عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّآ لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين (87)}
يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفيّة خلاصهم منهم وذلك أنّ اللّه تعالى أمر موسى وأخاه هارون، عليهما السّلام {أن تبوّءا} أي: يتّخذا لقومهما بمصر بيوتًا.
واختلف المفسّرون في معنى قوله تعالى: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} فقال الثّوريّ وغيره، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: أمروا أن يتّخذوها مساجد.
وقال الثّوريّ أيضًا، عن ابن منصورٍ، عن إبراهيم: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
وكذا قال مجاهدٌ، وأبو مالكٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم: وكأنّ هذا -واللّه أعلم -لمّا اشتدّ بهم البلاء من قبل فرعون وقومه، وضيّقوا عليهم، أمروا بكثرة الصّلاة، كما قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استعينوا بالصّبر والصّلاة} [البقرة: 156]. وفي الحديث: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا حزبه أمرٌ صلّى. أخرجه أبو داود. ولهذا قال تعالى في هذه الآية: {واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين} أي: بالثّواب والنّصر القريب.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ، في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى، عليه السّلام: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن اللّه تعالى لهم أن يصلّوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة. وقال مجاهدٌ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: لمّا خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلةً الكعبة، يصلّون فيها سرًّا. وكذا قال قتادة، والضّحّاك.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} أي: يقابل بعضها بعضًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 289-290]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم (88) قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون (89)}
هذا إخبارٌ من اللّه تعالى عمّا دعا به موسى، عليه السّلام، على فرعون وملئه، لمّا أبوا قبول الحقّ واستمرّوا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين، ظلمًا وعلوًّا وتكبّرًا وعتوًّا، قال: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً} أي: من أثاث الدّنيا ومتاعها، {وأموالًا} أي: جزيلةً كثيرةً، {في} هذه {الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك} -بفتح الياء -أي: أعطيتهم ذلك وأنت تعلم أنّهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجًا منك لهم، كما قال تعالى: {لنفتنهم فيه}
وقرأ آخرون: {ليضلّوا} بضمّ الياء، أي: ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك، ليظنّ من أغويته أنّك إنّما أعطيت هؤلاء هذا لحبّك إيّاهم واعتنائك بهم.
{ربّنا اطمس على أموالهم} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ: أي: أهلكها. وقال الضّحّاك، وأبو العالية، والرّبيع بن أنسٍ: جعلها اللّه حجارةً منقوشةً كهيئة ما كانت.
وقال قتادة: بلغنا أنّ زروعهم تحوّلت حجارةً.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظي: اجعل سكّرهم حجارةً.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدّثنا يحيى بن أبي بكير، عن أبي معشر، حدّثني محمّد بن قيسٍ: أنّ محمّد بن كعبٍ قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه} إلى قوله: {اطمس على أموالهم} إلى آخرها [فقال له: عمر يا أبا حمزة أيّ شيءٍ الطّمس؟ قال: عادت أموالهم كلّها حجارةً] فقال عمر بن عبد العزيز لغلامٍ له: ائتني بكيسٍ. [فجاءه بكيسٍ] فإذا فيه حمّصٌ وبيضٌ، قد قطع حول حجارةٍ.
وقوله: {واشدد على قلوبهم} قال ابن عبّاسٍ: أي اطبع عليها، {فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهذه الدّعوة كانت من موسى، عليه السّلام، غضبًا للّه ولدينه على فرعون وملئه، الّذين تبين له أنّه لا خير فيهم، ولا يجيء منهم شيءٌ كما دعا نوحٌ، عليه السّلام، فقال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} [نوحٍ: 26، 27]؛ ولهذا استجاب اللّه تعالى لموسى، عليه السّلام، فيهم هذه الدّعوة، الّتي أمّن عليها أخوه هارون، فقال تعالى: {قد أجيبت دعوتكما}
قال أبو العالية، وأبو صالحٍ، وعكرمة، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، والرّبيع بن أنسٍ: دعا موسى وأمّن هارون، أي: قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون.
وقد يحتجّ بهذه الآية من يقول: "إنّ تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها؛ لأنّ موسى دعا وهارون أمّن".
وقال تعالى: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون]} أي: كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري.
قال ابن جريج، عن ابن عبّاسٍ: {فاستقيما} فامضيا لأمري، وهي الاستقامة. قال ابن جريجٍ: يقولون: إنّ فرعون مكث بعد هذه الدّعوة أربعين سنةً.
وقال محمّد بن عليّ بن الحسين: أربعين يومًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 290-291]


رد مع اقتباس