عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 10:29 AM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 2,167
افتراضي

سبب اختلاف العلماء في عدد الحروف والكلمات

قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (باب ذكر جملة عدد كلم القرآن وحروفه واختلاف الآيات عن السلف وبالله التوفيق
...
وقد تناول بعض علمائنا من المتأخرين عد حروف القرآن مجملا ومفصلا؛ إذ رأى الآثار تضطرب في جملة عددها وعدد ما في السور منها ولم يدر السبب الموجب لذلك وبنى على حال استقرارها في التلاوة دون حال صورتها في الكتابة، وحصل ذلك بزعمه في الجملة والتفصيل على مذهب كل واحد من أئمة القراء السبعة، فذكر تفاوتا عظيما في جملة العدد وفي السور على ما ذكره المتقدمون وأحصاه السابقون، وذلك من حيث كانت الكلمة قد تزيد أحرفها في اللفظ على ما هي عليه في الرسم فأتعب نفسه فيما تناوله وأجهد خاطره فيما قصده، إذ كان ذلك خلافا لما ذهب إليه السلف وعدولا عما قصدوا إليه من عدد الحروف وتحصيلها على حال صور الكلم في الرسم دون استقرارهن في اللفظ، وكان الذي دعاهم إلى ذلك مع ما فيه من تعظيم القرآن وتبجيله وحياطته من مدخل الزيادة والنقصان فيه التعريف بما لقارئ القرآن إذا هو تلاه كله أو بعضه من الحسنات إذ كان له بكل حرف منه عشر حسنات
ومن الدليل على صحة ما قلناه من أنهم عدوا الحروف على حال الرسم دون اللفظ بخلاف ما ذهب إليه من تقدم ذكره ما حدثناه محمد بن خليفة الإمام قال: أنا محمد بن الحسين بن عبد الجبار قال: أنا شجاع بن مخلد قال: أنا حجاج بن المنهال قال: أنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص وأبي البختري
ح وحدثنا خلف بن إبراهيم قال: أنا أحمد بن محمد المكي، قال: أنا علي بن عبد العزيز، قال: أنا القاسم بن سلام، قال: أنا حجاج عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء أن عاصم بن بهدلة أخبره عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال:( تعلموا القرآن واتلوه فإنكم تؤجرون فيه بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة) هذا لفظ حديث عاصم، وفي حديث عطاء بن السائب ولكن بالألف عشرا وباللام عشرا وبالميم عشرا،
ألا ترى أن صورة الميم في الكتابة ثلاثة أحرف ألف ولام وميم،وهي في التلاوة تسعة أحرف ألف ولام وفاء ولام وألف وميم وميم وياء وميم، فلو كانت الكلمة إنما تعد حروفها على حال استقرارها في اللفظ دون الرسم لوجب أن يكون لقارئ ألم تسعون حسنة إذ هي في اللفظ تسعة أحرف فلما قال الصحابي وبعضهم يرفعه إنها ثلاثة أحرف وإن لقارئها ثلاثين حسنة لكل حرف منها عشر حسنات ثبت أن حروف الكلم إنما تعد على حال صورهن في الكتابة دون اللفظ، فإن الثواب جار على ذلك وإذا ثبت ذلك بطل ما ذهب إليه من تقدمنا بذكره
فإن قال قائل: إذا كان الأمر على ما بينته وأوضحت صحته فما سبب اختلاف الروايات واضطرابها عن السلف في جملة عدد الكلم والحروف؟
قلت: سبب اختلافها واضطرابها واقع عندنا من جهة مرسوم الكلم في المصاحف الموجه بها إلى الأمصار من عثمان رضي الله عنه، إذ كن يختلفن فيه بالزيادة والنقصان، والحذف والإتمام، والقطع والوصل كثيرا، ألا ترى أن قوله {كلما جاء أمة رسولها}،{و أين ما تكونوا}، {و أن لا إله إلا أنت}، {لكيلا تأسوا}، وشبه ذلك قد جاء في بعضها مقطوعا وفي بعضها موصولا، فمن قطعه عده كلمتين، ومن وصله عده كلمة واحدة، وهكذا رسموا في بعضها في سورة البقرة إبراهيم جميع ما فيها بغير ياء، ورسموا ذلك في بعضها بالياء، ورسموا في بعضها في سورة الرحمن {تكذبان} من أولها إلى آخرها بغير ألف وفي بعضها بالألف، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده ويتعذر إحصاؤه، فمن أثبت الياء والألف في ذلك عدها ومن لم يثبتها لم يعدها؛ فلهذا وقع الاختلاف وتفاوت العدد في جملة الكلم والحروف والله أعلم
فإن قال قائل: فإذا كان اختلاف مرسوم المصاحف هو السبب الموجب لورود الاختلاف عن السلف في ذلك، فلم اختلفوا في كلم فاتحة الكتاب وحروفها والمصاحف متفقة على مرسومها؟ قلت: ذلك فيها من قبل المرسوم بل من قبل اختلافهم في التسمية، في أولها هل هي منها أم ليست منها؟ فمن قال منهم هي منها وعدها آية فاصلة لذلك عد كلمها تسعا وعشرين وحروفها مئة وأحدا وأربعين، ومن قال ليست منها ولم يعدها آية عد كلمها خمسا وعشرين وحروفها مئة واثنتين وعشرين،
فإن قال: فلم عد حروفها عطاء بن يسار المدني مئة وعشرين وعدها غيرهمنهم مئة واثنين وعشرين؟ قلت: من قبل الألف في قوله: {الصراط} (و) {صراط} ثابتة رسما في بعض مصاحفهم في الكلمات وساقطة رسما في بعضها ولمثل ذلك من اختلاف مرسوم المصاحف ورد الاختلاف في كثير من السور وحروفها وكل ذلك على اختلافه غير مدفوع صحته ولا مردود على ناقله من الأئمة والموقوف عليه من السلف إذ سببه ما ذكرناه وبينا صحته). [البيان:75-78]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ):
(واعلم أن سبب اختلاف العلماء في عد الآي والكلم والحروف؛ أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يقف على رءوس الآي؛ للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة.
وأيضا البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها.
وسبب الاختلاف في الكلمة؛ أن الكلمة لها حقيقة ومجاز ورسم، واعتبار كل منها جائز، وكل من العلماء اعتبر أحد الجوائز). [البرهان في علوم القرآن: 1/251-252]

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (قيل وسبب الاختلاف في عد الكلمات أن الكلمة لها حقيقة ومجاز ولفظ ورسم واعتبار كل منها جائز وكل من العلماء اعتبر أحد الجوائز .). [الإتقان في علوم القرآن:2/455-457](م)
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (واختلفت أقوال العلماء(37) في عدد حروف القرآن ...، قال ابن مهران: وسبب الاختلاف أن بعضهم عدَّ كل حرف مشدد بحرفين وعدّه بعضهم حرفًا واحدًا، وقيل: بحسب اختلال رسم المصاحف.
...
واختلفوا في جملة عدد كلمات القرآن ...وسبب الاختلاف أن بعضهم عدَّ نحو الأرض والآخرة والأنهار والأبرار كلمتين على مذهب الكوفيين لأنهم يجعلون الألف واللام كلمة برأسها مبنية لمعنى التعريف وبعضهم عدَّ ذلك كلمة واحدة على مذهب البصريين لأنهم يجعلون اللام وحدها للتعريف والألف للابتداء. انتهى من كتاب العدد لأبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي.). [القول الوجيز: 110-124](م)
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ((37) قد يقول قائل: إنه لا فائدة من حصر كلمات القرآن الكريم ومعرفة عدد حروفه وقد ورد ذلك عن بعض الفقهاء والعلماء كالإمام السخاوي حيث قال: لا أعلم لعدد الكلمات والحروف من فائدة لأن ذلك إن فاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة والنقص والقرآن لا يمكن فيه ذلك.
وأقول: أنه يجب على علماء المسلمين أن يٌعْنَوْا عناية تامة بهذا النص القرآني الكريم؛ ومن دقة العناية به حصر كلماته وحروفه، لكي يمكنهم الرد على من يدعي من أعداء المسلمين كالشيعة وغيرهم أن القرآن فيه زيادة أو نقص، وبمثل هذه العناية نكون قد أعطينا القرآن الكريم حقه من الحفظ والاهتمام بأقدس نص ديني في حياة المسلمين، ولقد أهتم بهذا الأمر كثير من العلماء فقد ورد عدٌّه عن أبي عباس وغيره، وقد استوعبه ابن الجوزي في فنون الأفنان وأهتم به أهل الدراية والفن أيام الحجاج وغيره ويكفى في معرفة عدد حروفه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)). رواه الترمذي.
ففي هذا الحديث الشريف دلالة واضحة على أهمية الحروف في نظر المهتمين بالقرآن الكريم ومن هذه الأهمية عدد حروفه وإحصاؤها وتقسيم القرآن على أساسها تقسيمًا عدلًا حتى تتساوى مقادير الثواب أمام الراغبين في تحصيلها وإذا كنا نرى في عصرنًا هذا إن عناية الصحفيين ومراسلي وسائل الأعلام الحديثة قد بلغت من الدقة إلى حد إنهم يحصون خطب الرؤساء والزعماء والقادة بالحرف وإنهم لا ينقلونها بنصوصها فحسب بل وبتعداد الكلمات التي صيغت منها النصوص فلا أقل من أن نشجع هذه العناية بأقدس نص سماوي في حياة المسلمين.). [التعليق على القول الوجيز: 86-160](م)


رد مع اقتباس