عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 05:04 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا زكريّا إنّا نبشّرك بغلامٍ اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميًّا (7)}
هذا الكلام يتضمّن محذوفًا، وهو أنّه أجيب إلى ما سأل في دعائه فقيل [له]: {يا زكريّا إنّا نبشّرك بغلامٍ اسمه يحيى}، كما قال تعالى: {هنالك دعا زكريّا ربّه قال ربّ هب لي من لدنك ذرّيّةً طيّبةً إنّك سميع الدّعاء فنادته الملائكة وهو قائمٌ يصلّي في المحراب أنّ اللّه يبشّرك بيحيى مصدّقًا بكلمةٍ من اللّه وسيّدًا وحصورًا ونبيًّا من الصّالحين} [آل عمران: 38، 39]
وقوله: {لم نجعل له من قبل سميًّا} قال قتادة، وابن جريجٍ، وابن زيدٍ: أي لم يسمّ أحدٌ قبله بهذا الاسم، واختاره ابن جريرٍ، رحمه اللّه.
وقال مجاهدٌ: {لم نجعل له من قبل سميًّا} أي: شبيهًا.
أخذه من معنى قوله: {فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميًّا} [مريم: 65] أي: شبيهًا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أي لم تلد العواقر قبله مثله.
وهذا دليلٌ على أنّ زكريّا عليه السّلام، كان لا يولد له، وكذلك امرأته كانت عاقرًا من أوّل عمرها، بخلاف إبراهيم وسارة، عليهما السّلام، فإنّهما إنّما تعجّبا من البشارة بإسحاق على كبرهما لا لعقرهما ؛ ولهذا قال: {أبشّرتموني على أن مسّني الكبر فبم تبشّرون} [الحجر: 54] مع أنّه كان قد ولد له قبله إسماعيل بثلاث عشرة سنة. وقالت امرأته: {يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ * قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ} [هودٍ: 72، 73]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 214]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ أنّى يكون لي غلامٌ وكانت امرأتي عاقرًا وقد بلغت من الكبر عتيًّا (8) قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّنٌ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا (9)}
هذا تعجّبٌ من زكريّا، عليه السّلام، حين أجيب إلى ما سأل، وبشّر بالولد، ففرح فرحًا شديدًا، وسأل عن كيفيّة ما يولد له، والوجه الّذي يأتيه منه الولد، مع أنّ امرأته [كانت] عاقرًا لم تلد من أوّل عمرها مع كبرها، ومع أنّه قد كبر وعتا، أي عسا عظمه ونحل ولم يبق فيه لقاحٌ ولا جماعٌ.
تقول العرب للعود إذا يبس: "عتا يعتو عتيا وعتوا، وعسا يعسو عسوا وعسيا".
وقال مجاهدٌ: {عتيًّا} بمعنى: نحول العظم.
وقال ابن عبّاسٍ وغيره: {عتيًّا} يعني: الكبر.
والظّاهر أنّه أخصّ من الكبر.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب، حدّثنا هشيم، أخبرنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لقد علمت السّنّة كلّها، غير أنّي لا أدري أكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ في الظّهر والعصر أم لا؟ ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف: {وقد بلغت من الكبر عتيًّا} أو "عسيًّا".
ورواه الإمام أحمد عن سريج بن النّعمان، وأبو داود، عن زياد بن أيّوب، كلاهما عن هشيمٍ، به). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال} أي الملك مجيبًا لزكريّا عمّا استعجب منه: {كذلك قال ربّك هو عليّ هيّنٌ} أي: إيجاد الولد منك ومن زوجتك هذه لا من غيرها {هيّنٌ} أي: يسيرٌ سهلٌ على اللّه.
ثمّ ذكر له ما هو أعجب ممّا سأل عنه، فقال: {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا} كما قال تعالى: {هل أتى على الإنسان حينٌ من الدّهر لم يكن شيئًا مذكورًا} [الإنسان: 1]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 215]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ اجعل لي آيةً قال آيتك ألّا تكلّم النّاس ثلاث ليالٍ سويًّا (10) فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبّحوا بكرةً وعشيًّا (11)}
يقول تعالى مخبرًا عن زكريّا، عليه السّلام، أنّه {قال ربّ اجعل لي آيةً} أي: علامةً ودليلًا على وجود ما وعدتني، لتستقرّ نفسي ويطمئنّ قلبي بما وعدتني كما قال إبراهيم، عليه السّلام: {ربّ أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي} الآية [البقرة: 260]. {قال آيتك} أي: علامتك {ألا تكلّم النّاس ثلاث ليالٍ سويًّا} أي: أن تحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليالٍ وأنت صحيحٌ سويٌّ من غير مرضٍ ولا علّةٍ
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، ووهب [بن منبّهٍ]، والسّدّيّ وقتادة وغير واحدٍ: اعتقل لسانه من غير مرضٍ.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: كان يقرأ ويسبّح ولا يستطيع أن يكلّم قومه إلّا إشارةً.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ثلاث ليالٍ سويًّا} أي: متتابعاتٍ.
والقول الأوّل عنه وعن الجمهور أصحّ كما قال تعالى في [أوّل] آل عمران: {قال ربّ اجعل لي آيةً قال آيتك ألا تكلّم النّاس ثلاثة أيّامٍ إلا رمزًا واذكر ربّك كثيرًا وسبّح بالعشيّ والإبكار} [آل عمران: 41]
وقال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: {ثلاث ليالٍ سويًّا} من غير خرسٍ.
وهذا دليلٌ على أنّه لم يكن يكلّم النّاس في هذه اللّيالي الثّلاث وأيّامها {إلا رمزًا} أي: إشارةً؛ ولهذا قال في هذه الآية الكريمة: {فخرج على قومه من المحراب} أي: الّذي بشّر فيه بالولد، {فأوحى إليهم} أي: أشار إشارةً خفيّةً سريعةً: {أن سبّحوا بكرةً وعشيًّا} أي: موافقةً له فيما أمر به في هذه الأيّام الثّلاثة زيادةً على أعماله، وشكرًا للّه على ما أولاه.
قال مجاهدٌ: {فأوحى إليهم} أي: أشار. وبه قال وهبٌ، وقتادة.
وقال مجاهدٌ في روايةٍ عنه: {فأوحى إليهم} أي: كتب لهم في الأرض، كذا قال السدي). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 215-216]

رد مع اقتباس