عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 09:37 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره في غير الأمر والنهي

وذلك قولك إذا رأيت رجلاً متوجها وجهة الحاجّ قاصدا في هيئ الحاجّ فقلت مكّة ورب الكعبة. حيث زكنت أنّه يريد مكّة كأنّك قلت يريد مكّة والله.
ويجوز أن تقول مكّة والله على قولك أراد مكّة والله كأنّك أخبرت بهذه الصفّة عنه أنّه كان فيها أمس فقلت مكة والله أي أراد مكّة إذ ذاك.
ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: {بل ملة إبراهيم حنيفا} أي بل نتّبع ملّة إبراهيم حنيفا كأنه قيل لهم اتّبعوا حين قيل لهم: {كونوا هوداً أو نصارى} ). [الكتاب: 1/ 257]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب القسم
اعلم أن للقسم أدواتٍ توصل الحلف إلى المقسم به؛ لأن الحلف مضمر مطرحٌ لعلم السامع به؛ كما كان قولك: يا عبد الله محذوفاً منه الفعل لما ذكرت لك.
وكذلك كل مستغنىً عنه فإن شئت أظهرت الفعل؛ كما أنك تقول: يا زيد عمراً، أي: عليك عمراً: وتقول: الطريق يا فتى، أي ظل الطريق، وترى الرامي قد رمى، فنسمع صوتاً فتقول: القرطاس والله، أي: أصبت.
وإن شئت قلت: خل الطريق، ويا زيد عليك عمراً، وأصبت القرطاس يا فتى.
وكذلك قوله عز وجل: {بل ملة إبراهيم} إنما هو: اتبعوا؛ وذلك لأنه جواب قوله: {كونوا هوداً أو نصارى}.
فهكذا القسم في إضمار الفعل وإظهاره. وذلك قوله: أحلف بالله لأفعلن. وإن شئت قلت: بالله لأفعلن. والباء موصلة؛ كما كانت موصلة في قولك: مررت بزيد. فهي والواو تدخلان على كل مقسم به؛ لأن الواو في معنى الباء؛ وإنما جعلت مكان الباء، والباء هي الأصل؛ كما كان في مررت بزيد، وضربت بالسيف يا فتى؛ لأن الواو من مخرج الباء، ومخرجهما جميعاً من الشفة، فلذلك أبدلت منها؛ كما أبدلت من رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
لأنها لما أبدلت من الباء دخلت على رب لما أشرحه لك في بابها؛ كما تدخل الإضافة بعضها على بعض. فمن ذلك قوله عز وجل: {يحفظونه من أمر الله} أي: بأمر الله. وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على. وقال: {أم لهم سلمٌ يستمعون فيه} أي: يستمعون عليه. وقال الشاعر:


هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ ....... فــلا عطـسـت شيـبـان إلا بأجـذعـا

وقال الآخر:


إذا رضيت على بنو قشيرٍ ....... لعمـر الله أعجبنـي رضـاهـا

أي عني. وقال الآخر:


غدت من عليه تنفـض الطـل بعـد مـا ....... رأت حاجب الشمس استوى فترفعا

وسنفرد باباً لما يصلح فيه الإبدال وما يمتنع عنه إن شاء الله.
تقول والله لأفعلن، وتالله لأفعلن وتبدل التاء من الواو، ولا تدخل من المقسم به إلا في الله وحده. وذلك قوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}؛ وإنما امتنعت من الدخول في جميع ما دخلت فيه الباء، والواو؛ لأنها لم تدخل على الباء التي هي الأصل، وإنما دخلت على الواو الداخلة على الباء؛ فلذلك لم تتصرف.
فأما إبدالها من الواو فنحن نذكره مفسراً في التصريف. ألا ترى أنك تقول: هذا أتقى من هذا، والأصل أوقى، لأنه من وقيت. وكذلك تراث. إنما هو وراث، لأنه من ورثت. وتجاهٌ فعال من الوجه. وكذلك تخمة من الوخامة. وهذا أكثر من أن يحصى أو يؤتى بجميعه، ونحن نستقصي شرحه في باب التصريف إن شاء الله.
واعلم أنك إذا حذفت حروف الإضافة من المقسم به نصبته؛ لأن الفعل يصل فيعمل، فتقول: الله لأفعلن؛ لأنك أردت أحلف الله لأفعلن. وكذلك كل خافض في موضع نصب إذا حذفته وصل الفعل، فعمل فيما بعده؛ كما قال الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي من قومه. وقل الشاعر:


أستغفر الله ذنباً لست محصيه ....... رب العبـاد إليـه الـوجـه والعـمـل

أي من ذنب. وقال الشاعر:


أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ....... فقـد تركـتـك ذا مــالٍ وذا نـشـب

فتقول: الله لأفعلن. وكذلك كل مقسم به.
واعلم أن للقسم تعويضاتٍ من أدواته تحل محلها، فيكون فيها ما يكون في أدوات القسم وتعتبر ذلك بأنك لا تجمع بينها وبين ما هي عوضٌ منه. فإن جاز الجمع بين شيئين فليس أحدهما عوضاً عن الآخر؛ ألا ترى أنك تقول: عليك زيداً، وإنما المعنى: خذ زيداً، وما أشبهه من الفعل. فإن قلت: عليك لم تجمع بينها وبين فعل آخر لأنها بدل من ذلك الفعل). [المقتضب: 2/ 317-321]

تفسير قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) }

تفسير قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنه قد تدخل الألف واللام في التوكيد في هذه المصادر المتمكنة التي تكون بدلاً من اللفظ بالفعل كدخولها في الأمر والنهى والخبر والاستفهام فأجرها في هذا الباب مجراها هناك.
وكذلك الإضافة بمنزلة الألف واللام.
فأمّا المضاف فقول الله تبارك وتعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله} وقال الله تبارك وتعالى: {ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده}. وقال جلّ وعزّ: {الذي أحسن كل شيء خلقه}. وقال جل ثناؤه: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم}. ومن ذلك الله أكبر دعوة الحق. لأنّه لمّا قال جلّ وعزّ: {مر السحاب} وقال: {أحسن كلّ شيء} علم أنّه خلقٌ وصنعٌ ولكنّه وكّد وثّبت للعباد. ولما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} حتّى انقضى الكلام علم المخاطبون أنّ هذا مكتوبٌ عليهم مثّبت عليهم وقال كتاب الله توكيداً كما قال صنع الله وكذلك وعد الله لأنّ الكلام الذي قبله وعدٌ
وصنعٌ فكأنّه قال جلّ وعزّ وعداً وصنعا وخلقا وكتابا. وكذلك دعوة الحق لأنّه قد علم أنّ قولك الله أكبر دعاء الحق ولكنّه توكيدٌ كأنّه قال دعاءً حقًّا.
قال رؤبة:


إنّ نزاراً أصبحت نزارا دعوة أبرارٍ دعوا أبـرارا

لأنّ قولك أصبحت نزاراً بمنزلة هم على دعوةٍ بارّةٍ.
وقد زعم بعضهم أنّ كتاب الله نصب على قوله عليكم كتاب الله.
وقال قومٌ: {صبغة الله} منصوبةٌ على الأمر. وقال بعضهم لا بل توكيداً. والصبغة الدين.
وقد يجوز الرفع فيما ذكرنا أجمع على أن يضمر شيئاً هو المظهر كأنّك قلت ذاك وعد الله وصبغة الله أو هو دعوة الحقّ. على هذا ونحوه رفعه.
ومن ذلك قوله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} كأنه قال ذاك بلاغٌ). [الكتاب: 1/ 381-382] (م)


رد مع اقتباس