عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:55 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى - على جهة العبرة - ما ظهر من الفساد بسبب المعاصي في قوله: {ظهر الفساد في البر والبحر}، واختلف الناس في معنى "البر والبحر" - في هذه الآية - فقال مجاهد: البر: البلاد البعيدة من البحر، والبحر: السواحل والمدن التي على ضفة البحر والأنهار الكبار. وقال قتادة: البر: الفيافي ومواضع القبائل والصحاري والبحر: المدن، جمع بحرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومنه قول سعد بن عبادة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول: "ولقد أجمع أهل هذه البحرة على أن يتوجوه" الحديث. ومما يؤيد هذا أن عكرمة قرأ: "في البر والبحور"، ورويت عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال مجاهد أيضا: ظهور الفساد في البر قتل أحد ابني آدم لأخيهم، وفي البحر أخذ السفن غصبا، وقال بعض العباد: البحر: القلب، البر: اللسان، وقال الحسن: البر والبحر هما المعروفان المشهوران في اللغة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو القول صحيح.
وظهور الفساد فيهما هو بارتفاع البركات، ونزول رزايا وحدوث فتن، وتغلب عدو كافر، وهذه الثلاثة توجد في البر والبحر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الفساد في البحر: انقطاع صيده بذنوب بني آدم، وقلما توجد أمة فاضلة مطيعة مستقيمة الأعمال إلا يدفع الله عنها هذه، والأمر بالعكس في أهل المعاصي وبطر النعمة، وكذلك كان أمر البلاد في وقت مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قد كان الظلم عم الأرض برا وبحرا، وقد جعل الله تعالى هذه الأشياء ليجازي بها على المعاصي، فيذيق الناس عاقبة إذنابهم لعلهم يتوبون ويراجعون بصائرهم في طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى: {بما كسبت} تقديره: جزاء ما كسبت، ويحتمل أن تتعلق الباء بـ"ظهر"، أي: كسبهم المعاصي في البر والبحر، هو نفس الفساد الظاهر، والترجي في "لعل" هو بحسب معتقدنا، وبحسب نظرنا في الأمور.
وقرأت عامة القراء والناس: "ليذيقهم" بالياء، وقرأ قنبل عن ابن كثير، والأعرج، وأبو عبد الرحمن السلمي بالنون، ومعناهما بين، وقرأ أيضا أبو عبد الرحمن: "لتذيقهم" بالتاء من فوق). [المحرر الوجيز: 7/ 29-31]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين * فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون * من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون}
هذا تنبيه لقريش وأمر لهم بالاعتبار فيمن سلف من الأمم وبسوء عواقبهم بكفرهم وإشراكهم). [المحرر الوجيز: 7/ 31]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بإقامة وجهه، والمعنى: اجعل قصدك ومسعاك للدين، أي لطريقه ولأعماله واعتقاداته. و"القيم" أصله: قيوم، اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء وهي ساكنة فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية. ثم حذره تبارك وتعالى من يوم القيامة تحذيرا يعم العالم، وإياهم القصد، و"لا مرد له" معناه: ليس فيه رجوع لعمل ولا رغبة، ولا عنه مرتحل، ويحتمل أن يريد: لا يرده راد حتى لا يقع، وهذا ظاهر بحسب اللفظ، و"يصدعون" معناه: يتفرقون بعد جمعهم، وهذا هو التصدع، ومعنى "يتفرقون": إلى الجنة وإلى النار.
ثم قسم الفريقين بأحكام تلحقهم من أعمال في الدنيا، ثم عبر عن الكفر بـ"عليه"، وهي تعطي الثقل والمشقة، وعن العمل الصالح باللام التي هي لام الملك، و"يمهدون" معناه يوطئون ويهيئون، وهي استعارة منقولة من الفرش ونحوها إلى الأحوال والمراتب. وقال مجاهد: هذا التمهيد هو للقبر). [المحرر الوجيز: 7/ 31-32]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين * ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين}
اللام في "ليجزي" متعلقة بـ"يصدعون"، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف تقديره: ذلك، أو: فعل ذلك ليجزي، وتكون الإشارة إلى ما تقرر من قوله: {من كفر} {ومن عمل صالحا}. وقوله تعالى: {لا يحب الكافرين} ليس الحب بمعنى الإرادة، ولكنه بمعنى: لا يظهر عليهم أمارات رحمته، ولا يرضاه لهم دينا، ونحو هذا). [المحرر الوجيز: 7/ 32]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى من آياته أشياء تقتضي كل عقل بأنه لا مشاركة للأوثان فيها، وهي ما في الريح من المنافع، وذلك أنها بشرى بالمطر، ويذيق الله بها الرحمة، يعني الغيث والخصب، ويلقح بها الشجر وغير ذلك، ويجري بها السفن في البحر، ويبتغي الناس بها فضل الله تعالى في التجارات في البحر، وفي ذرو الأطعمة وغير ذلك). [المحرر الوجيز: 7/ 32]

رد مع اقتباس