عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:12 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ابتدأ يوبخهم ويذكرهم العبر بقوله تعالى: {أفلم يهد لهم}. وقرأت فرقة: "يهد" بالياء بمعنى: يتبين، واختلفت هذه الفرقة في الفاعل فقال بعضهم: الفاعل "كم"، وهذا قول كوفي، ونحاة البصرة لا يجيزونه؛ لأن "كم" لها صدر الكلام، وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أفلم يهد لهم من أهلكنا"، فكأن هذه القراءة تناسب ذلك التأويل في "كم"، وقال بعضهم: الفاعل الله عز وجل، والمعنى: أفلم يهد لهم ما جعل الله لهم من الآيات والعبر، فأضاف الفعل إلى الله تعالى بهذا الوجه: قاله الزجاج. وقال بعضهم: الفاعل مقدر، الهدى أو الأمر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أو النظر والاعتبار، هذا أحسن ما يقدر به عندي.
[المحرر الوجيز: 6/143]
وقرأت فرقة: "نهد" بالنون، وهذه القراءة تناسب تأويل من قال في التي قبلها: الفاعل الله، و"كم" - على هذه الأقوال - نصب بـ "أهلكنا". ثم قيد "القرون" بأنهم يمشي هؤلاء الكفرة في مساكنهم، فإنما أراد عادا وثمود والطوائف التي كانت قريش تجوز على بلادهم في المرور إلى الشام وغيره. وقرأت فرقة: "يمشون" بفتح الياء، وقرأت فرقة: "يمشون" بضم الياء وفتح الميم وشد الشين. و"النهى" جمع نهية، وهو ما ينهى الإنسان عن فعل القبيح). [المحرر الوجيز: 6/144]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أعلم عز وجل أن العذاب كان يصير لهم لزاما لولا كلمة سبقت من الله عز وجل في تأخيره عنهم إلى أجل مسمى عنده، فتقدير الكلام: ولولا كلمة سبقت في التأخير لأجل مسمى لكان العذاب لزاما، كما تقول: لكان حتما أو واجبا واقعا، لكنه قدم وأخر لتتشابه رؤوس الآي.
واختلف الناس في الأجل -فيحتمل أن يريد يوم القيامة. والعذاب المتوعد به - على هذا - هو عذاب جهنم، ويحتمل أن يريد بالأجل موت كل واحد منهم. فالعذاب - على هذا - ما يلقى في قبره وما بعده، ويحتمل أن يريد بالأجل يوم بدر. فالعذاب - على هذا - هو قتلهم بالسيف، وبكل احتمال مما ذكرناه قالت فرقة، وفي صحيح البخاري أن يوم بدر هو اللزام، وهو البطشة الكبرى). [المحرر الوجيز: 6/144]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تبارك وتعالى بالصبر على أقوالهم: إنه ساحر، وإنه كاهن، وإنه كذاب، إلى غير ذلك، والمعنى: لا تحفل بهم فإنهم مدركة المهلكة. وكون اللزام يوم بدر أبلغ في آيات نبينا صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {وسبح بحمد ربك}، قال أكثر المتأولين: هذه إشارة إلى الصلوات الخمس: قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وقبل غروبها: صلاة العصر، ومن آناء الليل: العتمة، وأطراف النهار: المغرب والظهر. وقالت فرقة: آناء الليل: المغرب والعشاء، و" أطراف النهار ": الظهر وحدها، ويحتمل اللفظ أن
[المحرر الوجيز: 6/144]
يراد قول: "سبحان الله وبحمده" من بعد صلاة الصبح إلى ركعتي الضحى، وقبل غروب الشمس؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح عند غروب الشمس تسبيحة غربت بذنوبه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وسمى الطرفين أطرافا على أحد وجهين: إما على نحو قوله: {فقد صغت قلوبكما}، وإما على أن يجعل النهار للجنس فلكل يوم طرف، وهي التي جمع. وأما من قال: " أطراف النهار " لصلاة الظهر وحدها فلا بد له من أن يتمسك بأن يكون النهار للجنس كما قلنا، أو يقول: إن النهار ينقسم قسمين فصلهما الزوال، ولكل قسم طرفان، فعند الزوال طرفان، الآخر من القسم الأول، والأول من القسم الآخر، فقال عن الطرفين: أطرافا على نحو فقد صغت قلوبكما، وأشار إلى هذا النظر أبو بكر بن فورك في "المشكل".
و "الآناء" جمع "إنى" وهي الساعة من الليل، ومنه قول الهذلي:
لو ومر كعطف القدح مرته في كل إنى قضاة الليل ينتعل
[المحرر الوجيز: 6/145]
وقالت فرقة: الآية إشارة إلى نوافل، فمنها آناء الليل، ومنها قبل طلوع الشمس، وركعتا الفجر والمغرب أطراف النهار، وقرأ الجمهور: "لعلك ترضى" بفتح التاء، أي: لعلك تثاب على هذه الأعمال بما ترضى به، وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "لعلك ترضى"، أي: لعلك تعطى ما يرضيك). [المحرر الوجيز: 6/146]

رد مع اقتباس