثر القرآن: أن تكون أن إذا كان معها فعل، أن تجعل مرفوعة والفعل منصوبا؛ مثل قوله: {فكان عاقبتهما أنهما في النار} و{ما كان حجتهم إلا أن قالوا}. ولو جعلت الدعوى مرفوعة (وأن) في موضع نصب كان صوابا؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {ليس البرّ أن تولوا} وهي في إحدى القراءتين: ليس البر بأن تولوا). [معاني القرآن: 1/373]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فما كان دعواهم} أي قولهم وتداعيهم). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلّا أن قالوا إنّا كنّا ظالمين}
المعنى - واللّه أعلم - أنهم لم يحصلوا مما كانوا ينتحلونه من المذهب والدّين ويدعونه إلاّ على اعتراف بأنهم كانوا ظالمين، والدعوى اسم لما يدّعيه، والدعوى يصلح أن تكون في معنى الدعاء لو قلت: اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين ودعوى المسلمين جاز، حكى سيبويه ذلك وأنشد:
ولّت ودعواها كثير صخبه.
وموضع "أن" الأحسن أن يكون رفعا، وأن تكون الدعوى في موضع نصب، كما قال جل ثناؤه: {ما كان حجتهم إلا أن قالوا} ويجوز أن يكون في موضع نصب، ويكون الدعوى في موضع رفع إلا أن الدعوى إذا كانت في موضع رفع فالأكثر في اللفظ "فما كانت دعواهم كذا وكذا إلا أن" لأنّ الدعوى مؤنثة في اللفظ، ويجوز كان دعواه باطلا وباطلة). [معاني القرآن: 2/318-319]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا}
الدعوى ههنا بمنزلة الدعاء والدعوى تكون بمنزلة الادعاء وتكون بمنزلة الدعاء وأجاز النحويون اللهم أشركنا في صالح دعوى من دعاك
والمعنى أنهم لم يحصلوا عند الهلاك إلا على الإقرار بأنهم كانوا ظالمين). [معاني القرآن: 3/10]

تفسير قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {فلنسألنّ الّذين أرسل إليهم ولنسألنّ المرسلين}
وقال{فلنسألنّ الّذين أرسل إليهم} يقول [لنسألنّ] القوم الذين بعث إليهم وأنذروا {ولنسألنّ المرسلين}). [معاني القرآن: 2/1]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}
وهذا سؤال توبيخ وتقرير.
فأما قوله تعالى: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} فمعناه أنه لا يسأل سؤال استعلام والله أعلم). [معاني القرآن: 3/10]

تفسير قوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلنقصّنّ عليهم بعلمٍ وما كنّا غائبين}
{فلنقصّنّ} أدخل النون واللام لأن قوله: {فلنسألنّ}، {ولنسألنّ المرسلين} على القسم). [معاني القرآن: 2/1]

تفسير قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {والوزن يومئذٍ الحقّ...}
وإن شئت رفعت الوزن بالحقّ، وهو وجه الكلام. وإن شئت رفعت الوزن بيومئذ، كأنك قلت: الوزن في يوم القيامة حقّاً، فتنصب الحقّ وإن كانت فيه ألف ولام؛ كما قال: {فالحقّ والحقّ أقول}الأولى منصوبة بغير أقول. والثانية بأقول.
وقوله: {فمن ثقلت موازينه فأولئك} ولم يقل (فذلك) فيوحّد لتوحيد من، ولو وحّد لكان صوابا. و(من) تذهب بها إلى الواحد وإلى الجمع. وهو كثير). [معاني القرآن: 1/374]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {والوزن يومئذ الحقّ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}
اختلف الناس في ذكر الميزان في القيامة، وجاء في بعض التفسير أنه ميزان له كفّتان، وأن الميزان أنزل إلى الدنيا ليتعامل الناس بالعدل وتوزن به الأعمال، وقال بعضهم: الميزان العدل، وذهب إلى قولك هذا في وزن هذا، وإن لم يكن مما يوزن، وتأويله أنه قد قام في النفس مساويا لغيره كما يقوم الوزن في مرآة العين.
وقال بعضهم: الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق، وهذا كله في باب اللغة - والاحتجاج سائغ، إلا أن الأولى من هذا أن يتبع ما جاء بالأسانيد الصحاح. فإن جاء في الخبر أنه ميزان له كفّتان، من حيث ينقل أهل الثقة، فينبغي أن يقبل ذلك.
وقد روي عن جرير عن الضحاك أن الميزان العدل، والله أعلم بحقيقة ذلك، إلا أن جملة أعمال العباد موزونة على غاية العدل والحق.
وهو قوله: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}.
وقد فسرنا المفلح فيما تقدم). [معاني القرآن: 2/319-320]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}
قال عبيد بن عمير: يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة.
قال عمرو بن دينار: إن الميزان له كفتان). [معاني القرآن: 3/11]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {بما كانوا بآياتنا يظلمون} أي يجحدون. والظلم يتصرف على وجوه قد ذكرناها في «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون الظلم: الجحد، قال الله تعالى: {وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} أي: جحدوا بأنّها من الله تعالى.
وقال: {بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} أي: يجحدون). [تأويل مشكل القرآن: 468]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وجعلنا لكم فيها معايش...}
لا تهمز؛ لأنها -يعني الواحدة- مفعلة، الياء من الفعل، فلذلك لم تهمز، إنما يهمز من هذا ما كانت الياء فيه زائدة؛ مثل مدينة ومدائن، وقبيلة وقبائل لما كانت الياء لا يعرف لها أصل ثم قارفتها ألف مجهولة أيضا همزت، ومثل معايش من الواو مما لا يهمز لو جمعت، معونة قلت: (معاون) أو منارة قلت مناور. وذلك أن الواو ترجع إلى أصلها؛ لسكون الألف قبلها.
وربما همزت العرب هذا وشبهه، يتوهمون أنها فعلية لشبهها بوزنها في اللفظ وعدّة الحروف؛ كما جمعوا مسيل الماء أمسلة، شبّه بفعيل وهو مفعل. وقد همزت العرب المصائب وواحدتها مصيبة؛ شبهت بفعيلة لكثرتها في الكلام). [معاني القرآن: 1/374-375]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولقد مكّنّاكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلاً مّا تشكرون}
وقال: {وجعلنا لكم فيها معايش} فالياء غير مهموزة وقد همز بعض القراء وهو رديء لأنها ليست بزائدة. وإنّما يهمز ما كان على مثال "مفاعل" إذا جاءت الياء زائدة في الواحد والألف والواو التي تكون الهمزة مكانها نحو "مدائن" لأنها "فعايل".
ومن جعل "المدائن" من "دان" "يدين" لم يهمز لأن الياء حينئذ من الأصل. وأما "قطائع" و"رسائل" و"عجائز" و"كبائر" فان هذا كله مهموز لأن واو "عجوز" زائدة، ألا ترى أنك تقول: "عجز" وألف "رسالة" زائدة [إذ] تقول "أرسلت" فتذهب الألف منها. وتقول في "كبيرة" "كبرت" فتذهب الياء منها. وأما "مصايب" فكان أصلها "مصاوب" لأن الياء إذا كانت أصلها الواو فجاءت في موضع لا بد من أن تحرك [فيه] قلبت الواو في ذلك الموضع إذا كان الأصل من الواو فلما قلبت صارت كأنها قد أفسدت حتى صارت كأنها الياء الزائدة فلذلك همزت ولم يكن القياس أن تهمز. وناس من العرب يقولون "المصاوب" وهي قياس). [معاني القرآن: 2/1-2]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولقد مكّنّاكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون}
معنى التمكين في الأرض: التمليك والقدرة.
ومعنى "المعايش": يحتمل أن يكون ما يعيشون به، ويمكن أن يكون الوصلة إلى ما يعيشون به.
وأكثر القراء على ترك الهمز في معايش، وقد رووها عن نافع مهموزة.
وجميع النحويين البصريين يزعمون أن همزها خطأ، وذكروا أن الهمز إنما يكون في هذه الياء إذا كانت زائدة نحو صحيفة وصحائف، فأما معايش فمن العيش، الياء أصلية وصحيفة من الصحف لأن الياء زائدة، وإنما همزت لأنه لا حظّ لها في الحركة، وقد قربت من آخر الكلمة ولزمتها الحركة فأوجبوا فيها الهمز، وإذا جمعت مقاما قلت مقاوم.
وأنشد النحويون:
وإني لقوام مقاوم لم يكن..=. جرير ولا مولى جرير يقومها
وقد أجمع النحويون على أن حكوا مصائب في جمع مصيبة، بالهمز.
وأجمعوا أن الاختيار مصاوب.
وهذه عندهم من الشاذ، أعني "مصايب".
وهذا عندي إنما هو بدل من الواو المكسورة، كما قالوا في وسادة: إسادة، إلا أن هذا البدل في المكسورة يقع أولا كما يقع في المضمومة، نحو {أقّتت} وإنما هو من الوقت والمضمومة تبدل في غير أول نحو "ادؤر"، يقولون "ادؤ" فحملوا المكسورة على ذلك.
ولا أعلم أحدا فسّر ذلك غيري، وهو أحسن من أن يجعل الشيء خطأ إذ نطقت به العرب وكان له وجه من القياس، إلا أنه من جنس البدل الذي إنما يتبع فيه السماع، ولا يجعل قياسا مستمرا.
فأما ما رواه نافع من معائش بالهمز فلا أعرف له وجها، إلا أن لفظ هذه الياء التي من نفس الكلمة أسكن في معيشة فصار على لفظ صحيفة، فحمل الجمع على ذلك، ولا أحب القراءة بالهمز إذ كان أكثر النّاس إنّما يقرأون بترك الهمز، ولو كان مما يهمز لجاز تحقيقه وترك همزه، فكيف وهو مما لا أصل له في الهمز؛ وهو كتاب اللّه عزّ وجلّ الذي ينبغي أن يقال فيه إلى ما عليه الأكثر لأن القراءة سنة فالأولى فيها الاتباع، والأولى اتباع الأكثر.
وزعم الأخفش أن مصائب إنما وقعت الهمزة فيها بدلا من الواو أعلّت في مصيبة، - وهذا رديء. لا يلزم أن أقول في مقام مقائم ولفي معونة معائن). [معاني القرآن: 2/320-321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولقد مكناكم في الأرض} أي ملكناكم
{وجعلنا لكم فيها معايش} أي ما تعيشون به، ويجوز أن يكون المعنى ما تتوصلون به إلى المعيشة). [معاني القرآن: 3/11]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {ولقد خلقناكم ثمّ صوّرناكم ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكن مّن السّاجدين}
وقال: {ثمّ صوّرناكم ثمّ قلنا للملائكة}
لأنّ "ثمّ" في معنى الواو ويجوز أن يكون معناه {لآدم} كما تقول للقوم: "قد ضربناكم" وإنما ضربت سيدهم). [معاني القرآن: 2/2]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرِّجْزُ: العذاب.
قال الله تعالى- حكاية عن قوم فرعون: {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} أي العذاب.
ثم قد يسمّى كيد الشيطان: رجزا، لأنّه سبب العذاب. قال الله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}). [تأويل مشكل القرآن: 471](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ}
أراد: خلقنا آدم وصوّرناه، فجعل الخلق لهم، إذ كانوا منه). [تأويل مشكل القرآن: 152]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {ولقد خلقناكم ثمّ صوّرناكم ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس لم يكن من السّاجدين}
زعم الأخفش أن (ثم) ههنا في معنى الواو، وهذا خطأ لا يجيزه الخليل وسيبويه وجميع من يوثق بعربيته، إنما ثم للشيء الذي يكون بعد المذكور قبله لا غير، وإنما المعنى في هذا الخطاب ذكر ابتداء خلق آدم أولا، فإنما المعنى إنا بدأنا خلق آدم ثم صورناه، فابتداء خلق آدم التراب، الدليل على ذلك قوله عزّ وجلّ {إن مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب} فبدأ اللّه خلق آدم ترابا، وبدأ خلق حواء من ضلع من أضلاعه، ثم وقعت الصورة بعد ذلك، فهذا معنى {خلقناكم ثم صورناكم} أي هذا أصل خلقكم. ثم خلق الله نطفا ثم صوّروا. فـ"ثمّ" إنما هي لما بعد.
وقوله جلّ وعزّ: {ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}
أي بعد الفراغ من خلق آدم أمرت الملائكة بالسجود.
وقوله: {إلّا إبليس لم يكن من السّاجدين}
استثناء ليس من الأول، ولكنه ممن أمر بالسجود، الدليل على ذلك قوله: {ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك}؛ فدل بقوله: {إذ أمرتك} أنّ إبليس أمر بالسجود مع الملائكة، ومعنى (ما منعك ألّا تسجد) إلغاء " لا " وهي مؤكدة، المعنى: ما منعك أن تسجد فمسألته عن هذا واللّه قد علم ما منعه، توبيخ له وليظهر أنه معاند، وأنه ركب المعصية خلافا للّه، وكل من خالف اللّه في أمره فلم يره واجبا عليه كافر بإجماع، لو ترك تارك صلاة قال إنها لا تجب كان كافرا بإجماع الأمة.
فأعلم اللّه جل ثناؤه أن معصية إبليس معصية معاندة وكفر، وقد أعلم الله أنه من الكافرين فقال: {إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}
فالفصل بين معصية إبليس ومعصية آدم وحوّاء أنّ إبليس عاند وأقام ولم يتب، وأن آدم وحواء اعترفا بالذنب وقالا: {ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}.
ومثل "ألّا" في قوله: {ألّا تسجد}، قوله: {لئلّا يعلم أهل الكتاب} أي: لأن يعلم أهل الكتاب، وقول الشاعر:
أبى جوده لا البخل واستعجلت به = نعم من فتى لا يمنع الجوع قاتله
قالوا معناه أبى جوده البخل.
وقال أبو عمرو بن العلاء: الرواية أبى جوده البخل.
واستعجلت به "نعم"، والذي قاله أبو عمرو حسن، المعنى أبى جوده "لا" التي تبخل الإنسان، كأنّه إذا قيل: لا تسرف ولا تبذر مالك أبى جوده "لا" هذه، واستعجلت به "نعم"، فقال: نعم أفعل ولا أترك الجود.
وهذان القولان في البيت هما قولا العلماء، وأرى فيه وجها آخر وهو عندي حسن؛ أرى أن تكون "لا" غير لغو، وأن يكون البخل منصوبا بدلا من "لا"، المعنى: أبى جوده البخل واستعجلت به "نعم".
وموضع "ما" في قوله: {ما منعك ألّا تسجد} رفع، المعنى أي شيء منعك في السجود، فلم يقل منعني كذا وكذا فأتى بالشيء في معنى الجواب.
ولفظه غير جواب، لأن قوله: {أنا خير منه} في معنى منعني من السجود فضلى عليه. ومثل هذا في الجواب أن يقول الرجل كيف كنت، فيقول: أنا صالح، وإنما الجواب كنت صالحا، ولكن المعنى إنّه قد أجابه بما احتاج إليه وزاده أنه في حال مسألته إياه صالح فقال اللّه عز وجلّ:
{قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصّاغرين} ). [معاني القرآن: 2/321-324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}
في هذه الآية أقوال:
- قال الأخفش -وهو أحد قول قطرب-: "ثم" ههنا بمعنى الواو.
وهذا القول خطأ على مذهب أهل النظر من النحويين ولا يجوز أن تكون ثم بمعنى الواو لاختلاف معنييهما.
- وقيل: "ثم" للإخبار.
- وقيل: {ولقد خلقناكم} يعني في ظهر آدم ثم صورناكم أي في الأرحام هذا صحيح، عن ابن عباس: {ولقد خلقناكم} يعني ابن آدم وقد علم جل وعز أنه يخلق ذريته فهو بمنزلة ما خلق.
- وقال مجاهد: رواه عنه ابن جريج وابن أبي نجيح معنى ولقد خلقناكم ثم صورناكم في ظهر آدم.
قال أبو جعفر وهذا أحسن الأقوال يذهب مجاهد إلى أنه خلقهم في ظهر آدم ثم صورهم حين أخذ عليهم الميثاق ثم كان السجود لآدم بعد
ويقوي هذا وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم
والحديث أنه أخرجهم أمثال الذر فأخذ عليهم الميثاق.
قال الزجاج: المعنى خلقنا آدم من تراب ثم صورناه. قال: ويدل عليه خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، فالتقدير خلقنا أصلكم.
وقيل المعنى: خلقناكم نطفا ثم صورناكم.
ثم قال جل وعز: {فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين}
قيل: استثنى إبليس من الملائكة وليس منهم لأنه أمر بالسجود معهم قال جل وعز: {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك}
وقيل إنه كان منهم.
قال أبو جعفر: وقد استقصينا هذا في سورة البقرة). [معاني القرآن: 3/12-14]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قال ما منعك ألاّ تسجد...}
المعنى -والله أعلم- ما منعك أن تسجد. و(أن) في هذا الموضع تصحبها لا، وتكون (لا) صلة. كذلك تفعل بما كان في أوّله جحد. وربما أعادوا على خبره جحدا للاستيثاق من الجحد والتوكيد له؛ كما قالوا:

ما إن رأينا مثلهن لمعشر =سود الرءوس فوالج وفيول
و(ما) جحد و(إن) جحد فجمعتا للتوكيد. ومثله: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}. ومثله: {وحرام على قريةٍ أهلكناها أنهم لا يرجعون}. ومثله: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون} إلا أن معنى الجحد الساقط في لئلا من أوّلها لا من آخرها؛ المعنى: ليعلم أهل الكتاب ألا يقدرون. وقوله: {ما منعك} (ما) في موضع رفع. ولو وضع لمثلها من الكلام جواب مصحح كان رفعا، وقلت: منعني منك أنك بخيل. وهو مما ذكر جوابه على غير بناء أوله، فقال: {أنا خيرٌ مّنه} ولم يقل: منعني من السجود أني خير منه؛ كما تقول في الكلام: كيف بتّ البارحة؟ فيقول: صالح، فيرفع؛ أو تقول: أنا بخير، فتستدلّ به على معنى الجواب، ولو صحح الجواب لقال صالحا، أي بتّ صالحا). [معاني القرآن: 1/375]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ما منعك ألاّ تسجد} مجازه: ما منعك أن تسجد، والعرب تضع لا في موضع الإيجاب وهي من حروف الزوائد، قال أبو النجم:
فما ألوم البيض ألاّ تسخرا = ممّا رأين الشمط القفندرا
أي ما ألوم البيض أن يسخرن، القفندر: القبيح السّمج، وقال الأحوص:

ويلحينني في اللّهو ألاّ أحبّه..=. وللّهو داعٍ دائبٌ غير غافل
أراد: في اللهو أن أحبه، قال العجاج:
في بئر لا حورٍ سرى وما شعر
الحور: الهلكة، وقوله لا حور: أي في بئر حور، ولا في هذا الموضع فضل (اخرج منها مذءوماً) وهي من ذأمت الرجل، وهي أشد مبالغة من ذممت ومن ذمت الرجل تذيم، وقالوا في المثل: لا تعدم الحسناء ذاماً، أي ذماً، وهي لغات). [مجاز القرآن: 1/211]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال ما منعك ألاّ تسجد إذ أمرتك قال أنا خيرٌ مّنه خلقتني من نّارٍ وخلقته من طينٍ}
وقال: {ما منعك ألاّ تسجد} ومعناه: ما منعك أن تسجد، و{لا} ههنا زائدة. وقال الشاعر: أبى جوده
لا" البخل واستعجلت به = "نعم" من فتىً لا يمنع الجوع قاتله
وفسرته العرب: أبى جوده البخل "وجعلوا {لا} زائدة حشوا ههنا وصلوا بها الكلام. وزعم يونس أن أبا عمرو كان يجرّ "البخل" ولا يجعل "لا" مضافة إليه أراد: أبى جوده {لا} التي هي للبخل لأن {لا} قد تكون للجود والبخل. لأنه لو قال له: "امنع الحقّ" أو "لا تعط المساكين" فقال "لا" كان هذا جودا منه). [معاني القرآن: 2/2-3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك} أي أن تسجد. و«لا» زائدة للعلة التي ذكرناها في «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد تزاد {لا} في الكلام والمعنى: طرحها لإباء في الكلام أو جحد.
كقول الله عز وجل: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} أي ما منعك أن تسجد؛ فزاد في الكلام {لا} لأنه لم يسجد). [تأويل مشكل القرآن: 243-244]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال ما منعك ألا تسجد إذا أمرتك}
هذا سؤال توبيخ وتقرير لأنه قد علم جل وعز ذلك.
و"لا" زائدة للتوكيد كما قال:
فما ألوم البيض أن لا تسخرا = لما رأينا الشمط القفندرا
فجاء بجواب لغير ما سئل عنه فقال أنا خير منه ولم يقل منعني كذا وإنما هو جواب من قيل له أيكما خير ولكنه محمول على المعنى كأنه قال منعني فضلي عليه). [معاني القرآن: 3/14-15]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} أي: أن تسجد، و(لا) صلة للتأكيد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 83]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( (قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصّاغرين (13)
لأنه قد استكبر بهذا الجواب فأعلمه اللّه أنه صاغر بهذا الفعل). [معاني القرآن: 2/324]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (قال أنظرني إلى يوم يبعثون (14)
أي أخرني إلى يوم البعث، فلم يجب إلى الإنظار إلى يوم البعث بعينه، وأعلم أنه منظور إلى يوم الوقت المعلوم). [معاني القرآن: 2/324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال أنظرني إلى يوم يبعثون} [آية: 14]
أي أخرني فلم يجب إلى هذا بعينه فأجيب إلى النظرة إلى يوم الوقت المعلوم). [معاني القرآن: 3/15]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) )

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم...}
المعنى - والله أعلم -: لأقعدن لهم على طريقهم أو في طريقهم. وإلقاء الصفة من هذا جائز؛ كما قال: قعدت لك وجه الطريق، وعلى وجه الطريق؛ لأن الطريق صفة في المعنى، فاحتمل ما يحتمله اليوم والليلة والعام إذا قيل: آتيك غدا أو آتيك في غد). [معاني القرآن: 1/376]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم}
وقال: {لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم} أي: على صراطك. وكما تقول: "توجّه مكّة" أي: إلى مكة. وقال الشاعر:
كأنّي إذ أسعى لأظفر طائراً = مع النّجم في جوّ السّماء يصوب
يريد: لأظفر بطائرٍ. فألقى الباء ومثله {أعجلتم أمر ربّكم} يريد: عن أمر ربكم). [معاني القرآن: 2/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم} أي دينك. يقول: لأصدّنهم عنه). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم (16)
في قوله: (أغويتني) قولان. قال بعضهم: فبما أضللتني
وقال بعضهم: فبما دعوتني إلى شيء غويت به، أي غويت من أجل آدم.
(لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم).
ولا اختلاف بين النحويين في أن " على " محذوفة، ومن ذلك قولك: ضرب زيد الظهر والبطن). [معاني القرآن: 2/324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} [آية: 16]
[معاني القرآن: 3/15]
قيل معناه فبما أضللتني
وقيل معناه خيبتن
وقيل أي فبما دعوتني إلى شيء ضللت من أجله والله أعلم بالمراد
قال مجاهد معنى {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} لأقعدن لهم على الحق
والصراط في اللغة الطريق والمعنى على صراطك ثم حذف على فتعدى الفعل). [معاني القرآن: 3/16]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم} مفسر في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 165]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17)
معناه - واللّه أعلم - ثم لآتينهم في الضلال من جميع جهاتهم.
وقيل من بين أيديهم أي لأضلنّهم في جميع ما يتوقع.
وقيل أيضا: لأخوّفنهم الفقر.
والحقيقة - واللّه أعلم - أي أنصرف لهم في الإضلال في جميع جهاتهم). [معاني القرآن: 2/324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} [آية: 17]
روى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة قال:
{من بين أيديهم} من دنياهم ومن خلفهم من آخرتهم وعن أيمانهم يعني حسناتهم وعن شمائلهم يعني سيئاتهم
وهذا قول حسن وشرطه أن معنى ولآتينهم من بين أيديهم من دنياهم حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة
{ومن خلفهم} من آخرتهم حتى يكذبوا بها
{وعن أيمانهم} من حسناتهم وأمور دينهم
ويدل على هذا قوله تعالى: {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين}
{وعن شمائلهم} يعني سيئاتهم أي يتبعون الشهوات لأنه يزينها لهم
وقيل: {ثم لأتينهم من بين أيديهم من آخرتهم}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم}
أما قوله تعالى: {من بين أيديهم} فيقول أشككهم في
آخرتهم ومن خلفهم أرغبهم في دنياهم وعن أيمانهم أشبه عليهم أمر دينهم وعن شمائلهم أشهي لهم المعاصي ولا تجد أكثرهم شاكرين يقول موحدين
وبهذا الإسناد من بين أيديهم يعني من الدنيا ومن خلفهم من الآخرة وعن أيمانهم قبل حسناتهم وعن شمائلهم من قبل سيئاتهم
قال أبو جعفر وذلك القول لا يمتنع لأن الآخرة لم تأت بعد فهي بين أيدينا وهي تكون بعد موتنا فمن هذه الجهة يقال هي خلفنا
وقيل معنى ومن خلفهم يخوفهم على تركاتهم ومن يخلفون بعدهم
وقيل معنى وعن أيمانهم وعن شمائلهم من كل جهة يعملون منها ويكون تمثيلا لأن أكثر التصرف باليدين قال الله عز وجل: {ذلك بما قدمت يداك}
وقال مجاهد من بين أيديهم وعن أيمانهم من الحسنات ومن خلفهم وعن شمائلهم من السيئات). [معاني القرآن: 3/16-19]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (مدحوراً) (17) أي مبعداً مقصىً، ومنه قولهم: ادحر عنك الشيطان، وقال العجّاج:
فأنكرت ذا جمّةٍ نميراً... دجر عراكٍ يدجر المدحورا). [مجاز القرآن: 1/212]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال اخرج منها مذءوماً مّدحوراً لّمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم منكم أجمعين}
وقال: {اخرج منها مذءوماً مّدحوراً} لأنه من "الذأم" تقول: "ذأمته" فـ"هو مذؤومٌ" والوجه الآخر من "الذمّ": "ذممته" فـ"هو مذمومٌ" تقول: "ذأمته" و"ذممته" و"ذمته" كله في معنى واحد ومصدر: "ذمته" "الذّيم".
وقال: {ولّمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم} فاللام الأولى للابتداء والثانية للقسم). [معاني القرآن: 2/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مذؤوما}: يقال ذأمت الرجل أذأمه إذا سببته وعبته. ويقال ذمته أذيمه ذيما مثله.
{مدحورا}: مقصى ودحرت الشيطان من ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 144]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مذءوماً}: مذموما بأبلغ الذم.
{مدحوراً} أي مقصيا مبعدا. يقال: اللهم ادحر عني الشيطان). [تفسير غريب القرآن: 166]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم منكم أجمعين (18)
معنى مذءوم كمعنى مذموم، يقال: ذأمته أذأمه ذأما، إذا رعبته وذممته.
ومعنى (مدحورا) مبعدا من رحمة اللّه.
وقوله: (لمن تبعك منهم).
هذه اللام لام القسم تدخل توطئة للأمر.
(لأملأنّ).
والكلام بمعنى الشرط والجزاء، كأنه قيل: من تبعك أعذبه، فدخلت اللام للمبالغة والتوكيد، ولام لأملأنّ لام القسم ولام " من تبعك " توطئة لها ويجوز في الكلام: واللّه من جاءك لأضربنه، ولا يجوز : واللّه لمن جاءك أضربه، وأنت تريد لأضربنه، ولكن يجوز: واللّه لمن جاءك أضربه تريد لأضربنّه.
وقال بعضهم في قوله: {ثمّ لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} أي: لأغوينهم فيما أمروا به.
وقوله: {وعن شمائلهم} أي: لأغوينهم فيما نهوا عنه والذي أظنه – والله أعلم - على هذا المذهب: أني أغويهم حتى يكذّبوا بأمور الأمم السالفة - بالبعث، كما ذكر في هذا.
ومعنى: {وعن أيمانهم وعن شمائلهم}: أي لأضلنهم فيما يعقلون، لأن الكسب يقال فيه: ذلك بما كسبت يداك، وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئا، إلا أنه يقال لكل ما عمله عامل كسبت يداك، لأن اليدين الأصل في التصرف فجعلتا مثلا لجميع ما عمل بغيرهما.
قال اللّه عزّ وجلّ {ذلك بما قدّمت يداك}، وقال: (ذلك بما قدّمت أيديكم).
وقال: {تبّت يدا أبي لهب وتبّ}، ثم فسّر فقال: {ما أغنى عنه ماله وما كسب}). [معاني القرآن: 2/324-326]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قال اخرج منها مذءوما مدحورا}
يقال ذأمته وذمته وذممته بمعنى واحد، وقرأ الأعمش منوما والمعنى واحد إلا أنه خفف الهمزة.
وقال مجاهد: "المذؤم": المنفي، والمعنيان متقاربان.
و"المدحور": المطرود المبعد، يقال: اللهم ادحر عنا الشيطان). [معاني القرآن: 3/19]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({مَذْءُوماً} أي: معيباً، ومذموماً، أي مهجوراً، يقال: ذممته، أي: هجرته، وذأمته، أي: عبته). [ياقوتة الصراط: 227]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({مدحورا} أي: مطروداً، ويقال: منفيا). [ياقوتة الصراط: 228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَذْءُوماً} مذموماً بأبلغ الذم.
{مَدْحُوراً} أي مُقصىً مبعداً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 83]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَذْؤُمًا}: مسبوباً
{مَّدْحُورًا}: مباعداً). [العمدة في غريب القرآن: 133]


رد مع اقتباس