عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:56 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولو ترى} يا محمّد هؤلاء العادلين بربّهم الأصنام والأوثان الجاحدين نبوّتك الّذين وصفت لك صفتهم، {إذ وقفوا} يقول: إذ حبسوا، {على النّار} يعني: في النّار، فوضعت (على) موضع (في) كما قال: {واتّبعوا ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان} بمعنى في ملك سليمان.
وقيل: {ولو ترى إذ وقفوا} ومعناه: إذا وقفوا، لما وصفنا قبل فيما مضى أنّ العرب قد تضع (إذ) مكان (إذا)، و(إذا) مكان (إذ)، وإن كان حظّ (إذ) أن تصاحب من الأخبار ما قد وجد فقضي، وحظّ (إذا) أن تصاحب من الأخبار ما لم يوجد، ولكنّ ذلك كما قال الرّاجز وهو أبو النّجم:
مدّ لنا في عمره ربّ طها ....... ثمّ جزاه اللّه عنّا إذ جزى
جنّات عدنٍ في العلاليّ العلا
فقال: (ثمّ جزاه اللّه عنّا إذ جزى)، فوضع (إذ) مكان (إذا).
وقيل: {وقفوا} ولم يقل: (أوقفوا)، لأنّ ذلك هو الفصيح من كلام العرب، يقال: وقفت الدّابّة وغيرها بغير ألفٍ إذا حبستها، وكذلك وقفت الأرض إذا جعلتها صدقةً حبيسًا، بغير ألفٍ.
- وقد حدّثني الحارث، عن أبي عبيدٍ، قال: أخبرني اليزيديّ، والأصمعيّ، كلاهما عن أبي عمرٍو، قال: ما سمعت أحدًا من العرب يقول: (أوقفت الشّيء) بالألف قال: إلاّ أنّي لو رأيت رجلاً بمكانٍ، فقلت: ما أوقفك ها هنا؟ بالألف، لرأيته حسنًا.
{فقالوا يا ليتنا نردّ} يقول: فقال هؤلاء المشركون بربّهم إذ حبسوا في النّار: يا ليتنا نردّ إلى الدّنيا حتّى نتوب ونراجع طاعة اللّه، {ولا نكذّب بآيات ربّنا} يقول: ولا نكذّب بحجج ربّنا ولا نجحدها، {ونكون من المؤمنين} يقول: ونكون من المصدّقين باللّه وحججه ورسله، متّبعي أمره ونهيه.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراقيّين: (يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين) بمعنى: يا ليتنا نردّ، ولسنا نكذّب بآيات ربّنا ولكن نكون من المؤمنين.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} بمعنى: يا ليتنا نردّ، وأن لا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين وتأوّلوا في ذلك شيئًا.
- حدّثنيه أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: في حرف ابن مسعودٍ: يا ليتنا نردّ فلا نكذّب بالفاء.
وذكر عن بعض قرّاء أهل الشّام أنّه قرأ ذلك: ({يا ليتنا نردّ ولا نكذّب}) بالرّفع {ونكون} بالنّصب. كأنّه وجّه تأويله إلى أنّهم تمنّوا الرّدّ وأن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا أنّهم لا يكذّبون بآيات ربّهم إن ردّوا إلى الدّنيا.
واختلف أهل العربيّة في معنى ذلك منصوبًا ومرفوعًا، فقال بعض نحويّي البصرة: {ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} نصب لأنّه جوابٌ للتّمنّي، وما بعد الواو كما بعد الفاء. قال: وإن شئت رفعت وجعلته على غير التّمنّي، كأنّهم قالوا: ولا نكذّب واللّه بآيات ربّنا، ونكون واللّه من المؤمنين، هذا إذا كان على ذا الوجه كان منقطعًا من الأوّل. قال: والرّفع وجه الكلام، لأنّه إذا نصب جعلها واو عطفٍ، فإذا جعلها واو عطفٍ فكأنّهم قد تمنّوا أن لا يكذّبوا وأن يكونوا من المؤمنين. قال: وهذا واللّه أعلم لا يكون، لأنّهم لم يتمنّوا هذا، إنّما تمنّوا الرّدّ، وأخبروا أنّهم لا يكذّبون ويكونون من المؤمنين.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: لو نصب (نكذّب) و(نكون) على الجواب بالواو لكان صوابًا، قال: والعرب تجيب بالواو (وثمّ)، كما تجيب بالفاء، يقولون: ليت لي مالاً فأعطيك، ولّيت لي مالاً وأعطيك وثمّ أعطيك. قال: وقد تكون نصبًا على الصّرف، كقولك: لا يسعني شيءٌ ويعجز عنك.
وقال آخر منهم: لا أحبّ النّصب في هذا، لأنّه ليس بتمنٍّ منهم، إنّما هو خبرٌ أخبروا به عن أنفسهم، ألا ترى أنّ اللّه تعالى قد كذّبهم فقال: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} وإنّما يكون التّكذيب للخبر لا للتّمنّي.
وكان بعضهم ينكر أن يكون الجواب بالواو، وبحرفٍ غير الفاء، وكان يقول: إنّما الواو موضع حالٍ، لا يسعني شيءٌ ويضيّق عنك: أي وهو يضيّق عنك. قال: وكذلك الصّرف في جميع العربيّة. قال: وأمّا الفاء فجواب جزاءٍ، ما قمت فآتيك: أي لو قمت لأتيناك. قال: فهذا حكم الصّرف والفاء. قال: وأمّا قوله: {ولا نكذّب} {ونكون} فإنّما جاز، لأنّهم قالوا: يا ليتنا نردّ في غير الحال الّتي وقفنا فيها على النّار، فكان وقفهم في تلك، فتمنّوا أن لا يكونوا وقفوا في تلك الحال.
وكأنّ معنى صاحب هذه المقالة في قوله هذا: ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا: قد وقفنا عليها مكذّبين بآيات ربّنا كفّارًا، فيا ليتنا نردّ إليها فنوقف عليها غير مكذّبين بآيات ربّنا ولا كفّارًا.
وهذا تأويلٌ يدفعه ظاهر التّنزيل، وذلك قول اللّه تعالى: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}، فأخبر اللّه تعالى أنّهم في قيلهم ذلك كذبةٌ، والتّكذيب لا يقع في التّمنّي، ولكنّ صاحب هذه المقالة أظنّ به أنّه لم يتدبّر التّأويل ولزم سنن العربيّة.
والقراءة الّتي لا أختار غيرها في ذلك: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} بالرّفع في كليهما، بمعنى: يا ليتنا نردّ، ولسنا نكذّب بآيات ربّنا إن رددنا، ولكنّا نكون من المؤمنين، على وجه الخبر منهم عمّا يفعلون إن هم ردّوا إلى الدّنيا، لا على التّمنّي منهم أن لا يكذّبوا بآيات ربّهم ويكونوا من المؤمنين لأنّ اللّه تعالى ذكره قد أخبر عنهم أنّهم لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه، وأنّهم كذبةٌ في قيلهم ذلك. ولو كان قيلهم ذلك على وجه التّمنّي لاستحال تكذيبهم فيه، لأنّ التّمنّي لا يكذّب، وإنّما يكون التّصديق والتّكذيب في الأخبار.
وأمّا النّصب في ذلك، فإنّي أظنّ بقارئه أنّه برجاء تأويل قراءة عبد اللّه الّتي ذكرناها عنه، وذلك قراءته ذلك: يا ليتنا نردّ فلا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين على وجه جواب التّمنّي بالفاء. وهو إذا قرئ بالفاء كذلك لا شكّ في صحّة إعرابه، ومعناه في ذلك أنّ تأويله إذا قرئ كذلك: لو أنّا رددنا إلى الدّنيا ما كذّبنا بآيات ربّنا، ولكنّا من المؤمنين.
فإن يكن الّذي حكى من حكى عن العرب من السّماع منهم الجواب بالواو و(ثمّ) كهيئة الجواب بالفاء صحيحًا، فلا شكّ في صحّة قراءة من قرأ ذلك: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون} نصبًا على جواب التّمنّي بالواو، على تأويل قراءة عبد اللّه ذلك بالفاء، وإلاّ فإنّ القراءة بذلك بعيدة المعنى من تأويل التّنزيل. ولست أعلم سماع ذلك من العرب صحيحًا، بل المعروف من كلامها الجواب بالفاء والصّرف بالواو). [جامع البيان: 9/ 206-211]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين (27)}
قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نرد ... الآية}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ،، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولو ردّوا إلى الدّنيا لحيل بينهم وبين الهدى، كما حلنا بينهم وبينه أوّل مرّةٍ وهم في الدّنيا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه يعني ابن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، حدّثني مرّة الهمدانيّ،، عن ابن مسعودٍ أنّه حدثهم قال: يردون النار ويصدون منها بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أبو عبيد، وابن جرير عن هرون قال: في حرف ابن مسعود {يا ليتنا نرد ولا نكذب} بالفاء).[الدر المنثور: 6/ 36-37]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن قتادة، في قوله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، قال: من أعمالهم
قال وقال في قوله تعالى: {ساء ما يزرون} قال: ساء ما يعملون). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 207]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}.
يقول تعالى ذكره: ما قصد هؤلاء العادلين بربّهم الجاحدين نبوّتك يا محمّد في قيلهم إذ وقفوا على النّار: يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين، الأسى والنّدم على ترك الإيمان باللّه والتّصديق بك لكن بهم الإشفاق ممّا هو نازلٌ بهم من عقاب اللّه وأليم عذابه على معاصيهم الّتي كانوا يخفونها عن أعين النّاس ويسترونها منهم، فأبداها اللّه منهم يوم القيامة وأظهرها على رءوس الأشهاد، ففضحهم بها ثمّ جازاهم بها جزاءهم.
يقول: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون} من أعمالهم السّيّئة الّتي كانوا يخفونها، {من قبل} ذلك في الدّنيا، فظهرت. {ولو ردّوا} يقول: ولو ردّوا إلى الدّنيا فأمهلوا {لعادوا لما نهوا عنه} يقول: لرجعوا إلى مثل العمل الّذي كانوا يعملونه في الدّنيا قبل ذلك من جحود آيات اللّه والكفر به والعمل بما يسخط عليهم ربّهم. {وإنّهم لكاذبون} في قيلهم: لو رددنا لم نكذّب بآيات ربّنا وكنّا من المؤمنين، لأنّهم قالوه حين قالوه خشية العذاب لا إيمانًا باللّه.
وبالّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة الّتي أخفوها في الدّنيا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: من أعمالهم.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصل اللّه لهم دنيا كدنياهم، لعادوا إلى أعمالهم أعمال السّوء).[جامع البيان: 9/ 211-212]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون (28)}
قوله: {بل بدا لهم}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ،، عن قتادة في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، قال: من أعمالهم.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {بل بدا لهم} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة.
قوله: {ما كانوا يخفون من قبل}.
- وبه، عن السّدّيّ قوله: ما كانوا يخفون من قبل يقول: بدت أعمالهم في الآخرة الّتي أخفوها في الدّنيا.
قوله: {ولو}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: كلّ شيءٍ في القرآن ولو فإنّه لا يكون أبداً.
قوله تعالى: {ولو ردّوا}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: فأخبر اللّه سبحانه أنّهم لو ردّوا لم يقدروا على الهدى، وقال: ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس أنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه يقول: ولو وصل اللّه لهم دنيا كدنياهم.
قوله:{ لعادوا لما نهوا عنه}.
- وبه، عن قتادة قوله: لعادوا لما نهوا عنه، لعادوا إلى أعمالهم، أعمال السّوء).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1279]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: من أعمالهم {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء التي كانوا نهوا عنها.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة التي افتروا في الدنيا.
- وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال: فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى فقال {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا حين يردون {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}).[الدر المنثور: 6/ 37-38]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}.
وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين العادلين به الأوثان والأصنام الّذين ابتدأ هذه السّورة بالخبر عنهم.
يقول تعالى ذكره: {وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا} يخبر عنهم أنّهم ينكرون أنّ اللّه يحيي خلقه بعد أن يميتهم، ويقولون: لا حياة بعد الممات، ولا بعث ولا نشور بعد الفناء. فهم بجحودهم ذلك وإنكارهم ثواب اللّه وعقابه في الدّار الآخرة، لا يبالون ما أتوا وما ركبوا من إثمٍ ومعصيةٍ لأنّهم لا يرجون ثوابًا على إيمانٍ باللّه وتصديقٍ برسوله وعملٍ صالحٍ بعد موتٍ، ولا يخافون عقابًا على كفرهم باللّه ورسوله وسيّئٍ من عملٍ يعملونه.
وكان ابن زيدٍ يقول: هذا خبرٌ من اللّه تعالى عن هؤلاء الكفرة الّذين وقفوا على النّار، أنّهم لو ردّوا إلى الدّنيا لقالوا: {إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} وقالوا حين يردّون: {إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}).[جامع البيان: 9/ 212-213]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقالوا إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين (29)}
قوله: {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدّنيا}
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا- حين يردّون-: إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1279-1280]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا حين يردون {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}). [الدر المنثور: 6/ 37-38] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}.
يقول تعالى ذكره: {لو ترى} يا محمّد هؤلاء القائلين: ما هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين {إذ وقفوا} يوم القيامة: أي حبسوا، {على ربّهم} يعني: على حكم اللّه وقضائه فيهم. {قال أليس هذا بالحقّ} يقول: فقيل لهم: أليس هذا البعث والنّشر بعد الممات الّذي كنتم تنكرونه في الدّنيا حقًّا؟ فأجابوا فـ {قالوا بلى} واللّه إنّه لحقٌّ. {قال فذوقوا العذاب} يقول: فقال اللّه تعالى ذكره لهم: فذوقوا العذاب الّذي كنتم به في الدّنيا تكذّبون، {بما كنتم تكفرون} يقول: بتكذيبكم به وجحودكموه الّذي كان منكم في الدّنيا).[جامع البيان: 9/ 213-214]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)}
قوله: {ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم ... الآية}
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن، عن قوله: تكفرون قال: تجحدون).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1280]


رد مع اقتباس