عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (11) يدعو من دون اللّه ما لا يضرّه وما لا ينفعه ذلك هو الضّلال البعيد (12) يدعو لمن ضرّه أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير (13)}
قال مجاهدٌ، وقتادة، وغيرهما: {على حرفٍ}: على شكٍّ.
وقال غيرهم: على طرفٍ. ومنه حرف الجبل، أي: طرفه، أي: دخل في الدّين على طرفٍ، فإن وجد ما يحبّه استقرّ، وإلّا انشمر.
وقال البخاريّ: حدّثنا إبراهيم بن الحارث، حدّثنا يحيى بن أبي بكير، حدّثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ} قال: كان الرّجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلامًا، ونتجت خيله، قال: هذا دينٌ صالحٌ. وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله قال: هذا دينٌ سوءٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، حدّثني أبي، عن أبيه، عن أشعث بن إسحاق القمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كان ناسٌ من الأعراب يأتون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم، فإن وجدوا عام غيث وعام خصبٍ وعام ولادٍ حسنٍ، قالوا: "إنّ ديننا هذا لصالحٌ، فتمسّكوا به". وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولادٍ سوء وعام قحطٍ، قالوا: "ما في ديننا هذا خيرٌ". فأنزل اللّه على نبيّه: {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه}.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: كان أحدهم إذا قدم المدينة، وهي أرضٌ وبيئةٌ، فإن صحّ بها جسمه، ونتجت فرسه مهرًا حسنًا، وولدت امرأته غلامًا، رضي به واطمأنّ إليه، وقال: "ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلّا خيرًا". وإن أصابته فتنةٌ -والفتنة: البلاء-أي: وإن أصابه وجع المدينة، وولدت امرأته جاريةً، وتأخّرت عنه الصّدقة، أتاه الشّيطان فقال: واللّه ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلّا شرًّا. وذلك الفتنة.
وهكذا ذكر قتادة، والضّحّاك، وابن جريج، وغير واحدٍ من السّلف، في تفسير هذه الآية.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هو المنافق، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة، وإن فسدت عليه دنياه وتغيّرت، انقلب فلا يقيم على العبادة إلّا لما صلح من دنياه، فإن أصابته فتنةٌ أو شدّةٌ أو اختبارٌ أو ضيقٌ، ترك دينه ورجع إلى الكفر.
وقال مجاهدٌ في قوله: {انقلب على وجهه} أي: ارتدّ كافرًا.
وقوله: {خسر الدّنيا والآخرة} أي: فلا هو حصل من الدّنيا على شيءٍ، وأمّا الآخرة فقد كفر باللّه العظيم، فهو فيها في غاية الشّقاء والإهانة؛ ولهذا قال: {ذلك هو الخسران المبين} أي: هذه هي الخسارة العظيمة، والصّفقة الخاسرة). [تفسير ابن كثير: 5/ 400-401]

تفسير قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يدعو من دون اللّه ما لا يضرّه وما لا ينفعه} أي: من الأصنام والأنداد، يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها، وهي لا تنفعه ولا تضرّه، {ذلك هو الضّلال البعيد}).[تفسير ابن كثير: 5/ 401]

تفسير قوله تعالى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يدعو لمن ضرّه أقرب من نفعه} أي: ضرره في الدّنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها، وأمّا في الآخرة فضرره محقّقٌ متيقّنٌ.
وقوله: {لبئس المولى ولبئس العشير}: قال مجاهدٌ: يعني الوثن، يعني: بئس هذا الّذي دعا به من دون اللّه مولًى، يعني: وليًّا وناصرًا، {ولبئس العشير} وهو المخالط والمعاشر.
واختار ابن جريرٍ أنّ المراد: لبئس ابن العمّ والصّاحب من يعبد [اللّه] على حرفٍ، {فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه}
وقول مجاهدٍ: إنّ المراد به الوثن، أولى وأقرب إلى سياق الكلام، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 401]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار إنّ اللّه يفعل ما يريد (14) }
لمّا ذكر أهل الضّلالة الأشقياء، عطف بذكر الأبرار السّعداء، من الّذين آمنوا بقلوبهم، وصدّقوا إيمانهم بأفعالهم، فعملوا الصّالحات من جميع أنواع القربات، [وتركوا المنكرات] فأورثهم ذلك سكنى الدّرجات العاليات، في روضات الجنّات.
ولمّا ذكر أنّه أضلّ أولئك، وهدى هؤلاء، قال: {إنّ اللّه يفعل ما يريد}). [تفسير ابن كثير: 5/ 401]

رد مع اقتباس