عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 10:28 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الله يتوفّى الأنفس حين موتها}
- أخبرنا محمّد بن كاملٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: سرنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن في سفرٍ ذات ليلةٍ، قلنا: يا رسول الله، لو عرّست بنا؟، قال: «إنّي أخاف أن تناموا، فمن يوقظنا للصّلاة»، فقال بلالٌ: أنا يا رسول الله، فعرّس القوم فاضطجعوا، واستند بلالٌ إلى راحلته، فغلبته عيناه، فاستيقظ رسول الله وقد طلع حاجب الشّمس، فقال: «يا بلال، أين ما قلت؟»، قال: يا رسول الله، والّذي بعثك بالحقّ ما ألقيت عليّ نومةٌ مثلها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله قبض أرواحكم حين شاء، وردّها عليكم حين شاء»، ثمّ أمرهم فانتشروا لحاجتهم، فتوضّئوا وقد ارتفعت الشّمس، فصلّى بهم الفجر). [السنن الكبرى للنسائي: 10/238]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: ومن الدّلالة على أنّ الألوهة للّه الواحد القهّار خالصةً دون كلّ ما سواه، أنّه يميت ويحيي، ويفعل ما يشاء، ولا يقدر على شيءٍ من ذلك سواه؛ فجعل ذلك خبرًا نبّههم به على عظيم قدّرته، فقال: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها} فيقبضها عند فناء أجلها، وانقضاء مدّة حياتها، ويتوفّى أيضًا الّتي لم تمت في منامها، كما الّتي ماتت عند مماتها {فيمسك الّتي قضى عليها الموت} ذكر أنّ أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتعارف ما شاء اللّه منها، فإذا أراد جميعها الرّجوع إلى أجسادها أمسك اللّه أرواح الأموات عنده وحبسها، وأرسل أرواح الأحياء حتّى ترجع إلى أجسادها إلى أجلٍ مسمًّى وذلك إلى انقضاء مدّة حياتها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها} الآية، قال: يجمع بين أرواح الأحياء، وأرواح الأموات، فيتعارف منها ما شاء اللّه أن يتعارف، فيمسك الّتي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجسادها.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها} قال: تقبض الأرواح عند نيام النّائم، فتقبض روحه في منامه، فتلقى الأرواح بعضها بعضًا أرواح الموتى وأرواح النيام، فتلتقي فتساءل، قال: فيخلى عن أرواح الأحياء، فترجع إلى أجسادها، وتريد الأخرى أن ترجع، فيحبس الّتي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى، قال: إلى بقيّة آجالها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها} قال: فالنّوم وفاةٌ {فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى} الّتي لم يقبضها {إلى أجلٍ مسمًّى}.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} يقول تعالى ذكره: إنّ في قبض اللّه نفس النّائم والميّت وإرساله بعد نفس هذا ترجع إلى جسمها، وحبسه لغيرها عن جسمها لعبرةٍ وعظةٍ لمن تفكّر وتدبّر، وبيانًا له أنّ اللّه يحيي من يشاء من خلقه إذا شاء، ويميت من شاء إذا شاء). [جامع البيان: 20/215-216]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها} [الزمر: 42].
- عن ابن عبّاسٍ {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها} [الزمر: 42] قال: تلتقي أرواح الأحياء والأموات [في المنام] فيتساءلون بينهم، فيمسك اللّه أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 42.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس} الآية، قال: نفس وروح بينهما شعاع الشمس فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جسده وجوفه يتقلب ويعيش فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح فمات أو أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه). [الدر المنثور: 12/664]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} الآية قال: يلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتساءلون بينهم ما شاء الله تعالى ثم يمسك الله أرواح الأموات ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها {إلى أجل مسمى} لا يغلط بشيء من ذلك، فذلك قوله {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} ). [الدر المنثور: 12/664-665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} قال: كل نفس لها سبب تجري فيه فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب {والتي لم تمت} تترك). [الدر المنثور: 12/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر عن ابن عباس في الآية قال: سبب ممدود بين السماء والأرض فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتعلق النفس الميتة بالنفس الحية فإذا أذن لهذه الحية بالأنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى). [الدر المنثور: 12/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن فرقد قال: ما من ليلة من ليالي الدنيا إلا والرب تبارك وتعالى يقبض الأرواح كلها مؤمنها وكافرها، فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار وهو أعلم ثم يدعو ملك الموت فيقول: اقبض هذا واقبض هذا من قضى عليه الموت {ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} ). [الدر المنثور: 12/665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال: العجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على باله فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا فقال علي بن أبي طالب: أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين يقول الله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} فالله يتوفى الأنفس كلها فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها، فعجب عمر من قوله). [الدر المنثور: 12/665-666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان نازلا عليه في بيته حين أراد أن يرقد قال كلاما لم نفهمه قال: فسألته عن ذلك فقال اللهم أنت تتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضي عليها الموت وترسل الأخرى إلى أجل مسمى أنت خلقتني وأنت تتوفاني فإن أنت توفيتني فاغفر لي وأن أنت أخرتني فاحفظني). [الدر المنثور: 12/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل: اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه أن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك). [الدر المنثور: 12/666-667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال: إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم). [الدر المنثور: 12/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم ليلة الوادي: إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء). [الدر المنثور: 12/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: من يكلؤنا الليلة فقلت: أنا، فنام ونام الناس ونمت فلم نستيقظ إلا بحر الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد فيقبضها إذا شاء ويرسلها إذا شاء). [الدر المنثور: 12/667-668]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس فأقام الصلاة ثم صلى بهم، ثم قال: إذا رقد أحدكم فغلبته عيناه فليفعل هكذا، فإن الله سبحانه وتعالى {يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} ). [الدر المنثور: 12/668]

تفسير قوله تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أم اتخذوا من دون الله شفعاء قال هي في الآلهة قالوا اتخذناها لتشفع لنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/174]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم اتّخذوا من دون اللّه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون (43) قل للّه الشّفاعة جميعًا له ملك السّموات والأرض ثمّ إليه ترجعون}.
يقول تعالى ذكره: أم اتّخذ هؤلاء المشركون باللّه من دونه آلهتهم الّتي يعبدونها شفعاء تشفع لهم عند اللّه في حاجاتهم؟!
وقوله: {قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهم: أتتّخذون هذه الآلهة شفعاء كما تزعمون ولو كانوا لا يملكون لكم نفعًا ولا ضرًّا، ولا يعقلون شيئًا، قل لهم: إن تكونوا تعبدونها لذلك، وتشفع لكم عند اللّه، فأخلصوا عبادتكم للّه، وأفردوه بالألوهة، فإنّ الشّفاعة جميعًا له، لا يشفع عنده إلاّ من أذن له، ورضي له قولاً.
قل لهم: إن تكونوا تعبدونها لذلك، وتشفع لكم عند اللّه، فأخلصوا عبادتكم للّه، وأفردوه بالألوهة، فإنّ الشّفاعة جميعًا له، لا يشفع عنده إلاّ من أذن له، ورضي له قولاً، وأنتم متى أخلصتم له العبادة، فدعوتموه، وشفّعكم {له ملك السّموات والأرض}، يقول: له سلطان السّموات والأرض وملكها، وما تعبدون أيّها المشركون من دونه له؛ يقول: فاعبدوا الملك لا المملوك الّذي لا يملك شيئًا {ثمّ إليه ترجعون} يقول: ثمّ إلى اللّه مصيركم، وهو معاقبكم على إشراككم به، إن متّم على شرككم.
ومعنى الكلام: للّه الشّفاعة جميعًا، له ملك السّموات والأرض، فاعبدوا المالك الّذي له ملك السّموات والأرض، الّذي يقدر على نفعكم في الدّنيا، وعلى ضرّكم فيها، وعند مرجعكم إليه بعد مماتكم، فإنّكم إليه ترجعون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أم اتّخذوا من دون اللّه شفعاء} الآلهة {قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا} الشّفاعة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل للّه الشّفاعة جميعًا} قال: لا يشفع عنده أحدٌ إلاّ بإذنه). [جامع البيان: 20/216-217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 43 - 45
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم اتخذوا من دون الله شفعاء} قال: الآلهة). [الدر المنثور: 12/668]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قل لهم: إن تكونوا تعبدونها لذلك، وتشفع لكم عند اللّه، فأخلصوا عبادتكم للّه، وأفردوه بالألوهة، فإنّ الشّفاعة جميعًا له، لا يشفع عنده إلاّ من أذن له، ورضي له قولاً، وأنتم متى أخلصتم له العبادة، فدعوتموه، وشفّعكم {له ملك السّموات والأرض}، يقول: له سلطان السّموات والأرض وملكها، وما تعبدون أيّها المشركون من دونه له؛ يقول: فاعبدوا الملك لا المملوك الّذي لا يملك شيئًا {ثمّ إليه ترجعون} يقول: ثمّ إلى اللّه مصيركم، وهو معاقبكم على إشراككم به، إن متّم على شرككم.
ومعنى الكلام: للّه الشّفاعة جميعًا، له ملك السّموات والأرض، فاعبدوا المالك الّذي له ملك السّموات والأرض، الّذي يقدر على نفعكم في الدّنيا، وعلى ضرّكم فيها، وعند مرجعكم إليه بعد مماتكم، فإنّكم إليه ترجعون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أم اتّخذوا من دون اللّه شفعاء} الآلهة {قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا} الشّفاعة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل للّه الشّفاعة جميعًا} قال: لا يشفع عنده أحدٌ إلاّ بإذنه). [جامع البيان: 20/217] (م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قل لله الشفاعة جميعا يقول لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه). [تفسير مجاهد: 558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قل لله الشفاعة جميعا} قال: لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه). [الدر المنثور: 12/668]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة قال استكبرت وكفرت). [تفسير عبد الرزاق: 2/174]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {اشمأزّت} [الزمر: 45] : «نفرت» ). [صحيح البخاري: 6/125]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله اشمأزّت نفرت قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون تقول العرب اشمأزّ قلبي عن فلانٍ أي نفر وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ قال اشمأزّت أي نفرت ومن طريق مجاهدٍ قال انقبضت). [فتح الباري: 8/549]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (اشمأزّت نفرت
أشار به إلى قوله تعالى: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة} (الزمر: 45) الآية، وفسره بقوله: نفرت وكذا رواه الطّبرانيّ عن محمّد: حدثنا أحمد حدثنا أسباط عن السّديّ وعن مجاهد، قال: انقبضت، وعن قتادة أي: كفرت قلوبهم واستكبرت). [عمدة القاري: 19/142]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({اشمأزت}) في قوله: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} [الزمر: 45] قال مجاهد فيما وصله الطبري أي (نفرت) وقال أبو زيد الاشمئزاز الذعر اشمأز فلان ذعر ووزنه افعلل كاقشعرّ قال الزمخشري ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز إذ كل واحد منهما غاية في بابه لأن الاستبشار أن يمتلئ قلبه سرورًا حتى يظهر ذلك السرور في أسرّة وجهه ويتهلّل والاشمئزاز أن يمتلئ غيظًا وغمًّا حتى يظهر الانقباض في أديم وجهه). [إرشاد الساري: 7/318-319]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين من دونه إذا هم يستبشرون}.
يقول تعالى ذكره: وإذا أفرد اللّه جلّ ثناؤه بالذّكر، فدعي وحده، وقيل لا إله إلاّ اللّه، اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالمعاد والبعث بعد الممات وعني بقوله: {اشمأزّت}: نفرت من توحيد اللّه {وإذا ذكر الّذين من دونه} يقول: وإذا ذكر الآلهة الّتي يدعونها من دون اللّه مع اللّه، فقيل: تلك الغرانيق العلى، وإنّ شفاعتها لترتجى، إذ الّذين لا يؤمنون بالآخرة يستبشرون بذلك ويفرحون
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة}: أي كفرت قلوبهم واستكبرت {وإذا ذكر الّذين من دونه} الآلهة {إذا هم يستبشرون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {اشمأزّت} قال: انقبضت، قال: وذلك يوم قرأ عليهم النّجم عند باب الكعبة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {اشمأزّت} قال: نفرت {وإذا ذكر الّذين من دونه} أوثانهم). [جامع البيان: 20/218-219]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا ذكر الله وحده اشمأزت يعني انقبضت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وذلك يوم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم عند باب الكعبة). [تفسير مجاهد: 558-559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت} قال: انقبضت قال: هو يوم قرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم {والنجم} عند باب الكعبة). [الدر المنثور: 12/668-669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة: أبو جهل بن هشام والوليد بن عتبة وصفوان وأبي بن خلف {وإذا ذكر الذين من دونه} اللات والعزى {إذا هم يستبشرون} ). [الدر المنثور: 12/669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: نفرت قلوب الكافرين من ذكر الله سبحانه وتعالى قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت عمرو بن كلثوم الثعلبي وهو يقول:
إذا غض النفاق لها اشمأزت * وولته عشورته زبونا). [الدر المنثور: 12/669]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: استكبرت ونفرت {وإذا ذكر الذين من دونه} قال: الآلهة). [الدر المنثور: 12/670]

تفسير قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن أبي طعمة، عن رجل من الحي، وربما قال هبيرة بن خزيمة، قال: أتيت الربيع بن خثيم بنعي الحسين، وقالوا: اليوم يتكلم، فقال: قتلوه، ومد بها سفيان، {قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون} [سورة: الزمر: 46] ). [الزهد لابن المبارك: 2/198]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل اللّهمّ فاطر السّموات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد، اللّهم خالق السّموات والأرض {عالم الغيب والشّهادة} الّذي لا تراه الأبصار، ولا تحسّه العيون، والشّهادة الّذي تشهده أبصار خلقه، وتراه أعينهم {أنت تحكم بين عبادك} فتفصل بينهم بالحقّ يوم تجمعهم لفصل القضاء بينهم {فيما كانوا فيه} في الدّنيا {يختلفون} من القول فيك، وفي عظمتك وسلطانك، وغير ذلك من اختلافهم بينهم، فتقضي يومئذٍ بيننا وبين هؤلاء المشركين الّذين إذا ذكرت وحدك اشمأزّت قلوبهم، إذا ذكر من دونك استبشروا بالحقّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {فاطر} قال: خالق، وفي قوله: {عالم الغيب} قال: ما غاب عن العباد فهو يعلمه {والشّهادة}: ما عرف العباد وشهدوا، فهو يعلمه). [جامع البيان: 20/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 46 - 48
أخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل {فاطر السماوات والأرض} عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفت من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم). [الدر المنثور: 12/670]


رد مع اقتباس