عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ولا تشتروا بعهد اللّه ثمنًا قليلا} أي: لا تعتاضوا عن الإيمان باللّه عرض الحياة الدّنيا وزينتها، فإنّها قليلةٌ، ولو حيزت لابن آدم الدّنيا بحذافيرها لكان ما عند اللّه هو خيرٌ له، أي: جزاء اللّه وثوابه خيرٌ لمن رجاه وآمن به وطلبه، وحفظ عهده رجاء موعوده؛ ولهذا قال: {إن كنتم تعلمون ما عندكم ينفد}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 600]

تفسير قوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما عندكم ينفد} أي: يفرغ وينقضي، فإنّه إلى أجلٍ معدودٌ محصورٌ مقدّر متناه، {وما عند اللّه باقٍ} أي: وثوابه لكم في الجنّة باقٍ لا انقطاع ولا نفاد له فإنّه دائمٌ لا يحول ولا يزول، {ولنجزينّ الّذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} قسمٌ من الرّبّ عزّ وجلّ متلقى باللّام، أنّه يجازي الصّابرين بأحسن أعمالهم، أي: ويتجاوز عن سيّئها). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 600-601]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (97)}
هذا وعدٌ من اللّه تعالى لمن عمل صالحًا -وهو العمل المتابع لكتاب اللّه تعالى وسنّة نبيّه من ذكرٍ أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمنٌ باللّه ورسوله، وإنّ هذا العمل المأمور به مشروعٌ من عند اللّه -بأن يحييه اللّه حياةً طيّبةً في الدّنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدّار الآخرة.
والحياة الطّيّبة تشمل وجوه الرّاحة من أيّ جهةٍ كانت. وقد روي عن ابن عبّاسٍ وجماعةٍ أنّهم فسّروها بالرّزق الحلال الطّيّب.
وعن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، أنّه فسّرها بالقناعة. وكذا قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، ووهب بن منبّهٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أنّها السّعادة.
وقال الحسن، ومجاهدٌ، وقتادة: لا يطيب لأحدٍ حياةٌ إلّا في الجنّة.
وقال الضّحّاك: هي الرّزق الحلال والعبادة في الدّنيا، وقال الضّحّاك أيضًا: هي العمل بالطّاعة والانشراح بها.
والصّحيح أنّ الحياة الطّيّبة تشمل هذا كلّه كما جاء في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد:
حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، حدّثنا سعيد بن أبي أيّوب، حدّثني شرحبيل بن شريكٍ، عن
أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد اللّه بن عمرو أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا، وقنّعه اللّه بما آتاه".
ورواه مسلمٌ، من حديث عبد اللّه بن يزيد المقرئ به
وروى التّرمذيّ والنّسائيّ، من حديث أبي هانئٍ، عن أبي عليٍّ الجنبيّ عن فضالة بن عبيد؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قد أفلح من هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافًا، وقنع به". وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد، حدّثنا يزيد، حدّثنا همّام، عن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إن اللّه لا يظلم المؤمن حسنةً يعطى بها في الدّنيا [ويثاب عليها في الآخرة وأمّا الكافر فيعطيه حسناته في الدّنيا] حتّى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنةً يعطى بها خيرًا". انفرد بإخراجه مسلمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 601-602]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم (98) إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون (99) إنّما سلطانه على الّذين يتولّونه والّذين هم به مشركون (100)}
هذا أمرٌ من اللّه تعالى لعباده على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا أرادوا قراءة القرآن، أن يستعيذوا باللّه من الشّيطان الرّجيم. وهو أمر ندبٍ ليس بواجبٍ، حكى الإجماع على ذلك الإمام أبو جعفرٍ بن جريرٍ وغيره من الأئمّة. وقد قدّمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطةً في أوّل التّفسير، وللّه الحمد والمنّة.
والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة، لئلّا يلبس على القارئ قراءته ويخلط عليه، ويمنعه من التّدبّر والتّفكّر، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنّ الاستعاذة إنّما تكون قبل التّلاوة وحكي عن حمزة وأبي حاتمٍ السّجستانيّ: أنّها تكون بعد التّلاوة، واحتجّا بهذه الآية. ونقل النّوويّ في شرح المهذّب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضًا، ومحمّد بن سيرين، وإبراهيم النّخعي. والصّحيح الأوّل، لما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على تقدّمها على التّلاوة، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 602]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون} قال الثّوريّ: ليس له عليهم سلطانٌ أن يوقعهم في ذنبٍ لا يتوبون منه.
وقال آخرون: معناه لا حجّة له عليهم. وقال آخرون: كقوله: {إلا عبادك منهم المخلصين} [ص: 83]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 602]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّما سلطانه على الّذين يتولّونه} قال مجاهدٌ: يطيعونه.
وقال آخرون: اتخذوه وليًا من دون الله.
{والّذين هم به مشركون} أي: أشركوا في عبادة اللّه تعالى. ويحتمل أن تكون الباء سببيّةً، أي: صاروا بسبب طاعتهم للشّيطان مشركين باللّه تعالى.
وقال آخرون: معناه: أنّه شركهم في الأموال والأولاد). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 602-603]

رد مع اقتباس