الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 18 جمادى الآخرة 1434هـ/28-04-2013م, 03:17 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى ٱلسَّمَآءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةًۭ تَرْضَىٰهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُۥ ۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(144)}

قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ)
عن همّام بن يحيى البصري قال
: (سمعت قتادة يقول في قول الله عز وجل: {فأينما تولوا فثم وجه الله} قال كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله تعالى نحو الكعبة البيت الحرام
وقال في آية أخرى: {فلنولينك قبلة ترضها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} أي تلقاءه ونسخت هذه ما كان قبلها من أمر القبلة
). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/31-38]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال أبو جعفرٍ: حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " فكان أوّل ما نسخ اللّه جلّ وعزّ من القرآن القبلة وذلك أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره اللّه جلّ وعزّ أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود بذلك فاستقبلها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا فكان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم فكان يدعو اللّه جلّ وعزّ وينظر إلى السّماء فأنزل اللّه جلّ وعزّ {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء} [البقرة: 144] إلى قوله جلّ وعزّ {فولّوا وجوهكم شطره} [البقرة: 144] يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: {ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} [البقرة: 142] فأنزل اللّه جلّ وعزّ {قل للّه المشرق والمغرب} [البقرة: 142] وقال {فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] وقال اللّه جلّ وعزّ {وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلّا لنعلم من يتّبع الرّسول
ممّن ينقلب على عقبيه} [البقرة: 143] " قال ابن عبّاسٍ: ليتميّز أهل اليقين من أهل الشّكّ والرّيبة
" قال أبو جعفرٍ: فهذا يسهل في حفظ نسخ هذه الآية ونذكر ما فيها من الإطالة كما شرطنا
فمن ذلك ما قرئ على أحمد بن عمرٍو، عن محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ قال: حدّثنا أبو عوانة قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «صلّى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بمكّة إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما هاجر ستّة عشر شهرًا»
قال أبو جعفرٍ: وحدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «صلّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمكّة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما هاجر إلى المدينة ستّة عشر شهرًا ثمّ صرف إلى الكعبة»
قال أبو جعفرٍ: وفي حديث البراء «صلّى ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا»
وروى الزّهريّ، عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ، قال: «صرف رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إلى الكعبة في جمادى» وقال ابن إسحاق: «في رجبٍ» وقال الواقديّ: «في النّصف من شعبان» قال أبو جعفرٍ: وأولاها بالصّواب القول الأوّل؛ لأنّ الّذي قال به أجلّ، ولأنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قدم المدينة في شهر ربيعٍ الأوّل فإذا صرف في آخر جمادى الآخرة إلى الكعبة صار ذلك ستّة عشر شهرًا كما قال ابن عبّاسٍ وأيضًا فإذا صلّى إلى الكعبة في جمادى فقد صلّى إليها فيما بعدها فعلى قول ابن عبّاسٍ إنّ اللّه جلّ وعزّ كان أمره بالصّلاة إلى بيت المقدس ثمّ نسخه.
وقال غيره: بل نسخ فعله ولم يكن أمره بالصّلاة إلى بيت المقدس ولكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يتبع آثار الأنبياء قبله حتّى يؤمر بنسخ ذلك
وقال قومٌ: بل نسخ اللّه جلّ وعزّ قوله {فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] بالأمر بالصّلاة إلى الكعبة
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال بالصّواب الأوّل وهو صحيحٌ عن ابن عبّاسٍ والّذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عبّاسٍ وإنّما أخذ التّفسير عن مجاهدٍ وعكرمة
وهذا القول لا يوجب طعنًا؛ لأنّه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقةٌ صدوقٌ
وحدّثني أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: سمعت عليّ بن الحسين، يقول: سمعت الحسين بن عبد الرّحمن بن فهمٍ، يقول: سمعت أحمد بن حنبلٍ، يقول بمصر: «كتاب التّأويل عن معاوية بن صالحٍ لو جاء رجلٌ إلى مصر فكتبه ثمّ انصرف به ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلًا»
فأمّا أن تكون الآية ناسخةً لقول اللّه جلّ وعزّ {فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] فبعيدٌ؛ لأنّها تحتمل أشياء سنبيّنها في ذكر الآية الثّانية
). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 1/454-630]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
هذه الآية عند أكثر المفسرين وأهل المعاني ناسخة للصلاة إلى بيت المقدس وهي عندهم أول ما نسخ.
وإذا كان هذا أوّل ناسخٍ ومنسوخٍ -على قول جميعهم- والناسخ والمنسوخ مدنيّ - فواجبٌ أن لا يكون ناسخٌ ومنسوخٌ مكيًّا؛ إذ أوّل النسخ عندهم إنّما حدث بالمدينة، وكان نسخ القبلة بعد الهجرة بستّة عشر شهرًا، وقيل سبعة عشر شهرًا، إلا أن يكونوا أرادوا بقولهم هذا: أوّل ناسخٍ ومنسوخٍ، يعنون: بالمدينة، فيجوز أن يكون ثمّ مكيٌّ نسخ مكّيًا. ولم أجده مجمعًا عليه، وسترى ما وجدت منه.
واختلف في صلاة النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس، هل كان بأمرٍ من الله -عزّ وجلّ- أو باختياره؟
فقال جماعةٌ: كان بأمرٍ من الله، بدليل قوله: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها} -يعني بيت المقدس-
وقد قيل: القبلة في هذه الآية: الكعبة، و"كنت": بمعنى: أنت. فلا
حجّة فيه لمن استدلّ به على أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم – صلى إلى بيت المقدس بأمرٍ من الله - على هذا القول -؛ لأنّ القبلة في قوله: {الّتي كنت عليها} مرادٌ بها الكعبة.
وعلى القول الأول، يراد بها بيت المقدس.
و"كنت" بمعنى: أنت، جائزٌ على أن تكون "كان" زائدةً. وقد قيل في قوله: {كنتم خير أمّةٍ} معناه: أنتم خير أمّة.
قال ابن زيد: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكّة يصلّون نحو الكعبة ثماني سنين. قال وكانوا يصلّون ركعتين بالغداة وركعتين بالعشيّ، فلما فرض الله "خمس صلواتٍ"؛ إذ عرج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صارت الركعتان للمسافر. قال: فلما هاجر النبيّ عليه السلام إلى المدينة أمره الله - عزّ وجل - بالصّلاة نحو بيت المقدس.
وعنه أيضًا أنه قال: لما قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، قال: ما ندري أين نتوجه؟ فأنزل الله: {وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله} [البقرة: 115] فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، فتكلّمت اليهود
فقالوا: ما درى محمدٌ وأصحابه. ولا اهتدوا لقبلتهم إلا بنا، فشقّ ذلك على النبيّ عليه السلام فنسخ الله القبلة، وأمره بالصّلاة نحو الكعبة.
وقال ابن حبيب: كان الله - جلّ وعزّ - قد أمر نبيّه أن يقتدي بمن كان قبله من الأنبياء، يريد بقوله: {فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90]. قال: فلمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صلّى نحو بيت المقدس؛ لأنها كانت قبلة جماعةٍ من الأنبياء قبله. ثم شقّ على النبي قول اليهود في القبلة. فنسخ الله ذلك بالكعبة.
وقد قيل: إن الله جلّ ذكره كان قد فرض على إبراهيم - خليله - الصّلاة نحو الكعبة، ودلّ على ذلك قوله: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} - على قراءة من قرأ بفتح الخاء - على الخبر -.
ثم أمر الله نبيّه - بغير قرآن - بالصّلاة نحو بيت المقدس، فصلّى نحوها بضعة عشر شهرًا، وكان يحبّ التّوجّه إلى الكعبة.
فنسخ الله الصّلاة نحو بيت المقدس بالصّلاة إلى الكعبة، فصار المنسوخ ناسخًا لما نسخه الله قبل. وهذا قليل النّظير في الناسخ والمنسوخ.
فهذا كلّه يدلّ على أن الصلاة نحو بيت المقدس كان بأمر الله له، فهو نسخ قرآن بقرآن.
وقد روي أن الأنصار صلّت نحو بيت المقدس قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم حولين).
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم صلّى نحو بيت المقدس بضعة عشر شهرًا، وكانت نفسه تائقةً إلى قبلة أبيه إبراهيم. فأمره الله باستقبالها.
وقيل: بل صلّى نحو بيت المقدس ليتألّف بذلك اليهود؛ وذلك أنه هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها ومن حواليها اليهود، فصلّى نحو بيت المقدس، ليتألّف بذلك اليهود، فطعنوا في ذلك وتكلّموا فيه بما شقّ على النبيّ وأصحابه. فأمر الله بالصلاة نحو الكعبة.فيكون - على هذا القول - من نسخ السّنة بالقرآن -.
والشّطر: النحو - في الآية -.
).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:123- 200]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (قوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية [البقرة: 144]، قالوا: هي ناسخة للصلاة إلى بيت المقدس، قالوا: والصلاة إلى بيت المقدس أول ما نسخ، وهذا ليس بناسخ لقرآن؛ لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بقرآن أنزل عليه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: (أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115] فصلى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس، ثم صرف إلى البيت العتيق)، فعلى هذا تكون الآية ناسخة لقوله سبحانه: {فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115]؛ لأنه سبحانه أباح له صلى الله عليه وسلم استقبال ما شاء من الجهات ثم نسخه بما ذكرنا.
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (نزلت في صلاة التطوع، يصلي حيث ما توجهت به الراحلة).
وقيل: نزلت في قوم عميت عليهم القبلة فصلوا باجتهادهم إلى جهات مختلفة، فأعلموا أن صلاتهم جائزة.
وروى عامر بن ربيعة عن أبيه: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فتغيمت السماء وأشكلت علينا القبلة، فصلينا وعلمنا، فلما طلعت الشمس إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة فنزلت: {فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115]).
). [جمال القراء: 1/249-27]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس