عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سبّح للّه ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (1) له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ (2) هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ (3) }
يخبر تعالى أنّه يسبّح له ما في السموات والأرض أي: من الحيوانات والنّباتات، كما قال في الآية الأخرى: {تسبّح له السّماوات السّبع والأرض ومن فيهنّ وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليمًا غفورًا} [الإسراء: 44].
وقوله: {وهو العزيز} أي: الّذي قد خضع له كلّ شيءٍ {الحكيم} في خلقه وأمره وشرعه). [تفسير ابن كثير: 8/ 5]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت} أي: هو المالك المتصرّف في خلقه فيحيي ويميت، ويعطي من يشاء ما يشاء، {وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن). [تفسير ابن كثير: 8/ 5]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن} وهذه الآية هي المشار إليها في حديث العرباض بن سارية: أنّها أفضل من ألف آية.
وقال أبو داود حدّثنا عبّاس بن عبد العظيم حدّثنا النّضر بن محمّدٍ، حدّثنا عكرمة-يعني بن عمّارٍ-حدّثنا أبو زميل قال: سألت بن عبّاسٍ فقلت: ما شيءٌ أجده في صدري؟ قال ما هو؟ قلت واللّه لا أتكلّم به قال: فقال لي أشيءٌ من شكٍّ؟ قال -وضحك- قال: ما نجا من ذلك أحدٌ قال حتّى أنزل اللّه {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك [لقد جاءك الحقّ من ربّك]} الآية [يونس:94] قال: وقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ}
وقد اختلفت عبارات المفسّرين في هذه الآية وأقوالهم على نحوٍ من بضعة عشر قولًا.
وقال البخاريّ: قال يحيى: الظّاهر على كلّ شيءٍ علمًا والباطن على كلّ شيءٍ علمًا
قال شيخنا الحافظ المزّيّ: يحيى هذا هو بن زيادٍ الفرّاء، له كتابٌ سمّاه: "معاني القرآن".
وقد ورد في ذلك أحاديث، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا ابن عيّاشٍ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يدعو عند النّوم: "اللّهمّ، رب السموات السّبع، وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيءٍ، منزل التّوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنّوى، لا إله إلّا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته، أنت الأوّل ليس قبلك شيءٌ وأنت الآخر ليس بعدك شيءٌ، وأنت الظّاهر ليس فوقك شيءٌ وأنت الباطن ليس دونك شيءٌ. اقض عنّا الدّين، وأغننا من الفقر"
ورواه مسلمٌ في صحيحه: حدّثني زهير بن حربٍ، حدّثنا جريرٌ عن سهيل قال: كان أبو صالحٍ يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام: أن يضطجع على شقّه الأيمن، ثمّ يقول: اللّهمّ، ربّ السموات وربّ الأرض وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيءٍ، فالق الحبّ والنّوى، ومنزل التّوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كلّ ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته، اللّهمّ، أنت الأوّل فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظّاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنّا الدّين، وأغننا من الفقر.
وكان يروي ذلك، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصليّ في مسنده عن عائشة أمّ المؤمنين نحو هذا، فقال حدّثنا عقبة، حدّثنا يونس، حدّثنا السّريّ بن إسماعيل، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، عن عائشة أنّها قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يأمر بفراشه فيفرش له مستقبل القبلة، فإذا أوى إليه توسّد كفّه اليمنى، ثمّ همس-ما يدرى ما يقول- فإذا كان في آخر اللّيل رفع صوته فقال: "اللهم، رب السموات السّبع وربّ العرش العظيم، إله كلّ شيءٍ، وربّ كلّ شيءٍ، ومنزل التّوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنّوى، أعوذ بك من شرّ كلّ شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته اللّهمّ، أنت الأوّل الّذي ليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر الّذي ليس بعدك شيءٌ، وأنت الظّاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنّا الدّين، وأغننا من الفقر"
السّريّ بن إسماعيل هذا ابن عمّ الشّعبيّ، وهو ضعيفٌ جدًّا واللّه أعلم.
وقال أبو عيسى التّرمذيّ عند تفسير هذه الآية: حدّثنا عبد بن حميدٍ وغير واحدٍ-المعنى واحدٌ-قالوا: حدّثنا يونس بن محمّدٍ، حدّثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن قتادة قال: حدّث الحسن، عن أبي هريرة قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ وأصحابه، إذ أتى عليهم سحاب فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "هل تدرون ما هذا؟ ". قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "هذا العنان، هذه روايا الأرض تسوقه إلى قومٍ لا يشكرونه ولا يدعونه". ثمّ قال: "هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا اللّه ورسوله أعلم قال " فإنّها الرّقيع، سقفٌ محفوظٌ، وموجٌ مكفوفٌ". ثمّ قال: "هل تدرون كم بينكم وبينها" قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "بينكم وبينها خمسمائة سنةٍ". ثمّ قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم قال: " فإنّ فوق ذلك سماءٌ بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة-حتى عدّ سبع سموات-ما بين كلّ سماءين كما بين السّماء والأرض". ثمّ قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: " فإنّ فوق ذلك العرش، وبينه وبين السّماء بعد ما بين السّماءين". ثمّ قال: "هل تدرون ما الّذي تحتكم؟ ". قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها الأرض". ثمّ قال: "هل تدرون ما الّذي تحت ذلك؟ ". قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّ تحتها أرضًا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنةٍ-حتّى عدّ سبع أرضين-بين كلّ أرضين مسيرة خمسمائة سنةٍ". ثمّ قال: "والّذي نفس محمّدٍ بيده، لو أنّكم دليتم بحبلٍ إلى الأرض السّفلى لهبط على اللّه"، ثمّ قرأ: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ}
ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، ويروى عن أيّوب ويونس-يعني بن عبيدٍ- وعليّ بن زيدٍ قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة. وفسّر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنّما هبط على علم اللّه وقدرته وسلطانه، وعلم اللّه وقدرته وسلطانه في كلّ مكانٍ، وهو على العرش، كما وصف في كتابه. انتهى كلامه
وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن سريجٍ، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره، وعنده بعد ما بين الأرضين مسيرة سبعمائة عامٍ، وقال: "لو دلّيتم أحدكم بحبلٍ إلى الأرض السّفلى السّابعة لهبط على اللّه"، ثمّ قرأ: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ}
ورواه بن أبي حاتمٍ والبزّار من حديث أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة = فذكر الحديث، ولم يذكر بن أبي حاتمٍ آخره وهو قوله: "لو دلّيتم بحبلٍ"، وإنّما قال: "حتّى عدّ سبع أرضين بين كلّ أرضين مسيرة خمسمائة عامٍ"، ثمّ تلا {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ}
وقال البزّار: لم يروه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا أبو هريرة.
ورواه بن جريرٍ، عن بشرٍ، عن يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن} ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينما هو جالسٌ في أصحابه إذ ثار عليهم سحابٌ، فقال: "هل تدرون ما هذا؟ " وذكر الحديث مثل سياق التّرمذيّ سواءً، إلّا أنّه مرسلٌ من هذا الوجه، ولعلّ هذا هو المحفوظ، واللّه أعلم. وقد روي من حديث أبي ذرٍ الغفاريّ، رضي اللّه عنه وأرضاه، رواه البزّار في مسنده، والبيهقيّ في كتاب الأسماء والصّفات ولكن في إسناده نظرٌ، وفي متنه غرابةٌ ونكارةٌ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقال ابن جريرٍ عند قوله تعالى {ومن الأرض مثلهنّ} [الطّلاق "12"] حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمر، عن قتادة قال: التقى أربعةٌ من الملائكة بين السّماء والأرض، فقال بعضهم لبعضٍ: من أين جئت؟ قال أحدهم: أرسلني ربّي، عزّ وجلّ، من السّماء السّابعة وتركته ثمّ، قال الآخر: أرسلني ربّي، عزّ وجلّ من الأرض السّابعة وتركته ثمّ، قال الآخر: أرسلني ربّي من المشرق وتركته ثمّ، قال الآخر: أرسلني ربّي من المغرب وتركته ثمّ.
وهذا [حديثٌ] غريبٌ جدًّا، وقد يكون الحديث الأوّل موقوفًا على قتادة كما روي هاهنا من قوله، والله أعلم).[تفسير ابن كثير: 8/ 5-8]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هو الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم واللّه بما تعملون بصيرٌ (4) له ملك السّماوات والأرض وإلى اللّه ترجع الأمور (5) يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وهو عليمٌ بذات الصّدور (6) }
يخبر تعالى عن خلقه السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ، ثمّ أخبر باستوائه على العرش بعد خلقهنّ، وقد تقدّم الكلام على هذه الآية وأشباهها في سورة "الأعراف بما أغنى عن إعادته هاهنا.
{يعلم ما يلج في الأرض} أي: يعلم عدد ما يدخل فيها من حبٍّ وقطرٍ {وما يخرج منها} من زرعٍ ونبات وثمارٍ، كما قال: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ} [الأنعام: 59].
وقوله: {وما ينزل من السّماء} أي: من الأمطار، والثّلوج والبرد، والأقدار والأحكام مع الملائكة الكرام، وقد تقدّم في سورة "البقرة" أنّه ما ينزل من قطرةٍ من السّماء إلّا ومعها ملكٌ يقرّرها في المكان الّذي يأمر اللّه به حيث يشاء تعالى.
وقوله: {وما يعرج فيها} أي: من الملائكة والأعمال، كما جاء في الصّحيح: "يرفع إليه عمل اللّيل قبل النّهار، وعمل النّهار قبل اللّيل"
وقوله: {وهو معكم أين ما كنتم واللّه بما تعملون بصيرٌ} أي: رقيبٌ عليكم، شهيدٌ على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من برٍّ أو بحرٍ، في ليلٍ أو نهارٍ، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السّواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سرّكم ونجواكم، كما قال: {ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون إنّه عليمٌ بذات الصّدور} [هودٍ: 5]. وقال {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} [الرّعد: 10]، فلا إله غيره ولا ربّ سواه. وقد ثبت في الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه سلّم قال لجبريل، لـمّا سأله عن الإحسان: "أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك".
وروى الحافظ أبو بكرٍ الإسماعيليّ من حديث نصر بن خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة، حدّثني أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه، عن عبد الرّحمن بن عائذٍ قال: قال عمر: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: زوّدني كلمةً أعيش بها فقال: "استح اللّه كما تستحي رجلًا من صالح عشيرتك لا يفارقك"
هذا حديثٌ غريبٌ، وروى أبو نعيمٍ من حديث عبد اللّه بن معاوية الغاضريّ مرفوعًا: "ثلاثٌ من فعلهنّ فقد طعم الإيمان: من عبد اللّه وحده، وأعطى زكاة ماله طيّبةً بها نفسه في كلّ عامٍ، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة، ولا الشّرط اللّئيمة ولا المريضة ولكن من أوسط أموالكم. وزكّى نفسه" وقال رجلٌ: يا رسول اللّه، ما تزكية المرء نفسه؟ فقال: "يعلم أنّ اللّه معه حيث كان"
وقال نعيم بن حمّاد، رحمه اللّه: حدّثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصيّ، عن محمّد بن مهاجرٍ، عن عروة بن رويم، عن عبد الرّحمن بن غنم، عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ أفضل الإيمان أن تعلم أنّ اللّه معك حيثما كنت". غريب.
وكان الإمام أحمد ينشد هذين البيتين:
إذا ما خلوت الدّهر يومًا فلا تقل = خلوت ولكن قل: عليّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعةً = ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب
). [تفسير ابن كثير: 8/ 8-10]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {له ملك السّماوات والأرض وإلى اللّه ترجع الأمور} أي: هو المالك للدّنيا والآخرة كما قال: {وإنّ لنا للآخرة والأولى} [اللّيل: 13]، وهو المحمود على ذلك، كما قال: {وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة} [القصص:70]، وقال {الحمد للّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير} [سبإٍ: 1]. فجميع ما في السّماوات والأرض ملكٌ له، وأهلهما عبيدٌ أرقّاء أذلّاء بين يديه كما قال: {إن كلّ من في السّماوات والأرض إلا آتي الرّحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا} [مريم: 93-95]. ولهذا قال: {وإلى اللّه ترجع الأمور} أي: إليه المرجع يوم القيامة، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العادل الّذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرّةٍ، بل إن يكن أحدهم عمل حسنةً واحدةً يضاعفها إلى عشر أمثالها، {ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} [النّساء: 40] وكما قال تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسٌ شيئًا وإن كان مثقال حبّةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء: 47]). [تفسير ابن كثير: 8/ 10]

تفسير قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} أي: هو المتصرّف في الخلق، يقلّب اللّيل والنّهار ويقدّرهما بحكمته كما يشاء، فتارةً يطوّل اللّيل ويقصّر النّهار، وتارةً بالعكس، وتارةً يتركهما معتدلين. وتارةً يكون الفصل شتاءً ثمّ ربيعًا ثمّ قيظًا ثمّ خريفًا، وكلّ ذلك بحكمته وتقديره لما يريده بخلقه، {وهو عليمٌ بذات الصّدور} أي: يعلم السّرائر وإن دقّت، وإن خفيت). [تفسير ابن كثير: 8/ 10]

رد مع اقتباس