الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 26 جمادى الآخرة 1434هـ/6-05-2013م, 08:09 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُ‌ونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ‌ إِخْرَ‌اجٍ ۚ فَإِنْ خَرَ‌جْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُ‌وفٍ ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(240)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري(124هـ) قال: (فقال تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ}. فنسخها بآية الميراث التي فرض لهن فيها الربع والثمن. *). [الناسخ والمنسوخ للزهري: 18-22]
قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال: (وعن قوله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} قال كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا من مال زوجها ما لم تخرج ثم نسخ ذلك بعد في سورة النساء فجعل لها فريضة معلومة الثمن إن كان له ولد والربع إن لم يكن له ولد وعدتها {أربعة أشهر وعشرا} فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الحول ونسخت الفريضة الثمن والربع ما كان قبلها من النفقة في الحول ). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/31-38]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية السّادسة والعشرون قوله تعالى {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج} كان رجل إذا مات عن امرأته أنفق عليها من ماله حولا كاملا وهي في عدته ما لم تخرج فإن خرجت انقضت العدة ولا شيء لها وكانوا إذا أقاموا بعد الميّت حولا عمدت المرأة فأخذت بعرة فألقتها في وجه كلب تخرج بذلك من عدتها عندهم فنسخ الله تعالى ذلك بالآية الّتي قبلها في النّظم وهي قوله تعالى {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً} فصارت الأربعة أشهر والعشر ناسخة للحول وليس في كتاب الله تعالى آية ناسخة في سورة إلّا والمنسوخ قبلها إلّا هذه الآية وآية أخرى في سورة الأحزاب وهي قوله تعالى {لا يحل لك النساء من بعد} نسختها
الآية الّتي قبلها وهي قوله {يا أيها النّبي إنّا أحللنا لك أزواجك} الآية هذه الناسخة والمنسوخة {لا يحل لك النساء من بعد} ونسخ النّفقة بالربع والثمن فقال {والّذين يتوفون منكم} إلى قوله {وعشرا} جميعها محكم غير أولها
). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 31-59]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثّالثة والثّلاثين: قوله تعالى: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ}.
قال المفسّرون: كان أهل الجاهليّة إذا مات أحدهم مكثت زوجته في بيته حولا ينفق عليها من ميراثه فإذا تمّ الحول خرجت إلى باب بيتها ومعها بعرة فرمت بها كلباً، وخرجت بذلك من عدّتها وكان معنى رميها
بالبعرة: أنّها تقول مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة. ثمّ جاء الإسلام فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية ثمّ نسخ ذلك بالآية المتقدّمة في نظم القرآن على هذه الآية. وهي قوله تعالى: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً} ونسخ الأمر بالوصيّة لها بما فرض لها من ميراثه وهذا مجموع (قول) الجماعة.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل عمر بن عبيد اللّه البقّال: قال، أبنا أبو الحسين بن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذيّ، فال: بنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال حدّثني أبي، قال: بنا حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {والّذين يتوفّون
منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ} فكان للمتوفي زوجها نفقتها وسكناها في الدّار سنةً فنسخها آية الميراث فجعل لهنّ الرّبع والثّمن ممّا ترك الزّوج.
وقال أحمد: وحدّثنا عبد الصّمد عن همّامٍ عن قتادة {متاعاً إلى الحول} فنسختها {يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً} فنسخت ما كان قبلها من أمر النّفقة في الحول ونسخت الفريضة الثّمن والرّبع ما كان قبلها من نققة (في الحول).
قال أحمد: وحدّثنا محمّد بن [جعفرٍ] الوركانيّ، قال بنا أبو الأحوص عن سماكٍ عن عكرمة {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً
لأزواجهم} قال: نسختها {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً}.
قال أحمد: وحدّثنا وكيعٌ عن سفيان عن ابن جريجٍ عن عطاء (وصية لأزواجهم) قال: كانت المرأة في
الجاهليّة تعطى سكنى سنةٍ من يوم توفّي زوجها [فنسختها (أربعة أشهرٍ وعشراً] ).
وعن سفيان عن حبيب بن أبي ثابتٍ قال: سمعت إبراهيم قال: هي منسوخةٌ.
قال أحمد: وحدّثنا عبد الوهّاب عن سعيدٍ عن قتادة {وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول} قال: كانت المرأة إذا توفّي عنها زوجها كان لها السّكنى والنفقة حولاً من ماله مالم تخرج من بيته ثمّ نسخ ذلك بقوله: {يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً}.
). [نواسخ القرآن:125- 236]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الحادية والعشرون: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ} قال المفسرون كانت الجاهلية تمكث زوجة المتوفي في بيته حولا ينفق عليها من ميراثه فأقرهم بهذه الآية على مكث الحول ثم نسخها {يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً} . ). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 14-21]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ):(
ومن ذلك قوله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} الآية [البقرة: 240] قال جماعة: هي منسوخة بالتي تقدمت، وهي قوله عز وجل: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} الآية [البقرة: 234] قالوا: نسخت هذه الحول، ونسخت آية الميراث النفقة عليها إلى الحول.
وقال الربيع: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها أقامت إن شاءت حولا ولها السكنى والنفقة، فنسخ ذلك آية الميراث.
وقال عبد الملك بن حبيب: كانت الحرة المتوفى عنها زوجها تخير بين أن تقيم في بيته وينفق عليها من ماله سنة وبين أن تخرج فلا يكون لها شيء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث.
وليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها؛ لأن الناسخ يتأخر نزوله عن المنسوخ، فكيف يكون نزولها متأخرا ثم توضع في التأليف قبل ما نزلت بعده، ناسخة له من غير فائدة في لفظ ولا معنى!، واحتجوا لذلك بأن المكي قد يؤخر عن المدني في السور، وليس هذا مثل ذلك، وليس في تقديم السورة وتأخيرها شيء من الإلباس بخلاف الآيات.
وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: {سيقول السفهاء} الآية [البقرة: 142] مع قوله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية [البقرة: 144].
والذي قال: غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، وقد تقدم أن قوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية [البقرة: 144] نزل بعد قولهم: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} الآية [البقرة: 142] أي: دم على ذلك {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} الآية [البقرة: 144]، وقد قيل: إن أول ما نزل في ذلك قوله عز وجل: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 142]، قيل: أعلم الله نبيه ما هم قائلون، فقال: إذا قالوا ذلك فقل لهم: {ولله المشرق والمغرب} الآية [البقرة: 142].
وقد تقدم أيضا قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} الآية [البقرة: 125] فهذا يدل على ما قلناه من أن قوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية [البقرة: 144] أمر بالدوام على ما كان أمره به من اتخاذ المقام مصلى، ثم إن هذه الآيات كلها في قصة بخلاف الناسخ والمنسوخ، ولم يقل أحد من المفسرين إن قوله عز وجل: {سيقول السفهاء} الآية [البقرة: 142] أنزل بعد قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فول وجهك} الآية [البقرة: 144]، وإنما وهم الزمخشري فظن أن الإخبار بما يكون بعد الشيء قبل وقوعه هو الواقع بعده، وهذا غلط بين، وإنما مثال هذا أن يقول الملك لمن يريد أن يوليه ناحية: سيطعن السفهاء في ولايتك، ثم يقول له بعد ذلك: تول ناحية كذا كذلك.
قال الله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} الآية [البقرة: 142]، إخبارا بما سيكون بعد التولية، ثم قال سبحانه بعد ذلك: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية [البقرة: 144]، وهذا واضح جدا، وقد خفي عليه فصار إلى ما صار إليه من تقدم الآية في التلاوة وتأخرها في الإنزال، وليس بهين أن تجعل كلام الله عز وجل بهذه المثابة.
بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت، بل معناها إن المتوفى عنها زوجها كانت لها متعة كما أن للمطلقة متعة، وكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول ولها السكنى والنفقة، وبين أن تخرج، يدل على صحة ذلك قوله سبحانه وتعالى: {متاعا إلى الحول غير إخراج} الآية [البقرة: 240] أي: لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234]، وأباح لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيرة فيه، ومن لم يفرق بين هذا وبين قوله عز وجل: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم} الآية [البقرة: 234]، ويميز بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، وبين المكث الراجع إلى الاختيار كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عز وجل: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234] أي: فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج.
وقد قال مجاهد: إن الآية محكمة، ولها السكنى والنفقة من مال زوجها إن شاءت.
وإن قلنا: إن ذلك قد كان ثم بطل بأنه لا وصية لوارث، فذاك موافق لما عليه الجمهور، وأما أن نقول: إنها منسوخة بما تقدمها فلا.
وهذا الموضع من أقبح ما ذكروه في كتاب الله عز وجل.
ثم ذكر بعد هذه المتعة الطلاق، فقال عز وجل عقيب هذه: {وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين} الآية [البقرة: 241].
ومن ذلك قول ابن زيد في قوله عز وجل: {إلا أن تقولوا قولا معروفا} الآية [البقرة: 235] إنه منسوخ بقوله عز وجل: {ولا تعزموا عقدة النكاح} الآية [البقرة: 235] وليس كما قال، بل هي محكمة، والمراد بذلك التعريض بالنكاح.
). [جمال القراء: 1/249-271]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس