عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 14 محرم 1439هـ/4-10-2017م, 02:25 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تأليف القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تأليف القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر كُتَّاب الوحي بتأليف القرآن أي جمع آيات كلّ سورة منه ووضع الآيات في مواضعها التي أرادها الله، ولم يكن الوحي قد انقطع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أوحي إليه بشيء من القرآن بعث إلى بعض الكتّاب من أصحابه فكتبوا له وعيّن لهم مواضع الآيات من كلّ سورة .

ومما رُوي في ذلك حديث عوف بن أبي جميلة عن يزيد الفارسي عن ابن عباس عن عثمان بن عفان أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا أنزل عليه الشىء دعا بعض من يكتب له فيقول: (( ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا )) ، وإذا أنزلت عليه الآيات قال: (( ضعوا هذه الآيات فى السورة التي يذكر فيها كذا وكذا )) ، وإذا أنزلت عليه الآية قال: (( ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)) ). رواه الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وغيرهم في خبر طويل، ومداره على يزيد الفارسي، وقد اختلف فيه؛ فقال أبو حاتم الرازي لا بأس به، وقال ابن حجر: مقبول، وهو تابعي من أهل البصرة، قليل الرواية، لم يرو عنه غير عوف بن أبي جميلة الأعرابي في قول يحيى بن معين.
وسيأتي الحديث عن تمام الخبر إن شاء الله، لكن هذا القدر منه مما لا نكارة فيه.
وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال: (( طوبى للشام ))
قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟
قال: (( إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها )). رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والترمذي وابن حبان والبيهقي وغيرهم من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت.
قال أبو بكر البيهقي رحمه الله: (وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب)أ.ه.
والمقصود أن آيات السور ذوات العدد الكثير من الآيات قد يتراخى نزولها فيستتم بعد سنوات وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد كتّاب الوحي إلى موضع كلّ آية في السورة التي يعيّنها لهم؛ فيكتبونها كما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال النووي رحمه الله: (اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلَّفاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو في المصاحف اليوم، ولكن لم يكن مجموعاً في مصحف، بل كان محفوظاً في صدور الرجال؛ فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كلَّه، وطوائف يحفظون أبعاضاً منه)ا.هـ.

قلت: وهو كما هو محفوظ في الصدور؛ فهو محفوظ في السطور، لكنّه كان متفرّقاً في صحائف الصحابة رضي الله عنهم، وقد تتبعه زيد بن ثابت بأمر أبي بكر رضي الله عنه حتى وجده مكتوباً تاماً على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.

ولم يجمع القرآن في مصحف واحد بين دفّتين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف بين أهل العلم.
قال الديرعاقولي: حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد، عن زيد بن ثابت قال: « قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع في شيء ». ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح.
وقال ابن جرير الطبري: حدثني سعيد بن الربيع، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال:
« قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جُمع، وإنما كان في الكرانيف والعسب »
وذلك أنّ
النبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من أن ينسى شيئاً من القرآن؛ فكانت حياته ضماناً لحفظ القرآن وإن لم يُكتَب، ولأنَّ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان يزاد فيه وينسخ منه ؛ فكان جمعه في مصحف واحد في عهده مظنة لاختلاف المصاحف، وفي ذلك مشقة بالغة.
قال النووي: (وإنما لم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم)ا.هـ). [جمع القرآن:25 - 27]


رد مع اقتباس