عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 06:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} الآية. روي عن أم سلمة أن سببها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، يذكر الله تعالى الرجال في كتابه في كل شيء، ولا يذكرنا" فنزلت الآية في ذلك.
وروى قتادة أن نساء من الأنصار دخلن على أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، فقلن لهن: "ذكركن الله في القرآن ولم يذكر سائر النساء بشيء"، فنزلت الآية في ذلك. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نساء النبي قلن له: "ما له تعالى يذكر المؤمنين ولم يذكر المؤمنات"، فنزلت الآية في ذلك.
وبدأ تعالى بذكر "الإسلام" الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح، ثم ذكر "الإيمان" تخصيصا وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته، و"القانت": العابد المطيع، و"الصادق" معناه: فيما عوهد عليه أن يفي به ويكمله، و"الصابر": عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط، و"الخاشع": الخائف لله المستكين لربوبيته الوقور، و"المتصدق": بالفرض والنفل، وقيل: هي في الفرض خاصة، والأول أمدح، و"الصائم" كذلك في الفرض والنفل، و"حفظ الفرج" هو من الزنى وشبهه، ويدخل مع ذلك كل ما يؤدي إلى الزنى أو هو في طريقه. وفي قوله: "والحافظات" حذف ضمير يدل عليه المتقدم، تقديره: والحافظاتها، وفي "الذاكرات" أيضا مثله، و"المغفرة" هي ستر ذنوبهم والصفح عنها، و"الأجر العظيم": الجنة).[المحرر الوجيز: 7/ 119-120]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا * وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا}
قوله: "وما كان" لفظه النفي ومعناه الحظر والمنع من فعل هذا، وهذه العبارة: "ما كان" و"ما ينبغي" ونحوها تجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا، كقوله: {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها}، وربما كان العلم بامتناعه شرعا، كقوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله}، وربما كان حظره بحكم شرعي كهذه الآية، وربما كان في المندوبات، كما تقول: "ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل" ونحو هذا.
وسبب هذه الآية فيما قال قتادة، وابن عباس، ومجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش، فظنت أن الخطبة لنفسه، فلما بين أنه إنما يريدها لزيد بن حارثة كرهت وأبت، فنزلت الآية، فأذعنت زينب حينئذ وتزوجته، وقال ابن زيد: إنما أنزلت بسبب أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها من زيد بن حارثة، فكرهت ذلك هي وأخوها، وقالا: إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها غيره. فنزلت الآية بسبب ذلك، فأجابا إلى تزويج زيد.
و"الخيرة": مصدر بمعنى التخير، وهذه الآية في ضمن قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}. وهذه الآية تقوي في قوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} أن "ما" نافية لا مفعولة.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، وشيبة، والأعرج، وعيسى: "أن تكون" بالتاء على لفظ "الخيرة". وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، والأعمش، وأبو عبد الرحمن: "أن يكون" على معنى "الخيرة"، وأن تأنيثها غير حقيقي، وقوله في الآية الأخرى: {ما كان لهم الخيرة} دون علامة تأنيث يقوي هذه القراءة التي بالياء.
ثم توعد عز وجل وأخبر أن من يعص الله ورسوله فقد ضل، وهذا العصيان يعم الكفر فما دونه، وكل عاص يأخذ من الضلال بقدر معصيته). [المحرر الوجيز: 7/ 120-121]

رد مع اقتباس