عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 10:17 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحدٍ...} الإصعاد: في ابتداء الأسفار والمخارج. تقول: أصعدنا من مكة ومن بغداد إلى خراسان، وشبيه ذلك. فإذا صعدت على السلم أو الدّرجة ونحوهما قلت: صعدت، ولم تقل أصعدت. وقرأ الحسن البصريّ: {إذ تصعدون ولا تلوون} جعل الصعود في الجبل كالصعود في السلم.
وقوله: {والرّسول يدعوكم في أخراكم} ومن العرب من يقول: أخراتكم، ولا يجوز في القرآن؛ لزيادة التاء فيه على كتاب المصاحف؛ وقال الشاعر:
ويتّقي السيف بأخراته * من دون كفّ الجار والمعصم
وقوله: {فأثابكم غمّاًً بغمٍّ} الإثابة ها هنا [في] معنى عقاب، ولكنه كما قال الشاعر:
أخاف زيادا أن يكون عطاؤه * أداهم سوداً أو محدرجةً سمرا
وقد يقول الرجل الذي قد اجترم إليك: لئن أتيتني لأثيبنّك ثوابك، معناه لأعاقبنّك، وربما أنكره من لا يعرف مذاهب العربية.
وقد قال الله تبارك وتعالى: {فبشّرهم بعذابٍ أليم} والبشارة إنما تكون في الخير، فقد قيل ذاك في الشرّ.

ومعنى قوله {غمّاًً بغمٍّ}: ما أصابهم يوم أحد من الهزيمة والقتل، ثم أشرف عليهم خالد بن الوليد بخيله فخافوه، وغمّهم ذلك.
وقوله: {ولا ما أصابكم} (ما) في موضع خفض على "ما فاتكم" أي ولا على ما أصابكم). [معاني القرآن: 1/239-240]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذ تصعدون} في الأرض، قال الحادي:
قد كنت تبكين على الإصعاد... فاليوم سرّحت وصاح الحادي
وأصل الإصعاد: الصعود في الجبل، ثم جعلوه في الدّرج، ثم جعلوه في الإرتفاع في الأرض، أصعد فيها، أي: تباعد.
{أخراكم} آخركم). [مجاز القرآن: 1/105]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إذ تصعدون ولا تلوون على أحدٍ والرّسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غمّاًً بغمٍّ لّكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم واللّه خبيرٌ بما تعملون}
قال تعالى: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحدٍ} لأنك تقول: "أصعد" أي: مضى وسار و"أصعد الوادي" أي: انحدر فيه. وأما "صعد" فإنه: ارتقى.
وقال: {فأثابكم غمّاً بغمٍّ} أي: على غمٍّ. كما قال: {في جذوع النّخل} ومعناه: على جذوع النخل وكما قال: "ضربني في السيف" يريد "بالسيف" وتقول: نزلت في أبيك" أي: على أبيك). [معاني القرآن: 1/184-185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({إذ تصعدون} أي: تبعدون في الهزيمة. يقال: أصعد في الأرض إذا أمعن في الذهاب، وصعد الجبل والسطح.
{فأثابكم غمًّا بغمٍّ} أي: جازاكم غما مع غم، أو غما متصلا بغم.
والغم الأول: الجراح والقتل.
والغم الثاني: أنهم سمعوا بأن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قد قتل، فأنساهم الغمّ الأول.
[تفسير غريب القرآن: 114]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرّسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غمّا بغمّ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم واللّه خبير بما تعملون}
(تصعدون) و(تصعدون) جميعا، قد قرئ بهما، فمن قال (تصعدون) فهو لكل من ابتدأ مسيرا من مكان فقد أصعد، والصعود إنما يكون من أسفل إلى فوق.
ومن قرأ (تصعدون) فالمعنى إذ تصعدون في الجبل ولا تلوون على أحد.
وقوله عزّ وجلّ: {فأثابكم غمّا بغمّ}، أي: أثابكم بأن غممتم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نالكم غمّ - بما عوقبتم به للمخالفة
وقال بعضهم {غمّا بغمّ} إشراف خالد بن الوليد عليهم بعد ما نالهم.
وقوله جلّ وعزّ: {لكيلا تحزنوا على ما فاتكم} من غنيمة.
{ولا ما أصابكم}أي: ليكون غمكم بأن خالفتم النبي فقط). [معاني القرآن: 1/478-479]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
ويقرأ {تصعدون} بفتح التاء فمن ضمها فهو عنده من أصعد إذا ابتدأ السير ومن فتحها فهو عنده من صعد الحبل وما أشبهه
ومعنى {تلوون}: تعرجون
ثم قال عز وجل: {والرسول يدعوكم في أخراكم}
قال أبو عبيدة: معناه في آخركم). [معاني القرآن: 1/495-496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فأثابكم غما بغم}في هذا قولان:
أحدهما: أن مجاهد قال: الغم الأول القتل والجراح والغم الثاني أنه صاح صائح قتل محمد فأنساهم الغم الآخر الغم الأول.
والقول الآخر: أنهم غموا النبي صلى الله عليه وسلم في مخالفتهم إياه لأنه أمرهم أن يثبتوا فخالفوا أمره فأثابهم الله بذلك الغم غمهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومعنى {فأثابهم} أي: فأنزل بهم ما يقوم مقام الثواب كما قال تعالى: {فبشرهم بعذاب اليم} أي: الذي يقوم لهم مقام البشارة عذاب اليم وأنشد سيبويه:
تراد على دمن الحياض فإن تعف = فإن المندى رحلة فركوب
أي: الذي يقوم مقام التندية الرحلة والركوب.
وقوله تعالى: {لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم}
والمعنى: لكيلا تحزنوا على ما فاتكم أنهم طلبوا الغنيمة ولا أصابكم في أنفسكم من القتل والجراحات). [معاني القرآن: 1/496-497]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (قوله - جل وعز: {فأثابكم غما بغم} ). [ياقوتة الصراط: 192]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({إِذْ تُصْعِدُونَ} أي: تبعدون في الهزيمة، يقال: أصعد: إذا أمعن في الذهاب، وصعد السطح والجبل.
{فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ} أي: جازاكم غما مع غم، فالأول الجراح والقتل، والثاني: أنهم سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قُتل، نساهم الغم الأول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 53]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تُصْعِدُونَ}: في الجبل تسيرون فلا ترجعون). [العمدة في غريب القرآن: 103]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ثمّ أنزل عليكم مّن بعد الغمّ أمنةً نّعاساً يغشى طائفةً مّنكم...}
تقرأ بالتاء فتكون للأمنة؛ وبالياء فيكون للنعاس، مثل قوله: {يغلي في البطون} وتغلي، إذا كانت (تغلي) فهي الشجرة، وإذا كانت (يغلي) فهو للمهل.
وقوله: {يغشى طائفةً مّنكم وطائفةٌ قد أهمّتهم أنفسهم} ترفع الطائفة بقوله {أهمتهم} بما رجع من ذكرها، وإن شئت رفعتها بقوله: {يظنّون باللّه غير الحقّ} ولو كانت نصبا لكان صوابا؛ مثل قوله في الأعراف: {فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة}.
وإذا رأيت اسما في أوّله كلام وفي آخره فعل قد وقع على راجع ذكره جاز في الاسم الرفع والنصب. فمن ذلك قوله: {والسماء بنيناها بأيدٍ} وقوله: {والأرض فرشناها فنعم الماهدون} يكون نصبا ورفعا. فمن نصب جعل الواو كأنها ظرف للفعل متصلة بالفعل، ومن رفع جعل الواو للاسم، ورفعه بعائد ذكره؛ كما قال الشاعر:
إن لم اشف النفوس من حيّ بكرٍ * وعدي تطاه جرب الجمال
فلا تكاد العرب تنصب مثل (عديّ) في معناه؛ لأن الواو لا يصلح نقلها إلى الفعل؛ ألا ترى أنك لا تقول: وتطأ عديّا جرب الجمال. فإذا رأيت الواو تحسن في الاسم جعلت الرفع وجه الكلام. وإذا رأيت الواو يحسن في الفعل جعلت النصب وجه الكلام. وإذا رأيت ما قبل الفعل يحسن للفعل والاسم جعلت الرفع والنصب سواء، ولم يغلّب واحد على صاحبه؛ مثل قول الشاعر:
إذا ابن أبي موسى بلالاً أتيته * فقام بفأسٍ بين وصليك جازر
فالرفع والنصب في هذا سواء.
وأمّا قول الله عز وجل: {وأمّا ثمود فهديناهم} فوجه الكلام فيه الرفع؛ لأن أمّا تحسن في الاسم ولا تكون مع الفعل.

وأمّا قوله: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما} فوجه الكلام فيه الرفع؛ لأنه غير موقّت فرفع كما يرفع الجزاء، كقولك: من سرق فاقطعوا يده. وكذلك قوله: {والشعراء يتّبعهم الغاوون} معناه والله أعلم: من (قال الشعر) اتبعه الغاوون. ولو نصبت قوله {والسارق والسارقة} بالفعل كان صوابا.
وقوله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} العرب في (كل) تختار الرفع، وقع الفعل على راجع الذكر أو لم يقع. وسمعت العرب تقول {وكلّ شيء أحصيناه في إمامٍ مبينٍ} بالرفع وقد رجع ذكره. وأنشدوني فيما لم يقع الفعل على راجع ذكره:
فقالوا تعرّفها المنازل من منىً * وما كلّ من يغشى منىً أنا عارف
ألفنا ديارا لم تكن من ديارنا * ومن يتألّف بالكرامة يألف
فلم يقع (عارف) على كلّ؛ وذلك أن في (كل) تأويل: وما من أحد يغشى مني أنا عارف، ولو نصبت لكان صوابا، وما سمعته إلا رفعا.وقال الآخر:
قد علقت أمّ الخيار تدّعي * عليّ ذنبا كلّه لم أصنع
رفعا، وأنشدنيه بعض بني أسد نصبا.
وقوله: {قل إنّ الأمر كلّه للّه} فمن رفع جعل (كل) اسما فرفعه باللام في للّه كقوله: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة} ومن نصب (كله) جعله من نعت الأمر). [معاني القرآن: 1/240-243]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يغشى طائفةً منكم}: انقطع النصب، ثم جاء موضع رفعٍ: {وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم} ولو نصبت على الأول إذ كانت مفعولاً بها لجازت إن شاء الله، كقولك: رأيت زيداً، وزيداً أعطاه فلان مالاً، ومثلها في القرآن: {يدخل من يشاء في رحمته والظّالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً} فنصب {الظالمين} بنصب الأول على غير معنى: {يدخلهم في رحمته}). [مجاز القرآن: 1/105-106]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ثمّ أنزل عليكم مّن بعد الغمّ أمنةً نّعاساً يغشى طائفةً مّنكم وطائفةٌ قد أهمّتهم أنفسهم يظنّون باللّه غير الحقّ ظنّ الجاهليّة يقولون هل لّنا من الأمر من شيءٍ قل إنّ الأمر كلّه للّه يخفون في أنفسهم مّا لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيءٌ مّا قتلنا هاهنا قل لّو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي اللّه ما في صدوركم وليمحّص ما في قلوبكم واللّه عليمٌ بذات الصّدور}
قال تعالى: {إنّ الأمر كلّه للّه} إذا جعلت "كلاًّ" اسما كقولك: "إنّ الأمر بعضه لزيدٍ" وإن جعلته صفة نصبت. وإن شئت نصبت على البدل، لأنك لو قلت "إنّ الأمر بعضه لزيدٍ" لجاز على البدل، والصفة لا تكون في "بعض". قال الشاعر:
إنّ السّيوف غدوّها ورواحها = تركا فزارة مثل قرن الأعضب
فابتدأ "الغدوّ" و"الرواح" وجعل الفعل لهما. وقد نصب بعضهم "غدوّها" ورواحا" وقال: "تركت هوازن" فجعل "الترك" لـ"السيوف" وجعل "الغدوّ" و"الرواح" تابعا لها كالصفة حتى صار بمنزلة "كلّها". وتقول {إنّ الأمر كلّه للّه} على التوكيد أجود وبه نقرأ.
وقال تعالى: {لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} وقد قال بعضهم {القتال} و"القتل" فيما نرى، وقال بعضهم {إلى قتالهم} و{القتل} أصوبهما إن شاء الله لأنه قال: {إلى مضاجعهم}.
وقال: {وليبتلي اللّه ما في صدوركم} أي: كي يبتلي اللّه). [معاني القرآن: 1/185-186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( و(الأمنة): الأمن. يقال: وقعت الأمنة في الأرض. ومنه يقال:
أعطيته أمانا، أي: عهدا يأمن به.
{في بروجٍ مشيّدةٍ} أي: قصور عالية. والبروج: الحصون). [تفسير غريب القرآن: 114]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (أصل الكتاب: ما كتبه الله في اللّوح مما هو كائن.
ثم تتفرع منه معان ترجع إلى هذا الأصل. كقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}أي: قضى الله ذلك وفرغ منه.
وقوله: {لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} أي: ما قضى الله لنا.
وقوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} أي: قضي، لأنّ هذا قد فرغ منه حين كتب). [تأويل مشكل القرآن: 462]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعز: {ثمّ أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم يظنّون باللّه غير الحقّ ظنّ الجاهليّة يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إنّ الأمر كلّه للّه يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي اللّه ما في صدوركم وليمحّص ما في قلوبكم واللّه عليم بذات الصّدور}
{ثمّ أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا}أي: أعقبكم بما نالكم من الرّعب أن أمنكم أمنا تنامون معه، لأن الشديد الخوف لا يكاد ينام.
و {أمنة} اسم تقول أمن الرجل أمنا وأمنة، إذا لم ينله خوف.
و {نعاسا}: منصوب على البدل من {أمنة}، ويقرأ (يغشى) و {تغشى طائفة منكم} فمن قرأ (يغشى) - بالياء - جعله للنعاس ومن قرأ {تغشى} بالتاء جعله للأمنة.
والأمنة تؤدي معنى النعاس.
وإن قرئ يغشى جاز - وهذه الطائفة هم المؤمنون.
{وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم} وهم المنافقون.
وقوله جلّ وعزّ: {يظنّون باللّه غير الحقّ} أي: يظن المنافقون أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مضمحل.
{ظنّ الجاهليّة} أي: هم على جاهليتهم في ظنهم هذا والقراءة.
{وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} - قال سيبويه: المعنى: إذ طائفة قد أهمتهم وهذه واو الحال، ولو قرئت: {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم}، على إضمار فعل (أهم) الذي ظهر تفسيره كان جائزا.
المعنى: وأهمت طائفة أنفسهم، وجائز أن يرتفع على أن يكون الخبر - يظنون ويكون قد أهمتهم نعت طائفة، المعنى: وطائفة تهمهم أنفسهم يظنون، أي: طائفة يظنون باللّه غير الحق.

وقوله عزّ وجلّ: {قل لو كنتم في بيوتكم}.
تقرأ {بيوتكم} بضم الباء وكسرها، وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم بكسر الباء، قال أبو إسحاق: وقرأناها بإقراء أبي عمرو عن عاصم {بيوتكم} بضم الباء، والضم الأكثر الأجود - والذين كسروا (بيوت) كسروها لمجيء الياء بعد الباء و " فعول " ليس بأصل في الكلام، ولا من أمثلة الجمع.
فالاختيار (بيوت)
مثل قلب وقلوب وفلس وفلوس.
وقوله عزّ وجلّ {لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}
معنى (برزوا): صاروا إلى براز، وهو المكان المنكشف، أي: لأوصلتهم الأسباب التي عنها يكون القتل إلى مضاجعهم.
وقوله عزّ وجلّ: {وليبتلي اللّه ما في صدوركم} أي: يختبره بأعمالكم لأنه علمه غيبا فيعلمه شهادة لأن المجازاة تقع على ما علم مشاهدة، أعني على ما وقع من عامليه، لا على ما هو معلوم منهم.
وقوله عزّ وجلّ: {قل إنّ الأمر كلّه للّه}
فمن نصب فعلي توكيد {الأمر} ومن رفع فعلي الابتداء - و{للّه} الخبر ومعنى {الأمر كله لله} أي النصر وما يلقي من الرعب في القلوب للّه،أي: كل ذلك لله). [معاني القرآن: 1/479-480]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} الأمنة والأمن واحد وهو اسم المصدر
وروي عن أبي طلحة أنه قال: نظرت يوم أحد فلم أر إلا ناعسا تحت ترسه.
ثم قال تعالى: {يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم}
{يغشى طائفة منكم} يعني بهذه الطائفة: المؤمنين {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} يعني بهذه الطائفة: المنافقين). [معاني القرآن: 1/498]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} أي: يظنون أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم قد اضمحل
ثم قال تعالى: {ظن الجاهلية أي هم في ظنهم بمنزلة الجاهلية}
{يقولون هل لنا من الأمر شيء قل إن الأمر كله لله} أي: ينصر من يشاء ويخذل من يشاء). [معاني القرآن: 1/499]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}أي: لصاروا إلى براز من الأرض). [معاني القرآن: 1/499]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {لبرز الذين} أي: لظهر). [ياقوتة الصراط: 192]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ):{الأَمَنَة} الأمن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 53]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({استزلّهم الشّيطان} طلب زللهم،كما يقال: استعجلت فلانا، أي: طلبت عجلته، واستعملته، أي: طلبت عمله). [تفسير غريب القرآن: 114]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهم الشّيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا اللّه عنهم إنّ اللّه غفور حليم} هذا خطاب للمؤمنين خاصة.
{إنّما استزلّهم الشّيطان ببعض ما كسبوا} أي: لم يتولوا في قتالهم على جهة المعاندة، ولا على الفرار من الزحف رغبة في الدنيا خاصة، وإنما أذكرهم الشيطان خطايا كانت لهم فكرهوا لقاء الله إلا على حال يرضونها، فلذلك عفا عنهم وإلا فأمر الفرار والتولي في الجهاد إذا كانت العدة أقل من المثلين، أو كانت العدة مثلين، فالفرار أمر عظيم.
قال اللّه عزّ وجلّ: {ومن يولّهم يومئذ دبره إلّا متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه ومأواه جهنّم}
وهذا يدل أن أمر الوعيد لأهل الصلاة أمر ثابت، وأن التولي في الزحف من أعظم الكبائر). [معاني القرآن: 1/481]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم}
معنى {استزلهم}: استدعى أن يزلوا كما يقال أتعجله، أي: استدعيت أن يعجل، ومعنى {استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا}: أنه روي أن الشيطان ذكرهم خطاياهم فكرهوا القتل قبل التوبة ولم يكرهوا القتل معاندة ولا نفاقا فعفا الله عنهم). [معاني القرآن: 1/499-500]

رد مع اقتباس