عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:48 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إلا قول إبراهيم لأبيه قال يقول فلا تأتسوا بذلك فإنه كان عن موعدة وأتسوا بأمره كله). [تفسير عبد الرزاق: 2/287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ رّبّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قد كان لكم أيّها المؤمنون أسوةٌ حسنةٌ: يقول: قدوةٌ حسنةٌ في إبراهيم خليل الرّحمن، تقتدون به، والّذين معه من أنبياء اللّه.
- كما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه} قال: الّذين معه الأنبياء.
وقوله: {إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه}. يقول: حين قالوا لقومهم الّذين كفروا باللّه، وعبدوا الطّاغوت: أيّها القوم إنّا برآء منكم، ومن الّذين تعبدون من دون اللّه من الآلهة والأنداد.
وقوله: {كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتّى تؤمنوا باللّه وحده}. يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة: كفرنا بكم، أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر باللّه وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون اللّه أن تكون حقًّا، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا على كفركم باللّه، وعبادتكم ما سواه، ولا صلح بيننا ولا مودّة، {حتّى تؤمنوا باللّه وحده}. يقول: حتّى تصدّقوا باللّه وحده، فتوحّدوه، وتفردوه بالعبادة.
وقوله: {إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ}.
يقول تعالى ذكره: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه}. في هذه الأمور الّتي ذكرناها من مباينة الكفّار ومعاداتهم، وترك موالاتهم إلاّ في قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك فإنّه لا أسوة لكم فيه في ذلك، لأنّ ذلك كان من إبراهيم لأبيه عن موعدةٍ وعدها إيّاه قبل أن يتبيّن له أنّه عدوّ اللّه؛ فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه. يقول تعالى ذكره: فكذلك أنتم أيّها المؤمنون باللّه، فتبرّءوا من أعداء اللّه من المشركين به ولا تتّخذوا منهم أولياء يؤمنوا باللّه وحده ويتبرّءوا عن عبادة ما سواه وأظهروا لهم العداوة والبغضاء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إلاّ قول إبراهيم لأبيه} قال: نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه، فيستغفروا للمشركين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبي جعفرٍ، عن مطرّفٍ الحارثيّ، عن مجاهدٍ: {أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم}. إلى قوله: {لأستغفرنّ لك}. يقول: في كلّ أمره أسوةٌ، إلاّ الاستغفار لأبيه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم}. الآية، ائتسوا به في كلّ شيءٍ، ما خلا قوله لأبيه: {لأستغفرنّ لك}. فلا تأتسوا بذلك منه، فإنّها كانت عن موعدةٍ وعدها إيّاه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {إلاّ قول إبراهيم لأبيه}. يقول: لا تأسوا بذلك فإنّه كان عليه موعدًا، وتأسّوا بأمره كلّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ}. إلى قوله: {إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك}. قال: يقول: ليس لكم في هذا أسوةٌ.
ويعني بقوله: {وما أملك لك من اللّه من شيءٍ} يقول: وما أدفع عنك من اللّه من عقوبةٍ إن اللّه عاقبك على كفرك به، ولا أغني عنك منه شيئًا.
وقوله: {ربّنا عليك توكّلنا} يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل إبراهيم وأنبيائه صلوات اللّه عليهم: {ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا}. يعني: وإليك رجعنا بالتّوبة ممّا تكره إلى ما تحبّ وترضى. {وإليك المصير} يقول: وإليك مصيرنا ومرجعنا يوم تبعثنا من قبورنا، وتحشرنا في القيامة إلى موقف العرض). [جامع البيان: 22/566-568]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إلا قول إبراهيم قال نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين). [تفسير مجاهد: 2/667]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، بهمدان، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة} [الممتحنة: 1] إلى قوله {واللّه بما تعملون بصيرٌ} [الممتحنة: 3] نزل في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفّار قريشٍ يحذّرونهم، وقوله تعالى: {إلّا قول إبراهيم لأبيه} [الممتحنة: 4] نهوا أن يتأسّوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين وقوله تعالى {ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا} [الممتحنة: 5] لا تعذّبنا بأيديهم ولا بعذابٍ من عندك فيقولون لو كان هؤلاء على الحقّ ما أصابهم «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/527] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله {بما تعملون بصير} قال: في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم، وفي قوله {إلا قول إبراهيم لأبيه} قال: نهوا أن يأتسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين، وفي قوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} قال: لا تعذبنا بأيديهم ولا تعذب من عبدك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا). [الدر المنثور: 14/408-409] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله: {بصير} في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم وقوله: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} نهو أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه وقوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا). [الدر المنثور: 14/409] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {قد كانت لكم أسوة حسنة} قال: في صنع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه لا يستغفر له وهو مشرك). [الدر المنثور: 14/409]

تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لا تجعلنا فتنةً} [الممتحنة: 5]: " لا تعذّبنا بأيديهم، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحقّ ما أصابهم هذا "). [صحيح البخاري: 6/149]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهد لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا لا تعذّبنا بأيديهم إلخ وصله الفريابيّ عن ورقاء عن بن أبي نجيحٍ عنه بلفظه وزاد ولا بعذابٍ من عندك وزاد في آخره ما أصابهم مثل هذا وكذا أخرجه عبد بن حميدٍ عن شبابة عن ورقاء عن بن أبي نجيحٍ عنه والطّبريّ من طريقٍ أخرى عن ورقاء عن عيسى عن بن أبي نجيحٍ كذلك فاتّفقوا كلّهم على أنّه موقوفٌ عن مجاهدٍ وأخرج الحاكم مثل هذا من طريق آدم بن أبي إياسٍ عن ورقاء فزاد فيه بن عبّاسٍ وقال صحيحٌ على شرط مسلمٍ وما أظن زيادة بن عبّاسٍ فيه إلّا وهمًا لاتّفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره وقد أخرج الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا لا تسلّطهم علينا فيفتنونا وهذا بخلاف تفسير مجاهدٍ وفيه تقويةٌ لما قلته وأخرج الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة في قوله لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا قال لا تظهرهم علينا فيفتنونا يرون أنّهم إنّما ظهروا علينا بحقّهم وهذا يشبه تأويل مجاهدٍ). [فتح الباري: 8/633]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد لا تجعلنا فتنة لا تعذبنا بأيديهم فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا بعصم الكوافر أمر أصحاب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بفراق نسائهم كن كوافر بمكّة
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الممتحنة {ربنا لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا} يقول لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم مثل هذا
وهكذا رواه عبد في تفسيره عن شبابة عن ورقاء
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عبّاس به زاد فيه ابن عبّاس ولا أراه إلّا وهما). [تغليق التعليق: 4/337-338]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ لا تجعلنا فتنةً لا تعذّبنا بأيديهم فيقولون لو كان هاؤلاء على الحقّ ما أصابهم هاذا.
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {ربنا لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا} ، (الممتحنة: 5) الآية. وفسّر بقوله: (لا تعذبنا بأيديهم) إلى آخره، ورواه عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه، ورواه الحاكم من طريق آدم بن أبي إياس عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عبّاس، وقال: على شرط مسلم، وفي (تفسير النّسفيّ) {ربنا لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا} أي: لا تسلطهم علينا فيفتنوننا بعذاب لا طاقة لنا به، وقيل: لا تظفرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق ونحن على الباطل). [عمدة القاري: 19/229]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({لا تجعلنا فتنة}) [الممتحنة: 5] أي (لا تعذبنا بأيديهم. فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا). وزاد في رواية الفريابي: ولا بعذاب من عندك). [إرشاد الساري: 7/378]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم (5) لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ لّمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل إبراهيم خليله والّذين معه: يا ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا بك فجحدوا وحدانيّتك، وعبدوا غيرك، بأن تسلّطهم علينا، فيروا أنّهم على حقٍّ، وأنا على باطلٍ، فتجعلنا بذلك فتنةً لهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا} قال: لا تعذّبنا بأيديهم، ولا بعذابٍ من عندك، فيقولوا: لو كان هؤلاء على حقٍّ ما أصابهم هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا}. قال: يقول: لا تظهرهم علينا فيفتتنوا بذلك، يرون أنّهم إنّما ظهروا علينا لحقٍّ هم عليه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا}. يقول: لا تسلّطهم علينا فيفتنونا.
وقوله: {واغفر لنا ربّنا}. يقول: واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا ربّنا، {إنّك أنت العزيز الحكيم}. يعني الشّديد الانتقام ممّن انتقم منه {الحكيم}.: يقول الحكيم في تدبيره خلقه، وصرفه إيّاهم فيما فيه صلاحهم). [جامع البيان: 22/568-569]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} يقول ربنا لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا وما سلطنا عليهم). [تفسير مجاهد: 667]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، بهمدان، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة} [الممتحنة: 1] إلى قوله {واللّه بما تعملون بصيرٌ} [الممتحنة: 3] نزل في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفّار قريشٍ يحذّرونهم، وقوله تعالى: {إلّا قول إبراهيم لأبيه} [الممتحنة: 4] نهوا أن يتأسّوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين وقوله تعالى {ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا} [الممتحنة: 5] لا تعذّبنا بأيديهم ولا بعذابٍ من عندك فيقولون لو كان هؤلاء على الحقّ ما أصابهم «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/527] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله {بما تعملون بصير} قال: في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم، وفي قوله {إلا قول إبراهيم لأبيه} قال: نهوا أن يأتسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين، وفي قوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} قال: لا تعذبنا بأيديهم ولا تعذب من عبدك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا). [الدر المنثور: 14/408-409] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله: {بصير} في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم وقوله: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} نهو أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه وقوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا). [الدر المنثور: 14/409] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} يقول: لا تسلطهم علينا فيفتنونا). [الدر المنثور: 14/409]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ}. يقول تعالى ذكره: لقد كان لكم أيّها المؤمنون قدوةٌ حسنةٍ في الّذين ذكرهم إبراهيم والّذين معه من الأنبياء صلوات اللّه عليهم والرّسل. {لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر} يقول: لمن كان منكم يرجو ثواب اللّه، وثواب اللّه، والنّجاة في اليوم الآخر.
وقوله: {ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} يقول تعالى ذكره: ومن يتولّ عمّا أمره اللّه به وندبه إليه منكم ومن غيركم، فأعرض عنه وأدبر مستكبرًا، ووالى أعداء اللّه، وألقى إليهم بالمودّة، فإنّ اللّه هو الغنيّ عن إيمانه به، وطاعته إيّاه، وعن جميع خلقه، الحميد عند أهل المعرفة بأياديه وآلائه عندهم). [جامع البيان: 22/570]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ} [الممتحنة: 6] قال: «في صنع إبراهيم ومن معه إلّا في استغفاره لأبيه وهو مشركٌ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/527]

تفسير قوله تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّةً واللّه قديرٌ واللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: عسى اللّه أيّها المؤمنون أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم من أعدائي من مشركي قريشٍ مودّةً، ففعل اللّه ذلك بهم، بأن أسلم كثيرٌ منهم، فصاروا لهم أولياء وأضرابًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّةً} قال: هؤلاء المشركون قد فعل، قد أدخلهم في السّلم وجعل بينهم مودّةً حين كان الإسلام حين الفتح.
وقوله: {واللّه قديرٌ. يقول: واللّه ذو قدرةٍ على أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم من المشركين مودّةً. {واللّه غفورٌ رحيمٌ}. يقول: واللّه غفورٌ لخطيئة من ألقى إلى المشركين بالمودّة إذا تاب منها، رحيمٌ بهم أن يعذّبهم بعد توبتهم منها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّةً واللّه قديرٌ}. على ذلك {واللّه غفورٌ رحيمٌ} يغفر الذّنوب الكثيرة، رحيمٌ بعباده). [جامع البيان: 22/570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 9.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان بن حرب على بعض اليمن فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل فلقي ذا الخمار مرتدا فقاتله فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين، قال ابن شهاب: وهو فيمن أنزل الله فيه {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة}). [الدر المنثور: 14/409-410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: أول من قاتل أهل الردة على إقامة دين الله أبو سفيان بن حرب وفيه نزلت هذه الآية {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة}). [الدر المنثور: 14/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عدي، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} قال: كانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النّبيّ صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين وصار معاوية خال المؤمنين). [الدر المنثور: 14/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} قال: نزلت في تزويج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ابنته أم حبيبة فكانت هذه مودة بينه وبينه). [الدر المنثور: 14/410]


رد مع اقتباس