عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ * اللّه الصّمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن لّه كفوًا أحدٌ}.
قرأ عمر بن الخطّاب وابن مسعودٍ والرّبيع بن خثيمٍ: (قل هو اللّه الواحد الصّمد). وروى أبيّ بن كعبٍ: أنّ المشركين سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن نسب ربّه - تعالى عمّا يقول الجاهلون - فنزلت هذه السورة.
وروى ابن عبّاسٍ: أنّ اليهود دخلوا على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا له: يا محمّد، صف لنا ربّك وانسبه؛ فإنه وصف نفسه في التّوراة ونسبها. فارتعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى خرّ مغشيًّا عليه، ونزل عليه جبريل عليهما السلام بهذه السورة.
وقال أبو العالية، وقال قتادة: قالت الأحزاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: انسب لنا ربّك. فأتاه الوحي بهذه السورة.
و{أحدٌ} معناه: واحدٌ فردٌ من جميع جهات الوحدانية، ليس كمثله شيءٌ.
و{هو} ابتداءٌ، و{اللّه} ابتداءٌ ثانٍ، و{أحدٌ} خبره، والجملة خبر الأول.
وقيل: {هو} ابتداءٌ، و{اللّه} خبره، و{أحدٌ} بدلٌ منه، وحذف أبو عمرٍو التنوين من {أحدٌ} لالتقاء الساكنين، فقرأ: (اللّه أحد اللّه)، وأثبته الباقون مكسورًا للالتقاء، وأما وقفهم كلّهم فبسكون الدال. وقد روي عن أبي عمرٍو الوصل بسكون الدال، وروي عنه أيضًا تنوينها). [المحرر الوجيز: 8/ 710-711]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الصّمد) في كلام العرب: السيّد الذي يصمد إليه في الأمور ويستقلّ بها، وأنشدوا:
ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد ....... بعمرو بن مسعودٍ وبالسّيّد الصّمد
وبهذا تتفسّر هذه الآية؛ لأن اللّه تعالى جلّت قدرته، هو موجد الموجودات، وإليه تصمد، وبه قوامها، ولا غنيّ بنفسه إلاّ هو سبحانه تبارك وتعالى، وقال كثيرٌ من المفسّرين: الصّمد: الذي لا جوف له. كأنه بمعنى المصمت.
وقال الشّعبيّ:
«هو الذي لا يأكل ولا يشرب».
وفي هذا التفسير كلّه نظرٌ؛ لأن الجسم في غاية البعد عن اللّه تعالى وعن صفاته، فما الذي يعطينا هذه العبارات؟
و{اللّه الصّمد} ابتداءٌ وخبرٌ، وقيل: {الصّمد} نعتٌ والخبر فيما بعد). [المحرر الوجيز: 8/ 711]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لم يلد ولم يولد} ردٌّ على إشارة الكفّار في النّسب الذي سألوه.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما:
«تفكّروا في كلّ شيءٍ، ولا تتفكّروا في ذات اللّه عزّ وجلّ».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«لأنّ الأفهام تقف دون ذلك حسيرةً، والمؤمنون يعرفون اللّه تعالى بواجب وجوده، وافتقار كلّ شيءٍ إليه واستغنائه عن كلّ شيءٍ، وينفي العقل عنه كلّ ما لا يليق به عزّ وجلّ، وأن ليس كمثله شيءٌ، وكلّ ما ذكرته فهو في ضمن هذه السورة الوجيزة البليغة»). [المحرر الوجيز: 8/ 711-712]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} معناه: ليس له ضدٌّ ولا ندٌّ ولا شبيهٌ.
والكفء والكفؤ والكفاء: النظير، وقرأ: {كفوًا} - بضمّ الكاف وهمزٍ مسهّلٍ - نافعٌ، والأعرج، وأبو جعفرٍ، وشيبة، وقرأ بالهمز عاصمٌ، وأبو عمرٍو - بخلافٍ عنه - وأبو جعفرٍ، وأبو عمرٍو: (كفئًا) بالهمز وإسكان الفاء، وروي عن نافعٍ: (كفًا) بفتح الفاء وبغير همزٍ.
وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ: (ولم يكن له كفاءً) بكسر الكاف وفتح الفاء والمدّ.
و{كفوًا} خبر (كان)، واسمها {أحدٌ}، والظرف ملغًى، وسيبويه رحمه اللّه تعالى يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدّم خبرًا، ولكن قد يجيء ملغًى في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية، وكما قال الشاعر - أنشده سيبويه -:
ما دام فيهنّ فصيلٌ حيّا
ويحتمل أن يكون {كفوًا} حالٌ؛ لما تقدّم من كونه وصفًا لنكرةٍ، كما قال:
لعزّة موحشًا طلل
قال سيبويه: «وهذا يقلّ في الكلام، وبابه الشعر».
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّ {قل هو اللّه أحدٌ} تعدل ثلث القرآن».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«لما فيها من التوحيد»). [المحرر الوجيز: 8/ 712-713]


رد مع اقتباس