عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:47 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ واللّه أعلم بما ينزل قالوا إنّما أنت مفترٍ بل أكثرهم لا يعلمون (101) قل نزله روح القدس من ربّك بالحقّ ليثبّت الّذين آمنوا وهدًى وبشرى للمسلمين (102)}
يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلّة ثباتهم وإيقانهم، وأنّه لا يتصوّر منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشّقاوة، وذلك أنّهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا للرّسول: {إنّما أنت مفترٍ} أي: كذّابٌ وإنّما هو الرّبّ تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
وقال مجاهدٌ: {بدّلنا آيةً مكان آيةٍ} أي: رفعناها وأثبتنا غيرها.
وقال قتادة: هو كقوله تعالى: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها} [البقرة:106].
فقال تعالى مجيبًا لهم: {قل نزله روح القدس} أي: جبريل، {من ربّك بالحقّ} أي: بالصّدق والعدل، {ليثبّت الّذين آمنوا} فيصدّقوا بما أنزل أوّلًا وثانيًا وتخبت له قلوبهم، {وهدًى وبشرى للمسلمين} أي: وجعله هاديًا [مهديًا] وبشارةٍ للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 603]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الّذي يلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبينٌ (103)}
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين ما كانوا يقولونه من الكذب والافتراء والبهت: أنّ محمّدًا إنّما يعلّمه هذا الّذي يتلوه علينا من القرآن بشرٌّ، ويشيرون إلى رجلٍ أعجميٍّ كان بين أظهرهم، غلامٍ لبعض بطون قريشٍ، وكان بيّاعًا يبيع عند الصّفا، فربّما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجلس إليه ويكلّمه بعض الشّيء، وذاك كان أعجميّ اللّسان لا يعرف العربيّة، أو أنّه كان يعرف الشّيء اليسير بقدر ما يرد جواب الخطّاب فيما لا بدّ منه؛ فلهذا قال اللّه تعالى رادًّا عليهم في افترائهم ذلك: {لسان الّذي يلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبينٌ} يعني: القرآن أي: فكيف يتعلّم من جاء بهذا القرآن، في فصاحته وبلاغته ومعانيه التّامّة الشّاملة، الّتي هي أكمل من معاني كلّ كتابٍ نزل على نبيٍّ أرسل، كيف يتعلّم من رجلٍ أعجميٍّ؟! لا يقول هذا من له أدنى مسكة من العقل.
قال محمّد بن إسحاق بن يسار في السّيرة: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما بلغني-كثيرًا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلامٍ نصرانيٍّ يقال له جبرٌ، عبدٍ لبعض بني الحضرميّ، [فكانوا يقولون: واللّه ما يعلّم محمّدًا كثيرًا ممّا يأتي به إلا جبر النصراني، غلام بن الحضرميّ] فأنزل اللّه: {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الّذي يلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبينٌ}
وكذا قال عبد اللّه بن كثيرٍ: وعن عكرمة وقتادة: كان اسمه يعيش.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني أحمد بن محمّدٍ الطّوسيّ، حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن مسلم بن عبد اللّه الملائيّ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعلّم قينًا بمكّة، وكان اسمه بلغام، وكان أعجميّ اللّسان، وكان المشركون يرون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدخل عليه ويخرج من عنده، قالوا: إنّما يعلّمه بلغام، فأنزل اللّه هذه الآية: {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الّذي يلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبينٌ}.
وقال الضّحّاك بن مزاحمٍ: هو سلمان الفارسيّ، وهذا القول ضعيفٌ؛ لأنّ هذه الآية مكّيّةٌ، وسلمان إنّما أسلم بالمدينة وقال عبيد اللّه بن مسلمٍ: كان لنا غلامان روميّان يقرآن كتابًا لهما بلسانهما، فكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يمرّ بهما، فيقوم فيسمع منهما فقال المشركون: يتعلّم منهما، فأنزل اللّه هذه الآية.
وقال الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب: الّذي قال ذلك من المشركين رجلٌ كان يكتب الوحي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فارتدّ بعد ذلك عن الإسلام، وافترى هذه المقالة، قبّحه اللّه! ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 603-604]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه لا يهديهم اللّه ولهم عذابٌ أليمٌ (104) إنّما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه وأولئك هم الكاذبون (105)}
يخبر تعالى أنّه لا يهدي من أعرض عن ذكره وتغافل عمّا أنزله على رسوله، ولم يكن له قصدٌ إلى الإيمان بما جاء من عند اللّه، فهذا الجنس من النّاس لا يهديهم اللّه إلى الإيمان بآياته وما أرسل به رسله في الدّنيا، ولهم عذابٌ أليمٌ موجعٌ في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 604]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى أنّ رسوله ليس بمفترٍ ولا كذّاب؛ لأنّه {إنّما يفتري الكذب} على اللّه وعلى رسوله شرار الخلق، {الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه} من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند النّاس. والرّسول محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، كان أصدق النّاس وأبرّهم وأكملهم علمًا وعملًا وإيمانًا وإيقانًا، معروفًا بالصّدق في قومه، لا يشكّ في ذلك أحدٌ منهم بحيث لا يدعى بينهم إلا بالأمين محمد؛ ولهذا لما سأل هرقل ملك الرّوم أبا سفيان عن تلك المسائل الّتي سألها من صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان فيما قال له: أو كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال: هرقل فما كان ليدع الكذب على النّاس ويذهب فيكذب على اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 604-605]

رد مع اقتباس