الموضوع: غير مصنف
عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 09:34 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تصغير المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الكلام عن مسألة تصغير المصحف بتناول أمرين:
أحدهما: تصغير حجم المصحف وخطه.
وثانيهما: تصغير اسمه تصغيرا لفظيا كقولهم "مصيحف".
وقد اتفق أهل العلم على المنع من الأمرين معا لما في التصغير من منافاة للتعظيم الواجب للمصحف، ولكون التصغير مشعرا بالاحتقار أحيانا؛ بل قد صرح بعض العلماء بتكفير من صغر اسم المصحف استخفافا، فإن لم يكن التصغير على سبيل الاستخفاف فقد اختلفت كلمة العلماء في درجة الحظر فيه، فمن قائل بالتحريم لتضمن التصغير صورة الامتهان ولو لم يكن مقصودا، إلى قائل بالكراهة لعدم قصد الامتهان على أن من أهل العلم من يعبر عن الكراهة بالتحريم، ومنهم من يعبر بها عن التنزيه.
وقد صرح بعض فقهاء الشافعية بعدم التحريم، وإن لم يقتض تصريحه هذا، القول بالإباحة وانتفاء البأس.
المأثور في منع تصغير المصحف تصغيرا فعليا:
تضافرت الآثار المقتضية للمنع من تصغير المصحف وكتابته بخط دقيق عن طائفة من الصحابة والتابعين، فمن ذلك:
1/ ما أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن قال: ( حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني عن ابن لهيعة عن أبي الأسود: "أن عمر بن الخطاب وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فقال: ما هذا؟ قال: القرآن كله. فكره ذلك وضربه، وقال: "عظموا كتاب الله". قال: وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سر به).
2/ وما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد في الفضائل وابن أبي داود في المصاحف واللفظ لعبد الرزاق قال: ( عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عليا كان يكره أن تتخذ المصاحف صغارا).
3/ وما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد في الفضائل وابن أبي داود في المصاحف والحكيم الترمذي في النوادر واللفظ لأبي عبيد قال: ( حدثنا حجاج عن عبد الله ابن شداد الجدلي عن عبد الله بن سليمان العبدي عن أبي حكيمة العبدي قال: " كنت أكتب المصاحف، فبينا أنا أكتب مصحفا إذ مر بي علي رضي الله عنه، فقام ينظر إلى كتابي فقال: أجلل قلمك.قال: فقضمت من قلمي قضمة ثم جعلت أكتب، فقال: نعم.. هكذا نوره كما نوره الله عزوجل".
4/ ومنها ما أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن أبي داود في المصاحف واللفظ لعبد الرزاق قال: (عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان يقال: "عظموا القرآن يعني المصاحف و لا تتخذوها صغارا".
التصغير اللفظي لاسم المصحف (مصيحف):
ورد النهي عن تصغير اسم المصحف، كأن يقال: " مصيحف"، فقد أخرج ابن عدي في الكامل، والديلمي في الفردوس واللفظ له عن أبي هريرة مرفوعا: " لا يقولن أحدكم للمسجد مسيجد، فإنه يبيت يذكر الله فيه، ولا يقولن أحدكم مصيحف فإن كتاب الله أعظم من أن يصغر، ولا يقولن للرجل رويجل ولا للمرأة مرية" وساقه الذهبي في السير في ترجمة ابن عدي، وأسنده الذهبي من طريق بن عدي، لكن مداره على عيسى بن إبراهيم الهاشمي وهو معدود في منكراته. وقد ساق الذهبي في الميزان حديث أبي هريرة هذا في ترجمة إسحاق بن نجيح الملطي، وعده من موضوعاته.
المأثور عن التابعين في المنع من لفظة مصيحف:
1/ أخرج ابن سعد في طبقاته، وابن أبي داود في المصاحف،والذهبي في السير، واللفظ لابن أبي داود قال: (حدثنا سليمان بن أبي داود بن حماد أبو الربيع المهري، حدثنا ابن وهب قال: حدثني العطاف بن خالد بن عبد الرحمن بن حرملة قال: كان ابن المسيب يقول: " لا يقول أحدكم مصيحف ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل").
2/ وأخرج سعيد بن منصور في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن أبي داود في المصاحف، والبيهقي في الشعب، واللفظ لسعيد بن منصور قال: (نا فضيل عن ليث عن مجاهد أنه كره أن يصغر المصحف والمسجد يقال: مصيحف ومسيجد).
3/ وأخرج ابن أبي داود في المصاحف قال: (حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا شبابة، حدثنا الحسام عن أبي معشر عن إبراهيم: أنه كان يكره أن يقال مصيحف أو رويجل).
فهذه طائفة من النصوص المأثورة قد تضمنت النهي عن تصغير اسم المصحف لكون ذلك مشعرا بعدم التعظيم اللازم لكتاب الله.
قال القرطبي في مقدمة تفسيره، والتذكار له أيضا، وهو بصدد الكلام على صور حرمة القرآن: (ومن حرمته أن لا يصغر المصحف بكتابة ولا اسم).
وروي الأعمش عن إبراهيم عن علي رضي الله عنه قال:" لا يصغر المصحف".
وذكر ابن الأنباري عن عمر رضي الله عنه أنه رأى مصحفا صغيرا فقال: "من كتب
[415]
هذا؟ قال رجل: أنا.فضربه بالدرة، وقال: عظموا القرآن".
قال العلماء: (ومن المساهلة فيه وترك الحفل به أن يصغر، فيكون عرضة للأيدي الخاطئة وذوي الأمانات المختلفة الناقصة، ولن يفعل هذا أحد بما عنده إلا إذا قل مقداره عنده، وخف على قلبه أمره، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقال مسيجد ومصيحف).
وجاء في معجم المناهي اللفظية لأبي زيد: (وقاعدة الباب كما ذكرها أبو حيان- رحمه الله تعالى: "لا تصغر الاسم الواقع على من يجب تعظيمه شرعا نحو أسماء الباري تعالى، وأسماء الأنبياء- صلوات الله عليهم- وما جرى مجرى ذلك، لأن تصغير ذلك غض لا يصدر إلا عن كافر أو جاهل"انتهى...إلى أن قال: "وتصغير التعظيم لم يثبت من كلامهم").


رد مع اقتباس