الموضوع: سورة الأنفال
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:47 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}


قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}.
فنسخت فقال تعالى: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام}.... إلى: {كنتم تكفرون}.
فقاتلوا بمكة فأصابهم خصاصةٌ وجوعٌ. ). [الناسخ والمنسوخ للزهري:26]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثانية: قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم...} الآية [33 مدنية / الأنفال / 8] منسوخة وناسخها قوله تعالى: {وما لهم إلا يعذبهم الله...} الآية [34 مدنية / الأنفال / 8].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (واختلفوا أيضًا في الآية الثّالثة اختلافًا كثيرًا لأنّها مشكلةٌ
باب ذكر الآية الثّالثة
قال جلّ وعزّ {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ:
قال الحسن: نسخ {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] قوله {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34]
قال أبو جعفرٍ: النّسخ هاهنا محالٌ لأنّه خبرٌ خبّر اللّه تعالى به ولا نعلم أحدًا روي عنه هذا إلّا الحسن وسائر العلماء على أنّها محكمةٌ وقالوا فيها أربعة أقوالٍ فمن ذلك
ما حدّثناه بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33] قال: " يقول سبحانه وما كان اللّه ليعذّب قومًا وأنبياؤهم بين أظهرهم حتّى يخرجهم، وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون قال: يقول وفيهم من قد سبق له منه الدّخول في الإيمان وهو الاستغفار {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يوم بدرٍ بالسّيف "
قال أبو جعفرٍ: شرح هذا {وما كان اللّه معذّبهم} [الأنفال: 33] يعني الكفّار جميعًا وقد علم أنّ فيهم من يسلم فيكون وهم يراد بهم البعض مثل قول العرب قتلنا بني فلانٍ وإنّما قتلوا بعضهم {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] إذا أسلم منهم من قد سبق في علمه أنّه يسلم فهذا القول يجوز إلّا أنّ فيه هذا التّعسّف
وقال مجاهدٌ «وهم يستغفرون أي يسلمون وهذا كالأوّل»
وروي أبو زميلٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] أي: «وما كان اللّه معذّبهم في الدّنيا وهم يستغفرون كانوا يقولون غفرانك غفرانك، وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه تعالى في الآخرة»
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول ظاهره حسنٌ إلّا أنّ فيه أنّهم إنّما استعجلوا بعذاب الدّنيا لا بعذاب الآخرة وأيضًا فقد علم أنّهم يعذّبون في الآخرة إن ماتوا على الكفر، فهذان قولان لمن قال: إنّها محكمةٌ
والقول الثّالث قول الضّحّاك
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، في قوله تعالى {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون}[الأنفال : 33] قال: " المؤمنون من أهل مكّة {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] قال الكفّار من أهل مكّة "
قال أبو جعفرٍ: جعل الضّميرين مختلفين وهو قولٌ حسنٌ وإن كان محمّد بن جريرٍ قد أنكره لأنّه زعم أنّه لم يتقدّم للمؤمنين ذكرٌ فيكنّى عنهم فهذا غلطٌ بيّنٌ لأنّه قد تقدّم ذكر المؤمنين في غير موضعٍ من السّورة فإن قيل لم يتقدّم ذكرهم في هذا الموضع فالجواب أنّ في المعنى دليلًا على ذكرهم في هذا الموضع وذلك أنّ من قال من الكفّار: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء إنّما قال هذا مستهزئًا ومتعنّتًا ولو قصد الحقّ لقال اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا له ولكنّه كفر وأنكر أن يكون اللّه تعالى يبعث رسولًا يوحى إليه من السّماء أي اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأهلك الجماعة من الكفّار والمسلمين فهذا معنى ذكر المسلمين فيكون المعنى كيف يهلك اللّه تعالى المسلمين فهذا معنى {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] يعني المؤمنين {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يعني الكافرين
وقول ابن أبزى كقول الضّحّاك قال" {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال : 33] يعني الفئة المسلمة الّتي كانت بمكّة فلمّا خرجوا قال اللّه جلّ وعزّ {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يعني الكفّار "
والقول الخامس: قول قتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ قالوا:
" {وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] أي لو استغفروا "
قال أبو جعفرٍ: فهذا أبين ما قيل في الآية ولا تعسّف فيه كما تقول لا أسيء إليك وأنت تحسن إليّ أي لو أحسنت إليّ ما أسأت إليك فيكون المعنى {وما كان اللّه معذّبهم} [الأنفال: 33] وهذه حالهم أي لو استغفروا من الكفر وتابوا {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] أي وما شأنهم وما يمنعهم أن يعذّبهم اللّه وهم مصرّون على الكفر والمعاصي فقد استحقّوا العذاب ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/373-376]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّانية قوله تعالى {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون} ثمّ نزلت بعدها آية ناسخة لها وهي الّتي تليها قوله تعالى {وما لهم ألّا يعذّبهم الله}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 93-94]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}:
قال الحسن: قوله: {وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}: منسوخٌ بقوله: {وما لهم ألاّ يعذّبهم الله} [الأنفال: 34] الآية.
والذي عليه أهل النظر ويوجبه ظاهر النّص أنّ نسخ هذا لا يجوز لأنه خبر. وعامة العلماء على أنه غير منسوخ. والمعنى:
وما كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون، أي: لو استغفروا لم يعذّبهم الله، كما تقول: ضربتك ولم تشتمني، أي: إنما ضربتك بعد أن شتمتني، ومنه قول الشاعر:

بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم = ولم يكثر القتلى بها حين سلّت

أي: إنما شاموها بعد أن كثرت القتلى، يقال: شمت السيف: إذا أغمدته وإذا سللته، فهو مدح، ولو حمل على غير هذا لصار هجوًا. وهذا المعنى حسن لطيف.
وقال ابن عباس في معنى الآية: وما كان الله معذب الكفار جميعًا وقد
علم الله أن فيهم من يسلم، وما لهم ألاّ يعذبهم الله إذا أسلم من قضي له بالإسلام.
وقال مجاهد: معنى: وهم يستغفرون: يعني: يسلّمون بما سبق لهم في علم الله بهم.
وقيل معناها: ما كان الله معذّبهم في الدنيا وهم يستغفرون، لأنهم كانوا يقولون: غفرانك غفرانك، وما لهم ألاّ يعذّبهم الله في الآخرة.
وقال الضحاك: معنى {وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون} يريد به: المؤمنين من أهل مكة. وما لهم ألاّ يعذّبهم الله: يعني الكفار من أهل مكة - جعل الضميرين مختلفين -.
وكلّ هذه الأقوال تدلّ على أن الآية محكمة لا نسخ فيها). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 299-300]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الأولى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} قيل نسختها {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام}
وهذا ليس بصحيحٍ لأنّ النّسخ لا يدخل على الأخبار وإنما بينت الآية الثانية استحقاقهم العذاب فأما الأولى فبينت دفعه عنهم لكون الرسول فيهم وكون المؤمنين يستغفرون فلا وجه للنسخ). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:36-37]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثّالثة: قوله تعالى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم}.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمّد، قال: بنا عليّ بن الحسين. عن أبيه عن يزيد النّحويّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} نسختها الآية الّتي بعدها {وما لهم إلاّ يعذّبهم اللّه}. وقد روي مثله عن الحسن وعكرمة.
وهذا القول ليس بصحيحٍ، لأنّ النّسخ لا يدخل على الأخبار، وهذه الآية بيّنت أنّ كون الرّسول فيهم منع نزول العذاب بهم، وكون المؤمنين
يستغفرون بينهم منع أيضًا والآية الّتي (تليها) بيّنت استحقاقهم العذاب لصدّهم عن سبيل اللّه، غير أنّ كون الرّسول والمؤمنين بينهم منع من تعجيل ذلك، أو عمومه، فالعجب من مدعّي النّسخ ). [نواسخ القرآن: 347-348]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الثالث: قوله عز وجل: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}الآية [الأنفال: 33].
قالوا: هي منسوخة بما بعدها: {وما لهم ألا يعذبهم الله}الآية [الأنفال: 34] وليس كما قالوا، والسورة مدنية ذكر فيها ما فعلوه بمكة، فقيل: إنما منعهم من إنزال العذاب بهم في ذلك الوقت أنك كنت فيهم، وما عذب الله تعالى أمة من الأمم إلا بعد إخراج نبيهم من بينهم، فالعذاب لا ينزل مع حالين: إحداهما أن يكون النبي فيهم، أي بين القوم.
أو يستغفرون ويتوبون
وهؤلاء ما استغفروا ولا تابوا ولا نبيهم بينهم فما لهم ألا يعذبهم الله، وعبر عن إخراج النبي صلى الله عليه وسلم وعن ترك التوبة والاستغفار بقوله: {وهم يصدون عن المسجد الحرام}الآية [الأنفال: 34] وصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام وتركهم الاستغفار مفهوم من قوله عز وجل: {وهم يصدون عن المسجد الحرام}الآية [الأنفال: 34]؛ لأنهم لو آمنوا واستغفروا لما صدوا عنه، وما صدوه عن المسجد الحرام إلا بعد خروجه من بينهم، فكأنه قيل: وما لهم ألا يعذبهم ولست بين ظهرانيهم، فليسوا بمستغفرين ولا تائبين
). [جمال القراء:1/311-312]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس