عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:41 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}
قال الطبري رحمه الله: المعنى: وإن يعرض - يا محمد - هؤلاء الكفرة عن آياتي ويخالفوا رسلي ويطيعوا إبليس: فقديما ما فعل ذلك أبوهم آدم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل ضعيف، وذلك أن كون آدم مثالا للكفار الجاحدين ليس بشيء، وآدم إنما عصى بتأويل، ففي هذا غضاضة عليه صلى الله عليه وسلم، وأما الظاهر في هذه الآية إما أن يكون ابتداء قصص لا تعلق له بما قبله، وإما أن يجعل تعلقه أنه لما عهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم ألا يعجل بالقرآن مثل له بنبي قبله عهد إليه فنسي فعوقب؛ ليكون أشد في التحذير وأبلغ في العهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم. والعهد هنا في معنى الوصية، و"نسي" معناه: ترك، ونسيان الذهول لا يمكن هنا؛ لأنه لا يتعلق بالناسي عقاب، وقرأ الأعمش: "فنسي" بسكون الياء، ووجهها طلب الخفة. و"العزم": المضي على المعتقد في أي شيء كان، وآدم عليه السلام كان معتقدا ألا يأكل من الشجرة، لكنه لما وسوس إليه إبليس لم يعزم
[المحرر الوجيز: 6/137]
على معتقده. وعبر بعض المفسرين عن العزم هنا بالصبر وبالحفظ وبغير ذلك مما هو أعم من حقيقة العزم. والشيء الذي عهد لآدم عليه السلام هو ألا يقرب الشجرة، وأعلم مع ذلك أن إبليس عدو له. وقال أبو أمامة رضي الله عنه: لو أن أحلام بني آدم جمعت منذ خلق الله الخلق إلى يوم القيامة ووضعت في كفة ميزان ووضع حلم آدم عليه السلام في كفة أخرى لرجحهم، وقد قال الله تبارك وتعالى: {ولم نجد له عزما} ). [المحرر الوجيز: 6/138]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} الآية ابتداء قصة، والعامل في "إذ" فعل مضمر، وقد تقدم استيعاب هذه القصة، لكن نذكر من ذلك ما تقتضيه ألفاظ هذه الآية، فالملائكة قيل كان جميعهم مأمور بذلك، وقيل: بل فرقة فاضلة منهم عددهم اثنان وعشرون. و"السجود" الذي أمروا به سجود كرامة لآدم صلوات الله عليهم، وعبادة لله تعالى. وقوله: {إلا إبليس} الاستثناء متصل في قول من جعل إبليس من الملائكة، ومنقطع في قول من قال: هو من قبيلة غير الملائكة يقال لها الجن). [المحرر الوجيز: 6/138]

تفسير قوله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}، أي: لا يقع منكما طاعة له في إغوائه فيكون ذلك سبب خروجكما من الجنة. ثم خصص آدم عليه السلام بقوله: "فتشقى" من حيث كان المخاطب أولا المقصود في الكلام، وقيل: بل ذلك لأن الله تعالى جعل الشقاء في معيشة الدنيا في حيز الرجال. وروي أن آدم عليه السلام لما أهبط هبط معه ثور أحمر، فكان يحرث ويمسح العرق، فهذا هو الشقاء الذي خوف منه). [المحرر الوجيز: 6/138]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى}
المعنى: إن لك يا آدم نعمة تامة وعطية مستمرة ألا يصيبك جوع ولا عري ولا ظمأ ولا بروز للشمس يؤذيك، وهو الضحى). [المحرر الوجيز: 6/138]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وعاصم - في رواية أبي بكر -: "وإنك" بكسر الألف، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: "وأنك" بفتح الألف،
[المحرر الوجيز: 6/138]
وجعل الله تبارك وتعالى في هذه الآية الجوع مع العري، والظمأ مع الضحى، وكان عرف الكلام أن يكون الجوع مع الظمإ للتناسب، والعري مع الضحى لأنها لا تتضاد، والعري يمس بسببه البرد فيؤذي، والحر يفعل ذلك بالضاحي، وهذه الطريقة مهيع في كلام العرب أن تفرق النسب، ومنه قول امرئ القيس:
أني لم أركب جوادا للذة ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال ... لم أسبإ الزق الروي ولم أقل
لخيلي كري كرة بعد إجفال
وذهب بعض الأدباء إلى أن بيتي امرئ القيس فيهما محافظة للنسب، وأن ركوب الخيل للصيد وغيره من اللذات يناسب تبطن الكاعب. ومن الضحى قول الشاعر:
أت رجلا أما إذا الشمس عارضت ... فيضحي وأما بالعشي فيخصر). [المحرر الوجيز: 6/139]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت فرقة: "وأنك لا تظمأ" بفتح الألف عطفا على قوله: "ألا تجوع"، وقرأت فرقة: "و إنك لا تظمأ" عطفا على قوله تعالى: {إن لك} ). [المحرر الوجيز: 6/140]

رد مع اقتباس