عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:38 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم، أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن رجل من بني أسد، قال: قال عمر لكعب: ويحك يا كعب، حدثنا حديثًا من حديث الآخرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ، فلم يبق أحد من الخلائق إلا وهو ينظر إلى عمله فيه، قال: ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد، قال: فتنشر حول العرش، فذلك قوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [سورة الكهف: 49]، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك إلا أحصاها، قال كعب: ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، فينظر فيه فحسناته باديات للناس، وهو يقرأ سيئاته، لكي لا يقول: كانت لي حسنات فلم تذكر، فأحب الله أن يريه عمله كله، حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك أنه مغفور، وإنك من أهل الجنة، فعند ذلك يقبل إلى أصحابه، ثم يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه} [سورة الحاقة: 19-25].
ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله، ثم يلف فيجعل من وراء ظهره، ويلوى عنقه، فذلك قوله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}، فينظر في كتابه، فسيئاته باديات للناس، وينظر في حسناته، لكي لا يقول: أفأثاب على السيئات؟ ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 756-757]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عبد الرحمن بن شريح أنه سمع أشياخاً يقولون: إن العبد يعطي يوم القيامة كتابه فينظر في بطنه فإذا فيه مكتوب سيئاته وفي ظهره حسناته، فهو يقرأ السيئات فيتغير لها وجهه ويشتد منها خوفه، ومن قرأ ما في ظهر كتابه غبطه على ما فيه من حسناته، فيقول: يا رب، قد عملت حسنات لم أجدها في هذا الكتاب، فيقال: اقلب أو حول، فإذا بالحسنات وبدلت تلك السيئات حسناتٍ، فلما قرأها أسفر وجهه، ومن قرأ ما يحول إليهم من كتابه قرؤوها حسنات فيغبطون عليها، ثم أمر أن يقلب أيضا، فإذا تلك السيئات قد حولت حسناتٍ، فعند ذلك يقول الذي قال الله في كتابه: {هاؤم اقرؤوا كتابيه (19) إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه}). [الجامع في علوم القرآن: 1/132]

قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه}
- أخبرنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد الله، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: وأخبرنا يوسف بن عيسى، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، قال: قالت عائشة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من نوقش الحساب هلك» قلت: يا رسول الله، فإنّ الله يقول: من، وقال يوسف: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} [الانشقاق: 8]، قال: «ذلك العرض»
[السنن الكبرى للنسائي: 10/311]
- أخبرنا العبّاس بن محمّدٍ، حدّثنا يونس، حدّثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من حوسب يومئذٍ عذّب»، قالت: يا رسول الله، حسابًا يسيرًا؟، قال: «ذلك العرض، ومن نوقش الحساب يهلك»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه (19) إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}.
يقول تعالى ذكره: فأمّا من أعطي كتاب أعماله بيمينه، فيقول تعالوا اقرءوا كتابيه.
- كما: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {هاؤم اقرءوا كتابيه}. قال: تعالوا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان بعض أهل العلم يقول: وجدت أكيس النّاس من قال: {هاؤم اقرءوا كتابيه}). [جامع البيان: 23/231]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال العدوي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال ينشر الله كنفه يوم القيامة على المؤمنين هكذا قال بيده فوقه فيقول أي ابن آدم هذه حسنة عملتها في مكان كذا وكذا ساعة كذا وكذا وقبلتها منك ثم يسجد المؤمن ثم يقول يا ابن آدم هذه سيئة عملتها يوم كذا وكذا فقد غفرتها لك فيسجد المؤمن فيقول الخلق طوبى لهذا العبد الذي لا يرى في كتابه إلا الحسنات من كثرة ما يسجد فإذا فرغ قال هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه أي أيقنت). [تفسير مجاهد: 2/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: إن الله يقف عبده يوم القيامة فيبدي سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له: أنت عملت هذا فيقول: نعم أي رب فيقول له: إني لم أفضحك به وإني غفرت لك فيقول عند ذلك: {هاؤم اقرؤوا كتابيه (19) إني ظننت أني ملاق حسابيه} حين نجا من فضيحته يوم القيامة.
وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر والخطيب عن أبي عثمان النهدي قال: إن المؤمن ليعطى كتابه في ستر من الله فيقرأ سيئاته فيتغير لونه ثم يقرأ حسناته فيرجع إليه لونه ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرؤوا كتابيه}.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي مثل ذلك فقال رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك قال: هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم يسعى نورهم بين أيديهم ذريتهم). [الدر المنثور: 14/673-674]

تفسير قوله تعالى: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إني ظننت أني ملاق حسابية قال يقول إني قد علمت). [تفسير عبد الرزاق: 2/315]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. يقول: إنّي علمت أنّي ملاقٍ حسابيه إذا وردت يوم القيامة على ربّي.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {إنّي ظننت} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. يقول: أيقنت.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} ظنّ ظنًّا يقينًا، فنفعه اللّه بظنّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. قال: إنّ الظّنّ من المؤمن يقينٌ، وإنّ عسى من اللّه واجبٌ {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، {فعسى أن يكون من المفلحين}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال؛ حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} قال: ما كان من ظنّ الآخرة فهو علمٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، قال: كلّ ظنٍّ في القرآن إنّي ظننت يقول: إنّي علمت). [جامع البيان: 23/232]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال العدوي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال ينشر الله كنفه يوم القيامة على المؤمنين هكذا قال بيده فوقه فيقول أي ابن آدم هذه حسنة عملتها في مكان كذا وكذا ساعة كذا وكذا وقبلتها منك ثم يسجد المؤمن ثم يقول يا ابن آدم هذه سيئة عملتها يوم كذا وكذا فقد غفرتها لك فيسجد المؤمن فيقول الخلق طوبى لهذا العبد الذي لا يرى في كتابه إلا الحسنات من كثرة ما يسجد فإذا فرغ قال هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه أي أيقنت). [تفسير مجاهد: 692] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: تعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في الأيدي اللهم اجعلنا ممن تؤتيه كتابه بيمينه، قال: وكان بعض أهل العلم يقول: إني وجدت أكيس الناس من قال: {هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه} قال: ظن ظنا يقينا فنفعه الله بظنه، قال: وذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: من استطاع أن يموت وهو يحسن الظن بالله فليفعل). [الدر المنثور: 14/672-673] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جرير عن ابن عباس في قوله: {إني ظننت} قال: أيقنت). [الدر المنثور: 14/674]

تفسير قوله تعالى: (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن جبيرٍ: {عيشةٍ راضيةٍ} [الحاقة: 21]: «يريد فيها الرّضا»). [صحيح البخاري: 6/159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن جبيرٍ عيشةٍ راضيةٍ يريد فيها الرّضا وقال أبو عبيدة معناه مرضيّةٌ قال وهو مثل ليل نائم). [فتح الباري: 8/664]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن جبيرٍ: {عيشةٍ راضيةٍ} (الحاقة: 12) يريد فيها الرّضا
أي: قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية} (الحاقة: 12) يريد فيها الرّضا أي: ذات الرّضا أراد به أنه من باب ذي كذا كتامر ولابن، وعند علماء البيان هذا استعارة بالكناية، وهذا لم يثبت إلاّ لأبي ذر والنسفي). [عمدة القاري: 19/258]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({عيشة راضية}: يريد فيها الرضا).
ولأبي ذر والنسفيّ وقال سعيد بن جبير عيشة الخ). [إرشاد الساري: 7/400]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فهو في عيشةٍ راضيةٍ (21) في جنّةٍ عاليةٍ (22) قطوفها دانيةٌ (23) كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية}.
يقول تعالى ذكره: فالّذي وصفت أمره، وهو الّذي أوتي كتابه بيمينه، في عيشةٍ مرضيّةٍ، أو عيشةٍ فيها الرّضا، فوصفت العيشة بالرّضا وهي مرضيّةٌ، لأنّ ذلك مدحٌ للعيشة، والعرب تفعل ذلك في المدح والذّمّ فتقول: هذا ليلٌ نائمٌ، وسرٌّ كاتمٌ، وماءٌ دافقٌ، فيوجّهون الفعل إليه، وهو في الأصل مفعولٌ لما يراد من المدح أو الذّمّ، ومن قال ذلك لم يجز له أن يقول للضّارب مضروبٌ، ولا للمضروب ضاربٌ، لأنّه لا مدح فيه ولا ذمٌّ). [جامع البيان: 23/233]

تفسير قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {في جنّةٍ عاليةٍ}. يقول: في بستانٍ عالٍ رفيعٍ، و{في} من قوله: {في جنّةٍ} من صلة {عيشةٍ}). [جامع البيان: 23/233]

تفسير قوله تعالى: (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة [ .... ـه] أنه سمع خثيما يقول: سمعت تبيعا وسئل عن: {قطوفها دانيةٌ}، فيقول: تدنوا إليه وهو قائمٌ فيأخذ من فاكهتها ما أحب، ثم تدنوا إليه وهو قاعدٌ فيأخذ من فاكهتها ما أحب، ثم ترجع كما كانت). [الجامع في علوم القرآن: 2/143-144]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قطوفها دانيةٌ}. يقول: ما يقطف من الجنّة من ثمارها دانٍ قريبٌ من قاطفه.
وذكر أنّ الّذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائمًا وقاعدًا، لا يمنعه منه بعدٌ، ولا يحول بينه وبينه شوكٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، يقول في هذه الآية {قطوفها دانيةٌ}. قال: يتناول الرّجل من فواكهها وهو قائمٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قطوفها دانيةٌ} دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعدٌ ولا شوكٌ). [جامع البيان: 23/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب في قوله: {قطوفها دانية} قال: قريبة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قطوفها دانية} قال: دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن البراء في قوله: {قطوفها دانية} قال: يتناول الرجل منها من فواكهها وهو قائم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {قطوفها} قال: ثمرها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه عن سلمان الفارسي: لا يدخل الجنة أحد إلا بجوار بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية {قطوفها دانية}). [الدر المنثور: 14/674-675]

تفسير قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. يقول لهم ربّهم جلّ ثناؤه: كلوا معشر من رضيت عنه، فأدخلته جنّتي من ثمارها، وطيب ما فيها من الأطعمة، واشربوا من أشربتها، هنيئًا لكم لا تتأذّون بما تأكلون، ولا بما تشربون، ولا تحتاجون من أكل ذلك إلى غائطٍ ولا بولٍ {بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. يقول: كلوا واشربوا هنيئًا جزاءً من اللّه لكم، وثوابًا {بما أسلفتم} أو على ما أسلفتم: أي على ما قدّمتم في دنياكم لآخرتكم من العمل بطاعة اللّه {في الأيّام الخالية} يقول: في أيّام الدّنيا الّتي خلت فمضت.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال اللّه {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية} إنّ أيّامكم هذه أيّامٌ خاليةٌ: هي أيّامٌ فانيةٌ، تؤدّي إلى أيّامٍ باقيةٍ، فاعملوا في هذه الأيّام، وقدّموا فيها خيرًا إن استطعتم، ولا قوّة إلاّ باللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. قال: أيّام الدّنيا بما عملوا فيها). [جامع البيان: 23/234-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال: أيامكم هذه أيام خالية فانية تؤدي إلى أيام باقية فاعملوا في هذه الأيام وقدموا خيرا إن استطعتم ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن المنذر عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال: بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى: يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت أعينكم وجفت بطونكم كونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا {هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية}.
وأخرج ابن المنذر، وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن رفيع في قوله: {بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال: الصوم.
وأخرج البيهقي عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ووضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي غنم فسلم فقال ابن عمر: هلم يا راعي هلم فأصب من هذه السفرة فقال له: إني صائم فقال ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم فقال له: إني والله أبادر أيامي الخالية فقال له ابن عمر وهو يريد أن يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه فقال: إنها ليست لي بغنم إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر: فما عسى سيدك فاعلا إذافقدها فقلت أكلها الذئب فولى الراعي عنه وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول: فأين الله قال: فجعل ابن عمر يردد قول الراعي وهو يقول: قال الراعي: فأين الله فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي فأعتق الراعي ووهب منه الغنم). [الدر المنثور: 14/675-677]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) )

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم، أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن رجل من بني أسد، قال: قال عمر لكعب: ويحك يا كعب، حدثنا حديثًا من حديث الآخرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ، فلم يبق أحد من الخلائق إلا وهو ينظر إلى عمله فيه، قال: ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد، قال: فتنشر حول العرش، فذلك قوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [سورة الكهف: 49]، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك إلا أحصاها، قال كعب: ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، فينظر فيه فحسناته باديات للناس، وهو يقرأ سيئاته، لكي لا يقول: كانت لي حسنات فلم تذكر، فأحب الله أن يريه عمله كله، حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك أنه مغفور، وإنك من أهل الجنة، فعند ذلك يقبل إلى أصحابه، ثم يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه} [سورة الحاقة: 19-25].
ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله، ثم يلف فيجعل من وراء ظهره، ويلوى عنقه، فذلك قوله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}، فينظر في كتابه، فسيئاته باديات للناس، وينظر في حسناته، لكي لا يقول: أفأثاب على السيئات؟ ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 756-757](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمّا من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه (25) ولم أدر ما حسابيه (26) يا ليتها كانت القاضية}.

يقول تعالى ذكره: وأمّا من أعطي يومئذٍ كتاب أعماله بشماله، فيقول: يا ليتني لم أعط كتابيه). [جامع البيان: 23/235]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولم أدر ما حسابيه}. يقول: ولم أدر أيّ شيءٍ حسابيه). [جامع البيان: 23/235]

تفسير قوله تعالى: (يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({القاضية} [الحاقة: 27] : «الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها»). [صحيح البخاري: 6/159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والقاضية الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها كذا لأبي ذر ولغيره ثمّ أحيي بعدها والأوّل أصحّ وهو قول الفرّاء قال في قوله يا ليتها كانت القاضية يقول ليت الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها). [فتح الباري: 8/664]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (القاضية الموتة الأولى الّتي متّها ثمّ أحيا بعدها
أشار به إلى قوله تعالى: {يا ليتها كانت القاضية (27) ما أغنى عني ماليه} (الحاقة: 27، 28) أي: ليت الموتة الأولى كانت القاطعة لأمري لن أحيا بعدها ولا يكون بعث ولا جزاء، وقال قتادة: تمنى الموت ولم يكن عنده في الدّنيا شيء أكره من الموت. قوله: (ثمّ أحيا) ، بعدها: وفي رواية أبي ذر: لم أحي بعدها، وهذه هي الأصح، والظّاهر أن النّاسخ صحف لم بثم). [عمدة القاري: 19/258]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({القاضية}) ولأبي ذر القاضية (الموتة الأولى التي متّها ثم أحيا) ولأبي ذر لم أحي (بعدها) قاله: الفراء ورواية أبي ذر أوجه إذ مراده أنها تكون القاطعة لحياته فلا يبعث بعدها). [إرشاد الساري: 7/400]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا ليتها كانت القاضية}. يقول: يا ليت الموتة الّتي متّها في الدّنيا كانت هي الفراغ من كلّ ما بعدها، ولم يكن بعدها حياةٌ ولا بعثٌ؛ والقضاء: هو الفراغ. وقيل: إنّه تمنّى الموت الّذي يقضي عليه، فتخرج منه نفسه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا ليتها كانت القاضية}. تمنّى الموت، ولم يكن في الدّنيا شيءٌ أكره عنده من الموت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا ليتها كانت القاضية}: الموت). [جامع البيان: 23/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27 - 34.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: تمنوا الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره عندهم من الموت وفي قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله خلقهم وسلطهم على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته.
وأخرج هناد عن الضحاك في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: يا ليتها كانت موتة لا حياة بعدها). [الدر المنثور: 14/677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: حجتي). [الدر المنثور: 14/677] (م)

تفسير قوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أغنى عنّي ماليه (28) هلك عنّي سلطانيه (29) خذوه فغلّوه (30) ثمّ الجحيم صلّوه (31) ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه (32) إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الّذي أوتي كتابه بشماله: {ما أغنى عنّي ماليه} يعني أنّه لم يدفع عنه ماله الّذي كان يملكه في الدّنيا من عذاب اللّه شيئًا). [جامع البيان: 23/235-236]

تفسير قوله تعالى: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({هلك عنّي سلطانيه} يقول: ذهبت عنّي حججي، وضلّت، فلا حجّة لي أحتجّ بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، مقال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {هلك عنّي سلطانيه} يقول: ضلّت عنّي كلّ بيّنةٍ فلم تغن عنّي شيئًا.
- حدّثني عبد الرّحمن بن الأسود الطّفاويّ، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، عن النّضر بن عربيٍّ، قال: سمعت عكرمة، يقول: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: حجّتي.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: حجّتي.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هلك عنّي سلطانيه} أما واللّه ما كلّ من دخل النّار كان أمير قريةٍ يجبيها، ولكنّ اللّه خلقهم، وسلّطهم على أقرانهم، وأمرهم بطاعة اللّه، ونهاهم عن معصية اللّه.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. يقول: بيّنتي ضلّت عنّي.
وقال آخرون: عني بالسّلطان في هذا الموضع: الملك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: سلطان الدّنيا). [جامع البيان: 23/236-237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27 - 34.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: تمنوا الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره عندهم من الموت وفي قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله خلقهم وسلطهم على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته). [الدر المنثور: 14/677] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {هلك عني سلطانيه} قال: حجتي.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {هلك عني سلطانيه} قال: يعني حجته.
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: حجتي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: ضلت عني كل بينة فلم تغن عني شيئا). [الدر المنثور: 14/677]

تفسير قوله تعالى: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {خذوه فغلّوه}. يقول تعالى ذكره لملائكته من خزّان جهنّم: {خذوه فغلّوه}). [جامع البيان: 23/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {خذوه فغلوه} قال: أخبرت أنه أبو جهل). [الدر المنثور: 14/678]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثمّ الجحيم صلّوه} يقول: ثمّ في جهنّم أوردوه ليصلّي فيها). [جامع البيان: 23/237]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن نسير بن ذعلوق، أنه سمع نوقًا، يقول في قوله: {في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} [سورة الحاقة: 32]، قال: كل ذراع سبعون ذراعًا، وكل باعٍ سبعون باعًا، وكل باعٍ ما بينك وبين مكة، وهو يومئذ في مسجد الكوفة). [الزهد لابن المبارك: 2/ 576-577]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا بكار بن عبد الله، أنه سمع ابن أبي مليكة يحدث، أن كعبًا، قال: إن حلقة من السلسلة التي قال الله: {ذرعها سبعون ذراعًا} أن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا). [الزهد لابن المبارك: 2/577]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (سمعت سفيان في قوله: {فاسلكوه} [سورة الحاقة: 32] قال: بلغني أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه). [الزهد لابن المبارك: 2/578]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (..... بن عبد الله عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن كعب في قوله تعالى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا قال لو جمع حديد الدنيا من أولها إلى آخرها ما وزن حلقة منها). [تفسير عبد الرزاق: 2/312]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن بسير بن ذعلوق قال سمعت نوفا يقول في قوله تعالى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا كل ذراع سبعون باعا كل باع أبعد مما بينك وبين مكة وهو يومئذ برحبة الكوفة.
قال الثوري بلغني أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه ومن رأسه). [تفسير عبد الرزاق: 2/315]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} يقول: ثمّ اسلكوه في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا، بذراعٍ اللّه أعلم بقدر طولها، وقيل: إنّها تدخل في دبره، ثمّ تخرج من منخريه.
وقال بعضهم: تدخل في فيه، وتخرج من دبره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن نسير بن دعلوقٍ، قال: سمعت نوفًا، يقول: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا}. قال: كلّ ذراعٍ سبعون باعًا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني نسيرٌ، قال: سمعت نوفًا يقول في رحبة الكوفة في إمارة مصعب بن الزّبير في قوله: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا}. قال: الذّراع: سبعون باعًا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن نسير بن دعلوقٍ أبي طعمة، عن نوفٍ البكاليّ {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا} قال: كلّ ذراعٍ سبعون باعًا، كلّ باعٍ أبعد ممّا بينك وبين مكّة وهو يومئذٍ في مسجد الكوفة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} قال: بذراع الملك {فاسلكوه} قال: تسلك في دبره حتّى تخرج من منخريه، حتّى لا يقوم على رجليه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يعمر بن بشرٍ المنقريّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفيّ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لو أنّ رصاصةً مثل هذه، وأشار إلى جمجمةٍ، أرسلت من السّماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمس مائة سنةٍ، لبلغت الأرض قبل اللّيل، ولو أنّها أرسلت من رأس السّلسلة لسارت أربعين خريفًا اللّيل والنّهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فاسلكوه} قال: السّلك: أن تدخل السّلسلة في فيه، وتخرج من دبره.
وقيل: {ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه}. وإنّما تسلك السّلسلة في فيه، كما قالت العرب: أدخلت رأسي في القلنسوة، وإنّما تدخل القلنسوة في الرّأس، وكما قال الأعشى:
إذا ما السّراب ارتدى بالأكم.
وإنّما يرتدي الأكم بالسّراب وما أشبه ذلك، وإنّما قيل ذلك كذلك لمعرفة السّامعين معناه، وإنّه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله). [جامع البيان: 23/237-239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك وهناد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن نوف الشامي في قوله: {ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا} قال: الذراع سبعون باعا والباع ما بينك وبين مكة وهو يومئذ بالكوفة.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن كعب قال: إن حلقه من السلسلة التي ذكر الله في كتابه مثل جميع حديد الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله: {فاسلكوه} قال: تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {فاسلكوه} قال: قال ابن عباس: السلسلة تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود ثم يشوى.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد قال: بلغني أن السلسلة تدخل من مقعده حتى تخرج من فيه يوثق بها بعد أو من فيه حتى تخرج من معدته.
وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي الدرداء قال: إن لله سلسلة لم تزل تغلي فيها مراجل النار منذ خلق الله جهنم إلى يوم القيامة تلقى في أعناق الناس وقد نجانا الله من نصفها بإيماننا بالله العظيم فحضي على طعام المسكين يا أم الدرداء). [الدر المنثور: 14/678-679]

تفسير قوله تعالى: (إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم} يقول: افعلوا ذلك به جزاءً له على كفره باللّه في الدّنيا، إنّه كان لا يصدّق بوحدانيّة اللّه العظيم). [جامع البيان: 23/239]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحضّ على طعام المسكين (34) فليس له اليوم هاهنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ (36) لا يأكله إلاّ الخاطئون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن هذا الشّقيّ الّذي أوتي كتابه بشماله: إنّه كان في الدّنيا لا يحضّ النّاس على إطعام أهل المسكنة والحاجة). [جامع البيان: 23/239]

تفسير قوله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ}. يقول جلّ ثناؤه: {فليس له اليوم} وذلك يوم القيامة {هاهنا} يعني في الدّار الآخرة {حميمٌ} يعني قريبٌ يدفع عنه، ويغيثه ممّا هو فيه من البلاء.
- كما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ}: القريب في كلام العرب). [جامع البيان: 23/239-240]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يحيى بن أيّوب، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن سليمان، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لو أنّ قطرةً {من غسلينٍ}، وقعت في الأرض أفسدت على النّاس معايشهم، ولو أنّ النّار أبرزت في صعيدٍ لم يمر بها شيء إلا مات). [الجامع في علوم القرآن: 1/46]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس كل القرآن أعلمه إلا أربعا غسلين وحنانا والأواه والرقيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/397] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}. يقول جلّ ثناؤه: ولا له طعامٌ كما كان لا يحضّ في الدّنيا على طعام المسكين، إلاّ طعامٌ من غسلينٍ، وذلك ما يسيل من صديد أهل النّار.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: كلّ جرحٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ، فعلينٌ من الغسل من الجراح والدّبر.
وزيد فيه الياء والنّون بمنزلة (عفرينٍ).
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ} صديد أهل النّار.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}. قال: ما يخرج من لحومهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}: شرّ الطّعام وأخبثه وأبشعه.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ} قال: الغسلين والزّقّوم لا يعلم أحدٌ ما هو). [جامع البيان: 23/240-241]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن عمر الجوهريّ بمرو، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، ثنا أبي، ثنا هارون بن معروفٍ، ثنا عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم {بماءٍ كالمهل} [الكهف: 29] قال: «كعكر الزّيت، فإذا قرّب إليه سقطت فروة وجهه، ولو أنّ دلوًا من غسلين يهراق في الدّنيا لأنتن بأهل الدّنيا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/544]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وغسلين ما يسيل من صديد أهل النّار كذا ثبت للنّسفيّ وحده عقب قوله القاضية وهو عند أبي نعيمٍ أيضًا وهو كلام الفرّاء قال في قوله ولا طعام إلّا من غسلين يقال إنّه ما يسيل من صديد أهل النّار قوله وقال غيره من غسلينٍ كلّ شيءٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ فعلينٌ من الغسل مثل الجرح والدّبر كذا للنّسفيّ وحده هنا وقد تقدّم في بدء الخلق أعجاز نخلٍ أصولها كذا للنّسفيّ وحده هنا وهو عند أبي نعيمٍ أيضًا وقد تقدّم أيضًا في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/665]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وغسلينٍ: ما يسيل من صديد أهل النّار
أشار به إلى قوله تعالى: {ولا طعام إلاّ من غسلين} (الحاقة: 63) وفسره بقوله: (يسيل من صديد أهل النّار) وهو قول الفراء. قال الثّعلبيّ: كأنّه غسالة جروحهم وقروحهم، وعن الضّحّاك والربيع، هو شجر يأكله أهل النّار، وهذا ثبت للنسفي وحده.
وقال غيره: من غسلينٍ: كلّ شيءٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ فعلينٌ من الغسل من الجرح والدّبر
هذا أيضا للنسفي وحده. قوله: (وقال غيره) ، يدل على أن قبل قوله: وغسلين. وقال الفراء وغيره، وقد سقط من النّاسخ، ويكون معنى قوله: (وقال غيره) أي: غير الفراء وإن لم يقدر شيء هناك لا يستقيم الكلام. فافهم). [عمدة القاري: 19/259-260]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 35 - 52
أخرج ابن أبي حاتم وأبو القاسم الزجاجي النحوي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الغسلين الدم والماء الذي يسيل من لحومهم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الغسلين صديد أهل النار.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن دلوا من غسلين يراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال: الغسلين اسم طعام من أطعمة النار.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: غسلين شجرة في النار). [الدر المنثور: 14/679-680]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يأكله إلاّ الخاطئون}. يقول: لا يأكل الطّعام الّذي من غسلينٍ إلاّ الخاطئون، وهم المذنبون الّذين ذنوبهم كفرٌ باللّه). [جامع البيان: 23/241]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيّوب، ثنا عليّ بن عبد العزيز، أنبأ أبو عبيدٍ، ثنا ابن عديٍّ، عن حسينٍ المعلّم، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود الدّيليّ، ويحيى بن يعمر، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «ما الخاطون؟ إنّما هو الخاطئون، ما الصّابون؟ إنّما هو الصّابئون» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان قال: جاء أعرابي إلى علي بن أبي طالب فقال: كيف هذا الحرف لا يأكله ألا الخاطون كل والله يخطو فتبسم علي وقال: يا أعرابي {لا يأكله إلا الخاطئون} صدقت والله يا أمير المؤمنين ما كان الله ليسلم عبده ثم التفت علي إلى أبي الأسود فقال: إن الأعاجم قد دخلت في الدين كافة فضع للناس شيئا يستدلون به على صلاح ألسنتهم فرسم له الرفع والنصب والخفض.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه من طريق أبي الدهقان عن عبد الله أنه قرأ {لا يأكله إلا الخاطئون} مهموزة.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ لا يأكله إلا الخاطون لا يهمز.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر عن ابن عباس قال: ما الخاطون إنما هو الخاطئون ما الصابون إنما هو الصائبون). [الدر المنثور: 14/680-681]


رد مع اقتباس