عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه (19) إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه (20) فهو في عيشةٍ راضيةٍ (21) في جنّةٍ عاليةٍ (22) قطوفها دانيةٌ (23) كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية (24)}
يخبر تعالى عن سعادة من أوتي كتابه يوم القيامة بيمينه، وفرحه بذلك، وأنّه من شدّة فرحه يقول لكلّ من لقيه: {هاؤم اقرءوا كتابيه} أي: خذوا اقرؤوا كتابيه؛ لأنّه يعلم أنّ الّذي فيه خيرٌ وحسناتٌ محضةٌ؛ لأنّه ممّن بدل اللّه سيّئاته حسناتٍ.
قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: معنى: {هاؤم اقرءوا كتابيه} أي: ها اقرؤوا كتابيه، و "ؤم" زائدةٌ. كذا قال، والظّاهر أنّها بمعنى: هاكم.
وقد قال ابن أبى حاتمٍ حدّثنا: بشر بن مطرٍ الواسطيّ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصمٌ الأحول، عن أبي عثمان قال: المؤمن يعطى كتابه [بيمينه] في سترٍ من اللّه، فيقرأ سيّئاته، فكلّما قرأ سيّئةً تغيّر لونه حتّى يمرّ بحسناته فيقرؤها، فيرجع إليه لونه. ثمّ ينظر فإذا سيّئاته قد بدّلت حسناتٍ، قال: فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرءوا كتابيه}
وحدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا موسى بن عبيدة أخبرني عبد اللّه بن عبد اللّه بن حنظلة -غسيل الملائكة-قال: إنّ اللّه يقف عبده يوم القيامة فيبدي سيّئاته في ظهر صحيفته، فيقول له: أنت عملت هذا؟ فيقول: نعم أي ربّ. فيقول له إنّي لم أفضحك به، وإنّي قد غفرت لك. فيقول عند ذلك: {هاؤم اقرءوا كتابيه إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} حين نجا من فضحه يوم القيامة.
وقد تقدّم في الصّحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى، فقال: سمعت النبي الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يدني الله العبد يوم القيامة، فيقرّره بذنوبه كلّها، حتّى إذا رأى أنّه قد هلك قال اللّه: إنّي سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم. ثمّ يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأمّا الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: {هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين} [هود: 18]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 213-214]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} أي: قد كنت موقنًا في الدّنيا أنّ هذا اليوم كائنٌ لا محالة، كما قال: {الّذين يظنّون أنّهم ملاقو ربّهم} [البقرة: 46]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه: {فهو في عيشةٍ راضيةٍ} أي: مرضيّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({في جنّةٍ عاليةٍ} أي: رفيعةٌ قصورها، حسانٌ حورها، نعيمةٌ دورها، دائمٌ حبورها.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو عتبة الحسن بن عليّ بن مسلمٍ السّكوني، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلّامٍ الأسود قال: سمعت أبا أمامة قال: سأل رجلٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يتزاور أهل الجنّة؟ قال: "نعم، إنّه ليهبط أهل الدّرجة العليا إلى أهل الدّرجة السّفلى، فيحيّونهم ويسلّمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدّرجة السّفلى يصعدون إلى الأعلين، تقصر بهم أعمالهم"
وقد ثبت في الصّحيح: "إنّ الجنّة مائة درجةٍ، ما بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قطوفها دانيةٌ} قال البراء بن عازبٍ: أي قريبةٌ، يتناولها أحدهم، وهو نائمٌ على سريره. وكذا قال غير واحدٍ.
قال الطّبرانيّ: [حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدّبريّ] عن عبد الرّزّاق، عن سفيان الثوري، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن سلمان الفارسيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يدخل أحدٌ الجنّة إلّا بجوازٍ: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم) هذا كتابٌ من اللّه لفلان بن فلانٍ، أدخلوه جنّةً عاليةً، قطوفها دانيةٌ".
وكذا رواه الضّياء في صفة الجنة من طريق سعدان بن سعيد، بن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يعطى المؤمن جوازا على الصّراط: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)، هذا كتابٌ من اللّه العزيز الحكيم لفلانٍ، أدخلوه جنّةً عاليةً، قطوفها دانيةٌ"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية} أي: يقال لهم ذلك؛ تفضّلًا عليهم، وامتنانًا وإنعامًا وإحسانًا. وإلّا فقد ثبت في الصّحيح، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "اعملوا وسدّدوا وقاربوا واعلموا أنّ أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: "ولا أنا، إلّا أن يتغمّدني اللّه برحمةٍ منه وفضلٍ"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأمّا من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه (25) ولم أدر ما حسابيه (26) يا ليتها كانت القاضية (27) ما أغنى عنّي ماليه (28) هلك عنّي سلطانيه (29) خذوه فغلّوه (30) ثمّ الجحيم صلّوه (31) ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه (32) إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم (33) ولا يحضّ على طعام المسكين (34) فليس له اليوم ها هنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ (36) لا يأكله إلا الخاطئون (37)}
وهذا إخبارٌ عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله، فحينئذٍ يندم غاية النّدم، فيقول: {فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية}
قال الضّحّاك: يعني موتةً لا حياة بعدها. وكذا قال محمّد بن كعبٍ، والرّبيع، والسّدّيّ.
وقال قتادة: تمنّى الموت، ولم يكن شيءٌ في الدّنيا أكره إليه منه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما أغنى عنّي ماليه * هلك عنّي سلطانيه} أي: لم يدفع عنّي مالي ولا جاهي عذاب اللّه وبأسه، بل خلص الأمر إليّ وحدي، فلا معين لي ولا مجير). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فعندها يقول اللّه، عزّ وجلّ: {خذوه فغلّوه * ثمّ الجحيم صلّوه} أي: يأمر الزّبانية أن تأخذه عنفًا من المحشر، فتغله، أي: تضع الأغلال في عنقه، ثمّ تورده إلى جهنّم فتصليه إيّاها، أي: تغمره فيها.
قال ابن أبي حاتمٍ حدّثنا: أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن المنهال بن عمرٍو قال: إذا قال اللّه، عزّ وجلّ {خذوه} ابتدره سبعون ألف ملكٍ، إنّ الملك منهم ليقول هكذا، فيلقي سبعين ألفًا في النّار.
وروى ابن أبي الدّنيا في "الأهوال": أنّه يبتدره أربعمائة ألفٍ، ولا يبقى شيءٌ إلّا دقه، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: إنّ الرّبّ عليك غضبان، فكلّ شيءٍ غضبانٌ عليك.
وقال الفضيل -هو ابن عياضٍ-: إذا قال الرّبّ، عزّ وجلّ: {خذوه فغلّوه} ابتدره سبعون ألفا ملكٍ، أيّهم يجعل الغلّ في عنقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215-216]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ الجحيم صلّوه} أي: اغمروه فيها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} قال كعب الأحبار: كلّ حلقةٍ منها قدر حديد الدّنيا.
وقال العوفي عن ابن عبّاسٍ، وابن جريرٍ: بذراع الملك. وقال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {فاسلكوه} تدخل في استه ثمّ تخرج من فيه، ثمّ ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: يسلك في دبره حتّى يخرج من منخريه، حتّى لا يقوم على رجليه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن إسحاق، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفي، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو أنّ رصاصة مثل هذه -وأشار إلى [مثل] جمجمة-أرسلت من السّماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنةٍ، لبلغت الأرض قبل اللّيل، ولو أنّها أرسلت من رأس السّلسلة، لسارت أربعين خريفًا الليل والنهار، قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها".
وأخرجه التّرمذيّ، عن سويد بن نصرٍ عن عبد اللّه بن المبارك، به قال: هذا حديثٌ حسنٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم * ولا يحضّ على طعام المسكين} أي: لا يقوم بحقّ اللّه عليه من طاعته وعبادته، ولا ينفع خلقه ويؤدّي حقّهم؛ فإنّ للّه على العباد أن يوحّدوه ولا يشركوا به شيئًا، وللعباد بعضهم على بعضٍ حقّ الإحسان والمعاونة على البرّ والتّقوى؛ ولهذا أمر اللّه بإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة، وقبض النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقول: "الصّلاة، وما ملكت أيمانكم"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ * ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ * لا يأكله إلا الخاطئون} أي: ليس له اليوم من ينقذه من عذاب اللّه، لا حميمٌ -وهو القريب- ولا شفيعٌ يطاع، ولا طعامٌ له هاهنا إلّا من غسلينٍ.
قال قتادة: هو شرّ طعام أهل النّار. وقال الرّبيع، والضّحّاك: هو شجرةٌ في جهنّم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا منصور بن مزاحمٍ، حدّثنا أبو سعيدٍ المؤدّب، عن خصيف، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما أدري ما الغسلين، ولكنّي أظنّه الزّقّوم.
وقال شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: الغسلين: الدّم والماء يسيل من لحومهم. وقال عليّ بن أبي طلحة عنه: الغسلين: صديد أهل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 217]


رد مع اقتباس