الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 22 جمادى الآخرة 1434هـ/2-05-2013م, 06:30 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْ‌هٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَ‌هُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ‌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ‌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(216)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الخامسة عشرةقال جلّ وعزّ: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم} [البقرة: 216] فقال قومٌ: هي ناسخةٌ لحظر القتال عليهم ولما أمروا به من الصفح والعفو بمكّة
وقال قومٌ: هي منسوخةٌ وكذا قالوا في قوله جلّ وعزّ {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41] والنّاسخة {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً فلولا نفر من كلّ فرقةٍ منهم طائفةٌ} [التوبة: 122]
وقال قومٌ: هي على النّدب لا على الوجوب، وقال قومٌ: هي واجبةٌ والجهاد فرضٌ
وقال عطاءٌ: هي فرضٌ إلّا أنّها على غيرنا يعني أنّ الّذي خوطب بها الصّحابة
قال أبو جعفرٍ: فهذه خمسة أقوالٍ، فأمّا القول الأوّل وهو أنّها ناسخةٌ فبيّنٌ صحيحٌ
وأمّا قول من قال: هي منسوخةٌ فلا يصحّ؛ لأنّه ليس في قوله جلّ وعزّ {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً} [التوبة: 122] نسخٌ لفرض القتال
وأمّا قول من قال: هي على النّدب فغير صحيحٍ؛ لأنّ الأمر إذا وقع بشيءٍ لم يحمل على غير الواجب إلّا بتوقيفٍ من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أو بدليلٍ قاطعٍ
وأمّا قول عطاءٍ: إنّها فرضٌ ولكنّه فرضٌ على الصّحابة فقولٌ مرغوبٌ عنه وقد ردّه العلماء حتّى قال الشّافعيّ رحمه اللّه في إلزامه: من قال:
{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصّلاة} [النساء: 102] إنّ هذا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصّةً ولا تصلّى صلاة الخوف بعده فعارضه بقوله جلّ وعزّ {خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها} [التوبة: 103]
فقول عطاءٍ أسهل ردًّا من قول من قال: هي على النّدب؛ لأنّ الّذي قال: هي على النّدب قال: هي مثل قوله جلّ وعزّ {يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت} الآية
قال أبو جعفرٍ: وهذا ليس على النّدب وقد بيّنّاه فيما تقدّم، فأمّا قول من قال: إنّ الجهاد فرضٌ بالآية فقوله صحيحٌ وهو قول حذيفة، وعبد اللّه بن عمرٍو وقول الفقهاء الّذين تدور عليهم الفتيا إلّا أنّه فرضٌ يحمله بعض النّاس عن بعضٍ فإن احتيج إلى الجماعة نفروا فرضًا واجبًا؛ لأنّ نظير {كتب عليكم القتال} [البقرة: 216] {كتب عليكم الصّيام} [البقرة: 183]
قال حذيفة: الإسلام ثمانية أسهمٍ: الإسلام سهمٌ والصّلاة سهمٌ
والزّكاة سهمٌ والصّيام والحجّ سهمٌ والجهاد سهمٌ والأمر بالمعروف سهمٌ والنّهي عن المنكر سهمٌ
ونظير الجهاد في أنّه فرضٌ يقوم به بعض المسلمين عن بعضٍ الصّلاة على المسلمين إذا ماتوا ومواراتهم قال أبو عبيدٍ: وعيادة المريض وردّ السّلام وتشميت العاطس
وأمّا قول من قال: الجهاد نافلةٌ، فيحتجّ بأشياء وهو قول ابن عمر، وابن شبرمة، وسفيان الثّوريّ
ومن حجّتهم قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رواه ابن عمر:
(( بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، والصّلاة، والصّيام، والزّكاة، وحجّ البيت ))
قال أبو جعفرٍ: وهذا لا حجّة فيه؛ لأنّه قد روي عن ابن عمر أنّه قال: " استنبطت هذا ولم يرفعه ولو كان رفعه صحيحًا لما كان فيه أيضًا حجّةٌ؛ لأنّه يجوز أن يترك ذكر الجهاد هاهنا لأنّه مذكورٌ في القرآن، أو لأنّ بعض النّاس يحمله عن بعضٍ فقد صحّ فرض الجهاد بنصّ القرآن وبسنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كما روى مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)) فسّره العلماء أنّه في الغزو وفي ذلك أحاديث كثيرةٌ كرهنا أن نطوّل الكتاب بها لأنّ فيما تقدّم كفايةً
والصّحيح في الآية السّادسة عشرة أنّها منسوخةٌ
). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 1/454-630]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم}[البقرة: 216] الآية:
أكثر العلماء على أنّ هذه الآية ناسخةٌ لكلّ رخصةٍ في القرآن في ترك القتال. إلاّ أنه فرضٌ يحمله بعض الناس عن بعض. وإن احتيج إلى الجماعة كان فرضًا عليهم الخروج. ومثله الصّلاة على الجنائز. وردّ السلام.
وقد قيل: هي منسوخةٌ بقوله - عزّ وجلّ -: {وما كان المؤمنون لينفروا كافةً} [التوبة: 122].
وقيل: هي على الندب.
قال أبو محمد: والأمر لا يحمل على النّدب إلا بقرينةٍ ودليل.
).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:123- 200]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثّالثة والعشرين: قوله تعالى: {كتب عليكم القتال}.
اختلفوا في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة؟
فقال قومٌ: هي منسوخةٌ لأنّها تقتضي وجوب القتال على الكلّ؛ لأنّ الكلّ خوطبوا بها، وكتب بمعنى فرض.
قال ابن جريجٍ سألت عطاء، أواجبٌ الغزو على النّاس من أجل هذه الآية؟ فقال: لا، إنّما كتب على أولئك حينئذٍ.
وقال ابن أبي نجيحٍ سألت مجاهدًا (هل الغزو واجبٌ على النّاس؟) فقال: لا. إنّما كتب عليهم يومئذٍ.
وقد اختلف أرباب هذا القول في ناسخها على قولين:
أحدهما: أنّه قوله تعالى: {لا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها} قاله عكرمة.
والثاني: قوله: {فلولا نفر من كلّ فرقةٍ منهم طائفةٌ} وقد زعم بعضهم أنّها ناسخةٌ من وجهٍ، ومنسوخةٌ من وجهٍ، وذلك أنّ الجهاد كان على ثلاث طبقاتٍ:
الأولى: المنع من القتال، وذلك مفهومٌ من قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم} فنسخت بهذه الآية ووجب بها التّعيّن على الكلّ، وساعدها قوله تعالى: {انفروا خفافاً وثقالاً} ثمّ استقرّ الأمر على أنّه إذا قام بالجهاد قومٌ سقط على الباقين بقوله تعالى: {فلولا نفر من كلّ فرقةٍ منهم طائفةٌ}.
والصّحيح أنّ قوله: {كتب عليكم القتال} محكمٌ وأنّ فرض الجهاد لازمٌ للكلّ، إلا أنّه من فروض الكفايات، إذا قام به قومٌ سقط عن الباقين فلا وجه للنسخ).
). [نواسخ القرآن:125- 236]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس