عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين * فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين}
نصب "شعيبا" بفعل مضمر يحسن مع التقدير: وبعثنا أو أرسلنا، فأمر شعيب عليه السلام بعبادة الله تعالى، والإيمان بالبعث واليوم الآخر، ومع الإيمان به يصح رجاؤه، وذهب أبو عبيدة إلى أن المعنى: وخافوا. و"تعثوا" معناه: تفسدون، يقال: عثا يعثو، وعاث يعيث، وعثى يعثى إذا فسد. وأهل مدين: قوم شعيب، هذا على أنها اسم البلدة، وقيل: مدين: اسم القبيلة. و"أصحاب الأيكة" غيرهم، وقيل: هم بعضهم ومنهم، وذلك لأن معصيتهم في أمر الموازين والمكاييل كانت واحدة).[المحرر الوجيز: 6/ 643]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الرجفة": ميد الأرض بهم، وزلزلتها عليهم، وتداعيها بهم، وهذا نحو من الخسف، ومنه الإرجاف بالأخبار، و"الجثوم" -في هذا الموضع- تشبيه، أي: كان همودهم على الأرض كالجثوم الذي هو للطائر والحيوان، ومنه قول لبيد:
فغدوت في غلس الظلام وطيره عصب على خضل العضاة جثوم). [المحرر الوجيز: 6/ 643]

تفسير قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وعادا} منصوب بفعل مضمر، تقديره: واذكر عادا، وقيل: هو معطوف على قوله: {ولقد فتنا الذين من قبلهم}.
وقرأ: " وثمودا " عاصم، وأبو عمرو، وابن وثاب. وقرأ: " وثمود " بغير تنوين أبو جعفر، وشيبة، والحسن، وقرأ يحيى بن وثاب: "وعاد وثمود" بالخفض فيهما والتنوين.
ثم دل عز وجل على ما تعطيه العبرة من بقايا مساكنهم ورسوم منازلهم ودنو آثارهم. وقرأ الأعمش: "تبين لكم مساكنهم" دون "من". وقوله تعالى: {وزين لهم} عطف جملة من الكلام على جملة، و"السبيل" هي طريق الإيمان بالله تعالى ورسله، ومنهج النجاة من النار، وقوله: "مستبصرين"، قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: معناه: لهم بصيرة في كفرهم، وإعجاب به، وإصرار عليه، فذمهم بذلك. وقيل: لهم بصيرة في أن الرسالة والآيات حق، ولكن كانوا -مع ذلك- يكفرون عنادا، ويردهم الضلال إلى مجاهله ومتالفه، فيجري هذا مجرى قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}، وتزيين الشيطان هو بالوسواس ومناجاة ضمائر الناس، وتزيين الله تعالى الشيء هو بالاختراع، وخلق محبته والتلبس به في نفس العبد). [المحرر الوجيز: 6/ 643-644]

تفسير قوله تعالى: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
نصب "قارون" إما بفعل مضمر تقديره: اذكر، وإما بالعطف على ما تقدم، وقارون من بني إسرائيل، وهو الذي تقدمت قصته في الكنوز وفي البغي على موسى بن عمران عليه السلام، وفرعون مشهور، وهامان وزيره، وهو من القبط. و"البينات": المعجزات والآيات الواضحة، و"سابقين" معناه: مفلتين من أخذنا وعقابنا، وقيل: معناه: سابقين أوليائنا، وقيل: معناه: سابقين الأمم إلى الكفر، أي: قد كانت تلك عادة أمم مع الرسل). [المحرر الوجيز: 6/ 644]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(و "الذين أرسل عليهم الحاصب" قال ابن عباس رضي الله عنهما: هم قوم لوط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويشبه أن يدخل قوم عاد في الحاصب; لأن تلك الريح لا بد أنها كانت تحصبهم بأمور مؤذية. و"الحاصب": هو العارض من ريح أو سحاب أو رمى بشيء، ومنه قول الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور
ومنه قول الأخطل:
ترمي العضاة بحاصب من ثلجها ... حتى يبيت على العضاة جفالا
و "الذين أخذتهم الصيحة" قوم ثمود، قاله ابن عباس، وقال قتادة: هم قوم شعيب، و"الخسف" كان بقارون، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويشبه أن يكون أصحاب الرجفة في هذا النوع من العذاب، و"الغرق" كان في قوم نوح، وبه فسر ابن عباس، وفي فرعون وحزبه، وبه فسر قتادة.
وظلمهم أنفسهم كان بالكفر ووضع العبادة في غير موضعها، وقدم المفعول على "يظلمون" للاهتمام، وهذا نحو: إياك نعبد وغيره، وحكى الطبري أن رجفة قوم شعيب كانت صيحة أرجفتهم في هذا مع ثمود). [المحرر الوجيز: 6/ 645-646]

رد مع اقتباس