عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إنّا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربّك وانحر * إنّ شانئك هو الأبتر}
قرأ الحسن: (إنّا أنطيناك) وهي لغةٌ في (أعطى). قال النبيّ عليه الصلاة والسلام:
«واليد المنطيّة خيرٌ من السّفلى». وقال الأعشى:
جيادك خير جياد الملوك ....... تصان الجلال وتنطى الشّعيرا
قال أنسٌ، وابن عبّاسٍ، وابن عمر رضي اللّه عنهم، وجماعةٌ من الصحابة والتابعين: «الكوثر: نهرٌ في الجنّة، حافّتاه قبابٌ من درٍّ مجوّفٍ، وطينه مسكٌ، وحصباؤه ياقوتٌ. ونحو هذا من صفاته، وإن اختلفت ألفاظ الرّواة». وقال ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- أيضًا: الكوثر: «الخير الكثير».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«(كوثرٌ) بناء مبالغةٍ من الكثرة، ولا محالة أنّ الذي أعطى اللّه تعالى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من النبوّة والحكمة والعلم بربّه تعالى، والفوز برضوانه والشرف على عباده هو أكثر الأشياء وأعظمها، فكأنه يقال في هذه الآية: إنّا أعطيناك الحظّ الأعظم».
قال سعيد بن جبيرٍ:
«النهر الذي في الجنة هو من الخير الذي أعطاه اللّه تعالى إيّاه».
فنعم ما ذهب إليه ابن عبّاسٍ، ونعم ما تمّم ابن جبيرٍ رضي اللّه عنهما.
وأمر النهر ثابتٌ في الآثار في حديث الإسراء وغيره. صلّى اللّه على محمّدٍ وسلّم، ونفعنا بما منحنا من الهداية به.
وقال الحسن:
«الكوثر: القرآن».
وقال أبو بكر بن عيّاشٍ:
«هو كثرة الأصحاب والأشياع».
وقال جعفر الصادق:
«نورٌ في قلبه دلّه على اللّه تعالى، وقطعه عمّا سواه».
وقال أيضًا:
«هو الشفاعة».
وقال هلال بن يساف:
«هو التوحيد»). [المحرر الوجيز: 8/ 698-699]

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فصلّ لربّك} أمرٌ بالصلاة على العموم، ففيه المكتوبات بشروطها، والنوافل على أثرها، والنحر نحر الهدي والنّسك في الضحايا، في قول جمهور الناس، فكأنه تعالى قال: ليكن شغلك هذين، ولم يكن في ذلك الوقت جهادٌ.
وقال أنس بن مالكٍ:
«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة، فأمر أن يصلّي ثمّ ينحر». وقاله قتادة.
وقال القرطبيّ وغيره:
«في الآية طعنٌ على كفار مكة، أي أنهم يصلّون لغير اللّه تعالى مكاءً وتصديةً، وينحرون للأصنام، ونحوه، فافعل هذا أنت لربّك تكن على صراطٍ مستقيمٍ».
وقال ابن جبيرٍ:
«نزلت هذه الآية يوم الحديبيّة وقت صلح قريشٍ، قيل لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: صلّ وانحر الهدي. وعلى هذا تكون الآية من المدنيّ».
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، أنه قال:
«معنى الآية: صلّ لربّك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة. فالنحر على هذا ليس بمصدر نحر، بل هو الصّدر».
وقال آخرون: المعنى: ارفع يديك في استفتاح صلاتك عند نحرك). [المحرر الوجيز: 8/ 699-700]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ شانئك هو الأبتر} ردٌّ على مقالةٍ كان كثيرٌ من سفهاء قريشٍ يقولها لمّا لم يكن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولدٌ، فكانوا يقولون: هو أبتر، يموت فنستريح منه، ويموت أمره بموته. فقال اللّه تعالى - وقوله الحقّ -: {إنّ شانئك هو الأبتر} أي: المقطوع المبتور من رحمة اللّه تعالى، ولو كان له بنون فهم غير نافعيه.
و(الشّانئ): المبغض. وقال قتادة: الأبتر يراد به هنا الحقير الذليل.
وقال عكرمة:
«مات ابن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فخرج أبو جهلٍ يقول: «بتر محمّدٌ». فنزلت السورة».
وقال ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- :
«نزلت في العاص بن وائلٍ، سمّى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين مات ابنه عبد اللّه: أبتر»). [المحرر الوجيز: 8/ 700]


رد مع اقتباس