عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 03:23 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شيء قال هو الكافر لا يعمل بطاعة الله ولا ينفق خيرا قال ومن رزقنه منا رزقا حسنا قال هو المؤمن يطيع الله في نفسه وماله). [تفسير عبد الرزاق: 1/359]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، هل يستوون، الحمد للّه، بل أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وشبّه لكم شبهًا أيّها النّاس للكافر من عبيده، والمؤمن به منهم، فأمّا مثل الكافر: فإنّه لا يعمل بطاعة اللّه، ولا يأتي خيرًا، ولا ينفق في شيءٍ من سبيل اللّه ماله لغلبة خذلان اللّه عليه، كالعبد المملوك الّذي لا يقدر على شيءٍ فينفقه، وأمّا المؤمن باللّه فإنّه يعمل بطاعتة اللّه، وينفق في سبيله ماله، كالحرّ الّذي آتاه اللّه مالاً فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، يقول: بعلمٍ من النّاس وغير علمٍ {هل يستوون} يقول: هل يستوي العبد الّذي لا يملك شيئًا ولا يقدر عليه، وهذا الحرّ الّذي قد رزقه اللّه رزقًا حسنًا فهو ينفق كما وصف؟ فكذلك لا يستوي الكافر العامل بمعاصي اللّه المخالف أمره والمؤمن العامل بطاعته.
وبنحو ما قلنا في ذلك كان بعض أهل العلم يقول
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} "
هذا مثلٌ ضربه اللّه للكافر، رزقه مالاً فلم يقدّم فيه خيرًا، ولم يعمل فيه بطاعة اللّه، قال اللّه تعالى ذكره: {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} فهذا المؤمن أعطاه اللّه مالاً، فعمل فيه بطاعة اللّه، وأخذ بالشّكر ومعرفة حقّ اللّه، فأثابه اللّه على ما رزقه الرّزق المقيم الدّائم لأهله في الجنّة، قال اللّه تعالى ذكره: {هل يستويان مثلاً}، واللّه ما يستويان: {الحمد للّه، بل أكثرهم لا يعلمون} "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} قال: " هو الكافر، لا يعمل بطاعة اللّه، ولا ينفق خيرًا {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} قال: " المؤمن يطيع اللّه في نفسه وماله "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} يعني: الكافر أنّه لا يستطيع أن ينفق نفقةً في سبيل اللّه {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا، فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا} يعني المؤمن، وهذا المثل في النّفقة "
وقوله: {الحمد للّه} يقول: الحمد الكامل للّه خالصًا دون ما تدعون أيّها القوم من دونه من الأوثان فإيّاه فاحمدوا دونها.
وقوله: {بل أكثرهم لا يعلمون} يقول: ما الأمر كما تفعلون، ولا القول كما تقولون، ما للأوثان عندهم من يدٍ ولا معروفٍ فتحمد عليه، إنّما الحمد للّه، ولكنّ أكثر هؤلاء الكفرة الّذين يعبدونها لا يعلمون أنّ ذلك كذلك، فهم بجهلهم بما يأتون ويذرون يجعلونها للّه شركاء في العبادة والحمد
- وكان مجاهدٌ يقول: " ضرب اللّه هذا المثل، والمثل الآخر الذي بعده لنفسه، والآلهة الّتي تعبد من دونه "). [جامع البيان: 14/307-309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} يعني الكافر أنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله {ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا} يعني المؤمن وهو المثل في النفقة). [الدر المنثور: 9/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (وضرب الله مثلا عبدا مملوكا) قال: هذا مثل ضربه الله للكافر رزقه الله مالا فلم يقدم فيه خيرا ولم يعمل فيه بطاعة الله، {ومن رزقناه منا رزقا حسنا} قال: هو المؤمن أعطاه الله مالا رزقا حلالا فعمل فيه بطاعة الله وأخذه بشكر ومعرفة حق الله فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة، قال الله: {هل يستويان مثلا} قال: لا والله لا يستويان). [الدر المنثور: 9/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا} و{رجلين أحدهما أبكم} {ومن يأمر بالعدل} قال: كل هذا مثل إله الحق وما يدعون من دونه الباطل). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال: يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضرا ولا نفعا ولا تقدر على شيء، ينفعها ومن رزقنا منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا قال علانية المؤمن الذي ينفق سرا وجهرا لله). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال الصنم). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال فليس عمل صالح إلا له المثل الصالح وليس عمل سوء إلا له مثل سوء وقال: إن مثل العالم المتفهم كطريق بين شجر وجبل فهو مستقيم لا يعوجه شيء فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} في رجل من قريش وعبده في هشام بن عمر وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا وفي عبد أبي الجوزاء الذي كان ينهاه). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده، وقرأ {عبدا مملوكا لا يقدر على شيء}). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه"، عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء قال: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} لا يتصدق بشيء). [الدر المنثور: 9/87]

تفسير قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أبكم لا يقدر على شيء قال هو الوثن هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل فالله يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/359]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ} قال: هو الوثن يعبدونه). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه، أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ، هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مستقيمٍ}.
وهذا مثلٌ ضربه اللّه تعالى لنفسه والآلهة الّتي تعبد من دونه، فقال تعالى ذكره: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ} يعني بذلك الصّنم أنّه لا يسمع شيئًا ولا ينطق، لأنّه إمّا خشبٌ منحوتٌ، وإمّا نحاسٌ مصنوعٌ، لا يقدر على نفعٍ لمن خدمه، ولا دفع ضرٍّ عنه {وهو كلٌّ على مولاه} يقول: وهو عيالٌ على ابن عمّه وحلفائه وأهل ولايته، فكذلك الصّنم كلٌّ على من يعبده، يحتاج أن يحمله ويضعه ويخدمه، كالأبكم من النّاس الّذي لا يقدر على شيءٍ، فهو كلٌّ على أوليائه من بني أعمامه وغيرهم {أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ} يقول: حيثما يوجّهه لا يأت بخيرٍ، لأنّه لا يفهم ما يقال له، ولا يقدر أن يعبّر عن نفسه ما يريد، فهو لا يفهم ولا يفهم عنه، فكذلك الصّنم لا يعقل ما يقال له فيأتمر لأمرٍ من أمره، ولا ينطق فيأمر وينهى.
يقول اللّه تعالى: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} يعني: هل يستوي هذا الأبكم الكلّ على مولاه الّذي لا يأتي بخيرٍ حيث توجّه، ومن هو ناطقٌ متكلّمٌ يأمر بالحقّ ويدعو إليه، وهو اللّه الواحد القهّار، الّذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته؟ يقول: لا يستوي هو تعالى ذكره، والصّنم الّذي صفته ما وصف.
وقوله: {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} يقول: وهو مع أمره بالعدل، على طريقٍ من الحقّ في دعائه إلى العدل وأمره به مستقيمٌ، لا يعوجّ عن الحقّ، ولا يزول عنه.
وقد اختلف أهل التّأويل في المضروب له هذا المثل، فقال بعضهم في ذلك بنحو الّذي قلنا فيه
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {لا يقدر على شيءٍ} قال: " هو الوثن {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} قال: " اللّه يأمر بالعدل {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} ".
وكذلك كان مجاهدٌ يقول، إلاّ أنّه كان يقول: " المثل الأوّل أيضًا ضربه اللّه لنفسه وللوثن "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ، ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} {رجلين أحدهما أبكم}، {ومن يأمر بالعدل} قال: " كلّ هذا مثل إله الحقّ، وما يدعى من دونه من الباطل ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم} قال: " إنّما هذا مثلٌ ضربه اللّه ".
وقال آخرون: بل كلا المثلين للمؤمن والكافر، وذلك قولٌ يروى عن ابن عبّاسٍ، وقد ذكرنا الرّواية عنه في المثل الأوّل في موضعه
وأمّا في المثل الآخر
- فحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: " {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه} إلى آخر الآية، يعني بالأبكم: الّذي هو كلٌّ على مولاه الكافر، وبقوله: {ومن يأمر بالعدل} المؤمن، وهذا المثل في الأعمال "
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح البزّار، قال: حدّثنا يحيى بن إسحاق السّيلحينيّ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، بن إبراهيم، بن عكرمة، بن يعلى بن أميّة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا} قال: " نزلت في رجلٍ من قريشٍ وعبده، وفي قوله: {مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ} إلى قوله: {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} قال: " هو عثمان بن عفّان " قال: " والأبكم الّذي أينما يوجّه لا يأت بخيرٍ، ذاك مولى عثمان بن عفّان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصّدقة والمعروف، فنزلت فيهما ".
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في المثل الأوّل لأنّه تعالى ذكره مثّل مثل الكافر بالعبد الّذي وصف صفته، ومثّل مثل المؤمن بالّذي رزقه رزقًا حسنًا، فهو ينفق ممّا رزقه سرًّا وجهرًا، فلم يجز أن يكون ذلك للّه مثلاً، إذ كان اللّه إنّما مثّل الكافر حرمه التوفيق فخذله عن طاعته, بالعبد الّذي لا يقدر على شيءٍ بأنّه لم يرزقه رزقًا ينفق منه سرًّا، ومثّل المؤمن الّذي وفّقه اللّه لطاعته فهداه لرشده فهو يعمل بما يرضاه اللّه، كالحرّ الّذي بسط له في الرّزق فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، واللّه تعالى ذكره هو الرّازق غير المرزوق، فغير جائزٍ أن يمثّل إفضاله وجوده بإنفاق المرزوق الرّزق الحسن.
وأمّا المثل الثّاني، فإنّه تمثيلٌ منه تعالى ذكره من مثّله الأبكم الّذي لا يقدر على شيءٍ، والكفّار لا شكّ أنّ منهم من له الأموال الكثيرة، ومن يضرّ أحيانًا الضّرّ العظيم بفساده، فغير كائنٍ ما لا يقدر على شيءٍ، كما قال تعالى ذكره مثلاً، لمن يقدر على أشياء كثيرةٍ، فإذا كان ذلك كذلك، كان أولى المعاني به تمثيل ما لا يقدر على شيءٍ كما قال تعالى ذكره بمثله مما لا يقدر على شيءٍ، وذلك الوثن الّذي لا يقدر على شيءٍ، بالأبكم الكلّ على مولاه الّذي لا يقدر على شيءٍ كما قال ووصف). [جامع البيان: 14/309-313]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} إلى آخر الآية، يعني بالأبكم الذي {وهو كل على مولاه} الكافر، وبقوله: {ومن يأمر بالعدل} المؤمن، وهذا المثل في الأعمال). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} في رجلين أحدهما عثمان بن عفان ومولى له كافر وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما). [الدر المنثور: 9/87-88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله: {ومن يأمر بالعدل} قال: عثمان بن عفان). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا، أما الأبكم فالصنم فإنه أبكم لا ينطق {وهو كل على مولاه} ينفقون عليه وعلى من يأتيه ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} وهو الله). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {أحدهما أبكم} قال: هو الوثن {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} قال: الله). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كل} قال: الكل العيال، كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول وجعلوا معه نفرا يمسكونه خشية أن يسقط فهو عناء وعذاب وعيال عليهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني نفسه.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ خبر). [الدر المنثور: 9/88-89]


رد مع اقتباس