عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ (59) قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ (60) قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين (61) أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون (62)}
لمّا ذكر تعالى قصّة آدم في أوّل السّورة، وما يتعلّق بذلك وما يتّصل به، وفرغ منه، شرع تعالى في ذكر قصص الأنبياء، عليهم السّلام، الأوّل فالأول، فابتدأ بذكر نوحٍ، عليه السّلام، فإنّه أوّل رسولٍ إلى أهل الأرض بعد آدم، عليه السّلام، وهو: نوح بن لامك بن متوشلح بن خنوخ -وهو إدريس [النّبيّ] عليه السّلام -فيما، يزعمون، وهو أوّل من خطّ بالقلم -ابن برد بن مهليل بن قنين بن يانش بن شيث بن آدم، عليه السّلام.
هكذا نسبه [محمّد] بن إسحاق وغير واحدٍ من أئمّة النّسب، قال محمّد بن إسحاق: ولم يلق نبيٌّ من قومه من الأذى مثل نوحٍ إلّا نبيٌّ قتل.
وقال يزيد الرّقاشيّ: إنّما سمّي نوحًا لكثرة ما ناح على نفسه.
وقد كان بين آدم إلى زمن نوحٍ، عليهما السّلام، عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام [قاله عبد الله ابن عبّاسٍ].
قال عبد اللّه بن عبّاسٍ وغير واحدٍ من علماء التّفسير: وكان أوّل ما عبدت الأصنام، أنّ قومًا صالحين ماتوا، فبنى قومهم عليهم مساجد وصوّروا صور أولئك فيها، ليتذكّروا حالهم وعبادتهم، فيتشبّهوا بهم. فلمّا طال الزّمان، جعلوا تلك الصّور أجسادًا على تلك الصّور. فلمّا تمادى الزّمان عبدوا تلك الأصنام وسمّوها بأسماء أولئك الصّالحين "ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرا". فلمّا تفاقم الأمر بعث اللّه، سبحانه وتعالى -وله الحمد والمنّة -رسوله نوحًا يأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، فقال: {يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ} أي: من عذاب يوم القيامة إن لقيتم اللّه وأنتم مشركون به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 431-432]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قال الملأ من قومه} أي: الجمهور والسّادة والقادة والكبراء منهم: {إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ} أي: في دعوتك إيّانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام الّتي وجدنا عليها آباءنا. وهكذا حال الفجّار إنّما يرون الأبرار في ضلالةٍ، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضالّون} [المطفّفين: 32]، {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا لو كان خيرًا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفكٌ قديمٌ} [الأحقاف:11] إلى غير ذلك من الآيات). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين} أي: ما أنا ضالٌّ، ولكن أنا رسولٌ من ربّ كلّ شيءٍ ومليكه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} وهذا شأن الرّسول، أن يكون بليغًا فصيحًا ناصحًا باللّه، لا يدركهم أحدٌ من خلق اللّه في هذه الصّفات، كما جاء في صحيح مسلمٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأصحابه يوم عرفة، وهم أوفر ما كانوا وأكثر جمعًا: «أيّها النّاس، إنّكم مسئولون عنّي، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنّك بلّغت وأدّيت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السّماء وينكتها عليهم ويقول: «اللّهمّ اشهد، اللّهمّ اشهد»). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون (63) فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قومًا عمين (64)}
يقول تعالى إخبارًا عن نوحٍ [عليه السّلام] أنّه قال لقومه: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون} أي لا تعجبوا من هذا، فإنّ هذا ليس يعجب أن يوحي اللّه إلى رجلٍ منكم، رحمةً بكم ولطفا وإحسانا إليكم، لإنذركم ولتتّقوا نقمة اللّه ولا تشركوا به، {ولعلّكم ترحمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فكذّبوه} أي: فتمادوا على تكذيبه ومخالفته، وما آمن معه منهم إلّا قليلٌ، كما نصّ عليه في موضعٍ آخر، {فأنجيناه والّذين معه في الفلك} وهي السّفينة، كما قال: {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} [العنكبوت:15] {وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا} كما قال: {ممّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارًا فلم يجدوا لهم من دون اللّه أنصارًا} [نوحٍ:25]
وقوله: {إنّهم كانوا قومًا عمين} أي: عن الحقّ، لا يبصرونه ولا يهتدون له.
فبيّن تعالى في هذه القصّة أنّه انتقم لأوليائه من أعدائه، وأنجى رسوله والمؤمنين، وأهلك أعداءهم من الكافرين، كما قال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافر:51، 52]
وهذه سنّة اللّه في عباده في الدّنيا والآخرة، أنّ العاقبة للمتّقين والظّفر والغلب لهم، كما أهلك قوم نوح [عليه االسلام] بالغرق ونجّى نوحًا وأصحابه المؤمنين.
قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: كان قوم نوحٍ قد ضاق بهم السّهل والجبل.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: ما عذّب اللّه قوم نوحٍ [عليه السّلام] إلّا والأرض ملأى بهم، وليس بقعةٌ من الأرض إلّا ولها مالكٌ وحائزٌ.
وقال ابن وهب: بلغني عن ابن عبّاسٍ: أنّه نجا مع نوحٍ [عليه السّلام] في السّفينة ثمانون رجلًا أحدهم "جرهم"، وكان لسانه عربيًّا.
رواهنّ ابن أبي حاتمٍ. وقد روي هذا الأثر الأخير من وجهٍ آخر متّصلًا عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما). [تفسير القرآن العظيم: 3: 432-433]


رد مع اقتباس