عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {لا يشهدون الزور}، قال: [الشرك]). [الجامع في علوم القرآن: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله وإذا مروا باللغو مروا كراما قال اللغو كله المعاصي). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن الضّحّاك في قوله: {الذين لا يشهدون الزور} قال: الشرك [الآية: 72]). [تفسير الثوري: 228]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أبي سنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضّحّاك {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: لم يكن اللّغو من حالهم، ولا بالهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 444-445]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين لا يشهدون الزّور، وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا}.

اختلف أهل التّأويل في معنى الزّور الّذي وصف اللّه هؤلاء القوم بأنّهم لا يشهدونه، فقال بعضهم: معناه الشّرك باللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {لا يشهدون الزّور} قال: الشّرك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: هؤلاء المهاجرون، قال: والزّور قولهم لآلهتهم وتعظيمهم إيّاها.
وقال آخرون: بل عني به الغناء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: لا يسمعون الغناء.
وقال آخرون: هو قول الكذب
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: الكذب.
قال أبو جعفرٍ: وأصل الزّور تحسين الشّيء، ووصفه بخلاف صفته، حتّى يخيّل إلى من يسمعه أو يراه أنّه خلاف ما هو به، والشّرك قد يدخل في ذلك، لأنّه محسّنٌ لأهله، حتّى قد ظنّوا أنّه حقٌّ، وهو باطلٌ، ويدخل فيه الغناء، لأنّه أيضًا ممّا يحسّنه ترجيع الصّوت، حتّى يستحلي سامعه سماعه، والكذب أيضًا قد يدخل فيه، لتحسين صاحبه إيّاه، حتّى يظنّ صاحبه أنّه حقٌّ، فكلّ ذلك ممّا يدخل في معنى الزّور.
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى الأقوال بالصّواب في تأويله أن يقال: والّذين لا يشهدون شيئًا من الباطل، لا شركًا، ولا غناءً، ولا كذبًا ولا غيره، وكلّ ما لزمه اسم الزّور، لأنّ اللّه عمّ في وصفه إيّاهم، أنّهم لا يشهدون الزّور، فلا ينبغي أن يخصّ من ذلك شيءٌ إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها، من خبرٍ أو عقلٍ.
وقوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} اختلف أهل التّأويل في معنى اللّغو الّذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: ما كان المشركون يقولونه للمؤمنين، ويكلّمونهم به من الأذى. ومرورهم به كرامًا إعراضهم عنهم وصفحهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: صفحوا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: إذا أوذوا مرّوا كرامًا، قال: صفحوا.
وقال آخرون: بل معناه: وإذا مرّوا بذكر النّكاح، كفّوا عنه
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: إذا ذكروا النّكاح كنوا عنه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الأشيب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: كانوا إذا أتوا على ذكر النّكاح كنوا عنه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبي مخزومٍ، عن سيّارٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} إذا مرّوا بالرّفث كنوا.
وقال آخرون: إذا مرّوا بما كان المشركون فيه من الباطل مرّوا منكرين له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: هؤلاء المهاجرون، واللّغو ما كانوا فيه من الباطل، يعني المشركين وقرأ: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان}.
وقال آخرون: عني باللّغو ها هنا: المعاصي كلّها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: اللّغو كلّه المعاصي.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي أن يقال: إنّ اللّه أخبر عن هؤلاء المؤمنين الّذين مدحهم بأنّهم إذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا، واللّغو في كلام العرب هو كلّ كلامٍ أو فعلٍ باطلٍ لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يستقبح؛ فسبّ الإنسان الإنسان بالباطل الّذي لا حقيقة له من اللّغو. وذكر النّكاح بصريح اسمه ممّا يستقبح في بعض الأماكن، فهو من اللّغو، وكذلك تعظيم المشركين آلهتهم من الباطل الّذي لا حقيقة لما عظّموه على نحو ما عظّموه، وسماع الغناء ممّا هو مستقبحٌ في أهل الدّين، فكلّ ذلك يدخل في معنى اللّغو، فلا وجه إذ كان كلّ ذلك يلزمه اسم اللّغو أن يقال: عني به بعض ذلك دون بعضٍ، إذ لم يكن بخصوص ذلك دلالةٌ من خبرٍ أو عقلٍ. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: وإذا مرّوا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مرّوا كرامًا؛ مرورهم كرامًا في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء. وفي بعض ذلك بأن يعرضوا عنه ويصفحوا، وذلك إذا أوذوا بإسماع القبيح من القول. وفي بعضه بأن ينهوا عن ذلك، وذلك بأن يروا من المنكر ما يغيّر بالقول فيغيّروه بالقول. وفي بعضه بأن يضاربوا عليه بالسّيوف، وذلك بأن يروا قومًا يقطعون الطّريق على قومٍ، فيستصرخهم المراد ذلك منهم، فيصرخونهم، وكلّ ذلك مرورهم كرامًا.
- وقد: حدّثني ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: مرّ ابن مسعودٍ بلهوٍ مسرعًا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن أصبح ابن مسعودٍ لكريمًا.
وقيل: إنّ هذه الآية مكّيّةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمعت السّدّيّ، يقول: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: هي مكّيّةٌ.
وإنّما عني السّدّيّ بقوله هذا إن شاء اللّه، أنّ اللّه نسخ ذلك بأمره المؤمنين بقتال المشركين بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وأمرهم إذا مرّوا باللّغو الّذي هو شركٌ أن يقاتلوا أمراءه، وإذا مرّوا باللّغو الّذي هو معصيةٌ للّه أن يغيّروه، ولم يكونوا أمروا بذلك بمكّة، وهذا القول نظير تأويلنا الّذي تأوّلناه في ذلك). [جامع البيان: 17/521-526]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: والّذين لا يشهدون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يعنى ابن أسلم في قول اللّه: والّذين لا يشهدون الزّور قال: هؤلاء المهاجرون.
قوله تعالى: لا يشهدون الزّور
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: لا يشهدون الزّور قال لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالئونهم فيه.
قوله تعالى: الزور
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسماعيل بن سليمان، عن ابن عمر الأسديّ البزّار، عن ابن الحنفيّة: والّذين لا يشهدون الزّور قال اللّهو والغناء
- وروى، عن مجاهدٍ وأبي الجحّاف أنّه الغناء.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: الشّرك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: كلام الشّرك.
- حدّثنا الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن سعيدٍ أبو بكرٍ النّخعيّ، عن العلاء بن المسيّب، عن عمرو بن مرّة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: لا يمالون أهل الشّرك على شركهم ولا يخالطونهم- وروى، عن السّدّيّ نحو قول الضّحّاك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الأشجّ أخبرنا عبد الرّحمن بن سعيدٍ الخرّاز، ثنا الحسين بن عقيلٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: عيد المشركين- وروى عن أبي العالية وطاوسٍ والرّبيع بن أنسٍ والمثنّى بن الصّبّاح نحو ذلك.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ حدّثني أبو قتيبة البصريّ، قال: سمعت ابن سيرين يقول في قوله: والّذين لا يشهدون الزّور قال: هو: الشّعانين.
والوجه الخامس:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل، ثنا عمرٌو العنقزيّ أنبأ مسلمة بن جعفرٍ الأحمس، عن عمرو بن قيسٍ في قوله: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجالس الخنا.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا عثمان بن اليمان، عن أبي بكر بن أبي عونٍ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجالس السّوء.
الوجه السّادس:
- ذكر، عن عمرٍو بن عليٍّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: لعبٌ كان في الجاهليّة.
والوجه السّابع:
- ذكر عن عبد اللّه بن أبي زيادٍ القطوانيّ، ثنا زيد بن حبابٍ، عن الحسين بن واقدٍ، عن خالد بن كثيرٍ: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجلسٌ كان يشتم فيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
الوجه الثّامن:
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أنبأ الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: الكذب.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: والّذين لا يشهدون الزّور قال: والزّور قولهم لآلهتهم وتعظيمهم إيّاها ما كانوا فيه من الباطل، وقرأ: واجتنبوا قول الزّور
الوجه التّاسع:
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن رجلٍ، عن الحسن: والّذين لا يشهدون الزور قال: الغناء والنياحة لا يحرق له سمعه ولا يرتاح له قلبه ولا يشتهيه.
قوله تعالى: وإذا مروا باللغو
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو الحسين العكليّ، عن محمّد بن مسلمٍ أخبرني إبراهيم بن ميسرة أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ فلم يقف فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقد أصبح ابن أمّ عبدٍ أو أمسى كريمًا.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن سلمة النّحويّ، ثنا حبّان أنبأ عبد اللّه أنبأ محمّد بن مسلمٍ أخبرني إبراهيم بن ميسرة قال: بلغني أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لقد أصبح ابن مسعودٍ أو أمسى كريمًا» ثمّ تلا إبراهيم بن ميسرة: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو الحسين العكليّ، عن قيسٍ، عن إسماعيل بن سلمان، عن أبي عمر البزّار، عن ابن الحنفيّة: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: اللّغو.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٌ وعبدة، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: وإذا مرّوا باللّغو قال: بالشّرك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، عن هشيمٍ، عن العوّام، عن مجاهدٍ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا إذا أتوا على ذكر النّكاح كنّوا عنه.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا عثمان بن اليمان، عن أبي عونٍ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا في كلامهم كنّوا عنه
الوجه الرّابع:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: اللّغو الباطل والوقيعة من المشركين في المسلمين.
قوله تعالى: مرّوا كرامًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة العجليّ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: صفحوا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عمرو بن علي، ثنا المعتمر ابن سليمان، عن أبيه، عن سيّارٍ أبي الحكم: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا كنّوا عنه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: مرّوا كرامًا قال: يعرضون عنهم لا يكلّمونهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2736-2740]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا مروا باللغو مروا كراما يقول إذا أوذوا مروا كراما يقول صفحوا). [تفسير مجاهد: 456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما * والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا * والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: إن الزور كان صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مروا به مروا كراما لا ينظرون إليه). [الدر المنثور: 11/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {والذين لا يشهدون الزور} قال: أعياد المشركين). [الدر المنثور: 11/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) . قال: الشرك، (وإذا مروا باللغو) قال: بالشرك). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: أعياد المشركين). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: الكذب). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {والذين لا يشهدون الزور} قال: لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالؤنهم فيه). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي {والذين لا يشهدون الزور} قال: مجالس السوء). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {والذين لا يشهدون الزور} قال: لعب كان في الجاهلية). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد بن الحنفية {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء واللهو). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجحاف {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء النياحة). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد {والذين لا يشهدون الزور} قال: مجالس الغناء {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: إذا أوذوا صفحوا). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: يعرضون عنهم لا يكلمونهم). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: هي مكية). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن إبراهيم بن ميسرة رضي الله عنه قال: بلغني أن ابن مسعود مر معرضا ولم يقف فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقد أصبح ابن مسعود أو أمسى كريما ثم تلا إبراهيم {وإذا مروا باللغو مروا كراما} ). [الدر المنثور: 11/227-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن الضحاك {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: لم يكن اللغو من حالهم ولا بالهم). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وإذا مروا باللغو} قال: اللغو كله المعاصي). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: كانوا إذا أتوا على ذكر النكاح كفوا عنه). [الدر المنثور: 11/228]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا}.
يقول تعالى ذكره: والّذين إذا ذكّرهم مذّكرٌ بحجج اللّه، لم يكونوا صمًّا لا يسمعون، وعميًا لا يبصرونها. ولكنّهم يقاظ القلوب، فهماء العقول، يفهمون عن اللّه ما يذكّرهم به، ويفهمون عنه ما ينبّههم عليه، فيوعّون مواعظه آذانًا سمعته، وقلوبًا وعته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} فلا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يفقهون حقًّا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} قال: لا يفقهون، ولا يسمعون، ولا يبصرون.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن عونٍ، قال: قلت للشّعبيّ: رأيت قومًا قد سجدوا، ولم أعلم ما سجدوا منه، أسجد؟ قال: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لهم، لم يدعوها إلى غيرها، وقرأ قول اللّه: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم}الآية.
فإن قال قائلٌ: وما معنى قوله {يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} أويخرّ الكافرون صمًّا وعميانًا إذا ذكّروا بآيات اللّه، فينفي عن هؤلاء ما هو صفةٌ للكفّار؟
قيل: نعم، الكافر إذا تليت عليه آيات اللّه خرّ عليها أصمٌّ وأعمى، وخرّه عليها كذلك إقامته على الكفر، وذلك نظير قول العرب: سببت فلانًا فقام يبكي، بمعنى فظلّ يبكي، ولا قيام هنالك، ولعلّه أن يكون بكى قاعدًا، وكما يقال: نهيت فلانًا عن كذا، فقعد يشتمني؛ ومعنى ذلك: فجعل يشتمني، وظلّ يشتمني، ولا قعود هنالك، ولكن ذلك قد جرى على ألسن العرب، حتّى قد فهموا معناه. وذكر الفرّاء أنّه سمع العرب تقول: قعد يشتمني،
كقولك: قام يشتمني، وأقبل يشتمني؛ قال: وأنشد بعض بني عامرٍ:
لا يقنع الجارية الخضاب = ولا الوشاحان ولا الجلباب
من دون أن تلتقي الأركاب = ويقعد الأير له لعاب
بمعنى: يصير.
فكذلك قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} إنّما معناه: لم يصمّوا عليها، ولا عموا عنها، ولم يصيروا على باب ربّهم صمًّا وعميانًا، كما قال الرّاجز:
ويقعد الهن له لعاب
بمعنى: ويصير). [جامع البيان: 17/527-529]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا (73)
قوله تعالى: والّذين إذا ذكّروا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم قال: هؤلاء المهاجرون.
قوله تعالى: بآيات ربّهم
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: الذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم يقول: انتفعوا بما سمعوا من كتاب اللّه.
قوله تعالى: لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا حقًّا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا يقول لم يصمّوا، عن الحقّ ولم يعموا فيه هم واللّه قومٌ عقلوا، عن اللّه وانتفعوا بما سمعوا من كتاب اللّه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ قوله: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا يقول صمّوا عنها وعموا عنها.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو الأشهب قال الحسن في قوله: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا قال كم من رجلٍ يقرأه ويخرّ عليها أصم أعمى.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا عبد اللّه بن حمران، ثنا ابن عونٍ قال: سألت الشّعبيّ قلت: الرّجل يرى القوم سجدوا ولم يسمع ما سجدوا أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لهم لم يدعوها إلى غيرها، وقرأ: إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم الآية). [تفسير القرآن العظيم: 8/2740-2741]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا يقول يسمعون فلا يبصرون ولا يفقهون حقا). [تفسير مجاهد: 456-457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} قال: لم يصموا عن الحق ولم يعموا عنه هم قوم عقلوا عن الله فانتفعوا بما سمعوا من كتاب الله). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لم يخروا عليها صما وعميانا} قال: كم من قارئ يقرأها بلسانه يخر عليها أصم أعمى). [الدر المنثور: 11/229]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن مهدي، عن الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قول الله: {واجعلنا للمتقين إماما}، قال: يقتدى بهدانا.
وحدثني عبد الرحمن قال: حدثنا حماد بن زيد، عن رجلٍ، عن الحسن قال: نأتم بهم ويأتم بنا من بعدنا.
وحدثني عبد الرحمن بن مهدي أيضا، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: حنفاء متبعون). [الجامع في علوم القرآن: 1/88-89]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى واجعلنا للمتقين إماما قال اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {واجعلنا للمتقين إماما} قال: يقتدا بهدانا [الآية: 74]). [تفسير الثوري: 228]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال الحسن: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} [الفرقان: 74] : «في طاعة اللّه وما شيءٌ أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة اللّه»). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله قال الحسن هو البصريّ قوله هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين في طاعة اللّه وصله سعيد بن منصورٍ حدّثنا جرير بن حازمٍ سمعت الحسن وسأله رجلٌ عن قوله هب لنا من أزواجنا ما القرّة أفي الدّنيا أم في الآخرة قال بل في الدّنيا هي واللّه أن يرى العبد من ولده طاعة اللّه إلخ وأخرجه عبد اللّه بن المبارك في كتاب البرّ والصّلة عن حزم القطعيّ عن الحسن وسمّي الرّجل السّائل كثير بن زيادٍ قوله وما شيء أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة اللّه في رواية سعيد بن منصورٍ أن يرى حميمه). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال الحسن {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين} في طاعة الله وما شيء أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة الله وقال ابن عبّاس ثبورا ويلا
أما قول الحسن فقال سعيد بن منصور في السّنن ثنا جرير بن جابر سمعت الحسن وسأله رجل عن قوله 74 الفرقان {هب لنا من أزواجنا} ما القرة الأعين أفي الدّنيا أم في الآخرة فقال بل في الدّنيا هي والله أن يرى العبد من ولده طاعة الله لا والله ما من شيء أحب إلى المرء المسلم أن يرى والده أو ولده أو حميمه في طاعة الله
رواه ابن المبارك في البر والصلة عن حزام عن الحسن مثله وسمّى السّائل كثير بن زياد). [تغليق التعليق: 4/271]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال الحسن هب لنا من أزواجنا في طاعة الله وما شيءٌ أقرّ لعين المؤمن أن يري حبيبه في طاعة الله
أي: قال الحسن البصريّ في قوله تعالى: {والّذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} (الفرقان: 74) وهكذا أسنده عنه ابن المنذر من حديث جرير عنه، وفي التّفسير: قرّة أعين بأن نراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك، ووحد القرة لأنّها مصدر وأصلها من البرد لأن العين تتأذى بالحرّ وتستريح بالبرد). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال الحسن) البصري فيما وصله سعيد بن منصور في قوله تعالى: ({هب لنا من أزواجنا}) [الفرقان: 74] وزاد أبو ذر وذرياتنا قرة أعين أي (في طاعة الله) ولأبي ذر والأصيلي: من طاعة الله (وما شيء أقر لعين المؤمن أن يرى) وللأصيلي لعين مؤمن وله ولأبي ذر من أن يرى (حبيبه في طاعة الله) قال في الأنوار فإن المؤمن إذا أشركه أهله في طاعة الله سر بهم قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة ومن ابتدائية أو بيانية كقولك رأيت منك أسدًا اهـ والمراد قرة أعين لهم في الدين لا في الدنيا من المال والجمال قال الزجاج يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما تحبه وقال المفضل برد دمعتها وهي التي تكون مع السرور ودمعة الحزن حارة). [إرشاد الساري: 7/272]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ، واجعلنا للمتّقين إمامًا}.
يقول تعالى ذكره: والّذين يرغبون إلى اللّه في دعائهم ومسألتهم بأن يقولوا: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا} ما تقرّ به أعيننا من أن تريناهم يعملون بطاعتك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} يعنون: من يعمل لك بالطّاعة، فتقرّ بهم أعيننا في الدّنيا والآخرة.
- حدّثني أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا حزمٌ، قال: سمعت كثيرًا سأل الحسن، قال: يا أبا سعيدٍ، قول اللّه: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} في الدّنيا والآخرة، قال: لا، بل في الدّنيا، قال: وما ذاك؟ قال: المؤمن يرى زوجته وولده يطيعون اللّه.
- حدّثنا الفضل بن إسحاق، قال: حدّثنا سلم بن قتيبة، قال: حدّثنا حزمٌ، قال: سمعت الحسن فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قرأ حضرميٌّ: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة} أعينٍ، قال: وإنّما قرّة أعينهم أن يروهم يعملون بطاعة اللّه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، فيما قرأنا عليه في قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٌ} قال: يعبدونك فيحسنون عبادتك، ولا يجرّون الجرائر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قوله: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يعبدونك يحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يسألون اللّه لأزواجهم وذرّيّاتهم أن يهديهم للإسلام.
- حدّثنا محمّد بن عونٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عيّاشٍ، قال: حدّثني أبي، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه، قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود، فقال: لقد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أشدّ حالةٍ بعث عليها نبيٌّ من الأنبياء في فترةٍ وجاهليّةٍ، ما يرون دينًا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقانٍ فرّق به بين الحقّ والباطل، وفرّق بين الوالد وولده، حتّى إن كان الرّجل ليرى ولده ووالده وأخاه كافرًا وقد فتح اللّه قفل قلبه بالإسلام، فيعلم أنّه إن مات دخل النّار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار، وإنّها للّتي قال اللّه: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} الآية.
- حدّثني ابن عونٍ، قال: حدّثني عليّ بن الحسن العسقلانيّ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه، عن المقداد، نحوه.
وقيل: هب لنا قرّة أعينٍ، وقد ذكر الأزواج والذّرّيّات وهم جمعٌ، وقوله: {قرّة أعينٍ} واحدةٌ، لأنّ قوله: قرّة أعينٍ مصدرٌ من قول القائل: قرّت عينك قرّةً، والمصدر لا تكاد العرب تجمعه.
وقوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: اجعلنا أئمّةً يقتدي بنا من بعدنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثني عون بن سلاّمٍ، قال: أخبرنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} يقول: أئمّةً يقتدى بنا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} أئمّة التّقوى ولأهله يقتدى بنا.
قال ابن زيدٍ: كما قال لإبراهيم: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا}. وقال آخرون: بل معناه: واجعلنا للمتّقين إمامًا: نأتمّ بهم، ويأتمّ بنا من بعدنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} أئمّةً نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمّةً لمن بعدنا.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} قال: اجعلنا مؤتمّين بهم، مقتدين بهم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه واجعلنا للمتّقين الّذين يتّقون معاصيك، ويخافون عقابك إمامًا يأتمّون بنا في الخيرات، لأنّهم إنّما سألوا ربّهم أن يجعلهم للمتّقين أئمّةً، ولم يسألوه أن يجعل المتّقين لهم إمامًا.
وقال {واجعلنا للمتّقين إمامًا} ولم يقل أئمّةً. وقد قالوا: واجعلنا وهم جماعةٌ، لأنّ الإمام مصدرٌ من قول القائل: أمّ فلانٌ فلانًا إمامًا، كما يقال: قام فلانٌ قيامًا، وصام يوم كذا صيامًا. ومن جمع الإمام أئمّةً جعل الإمام اسمًا، كما يقال: أصحاب محمّدٍ إمامٌ، وأئمّةٌ للنّاس. فمن وحّد قال: يأتمّ بهم النّاس. وهذا القول الّذي قلناه في ذلك قول بعض نحويّي أهل الكوفة.
وقال بعض أهل البصرة من أهل العربيّة: الإمام في قوله: {للمتّقين إمامًا} جماعةٌ، كما تقول: فإنّهم عدوٌّك. قال: ويكون على الحكاية، كما يقول القائل إذا قيل له: من أميركم: هؤلاء أميرنا. واستشهد لذلك بقول الشّاعر:
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي = إنّ العواذل لسن لي بأمير). [جامع البيان: 17/529-533]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتّقين إمامًا (74)
قوله تعالى: والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا الآية.
- حدّثنا أبي ثنا نعيم بن حمّادٍ وعبدة بن سليمان قالا:، ثنا ابن المبارك، ثنا صفوان بن عمرٍو أخبرني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا فمرّ به رجلٌ فقال: طوبى لهاتين العينين اللّتين رأتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واللّه لوددنا أنّا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب المقداد فجعلت أعجب من غضبه. فقلت: واللّه ما قال إلا خيرًا ثمّ أقبل عليه فقال: ما بال الرّجل يتمنّى محضرًا غيّب عنه لو شهده كيف يكون فيه، واللّه لقد حضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقوامٌ أكبّهم اللّه على مناخرهم في جهنّم لم يجيبوه ولم يصدّقوه أولا تحمدون ربّكم إذ أخرجكم اللّه لا تعرفون إلا ربّكم مصدّقين بما جاء به نبيّكم فقد كفيتم البلاء واللّه لقد بعث نبيّكم على أشدّ حالٍ بعث عليه نبيٌّ من الأنبياء في فترةٍ وجاهليّةٍ ما يرون أنّ دينًا أفضل من عبادة الأوثان. فجاء بفرقانٍ فرّق بين الحقّ والباطل وفرّق بين الوالد وولده حتّى إنّ الرّجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرًا وقد فتح اللّه قفل قلبه للإيمان. فيعلم أنّه إن هلك دخل النّار فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار وإنّها للّتي قال اللّه: والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ يعنون من يعمل بالطّاعة فتقرّ به أعيننا في الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ لم يريدوا بذلك صاحبةً ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى، عن حزمٍ القطعيّ قال: سمعت كثير بن زيادٍ قال للحسن يا أبا سعيدٍ قول اللّه: هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ ما هذه القرّة الأعين أفي الدّنيا أم في الآخرة؟ قال: لا واللّه بل في الدّنيا قال: فما هي؟ قال: أيرى اللّه العبد المسلم من زوجته من أخيه من ولده من حميمه طاعة اللّه لا واللّه ما شيءٌ أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولدا أو ولد أو أخًا أو حميمًا مطيعًا للّه.
قوله تعالى: واجعلنا للمتّقين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: للمتّقين يعنى الّذين يتّقون الشّرك.
قوله تعالى: إمامًا
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا يقول: أئمّة هدًى ليهتدى بنا ولا تجعلنا أئمّة ضلالةٍ لأنّه قال لأهل السّعادة: وجعلناهم أئمّةً (يهدون) بأمرنا ولأهل الشّقاوة: وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار وروى، عن أبي صالحٍ وعبد اللّه بن شوذبٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: يأتمّ بهم ويقتدى بهم حين يقتدي بنا من بعدنا.
- حدّثنا أبي ثنا عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل، ثنا الوليد بن جابرٍ قال سألت مكحولا، عن قول اللّه: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: أئمّةٌ في التّقوى حتّى نأتمّ بمن كان قبلنا ويأتمّ بنا من بعدنا وروي عن الحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن سعيد بن الوليد الخزاعيّ، ثنا وكيعٌ، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة في قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: مثالا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: واجعلنا للمتّقين إمامًا يعنى اجعلنا أئمّةً في الخير نعبدك ربّنا فأخبر بثوابهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن أيّوب الزّاهد قال: سمعت أبا حفصٍ الأبّار يقول: قلت للسّدّيّ رأيتك في المنام كأنّك تؤمّ النّاس قال: فقال: إنّ قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا ليس أن يؤمّ الرّجل النّاس، إنّما قالوا: اجعلنا أئمّةً لهم في الحلال والحرام يقتدون بنا فيه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد اللّه بن عامر بن زرارة الحضرميّ، ثنا سعيد بن خيثم، عن القاسم بن الأرقم قال: قلت لجعفر بن محمّدٍ يقول الرّجل في الصّلاة اللّهمّ اجعلني للمتّقين إمامًا قال: نعم وتدري ما ذاك قال: قلت: لا. قال:
يقول اللّهمّ اجعلني في المسلمين رضيًّا، وإذا قلت صدّقوني وقبلوا ذاك منّي). [تفسير القرآن العظيم: 8/2741-2743]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال: يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة، {واجعلنا للمتقين إماما} قال: أئمة هدى يهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال لأهل السعادة {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} الأنبياء الآية 73 ولأهل الشقاوة {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} القصص الآية 41). [الدر المنثور: 11/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال: لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين). [الدر المنثور: 11/229-230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في البر والصلة وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن إنه سئل عن هذه الآية {هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} أهذه القرة أعين في الدنيا أم في الآخرة قال: لا والله بل في الدنيا، قيل: وما هي قال: هي أن يرى الرجل المسلم من زوجته من ذريته من أخيه من حميمه طاعة الله ولا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولدا أو والدا أو حميما أو أخا مطيعا لله). [الدر المنثور: 11/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}
قال: يحسنون عبادتك ولا يجرون عليها الجرائر {واجعلنا للمتقين إماما} قال: اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم). [الدر المنثور: 11/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن المقداد بن الاسود قال: لقد بعث الله النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في قومه من جاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق به بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه بالإيمان ويعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، أنها للتي قال الله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/230-231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (هب لنا من أزواجنا وذريتنا واحدة) ). [الدر المنثور: 11/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {واجعلنا للمتقين إماما} يقول: قادة في الخير ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير). [الدر المنثور: 11/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن أبي صالح في قوله {واجعلنا للمتقين إماما} قال: أئمة يقتدى بهدانا والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/231]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين وصفت صفتهم من عبادي، وذلك من ابتداء قوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا}. إلى قوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا} الآية - {يجزون} يقول: يثابون على أفعالهم هذه الّتي فعلوها في الدّنيا {الغرفة} وهي منزلةٌ من منازل الجنّة رفيعةٌ {بما صبروا} يقول: بصبرهم على هذه الأفعال، ومقاساة شدّتها.
وقوله: {ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: {ويلقّون} مضمومة الياء، مشدّدة القاف، بمعنى: وتتلقّاهم الملائكة فيها بالتحيّة.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: (ويلقون)، بفتح الياء وتخفيف القاف.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ أعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها (ويلقون) فيها، بفتح الياء وتخفيف القاف، لأنّ العرب إذا قالت ذلك بالتّشديد قالت: فلانٌ يتلقّى بالسّلام وبالخير، ونحن نتلقّاهم بالسّلام، قرنته بالباء، وقلّما تقول: فلانٌ يلقّى السّلام، فكان وجه الكلام لو كان بالتّشديد أن يقال: ويتلقّون فيها بالتّحيّة والسّلام.
وإنّما اخترنا القراءة بذلك كما تجيز: أخذت بالخطام، وأخذت الخطام.
وقد بيّنّا معنى التّحيّة والسّلام فيما مضى قبل، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 17/534]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا (75)
قوله تعالى: أولئك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: أولئك يعني الّذين في هؤلاء الآيات وفي قوله: يجزون يعنى في الآخرة.
قوله تعالى: الغرفة
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: أولئك يجزون الغرفة قال: الغرفة الجنّة- وروى عن سعيد بن جبيرٍ وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ والسّدّيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: بما صبروا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: بما صبروا على أمر ربّهم.
- حدثنا أنبأ ثنا عبدة بن سليمان، ثنا أبو الرّبيع الصّوفيّ، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر في قوله: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا على الفقر في الدّنيا.
قوله تعالى: ويلقّون فيها
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ يعنى قوله: ويلقّون فيها قال: تتلقّاهم الملائكة الّذين كانوا قرناءهم في الدّنيا يوم القيامة
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: ويلقّون فيها يعنى تتلقّاهم الملائكة.
قوله تعالى: تحيّةً وسلامًا
- به عن سعيدٍ في قول اللّه: ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا يعنى تتلقّاهم الملائكة بالتّحية والسّلام.
- حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا أبو داود الحضريّ، عن سفيان، عن عاصمٍ قال: لقي ابن سيرين رجلٌ فقال: حيّاك اللّه فقال إنّ أفضل التّحيّة تحيّة أهل الجنّة السّلام). [تفسير القرآن العظيم: 8/2743-2744]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما.
أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال: هي من ياقوته حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها قصم ولا وهم). [الدر المنثور: 11/231-232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال: الجنة). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر في قوله {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} قال: على الفقر في دار الدنيا). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لغرفا ليس فيها مغاليق من فوقها ولا عماد من تحتها قيل: يا رسول الله وكيف يدخلها أهلها قال: يدخلونها أشباه الطير قيل يا رسول الله: لمن هي قال: لأهل الأسقام والأوجاع والبلوى). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى والناس نيام). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {أولئك} يعني الذين في هؤلاء الآيات {يجزون الغرفة} يعني في الآخرة {الغرفة} الجنة {بما صبروا} على أمر ربهم {ويلقون فيها} يعني تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام {خالدين فيها} لا يموتون {حسنت مستقرا} يعني مستقرهم في الجنة {ومقاما} يعني مقام أهل الجنة). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم قال: لقي ابن سيرين رجل فقال: حياك الله فقال: إن أفضل التحية تحية أهل الجنة السلام). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (أولئك يجزون الغرفة (واحدة) بما صبروا ويلقون) خفيفة منصوبة الياء والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/233]

تفسير قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خالدين فيها حسنت مستقرًا ومقامًا (76) قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا}.
يقول تعالى ذكره: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، خالدين في الغرفة، يعني أنّهم ماكثون فيها، لابثون إلى غير أمدٍ، حسنت تلك الغرفة قرارًا لهم ومقامًا. يقول: وإقامةً). [جامع البيان: 17/535]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا (76)
قوله تعالى: خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: خالدين فيها يعنى: لا يموتون قوله: حسنت مستقرًّا يعنى مستقرّهم في الجنة وقوله: ومقامًا يعنى مقام أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2744]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {أولئك} يعني الذين في هؤلاء الآيات {يجزون الغرفة} يعني في الآخرة {الغرفة} الجنة {بما صبروا} على أمر ربهم {ويلقون فيها} يعني تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام {خالدين فيها} لا يموتون {حسنت مستقرا} يعني مستقرهم في الجنة {ومقاما} يعني مقام أهل الجنة). [الدر المنثور: 11/233] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فسوف يكون لزاما قال: قال أبي هو القتل يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق أن ابن مسعود قال قد مضت آية الروم وقد مضى فسوف يكون لزاما واللزام القتل يوم بدر وقال وقد مضت البطشة الكبرى يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/101-102] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن يعلى الثّقفيّ عن عمرو بن شعيب في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} قال: ما يصنع بكم ربّي لولا أنّي دعوتكم إلى الإسلام فتستجيبون لي [الآية: 77]). [تفسير الثوري: 228]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ما يعبأ} [الفرقان: 77] : " يقال: ما عبأت به شيئًا لا يعتدّ به "). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئًا لا يعتدّ به قال أبو عبيدة في قوله قل ما يعبأ بكم ربّي هو من قولهم ما عبأت بك شيئًا أي ما عددتك شيئًا
تنبيهٌ: وقع في بعض الرّوايات تقديمٌ وتأخيرٌ لهذه التّفاسير والخطب فيها سهلٌ). [فتح الباري: 8/491-492]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله دعاؤكم إيمانكم وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ مثله وقد تقدّم الكلام عليه في أوائل كتاب الإيمان وثبت هذا هنا للنّسفيّ وحده). [فتح الباري: 8/490-491]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئاً لا يعتدّ به
أشار به إلى قوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} (الفرقان: 77) الآية. وفسّر: (ما يعبأ) بقوله: (يقال) ، الخ. وعن أبي عبيدة: يقال ما عبأت به شيئا، أي: لم أعده فوجوده وعدمه سواء، وأصل هذه الكلمة تهيئة الشّيء، يقال: عبيت الجيش وعبأت الطّيب عبوا: إذا هيأته). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ما يعبأ}) ولأبي ذر: ما يعبؤوا. قال أبو عبيدة: (يقال ما عبأت به شيئًا لا يعتد به) وللأصيلي أي لم تعتد به فوجوده وعدمه سواء وقال الزجاج معناه لا وزن لكم عندي). [إرشاد الساري: 7/272-273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {فسوف يكون لزامًا} [الفرقان: 77] أي هلكةً
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا مسلمٌ، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه: " خمسٌ قد مضين: الدّخان، والقمر، والرّوم، والبطشة، واللّزام ": {فسوف يكون لزامًا} [الفرقان: 77] ). [صحيح البخاري: 6/110-111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله فسوف يكون لزاما)
هلكةً قال أبو عبيدة في قوله فسوف يكون لزاما أي جزاءً يلزم كلّ عاملٍ بما عمل وله معنًى آخر يكون هلاكًا قوله حدّثنا مسلمٌ هو أبو الضّحى الكوفيّ). [فتح الباري: 8/496]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {فسوف يكون لزاماً} (الفرقان: 77) هلكةً)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً} وقد فسره بقوله: (هلكة) . وقال الثّعلبيّ: اختلف في اللزام فقيل: يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وقيل: عذاب القبر، وقال ابن جرير: عذابا دائما لازما وهلاكاً مستمراً.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ حدّثنا الأعمش حدثنا مسلمٌ عن مسروق قال عبد الله خمسٌ قد مضين الدّخان والقمر والرّوم والبطشة واللّزام {فسوف يكون لزاماً} (الفرقان: 77) ..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومسلم هو ابن صبيح أبو الضّحى، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قوله: (خمس) أي: خمسة علامات (قد مضين) ، أي وقعن. الأولى: الدّخان. قال الله تعالى: {يوم تأتي السّماء بدخان مبين} (الدّخان: 10) . الثّانية: القمر، قال الله تعالى: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} (القمر: 1) . الثّالثة: الرّوم، قال الله تعالى: {ألم غلبت الرّوم} (الرّوم: 1) . الرّابعة: البطشة. قال الله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى} (الدّخان: 16) وهو القتل الّذي وقع يوم بدر. الخامسة: للزام {فسوف يكون لزاماً} قيل: هو القحط، وقيل: هو التصاق القتلى بعضهم ببعض في بدر، وقيل: هو الأسر فيه، وقد أسر سبعون قرشياً فيه. والحديث مر في كتاب الاستسقاء). [عمدة القاري: 19/97-98]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {فسوف يكون لزامًا}: [الفرقان: 77] هلكةً
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({فسوف يكون}) جزاء التكذيب ({لزامًا}) [الفرقان: 77]. قال أبو عبيدة (هلكة) وللأصيلي أي هلكة والمعنى فسوف يكون تكذيبكم مقتضيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة، وقال ابن عباس: موتًا ولزامًا خبر يكون واسمها مضمر كما مرّ.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي حدّثنا الأعمش حدّثنا مسلمٌ عن مسروقٍ، قال: قال: عبد اللّه: خمسٌ قد مضين: الدّخان، والقمر، والرّوم، والبطشة. واللّزام {فسوف يكون لزامًا}.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) أبو حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن صبيح أبو الضحى الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود -رضي الله عنه- (خمس) من العلامات الدالة على الساعة (قد مضين) أي وقعن (الدخان) المشار إليه في قوله تعالى: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] (والقمر) في قوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشقّ القمر} [القمر: 1] (والروم) في قوله تعالى: {الم * غلبت الروم} [الروم: 1، 2] (والبطشة) في قوله جل
وعلا: {يوم نبطش البطشة الكبرى} [الدخان: 16] وهو القتل يوم بدر (واللزام) في قوله تعالى: ({فسوف يكون لزامًا}). قال ابن كثير: ويدخل في ذلك يوم بدر كما فسره ابن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدّي وغيرهم، وقال الحسن: فسوف يكون لزامًا يعني يوم القيامة قال ابن كثير: ولا منافاة بينهما اهـ.
وعلى تفسير البطشة واللزام بيوم بدر يكون المعدود في الحقيقة أربعًا ويحتاج إلى بيان الخامس وإن حصل بقول الحسن بيان الخامس في الجملة لكن تفسيره بيوم القيامة فيه شيء لأن مراده تفسير خمس مضين وما يكون يوم القيامة مستقبل لا ماض ففي قول ابن كثير ولا منافاة بينهما نظر وقد يجاب بأنه لتحقق وقوعه عدّ ماضيًا قاله في المصابيح.
وهذا الحديث قد سبق في الاستسقاء). [إرشاد الساري: 7/276-277]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فسوف يكون لزاماً}
قوله: (هلكة): بفتح اللام). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فسوف يكون لزامًا}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا عمرو يعني ابن محمّدٍ، حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: «مضى اللّزام والبطش يوم بدرٍ، ومضى الدّخان والقمر والرّوم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/206]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين أرسلت إليهم: أيّ شيءٍ يعدكم، وأيّ شيءٍ يصنع بكم ربّي؟ يقال منه: عبأت به أعبأ عبئًا، وعبأت الطّيب أعبؤه: إذا هيّأته، كما قال الشّاعر:
كأنّ بنحره وبمنكبيه = عبيرًا بات يعبؤه عروس
يقول: يهيّئه ويعمله يعبؤه عبًا وعبوءًا، ومنه قولهم: عبأت الجيش بالتّشديد والتّخفيف فأنا أعبؤه: أهيّئه. والعبء: الثّقل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} يصنع لولا دعاؤكم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} قال: يعبأ: يفعل.
وقوله: {لولا دعاؤكم} يقول: لولا عبادة من يعبده منكم، وطاعة من يطيعه منكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، وأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لولا دعاؤكم} قال: لولا دعاؤكم إيّاه لتعبدوه وتطيعوه.
وقوله {فقد كذّبتم} يقول تعالى ذكره لمشركي قريشٍ قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقد كذّبتم أيّها القوم رسولكم الّذي أرسل إليكم وخالفتم أمر ربّكم الّذي أمر بالتّمسّك به. لو تمسّكتم به، كان يعبأ بكم ربّي؛ فسوف يكون تكذيبكم رسول ربّكم، وخلافكم أمر بارئكم عذابًا لكم ملازمًا، قتلاً بالسّيوف وهلاكًا لكم مفنيًا يلحق بعضكم بعضًا، كما قال أبو ذؤيبٍ الهذليّ:
ففاجأه بعاديةٍ لزامٍ = كما يتفجّر الحوض اللّقيف
يعني باللّزام الكثير الّذي يتبع بعضه بعضًا، وباللّقيف: المتساقط الحجارة المتهدّم، ففعل اللّه ذلك بهم، وصدقهم وعده، وقتلهم يوم بدرٍ بأيدي أوليائه، وألحق بعضهم ببعضٍ، فكان ذلك العذاب اللّزام.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: أخبرني مولًى لشقيق بن ثورٍ، أنّه سمع سلمان أبا عبد اللّه، قال: صلّيت مع ابن الزّبير فسمعته يقرأ: (فقد كذّب الكافرون).
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سعيد، عن أدهم السّدوسيّ.
- قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد المجيد، قال: سمعت مسلم بن عمّارٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقرأ هذا الحرف: (فقد كذّب الكافرون فسوف يكون لزامًا).
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا} يقول: كذّب الكافرون أعداء اللّه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: فسوف يلقون لزامًا يوم بدرٍ.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ قال: قال أبو عبد الرّحمن: خمسٌ قد مضين: الدّخان، واللّزام، والبطشة، والقمر، والرّوم.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {فسوف يكون لزامًا}، قال أبيّ بن كعبٍ: هو القتل يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن عمرٍو، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: اللّزام يوم بدرٍ.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فسوف يكون لزامًا} قال: هو يوم بدرٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد: {فسوف يكون لزامًا} قال: يوم بدرٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن منصورٍ، عن سفيان، عن ابن مسعودٍ، قال: اللّزام القتل يوم بدرٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا} الكفّار كذّبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وبما جاء به من عند اللّه، فسوف يكون لزامًا، وهو يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، قال: قد مضى اللّزام، كان اللّزام يوم بدرٍ، أسروا سبعين، وقتلوا سبعين.
وقال آخرون: معنى اللّزام القتال
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فسوف يكون لزامًا} قال: فسوف يكون قتالاً؛ اللّزام: القتال.
وقال آخرون: اللّزام: الموت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {فسوف يكون لزامًا} قال: موتًا.
وقال بعض أهل العلم بكلام العرب: معنى ذلك: فسوف يكون جزاءً يلزم كلّ عاملٍ ما عمل من خيرٍ أو شرٍّ.
وقد بيّنّا الصّواب من القول في ذلك.
وللنّصب في اللّزام وجهٌ آخر غير الّذي قلناه، وهو أن يكون في قوله {يكون} مجهولٌ، ثمّ ينصب اللّزام على الخبر كما قيل:
إذا كان طعنًا بينهم وقتالا
وقد كان بعض من لا علم له بأقوال أهل العلم يقول في تأويل ذلك: قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد، وهذا قولٌ لا معنى للتّشاغل به لخروجه عن أقوال أهل العلم من أهل التّأويل). [جامع البيان: 17/535-540]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا (77)
قوله تعالى قل ما يعبؤا بكم ربّي
- حدّثنا أبي ثنا عبدة، ثنا مصعبٌ يعنى ابن ماهان، عن سفيان، عن أبي يعلى، عن عمرو بن شعيبٍ في قوله: قل ما يعبؤا بكم ربّي قال: ما يصنع بكم ربّي
- حدّثنا أبي، ثنا آدم، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: قل ما يعبؤا بكم ربّي يقول: ما يفعل بكم ربّي.
قوله تعالى: لولا دعاؤكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: لولا دعاؤكم يقول: لولا إيمانكم فأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين. ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن شبلٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: لولا دعاؤكم قال: دعاؤه إيّاكم لتعبدوه وتطيعوه.
- حدّثني أبي، ثنا عبدة بن سليمان، ثنا مصعب بن ماهان، عن سفيان، عن أبي يعلى الثّقفيّ، عن عمرو بن شعيبٍ في قوله: لولا دعاؤكم قال: لولا أدعوكم إلى الإسلام فتستجيبون لي.
قوله تعالى: فقد كذّبتم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر حدّثني موسى بن ربيعة بن موسى بن سويدٍ الجمحيّ قال: سمعت الوليد بن أبي الوليد يقول: بلغني أن تفسير هذه الآية قل ما يعبؤا بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم ما خلقتكم لي بكم حاجةٌ إلّا أن تسألون فأغفر وتسألوني فأعطكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا رجلٌ سمّاه، عن السّدّيّ: فقد كذّبتم يقول: لقريشٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا أبو الرّبيع الزّهرانيّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا سعيد بن أدهم بن طريفٍ السّدوسيّ قال: سمعت سلمان أبا عبد اللّه قال: صلّيت خلف عبد اللّه بن الزّبير فقرأ: فقد كذّب الكافرون فسوف يكون لزامًا
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك في قوله: فقد كذّبتم الكفّار كذّبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جاء به من عند اللّه.
قوله تعالى: فسوف يكون لزاما
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: فسوف يكون لزامًا يوم بدرٍ- وروى، عن أبيّ بن كعبٍ وعبد اللّه بن مسعودٍ ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ ومجاهدٍ وقتادة والضّحّاك نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: فسوف يكون لزامًا قال: كان الحسن يقول ذلك يوم القيامة.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن صالحٍ الوحاظيّ، ثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ في قوله: لزامًا قال موتًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: يكون لزامًا قال: اللّزام القتل الّذي أصابهم يوم بدرٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا رجلٌ سمّاه، عن السّدّيّ: فسوف يكون لزامًا يقول: عذابًا فكان يوم بدر العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 8/2745-2746]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما يعبأ بكم ربي يقول ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤكم إياه وأن تعبدوه وتطيعوه). [تفسير مجاهد: 457]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فسوف يكون لزاما فكان اللزام يوم بدر). [تفسير مجاهد: 457]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، فأخبر الله أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كنت له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين {فسوف يكون لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 11/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {قل ما يعبأ بكم ربي} قال: ما يفعل {لولا دعاؤكم} قال: لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الوليد بن أبي الوليد قال: بلغني أن تفسير هذه الآية {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} أي ما خلقتكم لي بكم حاجة إلا أن تسألوني فاغفر لكم وتسألوني فاعطيكم). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الزبير أنه قرأ في صلاة الصبح الفرقان فلما أتى على هذه الآية قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما) ). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما) ). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {فسوف يكون لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فسوف يكون لزاما} قال أبي بن كعب: هو القتل يوم بدر). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال (اللزام) هو القتل الذي أصابهم يوم بدر). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قد مضى اللزام كان يوم بدر، قتلوا سبعين وأسروا سبعين). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: خمس قد مضين: الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: كنا نحدث أن (اللزام) يوم بدر). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {فسوف يكون لزاما} قال: يوم بدر.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك، مثله). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فسوف يكون لزاما} قال: ذاك يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: مضى خمس آيات وبقي خمس منها، انشقاق القمر وقد رأيناه ومضى الدخان ومضت البطشة الكبرى ومضى اليوم العقيم ومضى اللزام والله أعلم). [الدر المنثور: 11/236]


رد مع اقتباس