عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى وأيدناه
[تفسير عبد الرزاق: 1/101]
بروح القدس قال هو جبريل عليه السلام). [تفسير عبد الرزاق: 1/102]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {تلك الرّسل} الّذين قصّ اللّه قصصهم في هذه السّورة كموسى بن عمران وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وشمويل وداود، وسائر من ذكر نبأهم في هذه السّورة،
[جامع البيان: 4/519]
يقول تعالى ذكره: هؤلاء رسلي فضّلت بعضهم على بعضٍ، فكلّمت بعضهم والّذي كلّمته منهم موسى صلّى اللّه عليه وسلّم ورفعت بعضهم درجاتٍ على بعضٍ بالكرامة ورفعة المنزلة.
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ} قال: يقول: منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم على بعضٍ درجاتٍ يقول: كلّم اللّه موسى، وأرسل محمّدًا إلى النّاس كافّةً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
وممّا يدلّ على صحّة ما قلنا في ذلك قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحدٌ قبلي: بعثت إلى الأحمر والأسود، ونصرت بالرّعب، فإنّ العدوّ ليرعب منّي على مسيرة شهرٍ، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحدٍ كان قبلي، وقيل لي: سل تعطه، فاختبأتها شفاعةً لأمّتي، فهي نائلةٌ منكم إن شاء اللّه من لا يشرك باللّه شيئًا). [جامع البيان: 4/520]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس}.
يعني تعالى ذكره بذلك: {وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات} وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والأدلّة على نبوّته من إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، وما أشبه ذلك، مع الإنجيل الّذي أنزلته إليه، فبيّنت فيه ما فرضت عليه.
ويعني تعالى ذكره بقوله: {وأيّدناه} وقوّيناه وأعنّاه {بروح القدس} يعني بروح اللّه وهو جبريل.
وقد ذكرنا اختلاف أهل العلم في معنى روح القدس والّذي هو أولى بالصّواب من القول في ذلك فيما مضى قبل، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 4/521]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات}.
يعني تعالى ذكره بذلك: ولو أراد اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم، يعني من بعد الرّسل الّذين وصفهم بأنّه فضّل بعضهم على بعضٍ ورفع بعضهم درجاتٍ، وبعد عيسى ابن مريم، وقد جاءهم من الآيات بما فيه مزدجرٌ لمن هداه اللّه ووفّقه.
ويعني بقوله: {من بعد ما جاءتهم البيّنات} يعني من بعد ما جاءهم من آيات اللّه ما أبان لهم الحقّ، وأوضح لهم السّبيل.
[جامع البيان: 4/521]
وقد قيل: إنّ الهاء والميم في قوله: {من بعدهم} من ذكر موسى وعيسى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات} يقول: من بعد موسى وعيسى.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات} يقول: من بعد موسى وعيسى). [جامع البيان: 4/522]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد}.
يعني تعالى ذكره بذلك: ولكن اختلف هؤلاء الّذين من بعد الرّسل لمّا لم يشأ اللّه منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا، فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البيّنات من عند ربّهم بتحريم الاقتتال والاختلاف، وبعد ثبوت الحجّة عليهم بوحدانيّة اللّه ورسالة رسله ووحي كتابه، فكفر باللّه وبآياته بعضهم، وآمن بذلك بعضهم،
[جامع البيان: 4/522]
فأخبر تعالى ذكره أنّهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي بعد علمهم بقيام الحجّة عليهم بأنّهم على خطأٍ تعمّدًا منهم للكفر باللّه وآياته، ثمّ قال تعالى ذكره لعباده: {ولو شاء اللّه ما اقتتلوا} يقول: ولو أراد اللّه أن يحجزهم بعصمته وتوفيقه إيّاهم عن معصيته فلا يقتتلوا ما اقتتلوا ولا اختلفوا {ولكنّ اللّه يفعل ما يريد} بأن يوفّق هذا لطاعته والإيمان به فيؤمن به ويطيعه ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه). [جامع البيان: 4/523]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد (253)
قوله تعالى: تلك الرّسل
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو جعفرٍ ثنا أبو المغيرة، ثنا معان بن رفاعة عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قلت: يا نبيّ اللّه: كم الأنبياء؟ قال مائة ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا، الرّسل من ذلك: ثلاثمائةٍ وخمسة عشر جمًّا غفيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/482]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فضّلنا بعضهم على بعضٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة فضّلنا بعض النّبيّين على بعضٍ قال: اتّخذ اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/482]
إبراهيم خليلا، وكلّم موسى تكليمًا، وجعل عيسى كمثل آدم، خلقه من ترابٍ، ثمّ قال له: كن فيكون، وهو عبد اللّه ورسوله، من كلمة اللّه وروحه، وآتى سليمان ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده، وآتى داود زبورًا، وغفر لمحمّد بن عبد اللّه، ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
- حدّثنا الحسن بن المنهال القطّان، ثنا محمّد بن عبد اللّه ابن عمّارٍ، ثنا عفيفٌ، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم ولقد فضّلنا بعض النّبيّين على بعضٍ بالعلم). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: منهم من كلم الله
- حدثنا أبو سعيد بن يحي بن سعيدٍ القطّان، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
في قول اللّه تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه قال: كلّم اللّه موسى.
وروي عن الشّعبيّ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ورفع بعضهم درجاتٍ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: درجاتٍ يعني فضائل). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وآتينا عيسى ابن مريم البينات
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أبنا أبو غسّان، ثنا سلمة، قال: قال محمّد ابن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات أي: الآيات الّتي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطّين كهيئة الطّير ثمّ ينفخ فيه الرّوح، فيكون طيرًا بإذن اللّه، وإبراء الأسقام، والخبر بكثيرٍ من الغيوب، ممّا يدّخرون في بيوتهم، وما ردّ عليهم من التّوراة، مع الإنجيل الّذي أحدث اللّه إليه). [تفسير القرآن العظيم: 1/483]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأيدناه بروح القدس
قد تقدم تفسيره آية 87). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر
[الوجه الأول]
- حدّثنا سهل بن بحرٍ العسكريّ، حدّثنا حسين بن الأسود، ثنا عمرو بن محمّدٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أصحابه، في قول اللّه: البيّنات قال: الحلال والحرام.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ من بعد ما جاءتهم البيّنات قال: من بعد ما جاءكم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولكن اختلفوا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أبنا العبّاس بن الوليد النرس، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: ولكن اختلفوا يعني اليهود والنّصارى، يقول:
هذا القرآن لهم ما اختلفوا فيه). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فمنهم من آمن ومنهم من كفر
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيد بن ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: آمن قال: صدّق.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة، قال: آمن بكتابه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا أبو غسّان محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، قال: لمّا أراد اللّه بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الكفر وأهله ففعل ما أراد من ذلك بلطفه). [تفسير القرآن العظيم: 1/484]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، قوله: ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد). [تفسير القرآن العظيم: 1/485]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض قال كلم الله موسى وأرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة). [تفسير مجاهد: 114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فضلنا بعضهم على بعض} قال: اتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما وجعل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وهو عبد الله وكلمته وروحه وآتى داوود زبورا وآتى سليمان ملكا لا ينبغى لأحد من بعده وغفر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وأخرج آدم بن أبي إياس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله {منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} قال: كلم الله موسى وأرسل محمدا إلى الناس كافة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر هو الشعبي {ورفع بعضهم درجات} قال: محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أتعجبون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن المنذر عن الربيع بن خيثم قال: لا أفضل على نبينا أحدا ولا
[الدر المنثور: 3/165]
أفضل على إبراهيم خليل الرحمن أحدا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات} يقول: من بعد موسى وعيسى.
وأخرج ابن عساكر بسند واه عن ابن عباس قال: كنت عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية اذ أقبل علي فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمعاوية أتحب عليا قال: نعم، قال: إنها ستكون بينكم هنيهة، قال: معاوية فما بعد ذلك يا رسول الله قال: عفو الله ورضوانه، قال رضينا بقضاء الله ورضوانه فعند ذلك نزلت هذه الآية {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.). [الدر المنثور: 3/166]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظّالمون}.
يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا في سبيل اللّه ممّا رزقناكم من أموالكم، وتصدّقوا منها، وآتوا منها الحقوق الّتي فرضناها عليكم.
وكذلك كان ابن جريجٍ يقول فيما بلغنا عنه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم} قال: من الزّكاة والتّطوّع.
{من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ} يقول: ادّخروا لأنفسكم عند اللّه في دنياكم من أموالكم بالنّفقة منها في سبيل اللّه، والصّدقة على أهل المسكنة والحاجة، وإيتاء ما فرض اللّه عليكم فيها، وابتاعوا بها ما عنده ممّا أعدّه لأوليائه من الكرامة، بتقديم ذلك لأنفسكم ما دام لكم السّبيل إلى ابتياعه بما ندبتكم إليه، وأمرتكم به من النّفقة من أموالكم. {من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه} يعني من قبل مجيء يومٍ لا بيعٌ فيه،
[جامع البيان: 4/523]
يقول: لا تقدرون فيه على ابتياع ما كنتم على ابتياعه بالنّفقة من أموالكم الّتي أمرتكم بها، وندبتكم إليها في الدّنيا قادرين، لأنّه يوم جزاءٍ وثوابٍ وعقابٍ، لا يوم عملٍ واكتسابٍ وطاعةٍ ومعصيةٍ، فيكون لكم إلى ابتياع منازل أهل الكرامة بالنّفقة حينئذٍ، أو بالعمل بطاعة اللّه سبيلٌ.
ثمّ أعلمهم تعالى ذكره أنّ ذلك اليوم مع ارتفاع العمل الّذي ينال به رضًا اللّه، أو الوصول إلى كرامته بالنّفقة من الأموال، إذ كان لا مال هنالك يمكن إدراك ذلك به يومٌ لا مخالّةٌ فيه نافعةٌ كما كانت في الدّنيا، فإنّ خليل الرّجل في الدّنيا قد كان ينفعه فيها بالنّصرة له على من حاوله بمكروهٍ وأراده بسوءٍ، والمظاهرة له على ذلك، فآيسهم تعالى ذكره أيضًا من ذلك؛ لأنّه لا أحد يوم القيامة ينصر أحدًا من اللّه، بل الأخلاّء بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلاّ المتّقين، كما قال اللّه تعالى ذكره، وأخبرهم أيضًا أنّهم يومئذٍ مع فقدهم السّبيل إلى ابتياع ما كان لهم إلى ابتياعه سبيلٌ في الدّنيا بالنّفقة من أموالهم، والعمل بأبدانهم، وعدمهم النّصراء من الخلاّن، والظّهراء من الإخوان، لا شافع لهم يشفع عند اللّه كما كان ذلك لهم في الدّنيا، فقد كان بعضهم يشفع في الدّنيا لبعضٍ بالقرابة والجوار والخلّة، وغير ذلك من الأسباب، فبطل ذلك كلّه يومئذٍ، كما أخبر تعالى ذكره عن قيل أعدائه من أهل الجحيم في الآخرة إذا صاروا فيها: {فما لنا من شافعين ولا صديقٍ حميمٍ}.
وهذه الآية مخرجها في الشّفاعة عامٌ والمراد بها خاصٌ، وإنّما معناه: من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ لأهل الكفر باللّه؛ لأنّ أهل ولاية اللّه والإيمان به يشفع بعضهم لبعضٍ، وقد بيّنّا صحّة ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
[جامع البيان: 4/524]
وكان قتادة يقول في ذلك بما؛
- حدّثنا به بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ} قد علم اللّه أنّ ناسًا يتحابّون في الدّنيا، ويشفع بعضهم لبعضٍ، فأمّا يوم القيامة فلا خلّة إلاّ خلّة المتّقين.
وأمّا قوله: {والكافرون هم الظّالمون} فإنّه يعني تعالى ذكره بذلك: والجاحدون للّه المكذّبون به وبرسله هم الظّالمون، يقول: هم الواضعون جحودهم في غير موضعه، والفاعلون غير ما لهم فعله والقائلون ما ليس لهم قوله.
وقد دلّلنا على معنى الظّلم بشواهده فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته.
وفي قوله تعالى ذكره في هذا الموضع: {والكافرون هم الظّالمون} دلالةٌ واضحةٌ على صحّة ما قلناه، وأنّ قوله: {ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ} إنّما هو مرادٌ به أهل الكفر؛ فلذلك أتبع قوله ذلك: {والكافرون هم الظّالمون} فدلّ بذلك على أنّ معنى ذلك: حرمنا الكفّار النّصرة من الأخلاّء، والشّفاعة من الأولياء والأقرباء، ولم نكن لهم في فعلنا ذلك بهم ظالمين، إذ كان ذلك جزاءً منّا لما سلف منهم من الكفر باللّه في الدّنيا، بل الكافرون هم الظّالمون أنفسهم بما أتوا من الأفعال الّتي أوجبوا لها العقوبة من ربّهم.
فإن قال قائلٌ: وكيف صرف الوعيد إلى الكفّار والآية مبتدأةٌ بذكر أهل الإيمان؟
[جامع البيان: 4/525]
قيل له: إنّ الآية قد تقدّمها ذكر صنفين من النّاس: أحدهما أهل كفرٍ، والآخر أهل إيمانٍ، وذلك قوله: {ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر} ثمّ عقّب اللّه تعالى ذكره الصّنفين بما ذكّرهم به، بحضّ أهل الإيمان به على ما يقرّبهم إليه من النّفقة في طاعته وفي جهاد أعدائه من أهل الكفر به قبل مجيء اليوم الّذي وصف صفته وأخبر فيه عن حال أعدائه من أهل الكفر به، إذ كان قتال أهل الكفر به في معصيته ونفقتهم في الصّدّ عن سبيله، فقال تعالى ذكره: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا} أنتم {ممّا رزقناكم} في طاعتي، إذ كان أهل الكفر بي ينفقون في معصيتي {من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه} فيدرك أهل الكفر فيه ابتياع ما فرّطوا في ابتياعه في دنياهم، {ولا خلّةٌ} لهم يومئذٍ تنصرهم منّي، ولا شافعٌ لهم يشفع عندي فتنجّيهم شفاعته لهم من عقابي؛ وهذا يومئذٍ فعلي بهم؛ جزاءً لهم على كفرهم، وهم الظّالمون أنفسهم دوني؛ لأنّي غير ظلاّمٍ لعبيدي.
- وقد: حدّثني محمّد بن عبد الرّحيم، قال: حدّثني عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان، يحدّث عن عطاء بن دينارٍ، أنّه قال: الحمد للّه الّذي قال: {والكافرون هم الظّالمون} ولم يقل: الظّالمون هم الكافرون). [جامع البيان: 4/526]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظّالمون (254)
قوله: يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ قال: قال يحيى بن آدم، يقال: النّفقة في القرآن: هي الصّدقة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه أنفقوا ممّا رزقناكم يعني: من الأموال). [تفسير القرآن العظيم: 1/485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: من قبل إنّ يأتي يوم لا بيعٌ فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إسحاق بن إسماعيل المراديّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ قد علم اللّه أنّ أناسًا يتحابّون في الدّنيا ويشفع بعضهم لبعضٍ، فأمّا يوم القيامة، فلا خلّة إلا خلّة المتّقين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ابن نميرٍ، ثنا مصعب بن المقدام عن سفيان، عن الأعمش لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ قال: لا ينفع أحدٌ أحدًا، ولا يشفع أحدٌ لأحدٍ، ولا يخالّ أحدٌ لأحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: والكافرون هم الظّالمون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا جعفر بن مسافرٍ، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا عمر بن سليمان، عن عطاء بن دينارٍ، أنّه قال: الحمد للّه الّذي قال والكافرون هم الظّالمون ولم يقل: الظّالمون هم الكافرون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/485]
- حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن المبارك، المخرمي، ثنا بن ربيعٍ، ثنا الجعد بن الصّلت المحمليّ، سمعت الجعفيّ يقول والكافرون هم الظّالمون قال:
الكافرون بالنعم). [تفسير القرآن العظيم: 1/486]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ معاذ بن هشامٍ، صاحب الدّستوائيّ، ثنا أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «ما تعجبون أن تكون الخلّة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرّؤية لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط البخاريّ، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من ما رزقناكم} في الزكاة والتطوع.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال: يقال نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن ونسخ شهر رمضان كل صوم
[الدر المنثور: 3/166]
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: قد علم الله أن أناسا يتخالون في الدنيا ويشفع بعضهم لبعض فأما يوم القيامة فلا خلة إلا خلة المتقين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار قال: الحمد لله الذي قال {والكافرون هم الظالمون} ولم يقل: والظالمون هم الكافرون، والله أعلم). [الدر المنثور: 3/167]


رد مع اقتباس