عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون (58) ولمّا جهّزهم بجهازهم قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين (59) فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون (60) قالوا سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون (61) وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون (62)}
ذكر السّدي، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهما من المفسّرين: أنّ السّبب الّذي أقدم إخوة يوسف بلاد مصر، أنّ يوسف، عليه السّلام، لمّا باشر الوزارة بمصر، ومضت السّبع السّنين المخصبة، ثمّ تلتها سنين الجدب، وعمّ القحط بلاد مصر بكمالها، ووصل إلى بلاد كنعان، وهي الّتي فيها يعقوب، عليه السّلام، وأولاده. وحينئذٍ احتاط يوسف، عليه السّلام، للنّاس في غلّاتهم، وجمعها أحسن جمعٍ، فحصل من ذلك مبلغٌ عظيمٌ، وأهراء متعدّدةٌ هائلةٌ، وورد عليه النّاس من سائر الأقاليم والمعاملات، يمتارون لأنفسهم وعيالهم، فكان لا يعطى الرّجل أكثر من حمل بعيرٍ في السّنة. وكان، عليه السّلام، لا يشبع نفسه ولا يأكل هو والملك وجنودهما إلّا أكلةً واحدةً في وسط النّهار، حتّى يتكفّى النّاس بما في أيديهم مدّة السّبع سنين. وكان رحمةً من اللّه على أهل مصر.
وما ذكره بعض المفسّرين من أنّه باعهم في السّنة الأولى بالأموال، وفي الثّانية بالمتاع، وفي الثّالثة بكذا، وفي الرّابعة بكذا، حتّى باعهم بأنفسهم وأولادهم بعدما تملّك عليهم جميع ما يملكون، ثمّ أعتقهم وردّ عليهم أموالهم كلّها، اللّه أعلم بصحّة ذلك، وهو من الإسرائيليّات الّتي لا تصدّق ولا تكذّب.
والغرض أنّه كان في جملة من ورد للميرة إخوة يوسف، عن أمر أبيهم لهم في ذلك، فإنّه بلغهم أنّ عزيز مصر يعطي النّاس الطّعام بثمنه، فأخذوا معهم بضاعةً يعتاضون بها طعامًا، وركبوا عشرة نفرٍ، واحتبس يعقوب، عليه السّلام، عنده بنيامين شقيق يوسف، عليهما السّلام، وكان أحبّ ولده إليه بعد يوسف. فلمّا دخلوا على يوسف، وهو جالسٌ في أبّهته ورياسته وسيادته، عرفهم حين نظر إليهم، {وهم له منكرون} أي: لا يعرفونه؛ لأنّهم فارقوه وهو صغيرٌ حدثٌ فباعوه للسّيّارة، ولم يدروا أين يذهبون به، ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه، فلهذا لم يعرفوه، وأما هو فعرفهم.
فذكر السّدّيّ وغيره: أنّه شرع يخاطبهم، فقال لهم كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي؟ قالوا: أيّها العزيز، إنّا قدمنا للميرة. قال: فلعلّكم عيونٌ؟ قالوا: معاذ اللّه. قال: فمن أين أنتم؟ قالوا: من بلاد كنعان، وأبونا يعقوب نبيّ اللّه. قال: وله أولادٌ غيركم؟ قالوا: نعم، كنّا اثنى عشر، فذهب أصغرنا، هلك في البريّة، وكان أحبّنا إلى أبيه، وبقي شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلّى به عنه. فأمر بإنزالهم وإكرامهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 397-398]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولمّا جهّزهم بجهازهم} أي: وفّاهم كيلهم، وحمّل لهم أحمالهم قال: ائتوني بأخيكم هذا الّذي ذكرتم، لأعلم صدقكم فيما ذكرتم، {ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين} يرغّبهم في الرّجوع إليه، ثمّ رهّبهم فقال: {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون} أي: إن لم تقدموا به معكم في المرّة الثّانية، فليس لكم عندي ميرةٌ، {ولا تقربون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 398]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون} أي: سنحرص على مجيئه إليك بكلّ ممكنٍ ولا نبقي مجهودًا لتعلم صدقنا فيما قلناه.
وذكر السّدّيّ: أنّه أخذ منهم رهائن حتّى يقدموا به معهم. وفي هذا نظرٌ؛ لأنّه أحسن إليهم ورغّبهم كثيرًا، وهذا لحرصه على رجوعهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 398]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({وقال لفتيانه} أي: غلمانه {اجعلوا بضاعتهم} وهي الّتي قدموا بها ليمتاروا عوضًا عنها {في رحالهم} أي: في أمتعتهم من حيث لا يشعرون، {لعلّهم يرجعون} بها.
قيل: خشي يوسف، عليه السّلام، ألّا يكون عندهم بضاعةٌ أخرى يرجعون للميرة بها. وقيل: تذمّم أن يأخذ من أبيه وإخوته عوضًا عن الطّعام. وقيل: أراد أن يردّهم إذا وجدوها في متاعهم تحرّجًا وتورّعًا لأنّه يعلم ذلك منهم واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 398]

رد مع اقتباس