الموضوع: سورة الأنفال
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:53 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (..... حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا يموت، بإسناده عن ابن عبّاسٍ، قال: " ونزلت سورة الأنفال بالمدينة فهي مدنيّةٌ
قال جلّ وعزّ: {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] الآية
للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ، فأكثرهم على أنّها منسوخةٌ بقوله تعالى {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41]
واحتجّ بعضهم بأنّها لمّا كانت من أوّل ما نزل بالمدينة من قبل أن يؤمر بتخميس الغنائم وكان الأمر في الغنائم كلّها إلى النّبيّ صلّى الله عليه
وسلّم وجب أن تكون منسوخةً بجعل الغنائم حيث جعلها اللّه تعالى وقائلو هذا القول يقولون: الأنفال هاهنا الغنائم ويجعل بعضهم اشتقاقه من النّافلة وهي الزّيادة قال: فالغنائم أنفالٌ لأنّ اللّه تعالى نفّلها أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم خصّهم بذلك
وقال بعضهم ليست بمنسوخةٍ وهي محكمةٌ، وللأئمّة أن يعملوا بها فينفلوا من شاءوا إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين واحتجّوا أنّ هذه هي الأنفال على الحقيقة لا الغنائم لأنّها زياداتٌ يزادها الرّجل على غنيمته أو يزيدها الإمام من رأى
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من العدوّ من عبدٍ أو دابّةٍ فللإمام أن ينفّل ذلك من شاء إذا كان صلاحًا
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا خاصّةً
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس خاصّةً سألوا لمن هو فأجيبوا بهذا
قال أبو جعفرٍ: فمن روي عنه القول الأوّل ابن عبّاسٍ من رواية ابن أبي طلحة قال:
الأنفال الغنائم الّتي كانت خالصةً للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس لأحدٍ فيها شيءٌ ثمّ أنزل اللّه تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} [الأنفال: 41] الآية وهو قول مجاهدٍ
كما حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال:
حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني سليمٌ، مولى أبي عليٍّ عن مجاهدٍ، قال: " نسخت نسختها {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو قول عكرمة
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، وعكرمة، قالا: " كانت الأنفال للّه تعالى وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخ ذلك قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو أيضًا قول الضّحّاك، والشّعبيّ، والسّدّيّ وأكثر الفقهاء لأنّ أكثرهم يقول: لا يجوز للإمام أن ينفّل أحدًا شيئًا من الغنيمة إلّا من سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
لأنّ الأسهم الأربعة قد صارت لمن شهد من الجيش الحرب، وكذا قال الشّافعيّ في السّهم الخامس سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكون للأئمّة والمؤذّنين أي لما فيه صلاح المسلمين وكذا التّنفيل منه
فالقول على هذا أنّ الآية منسوخةٌ إذا صارت الأنفال تقسّم خمسة أقسامٍ وإذا كان بعض الفقهاء يقول إنّما تقسّم ثلاثة
أقسامٍ
وبعضهم يقول: إنّما ذكرت الأصناف الّتي يجب أن يقسم السّهم فيها فإن دفع إلى بعضها جاز فهذا كلّه يوجب أنّ الآية منسوخةٌ لأنّهم قد أجمعوا أنّ الأربعة الأسهم لمن شهد الحرب وإنّما الاختلاف في السّهم الخامس
وممّا يحقّق أنّها نسختها حديث سعد بن أبي وقّاصٍ في سبب نزولها
كما قرئ على محمّد بن عمرو بن خالدٍ، عن أبيه، قال: حدّثنا زهير بن معاوية، قال: حدّثنا سماك بن حربٍ، قال حدّثني مصعب بن سعدٍ، عن أبيه، قال: " أنزل فيّ آياتٌ وذكر الحديث فقال فيه وأصاب رسول اللّه
صلّى الله عليه وسلّم غنيمةً عظيمةً فإذا فيها سيفٌ فأخذته فأتيت به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فقلت: نفّلنيه فأنا من قد علمته، قال ردّه من حيث أخذته فانطلقت به حتّى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقلت: أعطنيه قال: فشدّ صوته وقال ردّه من حيث أخذته، فأنزل اللّه تعالى {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول} [الأنفال: 1] الآية
وحكى أبو جعفر بن رشدين عن عمرو بن خالدٍ قال: «القبض الموضع الّذي يجمع الغزاة فيه ما غنموا»
وقرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال حدّثني عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ، عن القرظيّ، قال أبو صخرٍ، وحدّثني أبو معاوية البجليّ، عن سعيد بن جبيرٍ،: " أنّ سعدًا، ورجلًا، من الأنصار خرجا يتنفّلان فوجدا سيفًا ملقًى فخرّا عليه جميعًا فقال سعدٌ: هو لي وقال
الأنصاريّ: هو لي، قال لا أسلّمه حتّى آتي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقصّا عليه القصّة فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليس لك يا سعد ولا للأنصاريّ ولكنّه لي، فنزلت {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مؤمنين} [الأنفال: 1] " يقول سلّما السّيف إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخت هذه الآية فقال جلّ وعزّ {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} [الأنفال: 41] إلى آخر الآية
قال أبو جعفرٍ: هذه الزّيادة حسنةٌ وإن كانت غير متّصلةٍ فإنّها عن سعدٍ في سبب نزول الآية ثمّ ذكر نسخها
وقد سمعت أحمد بن محمّد بن سلامة يقول: قال لي أحمد بن شعيبٍ نظرت في حديث يحيى بن سليمان عن ابن وهبٍ فما رأيت شيئًا أنكره إلّا حديثًا واحدًا ثمّ رفع يحيى في الحديث
والقول الثّاني: أنّها غير منسوخةٍ وأنّ للإمام أن يزيد من حضر الحرب على سهمه لبلاءٍ أبلاه أو لعناءٍ أتاه وأنّ له أن يرضخ لمن لم يقاتل إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين يتأوّل قائلٌ هذا ما صحّ عن ابن عبّاسٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال سمعت رجلًا، يسأل عبد اللّه بن عبّاسٍ عن الأنفال فقال «الفرس من النّفل والسّلب من النّفل» ثمّ عاد يسأله فقال ابن عبّاسٍ: ذلك أيضًا ثمّ عاد فقال: ما الأنفال الّتي قال اللّه جلّ وعزّ في كتابه فلم يزل يسأله حتّى كاد يحرجه، فقال ابن عبّاسٍ: ما مثل هذا؟ مثله مثل صبيغٍ الّذي ضربه عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه؟ "
حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بعث سريّةً قبل نجدٍ فيها عبد اللّه بن عمر فغنموا إبلًا كثيرةً فطارت سهمانهم اثني عشر بعيرًا أو أحد عشر بعيرًا ونفّلوا بعيرًا بعيرًا»
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا التّنفيل ولم يقل فيه من الخمس واحتجّ قائلٌ هذا باللّغة أيضًا وأنّ معنى التّنفيل في اللّغة الزّيادة وكان محمّد بن جريرٍ يميل إلى هذا القول
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين بغير قتالٍ، قول عطاءٍ، والحسن
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، وأسباطٌ، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ،: {قل الأنفال للّه والرّسول} قال: «الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين من عبدٍ أو أمةٍ أو متاعٍ أو دابّةٍ فهو النّفل كان للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصنع به ما شاء»
قال يحيى بن سليمان، وحدّثنا حفص بن غياثٍ، عن عاصم بن سليمان، عن الحسن، قال: «فذلك إلى الإمام يصنع ما شاء به»
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا قول عليّ بن صالح بن حيٍّ
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس قول مجاهدٍ رواه عنه ابن أبي نجيحٍ
قال: قال المهاجرون: لم يخرج منّا هذا الخمس فقال اللّه جلّ وعزّ للّه وللرّسول
فهذه خمسة أقوالٍ وإن كان بعضها يدخل في بعضٍ لأنّ قول من قال هو ما شذّ من المشركين إلى المسلمين يدخل في قول من قال للإمام أن ينفّل وكذا قول من قال: هي أنفال السّرايا وقول مجاهدٍ هي الخمس) [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/365-395]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه} الآية:
قال قتادة: هذا ناسخٌ لقوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} [الحشر: 7] الآية، وسنبيّن ذلك في سورة الحشر - إن شاء الله تعالى -
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 300]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس