عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 11:01 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول للّذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيّانا تعبدون (28) فكفى باللّه شهيدًا بيننا وبينكم إن كنّا عن عبادتكم لغافلين (29) هنالك تبلو كلّ نفسٍ ما أسلفت وردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ وضلّ عنهم ما كانوا يفترون (30)}
يقول تعالى: {ويوم نحشرهم} أي: أهل الأرض كلّهم، من إنسٍ وجنٍّ وبرٍّ وفاجرٍ، كما قال: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا} [الكهف: 47].
{ثمّ نقول للّذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم} أي: الزموا أنتم وهم مكانًا معيّنًا، امتازوا فيه عن مقام المؤمنين، كما قال تعالى: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} [يس: 59]، وقال {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون} [الرّوم: 14]، وفي الآية الأخرى: {يومئذٍ يصّدّعون} [الرّوم: 43] أي: يصيرون صدعين، وهذا يكون إذا جاء الرّبّ تعالى لفصل القضاء؛ ولهذا قيل: ذلك يستشفع المؤمنون إلى اللّه تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا، وفي الحديث الآخر: "نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس.
وقال اللّه تعالى في هذه الآية الكريمة إخبارًا عمّا يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة: {مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيّانا تعبدون} أنكروا عبادتهم، وتبرّءوا منهم، كما قال تعالى: {[كلا] سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًّا} الآية. [مريم: 82]. وقال: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا} [البقرة: 166]، وقال {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5، 6]).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 264-265]

تفسير قوله تعالى: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقال في هذه الآية إخبارًا عن قول الشّركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادّعائهم عبادتهم: {فكفى باللّه شهيدًا بيننا وبينكم إن كنّا عن عبادتكم لغافلين} أي: ما كنّا نشعر بها ولا نعلم، وإنّما أنتم كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم، واللّه شهيدٌ بيننا وبينكم أنّا ما دعوناكم إلى عبادتنا، ولا أمرناكم بها، ولا رضينا منكم بذلك.
وفي هذا تبكيتٌ عظيمٌ للمشركين الّذين عبدوا مع اللّه غيره، ممّن لا يسمع ولا يبصّر، ولا يغني عنهم شيئًا، ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده، بل تبرأ منهم في وقتٍ أحوج ما يكونون إليه، وقد تركوا عبادة الحيّ القيّوم، السّميع البصير، القادر على كلّ شيءٍ، العليم بكلّ شيءٍ وقد أرسل رسله وأنزل كتبه، آمرًا بعبادته وحده لا شريك له، ناهيًا عن عبادة ما سواه، كما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقّت عليه الضّلالة} [النّحل: 36]، وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25]، وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهةً يعبدون} [الزّخرف: 45].
والمشركون أنواعٌ وأقسامٌ كثيرون، قد ذكرهم اللّه في كتابه، وبيّن أحوالهم وأقوالهم، ورد عليهم فيما هم فيه أتمّ ردٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 265]

تفسير قوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {هنالك تبلو كلّ نفسٍ ما أسلفت} أي: في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كلّ نفسٍ وتعلم ما أسلفت من [عملها من] خيرٍ وشرٍّ، كما قال تعالى: {يوم تبلى السّرائر} [الطّارق: 9]، وقال تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} [القيامة: 13]، وقال تعالى: {ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} [الإسراء: 13، 14].
وقد قرأ بعضهم: {هنالك تتلو كلّ نفسٍ ما أسلفت} وفسّرها بعضهم بالقراءة، وفسّرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدّمته من خيرٍ وشرٍّ، وفسّرها بعضهم بحديث: "تتبع كلّ أمّةٍ ما كانت تعبد، فيتبع منكان يعبد الشّمس الشّمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطّواغيت الطّواغيت" الحديث.
وقوله: {وردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ} أي: ورجعت الأمور كلّها إلى اللّه الحكم العدل، ففصّلها، وأدخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار.
{وضلّ عنهم} أي: ذهب عن المشركين {ما كانوا يفترون} أي: ما كانوا يعبدون من دون اللّه افتراءً عليه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 265-266]


رد مع اقتباس