عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:47 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى (128) ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى (129) فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى (130)}.
يقول تعالى: {أفلم يهد} لهؤلاء المكذّبين بما جئتهم به: يا محمّد، كم أهلكنا من الأمم المكذّبين بالرّسل قبلهم، فبادوا فليس لهم باقيةٌ ولا عينٌ ولا أثرٌ، كما يشاهدون ذلك من ديارهم الخالية الّتي خلّفوهم فيها، يمشون فيها، {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} أي: العقول الصّحيحة والألباب المستقيمة، كما قال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحجّ: 46]، وقال في سورة "الم السّجدة": {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون} [السّجدة: 26]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 325]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال تعالى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} أي: لولا الكلمة السّابقة من اللّه وهو أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه، والأجل المسمّى الّذي ضربه اللّه تعالى لهؤلاء المكذّبين إلى مدّةٍ معيّنةٍ لجاءهم العذاب بغتةً؛ ولهذا قال لنبيّه مسلّيًا له: {فاصبر على ما يقولون} أي: من تكذيبهم لك، {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} يعني: صلاة الفجر، {وقبل غروبها} يعني: صلاة العصر، كما جاء في الصّحيحين عن جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي اللّه عنه قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: " إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر، لا تضامّون في رؤيته، فإن استطعتم ألّا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها، فافعلوا" ثمّ قرأ هذه الآية.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عمارة بن رويبة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: " لن يلج النّار أحدٌ صلّى قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ".
رواه مسلمٌ من حديث عبد الملك بن عميرٍ، به.
وفي المسند والسّنن، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً من ينظر في ملكه مسيرة ألف سنةٍ، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه، وإنّ أعلاهم منزلةً لمن ينظر إلى اللّه عزّ وجلّ في اليوم مرتين ".
وقوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} أي: من ساعاته فتهجّد به. وحمله بعضهم على المغرب والعشاء، {وأطراف النّهار} في مقابلة آناء اللّيل، {لعلّك ترضى} كما قال تعالى: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} [الضّحى: 5].
وفي الصّحيح: " يقول اللّه: يا أهل الجنّة، فيقولون: لبّيك ربّنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ فيقول: إنّي أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: وأيّ شيءٍ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا ".
وفي الحديث [الآخر] يقال: " يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند اللّه موعدًا يريد أن ينجزكموه. فيقولون: وما هو؟ ألم يبيّض وجوهنا ويثقّل موازيننا ويزحزحنا عن النّار، ويدخلنا الجنّة؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فواللّه ما أعطاهم خيرًا من النّظر إليه، وهي الزّيادة "). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 325-326]

رد مع اقتباس